جهاديون العرب وصناعة التطرف الطائفي في الشرق الأوسط

 

شبكة النبأ: كثيرا ما حذر خبراء ومسؤولون كبار في العالمين العربي والغربي من ان مكافحة التطرف الفكري والديني، لا يأتي فقط عبر الوسائل العسكرية والجهد الأمني، وانما يجب ان تعزز بمكافحة الأفكار المتطرفة التي يروج لها الكثيرون عبر مختلف الوسائل، والتي تشكل الخطر الأول في استقطاب المقاتلين الشباب من مختلف دول العالم، إضافة الى العالم العربي، خصوصا وان التقارير الاستخبارية التي أعلنتها الولايات المتحدة الامريكية مؤخرا، والتي اكدت فيها استمرار تدفق المقاتلين من الذين يرغبون للانضمام الى تنظيم ما يسمى (الدولة الإسلامية/ داعش)، إضافة الى الفصائل الجهادية الأخرى المنتشرة في سوريا، على الرغم من القرار الاممي بمنع وادنه هذا الفعل، حيث اكد التقرير وصول اكثر من (1000) شخص شهريا الى سوريا، من دون ان يتم ايقافهم اثناء رحلاتهم، ومن دون ان تمنعهم الضربات الجوية التي يقوم بها التحالف الدولي الذي دعت اليه الولايات المتحدة الامريكية في حزيران الماضي.

وقد شكلت الفتاوى والخطب التحريضية والدعم الخفي لبعض الدول العربية لفصائل إسلامية في سوريا والعراق، إضافة الى تسهيل حركة العبور والانتقال، عوامل رئيسية في انتشار ظاهرة الجهاد المتطرف والاحتقان الطائفي في منطقة الشرق الأوسط، بعد ان تحولت سوريا الى البلد الأول في استقطاب العناصر المتطرفة من الجهاديين العرب والأجانب، والتي أتت انعكاسا لصراع الاجندات السياسية المتباينة في هذا البلد، فيما ذاقت دول أخرى (ليبيا، اليمن، مصر، لبنان، العراق...الخ) الهجمات الانتحارية وعنف الجماعات الجهادية المسلحة، بدرجات متباينة، الا انها تؤكد بصورة واضحة، على انتشار الأفكار المتطرفة بصورة خطيرة وغير مسبوقة.

واستغل الكثير من رجال الدين المتشددين، الازمات العربية التي رافقت احداث الربيع العربي، والحرب الاهلية السورية، للترويج لأفكارهم الدينية السلفية ذات الابعاد التكفيرية، والتي افرزت العديد من التنظيمات الإرهابية، أمثال داعش والنصرة وأنصار بيت المقدس وغيرها العشرات ممن الحركات والتنظيمات التي تتخذ التفسير المتشدد للدين الإسلامي بالاعتماد على فتاوى خاصة يطلقها رجال دين سلفيين، فيما استطاعت العديد من هذه التنظيمات استقطاب الشباب باستخدام طرق حديثة (بدلا من الطرق التقليدية التي كان يعتمدها تنظيم القاعدة)، لكسب المزيد من المقاتلين، كان ابزها التجنيد والاقناع بالفكر المتطرف عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، التي كسبت الالاف من المتعاطفين مع هذه التنظيمات.

الاردن

في سياق متصل اعلن مصدر امني اردني رفيع المستوى اعتقال 11 عنصرا من تنظيم الدولة الاسلامية اعترفوا اثناء التحقيقات معهم بالتخطيط لشن "عمليات ارهابية" داخل المملكة بهدف "اثارة الرعب والفوضى"، ونقلت وكالة الانباء الاردنية الرسمية عن المصدر قوله ان "الاجهزة الامنية ألقت مؤخرا القبض على عدد من العناصر التكفيرية المرتبطة بتنظيم داعش الارهابي"، مشيرا الى "ايداع 11 عنصرا لغاية الان"، واوضح ان "هذه العناصر اعترفت بارتباطها بقيادات تنظيم +داعش+ في سوريا وانهم مكلفون بتنفيذ عمليات ارهابية على الساحة الاردنية تستهدف عددا من المصالح الحيوية بهدف بث الرعب في صفوف المدنيين واثارة الفوضى في الاردن تمهيدا لمخططات مستقبلية تنوي قيادة تنظيم داعش في الاردن"، واضاف ان "احد عناصر التنظيم الارهابي والذي يقطن في بلدة في شمال المملكة انفجر منزله اثناء عملية تصنيع المتفجرات".

واكد المصدر ان "التحقيقات لا تزال جارية" مع عناصر هذا التنظيم، وكان مصدر قضائي اردني صرح بان مدعي عام محكمة امن الدولة احال ثمانية اردنيين على المحكمة بتهمة استخدام الانترنت للترويج لتنظيم الدولة الإسلامية، واكد الملك عبدالله الثاني "دعم ومساندة الأردن للجهود الإقليمية والدولية لمحاربة الارهاب والتصدي للتطرف حماية للمصالح الوطنية الأردنية العليا"، وقال الملك خلال لقائه عددا من القيادات الدينية والشخصيات ان "المملكة تدعم الائتلاف الإقليمي والدولي وتقيم البدائل للمساهمة والمساعدة في محاربة هذه التنظيمات الإرهابية"، واضاف "نعمل لمحاصرة الإرهاب والمتطرفين ومن يناصرهم وتجفيف مصادر تمويلهم ونوظف كل طاقاتنا وإمكاناتنا للتصدي لمخاطر تقسيم الدول التي تتعرض لصراعات ونزاعات في منطقتنا وذلك حماية لها وحفاظا على مكوناتها ووحدة اراضيها".

وقال رئيس الوزراء الأردني السابق معروف البخيت إن نحو 1300 سلفي تكفيري أردني يقاتلون في صفوف تنظيم "الدولة الإسلامية" المتطرف في العراق قتل منهم ما يزيد عن 200 عنصر حتى الآن، وقال البخيت في محاضرة في عمان إن "التقديرات الأقرب للواقعية تشير إلى أن ما بين ألفين إلى أربعة آلاف سلفي أردني ينتمون للتيار التكفيري ويقاتل نحو 1300 في العراق قتل منهم ما يزيد عن مائتي عنصر"، وأضاف في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الأردنية الرسمية، أن "هناك احتمالات لتطور الأزمة العراقية ضمن أربعة سيناريوهات، أولها قيام رئيس الوزراء العراقي (حيدر العبادي) بعملية سياسية سلمية، تقود لمصالحة مجتمعية بين مكونات العراق الرئيسة، تضمن مشاركة السنة فيها".

وأوضح أن "السيناريو الآخر هو احتمال انتصار الجيش العراقي وهذا مشكوك فيه لأسباب كثيرة، ومنها الحاجة إلى تعاون الجميع"، وتابع البخيت أن "ثمة احتمالا لتطور الأزمة في العراق يكمن في اتفاق المكونات العراقية على تقسيم العراق"، مشيرا إلى "صعوبة مثل هذا السيناريو خصوصا وان بغداد يسكنها خليط سكاني وان معظم الموارد في منطقة محددة هي كركوك والجنوب، وهذا ما تفتقر إليه مناطق الشمال"، ورأى أن "أسوأ سيناريو بالنسبة للأردن يمكن أن تسير فيه الحالة العراقية، هو بقاء الوضع على ما هو عليه غامضا وملتبسا ضمن حالة قتال تكون نتيجته إقامة دولة سنية بالدم وسيفضي ذلك إلى تقسيم العراق".

من جهة أخرى قالت مصادر أمنية إن قوات الأمن الأردنية ألقت القبض على المنظر المؤثر المؤيد للقاعدة ابو محمد المقدسي للاشتباه في تحريضه على الإرهاب عبر الانترنت، وأضافت المصادر أن الأوامر صدرت باحتجاز المقدسي 15 يوما بعدما استدعته نيابة أمن الدولة للاستجواب واتهم مبدئيا باستخدام الإنترنت للترويج لآراء منظمات إرهابية جهادية والتحريض على اعتناقها، واعتبر هذا المفكر الذي علم نفسه بنفسه مرشدا روحيا لزعيم تنظيم القاعدة السابق في العراق أبو مصعب الزرقاوي الذي قتل في هجوم شنته القوات الأمريكية عام 2006، ووصفت أكاديمية وست بوينت العسكرية الأمريكية المقدسي بأنه من أكثر المفكرين الإسلاميين الأحياء تأثيرا، وقال مصدر أمني إن المقدسي "اعتقل بعد وقت قصير من مثوله أمام مكتب النيابة ووجه إليه اتهام"، وكان المقدسي قد جاهر في الآونة الأخيرة بانتقاد تنظيم الدولة الإسلامية قائلا إن وسائله الوحشية المتمثلة في قطع الرؤوس تشوه سمعة الجهاد العالمي، ولكنه خفف انتقاده في غمرة الضربات التي قادتها الولايات المتحدة ضد الجماعة في العراق وفي سوريا.

وعلى الرغم من أن المقدسي لم يوجه انتقادات علنية للأردن ودول الخليج التي انضمت للتحالف الأمريكي ضد الدولة الإسلامية فقد وصف تلك الحملة بأنها حرب صليبية على الإسلام، وتحدث المقدسي في رسالة في الآونة الأخيرة عن "عدم الشماتة بفصيل منهم أو الفرح بما يصيبه من نكبات وبما يطوله من عدوان الصليبيين الذين لا يفرح بقتل مسلم على أيديهم عاقل من المسلمين"، وأفرج عن المقدسي من سجن في الأردن في يونيو حزيران الماضي بعدما قضى عقوبة بالسجن خمسة أعوام، ورأى بعض المسؤولين الأردنيين أن السلطات التي تخشى من دخول التشدد إلى أراضي الأردن قد وافقت على الإفراج عنه كي يجاهر بانتقاد الدولة الإسلامية، وخرج تنظيم الدولة الإسلامية من عباءة القاعدة في العراق قبل أن يمتد نفوذه إلى سوريا بعد بدء انتفاضة ضد الرئيس بشار الأسد قبل ثلاثة أعوام، وأدى هذا التوسع لاندلاع معارك مع جماعات إسلامية منافسة منها جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة، وقتل الآلاف جراء تلك المعارك. بحسب رويترز.

وسخر المقدسي من إعلان الدولة الإسلامية قيام الخلافة قائلا إن ذلك ليس من شأنه إلا تعميق الاقتتال الدامي بين الجهاديين، وأضاف أن أفعال الدولة الإسلامية خروج عن صحيح الإسلام، لكن مصدرا قريبا من العقلية الأمنية قال إن الأمن الأردني بدأت تنتابه المخاوف حينما سعى المقدسي وغيره من المفكرين الجهاديين في مختلف أنحاء المنطقة للتوسط من أجل هدنة في وقت سابق من أجل إنهاء الاقتتال الداخلي بين الجماعات الجهادية بعد الضربات، وأخفقت جهود التوصل إلى هدنة بعدما لم تستجب الدولة الإسلامية لمهلة وضعها المفكرون الجهاديون مدتها ثلاثة أيام، ويأتي احتجاز المقدسي عقب موجة اعتقالات في الآونة الأخيرة في الأردن لعشرات من المتعاطفين مع الدولة الإسلامية أعربوا عن تأييدهم للجماعة على الإنترنت، وأحيل عدد من مؤيدي الدولة الإسلامية إلى المحاكمة بتهم التحريض "والترويج لأنشطة التنظيمات الإرهابية على وسائل التواصل الاجتماعي"، ويقول دبلوماسيون ومسؤولون إنه في الشهرين الماضيين شددت أجهزة المخابرات الأردنية التدابير الأمنية حول المناطق الحكومية الحساسة وشددت مراقبة الأصوليين الإسلاميين، ومنذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا عام 2011 انضم مئات الأردنيين إلى الأعمال المسلحة التي يقوم بها المعارضون ضد القوات الموالية للرئيس بشار الأسد، وتوجد مخاوف لدى السلطات من تنامي التأييد بين الأصوليين الإسلاميين الأردنيين للدولة الإسلامية جراء التقدم الذي أحرزه التنظيم المتشدد في دولتين تحدان الأردن شرقا وشمالا.

السعودية

بدورها اعلنت وزارة الداخلية السعودية القاء القبض على ثمانية اشخاص في شمال غرب الرياض كانوا يحرضون شبانا يافعين على الانضمام للمتطرفين في سوريا والعراق، بحسب ما افادت وكالة الانباء الرسمية، وذكرت الوزارة في بيان "ان السلطات نفذت عملية امنية بمحافظة تمير (150 كيلومترا شمال غرب الرياض) نتج عنها حتى الآن القبض على ثمانية مواطنين ممن يقومون بالتغرير بحدثاء الأسنان للانضمام للمجموعات المتطرفة في الخارج"، واشار البيان الى ان الحملة الامنية نفذت في اطار الامر الملكي الاخير بمكافحة المنتمين والمؤيدين للجماعات المتطرفة، وقد اتت بعد "تذمر عدد من ولاة الامور من هؤلاء المحرضين وتثبت الجهات الأمنية من قيامهم بذلك"، واكد البيان انه سوف تطبق بحق الموقوفين "الإجراءات النظامية" فيما "لا زال الموضوع محل المتابعة الأمنية"، وكانت صحيفة الحياة اشارت الى قيام السلطات بحملة في تمير للقبض على "المؤيدين لتنظيم داعش (الدولة الاسلامية) الارهابي والمتهمين بتحريض الشباب على الخروج لمواطن الاقتتال في سوريا والعراق"، وبحسب الصحيفة، تم القبض على إمام مسجد ومعلم تربية إسلامية وأحد المقربين منهما في اطار الحملة، يذكر ان السعودية اظهرت عزمها على مواجهة الحركات الجهادية، فاتخذت في السابع من اذار/مارس الماضي قرارات متشددة حيالها واصفة اياها بالإرهابية. بحسب فرانس برس.

مصر

الى ذلك وبعد تركه لمنزله الكائن بحي راق في القاهرة للانضمام إلى تنظيم الدولة الاسلامية المتشدد، تعلم يونس كيف يذبح البشر وتلقى تدريبا عسكريا للقوات الخاصة واكتسب خبرة قتالية مكثفة في معارك خاضها بالعراق وسوريا، وبعد عام أصبح لديه طموح من النوع الذي قد يشكل كابوسا أمنيا للسلطات المصرية التي تواجه بالفعل تحديا من متشددين في شبه جزيرة سيناء وعلى طول الحدود مع ليبيا، ويريد هذا الشاب العودة لوطنه مرة أخرى لرفع راية تنظيم الدولة الاسلامية السوداء كما فعل رفاقه في مناطق كبيرة في العراق وسوريا بعد إلحاق الهزيمة بالقوات الحكومية، وفي النهاية يقول يونس إنه ورفاقه من المقاتلين المصريين في الدولة الإسلامية يعتزمون الإطاحة بالحكومة وإقامة خلافة في أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، وقال يونس الذي طلب الاكتفاء بنشر ذلك الاسم في مقابلة عبر فيسبوك إنه غادر مصر واتجه لسوريا "لأنني كنت اعتقد أننا لن نستطيع تغيير الوضع في مصر من الداخل بل أن مصر تفتح من الخارج".

وتوصل ليونس عبر التواصل مع عدد من مؤيدي تنظيم الدولة الاسلامية على مواقع التواصل الاجتماعي، وقال مقاتل آخر في الدولة الاسلامية إن يونس عضو في التنظيم، وأظهر برنامج المحادثة على فيسبوك أن رسائل يونس مصدرها سوريا، وتدرك مصر جيدا الخطورة التي قد يشكلها مواطنوها الذين يقاتلون في صفوف الجماعات المتشددة في الخارج بعد عودتهم، وبعد عودتهم حمل المصريون الذين شاركوا في قتال السوفييت في أفغانستان خلال الثمانينيات السلاح في وجه قوات الأمن المصرية ونفذوا الكثير من التفجيرات والهجمات، وتبدو فرص تنظيم الدولة الاسلامية في إقامة خلافة في مصر هزيلة جدا، فالدولة المصرية سحقت الجماعات المتشددة واحدة تلو الأخرى، ولكن لا شك أن عودة المقاتلين ومعهم خبرات من العراق وسوريا ستجلب كثيرا من العنف وتعرقل الجهود الرامية لفرض الاستقرار في البلاد التي عانت من الفوضى السياسية وإسقاط رئيسين للبلاد منذ 2011، وقالت مصادر أمنية إن أجهزة الدولة تراقب المتشددين الذين يقاتلون في الخارج عن كثب وتضعهم على قوائم الانتظار في المطارات والموانئ، وكان يونس البالغ من العمر 22 عاما طالبا في جامعة الأزهر حين قرر الانضمام لأخطر جماعة متشددة في العالم. بحسب رويترز.

ومثل أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة حاليا والطبيب سابقا ينتمي يونس لأسرة غنية تعيش في حي المعادي الراقي بالقاهرة، وشارك في الاحتجاجات التي انهت حكم الرئيس السابق حسني مبارك الذي امتد لثلاثة عقود واتسم باستخدام القبضة الحديدية، وبعد الاطاحة بمبارك وصلت جماعة الاخوان المسلمين للحكم لكن الجماعة لم تكن محل اعجاب أو تقدير من يونس، وقتل المئات من اعضاء ومؤيدي الجماعة في احتجاجات العام الماضي بعد إعلان الجيش عزل الرئيس السابق محمد مرسي إثر احتجاجات شعبية حاشدة على حكمه، لكن يونس قال إن الحملة الصارمة التي لاقت ادانة واسعة من منظمات حقوق الانسان لم يكن لها أي تأثير في قراره بالانضمام إلى الدولة الإسلامية، فالدافع كان أبعد من ذلك بكثير وهو الرغبة الملحة في الاطاحة "بطواغيت" العرب خاصة في مصر وإقامة دولة الخلافة، ووصف يونس الرئيس السابق مرسي بأنه "طاغوت" لأنه "كان حاكما يحكم بغير ما أنزل الله" واتبع مفاهيم غربية مثل الانتخابات والديمقراطية بدلا من تطبيق الشريعة.

كما يرفض يونس الرجل الذي أعلن عزل مرسي العام الماضي وهو وزير الدفاع وقائد الجيش السابق المشير عبد الفتاح السيسي الذي كان قائدا للمخابرات العسكرية في عهد مبارك، وقال يونس "بالنسبة لمرسي فحكمه مثل السيسي طاغوت مرتد غير ان الثاني اشد كفرا من الأول"، وانتخب السيسي رئيسا لمصر وتعهد بالقضاء على المتشددين بما في ذلك من يستلهمون أفكار تنظيم الدولة الإسلامية، واختار يونس سوريا على وجه التحديد "لأن الشام كان المكان الوحيد الذي يجتمع به المجاهدون من كل مكان لتجهيز أنفسهم وترتيب صفوفهم لإعادة فتح بلاد المسلمين وتطهيرها من رجس الطواغيت ثم فتح بيت المقدس من أيدي اليهود أحفاد القردة والخنازير"، والانضمام للدولة الاسلامية مباشرة ليس بالأمر السهل وفقا لما قاله يونس، ولم يدخل الشاب المصري في صفوف التنظيم الا بعد حصوله على تزكية من عضو بالدولة الاسلامية بعد اثبات نفسه في كتيبة اسلامية أخرى تقاتل في سوريا التي وصلها عن طريق تركيا.

وفي النهاية بات يونس مقاتلا في صفوف التنظيم ويتلقى التعليمات والتدريب من قائده المباشر وهو مصري الجنسية أيضا، وبعد وصوله لسوريا تلقى يونس "دورة تدريب قوات خاصة ومعسكر سلاح ثقيل ودورة في القنص"، وعلى عكس تنظيم القاعدة الذي يعتمد على ٍأسلوب حرب العصابات والتفجيرات الانتحارية طور تنظيم الدولة الاسلامية نفسه ليصبح أشبه بالمنظمة العسكرية التي تستولي على أراض وتسعى لتوسيع رقعة الخلافة التي أعلنتها في كل من سوريا والعراق، واستولى التنظيم على دبابات وناقلات جنود مدرعة ومدافع رشاشة مضادة للطائرات وأسلحة أخرى خلفها الجنود الفارون بعد وصول مقاتلي التنظيم إلى شمال العراق في يونيو حزيران، وقال يونس "هذه دولة بها وزارات و دواوين، الجيش جزء من اركانها"، وأضاف "هناك كتائب وسرايا تماما كأي جيش في العالم"، وقدر يونس عدد المصريين في صفوف الدولة الاسلامية بنحو ألف وقال إنه قابل الكثير منهم.

وأحد الذين قابلهم يونس الشاب إسلام يكن الذي ذاع صيته في الاعلام المصري بعد نشره لصور على تويتر وهو يمسك بأسلحة وسيوف في صفوف الدولة الإسلامية، وأكد يونس ما نشرته صحف محلية عن أن يكن الذي يشتهر بلقب (أبو سلمة) كان مغني راب ويهوى الموسيقى، وقال "كان تاركا حتى للصلاة والحمد لله الذي من عليه بالهداية" مضيفا أنه كان يجلس بجواره اثناء اجراء الحوار، وردا على سؤال حول هل يحاولون تجنيد المزيد من الشباب المصري للانضمام للدولة الاسلامية قال يونس "نعم كل شخص يحاول أن يعلم المسلمين أمر دينهم وما فرضه الله عليهم"، وتلقى الحسابات التابعة للدولة الاسلامية والمؤيدة لها متابعة من عدد كبير من الاسلاميين في مصر، ووفقا لتقديرات مصادر أمنية فإن عدد المصريين الذين يقاتلون في صفوف جماعات متشددة في الخارج مثل القاعدة والدولة الاسلامية وغيرها يصل إلى ثمانية آلاف.

وفي الداخل باتت جماعة أنصار بيت المقدس المتشددة التي تتمركز في سيناء مشكلة أمنية كبيرة للدولة وقتلت المئات من أفراد الجيش والشرطة ونفذت عمليات اغتيال كبيرة على مدى العام المنصرم، وتقول مصادر أمنية إن متشددين مصريين يتمركزون في معسكرات في ليبيا بالقرب من الحدود مع مصر ويستلهمون أفكار الدولة الاسلامية أقاموا اتصالات مع أنصار بيت المقدس، وقال يونس إنه ليست لديه اجابة حول وجود تلك المعسكرات في ليبيا من عدمه لكنه أضاف "عليك أن تعلم أنه حتي في مصر توجد معسكرات"، كما لم تكن لديه اجابة على سؤال حول وجود علاقة بين أنصار بيت المقدس والدولة الاسلامية لكنه قال "أنصار بيت المقدس هي جماعة مجاهدة تسعي لتحكيم شرع الله في أرضه ونسال الله أن يمكن لها".

وقال يونس إنه نجح قبل سفره إلى سوريا في اقناع ما يصل إلى مئة شاب "بفكرة الجهاد" ومنهم من سافر إلى العراق وسوريا ومنهم من بقي في مصر، وقال "كلهم مجاهدون الآن ولله الحمد، منهم من استشهد ومنهم ما يزال على الدرب، نسال الله الثبات و حسن الخاتمة"، وأضاف أن الموجودين منهم في مصر "يشاركون في هجمات (ضد الجيش والشرطة) وليسوا في انتظار السفر بل مستمرين إن شاء الله إلى حين وصول دولة الاسلام فاتحة إليهم إن شاء الله"، وقال يونس إنه تعلق بالجهاد حين كانت والدته تعلمه الدين في صغره وتحدثه عن حال المسلمين في السابق وحالهم الآن، لكن لم تكن هناك أدلة كثيرة تشير إلى أنه سيتبع هذا النهج في نهاية الأمر وكان يبدو مثله مثل أي شاب مصري، وأضاف أنه قبل التفكير في حمل السلاح "فقط كنت أحفظ القرآن واتعلم الدين وكنت ألعب كرة القدم ورياضات قتاليه مثل الكونغ فو والجي جيتسو"، وشأنه شأن الكثير من مقاتلي الدولة الاسلامية مزق يونس جواز سفره لإظهار ولائه للتنظيم الذي لا يعترف بالحدود بين الدول الإسلامية، وقال "نحن لا نعتبر بحدود فرضها الغرب الكافر، فأمة المسلمين واحدة، لا فضل لعربي على أعجمي فيها إلا بالتقوى"، وأضاف "سأظل هنا في الشام حتى نفتحها ونأتي لمصر فاتحين بإذن الله".

كما أكدت تقارير صحفية رسمية في مصر هوية الناشط المصري الذي أعلن تنظيم الدولة الإسلامية المعروف إعلاميا بـ"داعش" مقتله بعملية انتحارية، وقدمه تحت اسم "أبو معاذ المصري" إذ اتضح أنه ضابط الشرطة السابق، أحمد الدروي، الذي كان قد خاض الانتخابات البرلمانية عام 2012، وكان تنظيم داعش قد عرّف الدروي بأنه "قائد كتيبة أسود الخلافة" ونشر صورة له يحمل فيها سلاحه وقد أطال لحيته، وقد تعرف عليه بعض النشطاء على مواقع الانترنت، قبل أن تعود "بوابة الأهرام" الرسمية المصرية لتنقل عن شقيقه تأكيده لمقتله خلال إحدى العمليات التي نفذها داعش بالعراق، وبرز اسم الدروى بعد اندلاع ثورة 25 يناير، وقدم نفسه للنشطاء وشباب الثورة خلال 18 يومًا الأولى من الثورة بميدان التحرير باعتباره ضابط شرطة تقدم باستقالته من وزارة الداخلية قبل الثورة احتجاجًا على ممارسات الوزارة ودورها في تزوير الانتخابات، حاملًا أطروحات حول إصلاح منظومة الأمن، واستضافته عدة برامج على القنوات الفضائية المصرية للتحدث عن هذا الملف.

وتقدم الدروى لانتخابات مجلس الشعب في دورة 2012 كمرشح مستقل عن مقعد فردي، ولفتت "بوابة الأهرام" إلى أنه نال آنذاك دعم "عدد كبير من شباب الثورة لما تمتع به من دماثة الخلق وآرائه بشأن الأمن والإصلاح" ولكنه لم يتمكن من الفوز، وكانت له بعض النشاطات السياسية لاحقا، قبل أن يعلن مقربون منه عن وفاته جراء مرض عضال في أمريكا، ولكن الفترة الماضية عادت لتحمل أخبار الدروي الذي اتضح أنه يقاتل في سوريا والعراق، ونقلت "بوابة الأهرام" عن شقيق الدروى قوله إن أحمد سافر تركيا منذ أكثر من عام، ونُشرت صوره لاحقا مع داعش، مضيفا أن مقتل شقيقه حصل في نهاية مايو/أيار، وأن الصور المنشورة مؤخرا هي قديمة.

عرب إسرائيل

فيما أعلن جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشين بيت" أن طبيبا من عرب إسرائيل قتل خلال مشاركته في المعارك مع تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا في شهر أغسطس/آب الماضي، وبحسب السلطات الإسرائيلية فإن 30 عربيا يحملون جنسيات إسرائيلية يقاتلون في سوريا في صفوف الجهاديين، وحذّر "الشين بيت" من خطورة هذه الظاهرة حيث يخشي استخدام هؤلاء لتنفيذ عمليات في إسرائيل بعد عودتهم إليها، وقال الجهاز إن عثمان ابو القيعان الذي درس الطب في الأردن وعمل طبيبا مقيما في مستشفى إسرائيلي، قتل أثناء المعارك في سوريا في آب/أغسطس، واعتقلت قوات الأمن الإسرائيلية شقيقه إدريس أبو القيعان في نيسان/أبريل ووجهت له التهم في أيار/مايو بمساعدة عثمان وقريبه شفيق أبو القيعان بالتوجه إلى سوريا عبر تركيا للانضمام إلى التنظيم المتطرف، والثلاثة هم من قرية حورة في النقب جنوب إسرائيل، بحسب "الشين بيت".

وتقول السلطات الأمنية إن نحو 30 عربيا يحملون الجنسية الإسرائيلية توجهوا إلى سوريا للقتال إلى جانب الجهاديين رغم أن "عددا قليلا منهم انضموا إلى تنظيم الدولة الإسلامية ومعظمهم لهم خلفية سلفية جهادية"، وصرح "الشين بيت" في بيان أن "هذه ظاهرة خطيرة لأن الذين يتوجهون إلى ساحة الحرب في سوريا يخضعون لتدريب عسكري ويتعرضون لأيدلوجيات متطرفة للجهاد العالمي، ويخشى أن يتم استخدامهم لتنفيذ هجمات إرهابية ضد إسرائيل في نهاية المطاف"، وفي آذار/مارس الماضي اعتقل أحد سكان مدينة الطيبة عقب عودته من التدريب في سوريا، وذكر البيان أنه "خلال التحقيق معه، قال أنه طُلب منه توفير معلومات عن مواقع حساسة في إسرائيل، كما طُلب منه تنفيذ تفجير انتحاري في إسرائيل"، ويبلغ عدد العرب الفلسطينيين الذين يعيشون في إسرائيل نحو 1,4 مليون شخص، ويشكلون نحو 20% من سكان إسرائيل، وهم من أحفاد نحو 160 ألف فلسطيني بقوا في أراضيهم بعد إقامة دولة إسرائيل في 1948.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 6/تشرين الثاني/2014 - 12/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م