إعادة بناء غزة.. مهمة تكاد تكون مستحيلة!

 

شبكة النبأ: يبدو أن قضية إعادة إعمار قطاع غزة الذي دمرته اسرائيل بشكل شبه تام في حربها الاخيرة والتي راح ضحيتها اكثر من 2147 مدني، وعلى الرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها بعض الجهات والمنظمات الإقليمية والدولية والدول المانحة، ستظل وبحسب بعض المراقبين قضية معلقة كباقي القضايا الفلسطينية الاخرى ولأسباب مختلفة، بعضها فني متعلق بالمعابر واعادة تأهيلها والمبالغ المخصصة وآلية اعتماد إدخال مواد البناء والشحنات المختلفة، التي يحتاجها القطاع المحاصر والتي تحتاج الى موافقات خاصة من الجانب الاسرائيلي، الذي سيسعى الى عرقلة بعض الامور من خلال فرض شروط وقرارات صعبة قد ترفضها السلطات الفلسطينية، يضاف الى ذلك الخلافات وعدم الاتفاق بين الطراف والفصائل الفلسطينية وهو ما قد يتسبب بعرقلة وتأخير اعمار القطاع.

غير أن مراقبون آخرون كانوا أكثر تفاؤلاً حيث اكدوا ان قضية اعمار القطاع اذا ما استغلت بشكل جيد، ربما ستكون ورقة مهمة لجميع الاطراف وقد تسهم بحل بعض القضايا العالقة، وتكون بداية اساسية لدفع واعادة محادثات السلام المتعثرة بين فلسطين وإسرائيل، مؤكدين على ضرورة الزام اسرائيل بالتعهدات الدولية، والعمل على ورفع الحصار والاسراع بإعادة الاعمار مع ضرورة اجبارها على تقديم تسهيلات اخرى والمساهمة بعملية الاعمار، وهو ما اعتبره البعض امراً مستحيلاً وغير واقعي خصوصا وان اسرائيل قد عمدت وبشكل مباشر الى عرقلة العديد من مبادرات السلام السابقة، يضاف الى ذلك ان بعض الاطراف والجهات الفلسطينية المسلحة ترفض وبشكل قاطع مثل هكذا اتفاقات.

وفي ما يخص اعمار عزة فقد كتب توني بلير مبعوث اللجنة في تصريحات نشرها مكتبه ان "الوضع الخطير في غزة وجنوب اسرائيل، وخطر تجدد اندلاع العنف مرة اخرى في اي مرحلة هو بالضبط السبب الذي يدفع الى تسريع جهود اعادة الاعمار على المديين القصير والطويل".

وقال بلير ان المساعدات للقطاع يجب ان تتجاوز مجرد اصلاح الدمار الذي تسببت به اعمال العنف التي استمرت 50 يوما بين اسرائيل والمسلحين الفلسطينيين في قطاع غزة. وكتب في مقدمة تقرير، "الامر ليس مجرد اعمار ما تهدم في غزة .. بل انه يتعلق باحداث تغيير كبير ودائم وتوحيد غزة والضفة الغربية وفتح غزة على العالم". ويدعو بلير في تقريره السلطة الفلسطينية بزعامة محمود عباس الى اداء دور قيادي في اعادة اعمار غزة بدعم "شامل" من المجتمع الدولي.

تحديات هائلة

الى جانب ذلك وفي وقت يئن فيه اقتصاد القطاع تحت الحصار الإسرائيلي وإجراءات أمنية مصرية على الحدود فإن القطاع يواجه الآن مهمة تكاد تكون مستحيلة.. إعادة البناء. ويحتاج قطاع غزة وهو يعيد البناء مساعدات من الخارج بقيمة مليارات الدولارات فيما يكابد القيود المفروضة من إسرائيل على دخول مواد البناء وحل الخلافات السياسية المريرة بين الفلسطينيين وضمان استمرار تدفق المساعدات الإنسانية لسكان أضنتهم الحرب.

وهناك حقيقة بارزة.. قبل الحرب كان يدخل قطاع غزة 30 طنا من الأسمنت في المتوسط كل أسبوع. أما الآن فيحتاج القطاع إلى ما يقدر بعشرة آلاف طن من الأسمنت يوميا خلال الأشهر الستة المقبلة. وفي حي الشجاعية القريب من الحدود مع إسرائيل والذي تعرض لقصف عنيف تحولت بيوت ومصانع كثيرة إلى حطام تجاوره أكوام من المخلفات والقمامة المتعطنة في هذا الجو شديد الحرارة.

وقال بورج بريند وزير الخارجية النرويجي الذي زار غزة في محاولة لتقدير حجم الاحتياجات الإنسانية واحتياجات إعادة الإعمار "بعض المناطق في غزة تبدو على نحو لا يصدق بما يكفي كما لو أن زلزالا ضربها." وقال جون جات-روتر ممثل الاتحاد الأوروبي في الضفة الغربية وقطاع غزة "لا أستطيع أن أقول لكم بالضبط ما هو الرقم." وأضاف "كل ما أستطيع قوله لكم أن الاحتياجات هائلة وأنني لا أعرف أين سيكون بمقدور أي أحد أن يجد (هذا) المال."

عمليات إزالة الركام وحدها تحتاج 18 مليون دولار بينما تحتاج غزة أيضا مالا لمساعدات الطعام والأدوية والمعدات التعليمية والتنمية الزراعية. والسكان الذين يزيدون بمعدل 50 ألف نسمة في السنة يعتمدون بشكل كبير على المساعدات من المانحين الدوليين وبدون معدل متدرج للنمو لا يرجح أن ينخفض معدل البطالة بينهم عن نسبة 40 في المئة الموجودة حاليا.

بجانب المنازل التي دمرت يقول وزير الإسكان الفلسطيني مفيد الحساينة إن 40 ألف بيت أخرى لحقت بها أضرار شديدة يضاف لها مئتا مسجد أصيبت بأضرار أو دمرت. وبالإضافة إلى العمل المضني اللازم لإصلاح أماكن العبادة والمباني القديمة المضارة فهناك حاجة للمواد الخام -الأسمنت وأسياخ الحديد والخشب وألواح الصلب والزجاج- ومعدات البناء.

ولسنوات جاء معظم الأسمنت الذي استعمل في غزة من الصانع الوحيد في إسرائيل (نيشر) الذي يهيمن على نحو 85 في المئة من السوق الإسرائيلية. ورغم أنه يمكن استيراد الأسمنت من غير إسرائيل فإن شراءه منها أسرع وأرخص. وقال الطباع إن الأمر يتطلب عشرة آلاف طن من الأسمنت يوميا لمدة ستة اشهر ولا يوجد اختيار آخر غير إسرائيل رغم أن الفلسطينيين في غزة قد يشعرون بالحزن لأن الأسمنت الإسرائيلي يستخدم في إعادة بناء وترميم بيوتهم التي قصفتها إسرائيل.

وقال هاني الشمالي الذي يدير شركة تستورد مواد البناء في غزة إن الأسمنت الإسرائيلي جيد وأسرع في استيراده. ومع ذلك يتوقع أن تزيد فاتورة الأسمنت وحدها على 100 مليون دولار هي أموال يرجح أن تتدفق على نيشر. وقطاع غزة المحشور بين إسرائيل ومصر تحاصره إسرائيل منذ عام 2007 عندما استولت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على القطاع من قوات السلطة الوطنية الفلسطينية التي يرأسها محمود عباس والتي تدير الضفة الغربية.

وتنظر مصر أيضا إلى حماس باعتبارها خطرا أمنيا وتفرض قيودا صارمة على المعبر القائم على الحدود مع القطاع. ووافق جارا غزة على تخفيف الحصار لكنهما يريدان أيضا ضمان ألا تهرب أسلحة إلى القطاع وألا تستخدم المواد ذات الاستخدام المزدوج مثل الأسمنت في إعادة بناء الأنفاق التي شيدتها حماس من غزة لتصل إلى إسرائيل.

وقال مسؤول حكومي إسرائيلي "إسرائيل مستعدة أن تكون شريكا كاملا في تسهيل إعادة البناء في غزة لكن... نحن نتحدث عن إعادة البناء المدني ولا نسمح لحماس بأن تعيد بناء آلتها الإرهابية." وقال مسؤولون إسرائيليون يراقبون الحدود إنهم لا يشغلهم من أين يأتي الأسمنت ما دام لن يستخدم في إعادة بناء شبكة الأنفاق.

لكن مشاكل غزة ليست مع إسرائيل فقط فالانقسامات السياسية الفلسطينية يمكن أن تمثل عوائق كبيرة أيضا. من المتوقع أن تنتقل الإدارة المدنية لقطاع غزة بما في ذلك الحدود إلى السلطة الفلسطينية التي يرأسها عباس زعيم حركة فتح وهي خطوة ستضمن مراقبة تدفق السلع على القطاع. ومع ذلك فإن العلاقات بين فتح وحماس في أدنى مستوياتها. ويهدد التوتر بشأن مرتبات العاملين في حماس المتأخرة لدى السلطة الفلسطينية بأن يصل الخلاف إلى درجة الغليان ويتحول إلى صراع مفتوح. بحسب رويترز.

وقال القيادي في فتح فيصل أبو شهلا "المانحون الذين يريدون تقديم المساعدات ينتظرون أن تتسلم حكومة الوحدة الوطنية سلطاتها في غزة. ومواد البناء تنتظر حكومة الوحدة الوطنية لتشرف على المعابر." وأضاف "كل مكون يعتمد على الآخر." وقال جات-روتر الذي زار غزة ليقدر من جانبه ما وقع من دمار إن الصورة محزنة. لكنه شدد على أن أهم شيء هو البدء في إعادة الاعمار دون تأخير. وقال "مستوى اليأس وانخفاض المعنويات كبير جدا." وأضاف "هناك خوف كبير من أن تكون هناك فعلا عودة لنوع العنف الذي شهدناه في الصيف" إذا لم تبدأ قريبا جهود إعادة الاعمار مع تدفق المساعدات.

تشاؤم فلسطيني

من جانب اخر فقد أغرقت الأمطار الغزيرة قطاع غزة لتنذر بقرب قدوم فصل الشتاء وتضاعف من بؤس آلاف الفلسطينيين الذين يسارعون لإعادة بناء أو ترميم ديارهم التي دمرت في الحرب مع إسرائيل أثناء الصيف. وفرح المسؤولون الفلسطينيون بالتعهدات بتقديم 5.4 مليار دولار خلال مؤتمر مساعدات دولي والتي ستستخدم في جهود إعادة الأعمار وستنعش الميزانية لكن كثيرين في غزة يخشون من تكرار ما كان يحدث بعد الحروب السابقة مع إسرائيل من عدم تقديم كل الأموال.

وعلى الرغم من توقيع اتفاق مصالحة في ابريل نيسان إلا أن المشاحنات لا تزال قائمة بين حماس وخصومها السياسيين. وقال رجال أعمال محليون إن آلية اتفقت عليها الأمم المتحدة وإسرائيل والسلطة الفلسطينية بشأن نقل مواد البناء من الضفة الغربية عبر إسرائيل إلى غزة لا تزال غامضة ومليئة بالعراقيل. ولا يتوقع سمير حسانين (37 عاما) أن تأتي المساعدة قريبا بما فيه الكفاية. ونتيجة لوجود فجوة بمنزله المتضرر باتت غرفة معيشته عرضة للطقس السيء على الرغم من جهوده البائسة لسدها بالأغطية البلاستيكية والطوب.

ودمر حي الشجاعية الذي يعيش فيه بنيران المدفعية الإسرائيلية يوم 20 يوليو تموز. ولمدة شهرين تقريبا ظل حسانين وأسرته بالمنزل وكان حريصا على عدم الابتعاد كي لا يفوت الفرصة للالتقاء بوفود الأمم المتحدة والمنظمات الخيرية لتسجيل منزله ضمن المنازل التي تحتاج لأموال الترميم التي ينتظر وصولها. وقال "يجب أن يبنوا منازلنا لنا. لا يمكننا العيش هكذا. كان يتعين عليهم البدء في البناء منذ فترة طويلة. لسنا على استعداد لاستقبال الشتاء ونغرق الآن في المطر."

ومنذ انتهاء مؤتمر إعادة إعمار غزة الذي عقد بالعاصمة المصرية القاهرة يوم 12 أكتوبر تشرين الأول دخلت فقط 75 شاحنة من مواد البناء إلى غزة عبر إسرائيل. وقال المحلل الاقتصادي في غزة ماهر الطباع إن الكمية تقل عن خمس حجم الواردات اليومية المطلوبة إذا ما كان سيتم إصلاح ما دمرته الحرب في غضون ثلاث إلى خمس سنوات. وعلى الرغم من تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية من التكنوقراط في يونيو حزيران إلا أن الخلاف الدائم بين حماس وحركة فتح في الضفة الغربية يلقي ظلالا من الشك على ما إذا كان تدفق المواد سوف يتحسن.

وسيطرت حماس على غزة من السلطة الفلسطينية التي تقودها حركة فتح بعد حرب أهلية قصيرة عام 2007. وكانت حماس فازت في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية في عام 2006 بعد عام من انسحاب الجنود والمستوطنين الإسرائيليين من غزة. وفرضت إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة منذ سيطرة حركة حماس قائلة إنها تسعى لتقييد السلع التي يمكن استخدامها في إنتاج الأسلحة والأنفاق تحت الأرض. ولكنها فاقمت المصاعب الاقتصادية في القطاع الفقير الذي يعيش أكثر من نصف سكانه على المساعدات الغذائية من الأمم المتحدة.

وربما يهدئ اتفاق تم التوصل له بشأن تسليم حماس السيطرة على المعابر الحدودية لخصومهم الفلسطينيين من مخاوف إسرائيل والجهات المانحة بأن الحركة قد تستولي على مساعدات إعادة الإعمار أو تتربح منها. وقال الطباع "تمثل التعهدات المالية بصيص أمل وإذا... فتحت المعابر وكان هناك تنفيذ صادق للمصالحة بين فتح وحماس سيتشجع المانحون الدوليون لتقديم المزيد من المال لأن ما تم التعهد به لم يكن كافيا." وتلقي حماس باللوم على حكومة الوحدة ومقرها الضفة الغربية لعدم توليها مسؤولية المعبرين الحدوديين ونقل مواد البناء حتى الآن. لكن في الوقت نفسه تفاخرت الصحيفة الرسمية لحماس بأن المقاتلين كانوا يعملون "كالنحل في خلاياه" لإعادة بناء الأنفاق وهي مستهلك رئيسي للخرسانة والحديد.

وقدر مسؤولون فلسطينيون تكلفة إعادة الإعمار المادي بأربعة مليارات دولار ولكن الجهات المانحة خصصت فقط حوالي 2.7 مليار دولار لهذا الغرض والنصف الآخر من تعهداتها لميزانية السلطة الفلسطينية التي تعاني ضائقة مالية. وبين عامي 2007 و2011 ارتفع النمو بمتوسط ​​سنوي بلغ ثمانية بالمئة. لكن الانخفاض الحاد في الدعم المقدم من المانحين وخاصة من الدول العربية المجاورة والدمار في غزة سيؤدي إلى تراجعه في عام 2014 إلى نصف بالمئة في الضفة الغربية وإلى انكماش قدره 15 بالمئة في غزة وفقا لتوقعات البنك الدولي الصادرة الشهر الماضي.

وقال رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله إنه برغم الحاجة الملحة في غزة وجاهزية الخطط إلا أن العمل قد لا يبدأ بشكل جدي بناء على التعهدات وحدها. وأضاف "تجربتنا السابقة في المؤتمرات السابقة وفي شرم الشيخ في 2009 أن معظم الفلوس لم تكن تأتي ولكن دعونا نأمل أن الفلوس ستأتي." وكان يشير إلى مؤتمر عقد في مصر بعد حرب في غزة في ديسمبر كانون الأول 2008 ويناير كانون الثاني 2009.

وأيد المانحون الجهود الفلسطينية لبناء اقتصاد قادر على إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية رغم القيود الإسرائيلية المفروضة على حرية حركة البضائع والناس هناك ويأملون في أن يؤدي اتفاق الوحدة إلى إنقاذ الثروات المدمرة في غزة. وقال جون جات روتر الممثل الإقليمي للاتحاد الأوروبي "حتى الآن هذا التقدم كان مقتصرا بدرجة تزيد أو تقل على الضفة الغربية. والآن أعتقد أن الوقت قد حان لتمديد هذا العمل لغزة. ونحن ندرك العقبات بما في ذلك القيود السياسية والاقتصادية ولكن هذا لن يمنعنا من دعم السلطة الفلسطينية."

ورغم أن الاتحاد الأوروبي ظل أحد أكثر المانحين الجادين للسلطة الفلسطينية لكن الفلسطينيين قد يواجهون مشاكل تمويل حادة إذا ما مضوا قدما في تعهدهم بعد انهيار محادثات السلام في ابريل نيسان بالسعي للحصول على اعتراف بدولة كاملة في مجلس الأمن الدولي قريبا. وتقول مصادر فلسطينية إن الولايات المتحدة هددت بعدم تقديم نحو 500 مليون دولار تمنحها سنويا لميزانية الحكومة وقوات الأمن في الضفة الغربية. كما قد تحجب إسرائيل أيضا 100 مليون دولار من الرسوم الجمركية التي تحولها شهريا للسلطة الفلسطينية وهو مبلغ يشكل نحو ثلث إيرادات السلطة الفلسطينية.

ويتشكك محللون ومسؤولون في كفاءة آلية لرصد وترخيص شركات المقاولات الفلسطينية وافقت عليها السلطة الفلسطينية والأمم المتحدة وإسرائيل. ويقولون إن سكان غزة الذين تضررت أو دمرت منازلهم سيسجلون مع الأمم المتحدة التي ستنقل مطالبهم إلى إسرائيل للموافقة على المبلغ المطلوب لمواد البناء. وبعد ذلك سيطلب القطاع الخاص الفلسطيني استيراد مواد البناء المخصصة والتي إذا تمت الموافقة عليها ستمول على أقساط. بحسب رويترز.

ويجب على الشركات أيضا الإبقاء على كاميرات المراقبة على مدار الساعة في منشآت التخزين لإثبات عدم وصول النشطاء لهذه المواد وهو أمر مضن في غزة في ظل استمرار التيار الكهربائي لست ساعات فقط يوميا بعدما ضربت القذائف الإسرائيلية محطة الكهرباء الرئيسية. وشارك إبراهيم برهوم أمين سر المجلس التنسيقي لمؤسسات القطاع الخاص الفلسطيني في مؤتمر القاهرة وحث المشاركين على تقليص الإجراءات البيروقراطية التي تعترض طريق المساعدات. وقال "شعب غزة في وضع مأساوي وبدأ فصل الشتاء." وأضاف "نحن نتحدث عن ثلاث إلى عشر سنوات وهذا شيء لن يقبله أهل غزة ولا يمكنهم تحمله."

ارتياح ممزوج بالمرارة

على صعيد متصل عكف العمال في مدينة غزة على تنظيف الطرق من الركام وإصلاح خطوط الكهرباء مع صمود وقف إطلاق النار الذي وضع حدا للحرب وأبدت العائلات النازحة مشاعر ارتياح ممزوج بالمرارة لدى عودتها إلى بيوتها المدمرة. وكانت الفرحة أكبر بين الصيادين في غزة من غيرهم إذ أصبح بإمكانهم الابحار وإلقاء شباكهم لمسافة ستة أميال من الشاطيء بدلا من الأميال الثلاثة المعتادة وإن ظلوا تحت رقابة زوارق الدورية الإسرائيلية مما يسمح لهم بالعودة بالصيد الوفير.

وعاد آلاف الأسر النازحة من مناطق في شمال غزة وشرقها حيث دار بعض من أعنف المعارك خلال الحرب إلى أحيائها لتجد منازلها مدمرة إما بالكامل أو جزئيا. وقال سلامة العطار الذي يعول ثلاثة أطفال في بلدة بيت لاهيا "أنا فرحان وغير فرحان. فرحان لان الحرب انتهت وغير فرحان لأن لا مأوى لي أو بيت."

وقال العطار إنه فر مع عائلته عندما شنت القوات الإسرائيلية هجومها البري بعد أن أنذرت السكان وأمرتهم بالرحيل عن المنطقة. وقضت عائلته في ملجأ مؤقت داخل مدرسة تديرها الأمم المتحدة. والعطار واحد من نحو 540 ألف نازح تركوا بيوتهم بسبب القتال أي أكثر من ربع سكان غزة البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة. وانتهت أطول حرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بسقوط 2139 فلسطينيا قتلى حسب احصاءات مسوؤلي الصحة في غزة أغلبهم من المدنيين ومن بينهم 490 طفلا. وفي الجانب الإسرائيلي سقط 64 جنديا وستة مدنيين قتلى. ولحق الدمار أو أضرار جسيمة بما يقدر بنحو 15 ألف منزل في غزة بينما تعرضت محطة الكهرباء ومحطة معالجة المياة للقصف العنيف.

وفي إسرائيل تعرضت عشرات المدن والمزارع الجماعية للقصف بنحو أربعة آلاف صاروخ وقذيفة مورتر من غزة خلال الحرب. ومع الهدوء الذي ساد الأجواء باستثناء طائرات الاستطلاع الإسرائيلية دون طيار بين الحين والآخر أقامت الأسر سرادقات لتلقي العزاء في الضحايا. وفي الميناء الصغير بوسط مدينة غزة أبدى الصيادون ارتياحهم لحصيلة الصيد وعرضوا كميات كبيرة مما اصطادوه من أسماك السردين. ولأن صيد الأسماك صناعة تتمتع بقدر كبير من المنافسة في القطاع يأمل الصيادون أن يفتح المجال أمامهم للصيد في أعالي البحار.

وقال رائد بكر أحد أفراد أكبر العائلات العاملة في صيد الأسماك في غزة "نرجو أن يفتحوا البحر أكثر. ونأمل أن تكون هذه آخر حرب في غزة." وفي حي الشجاعية بشرق غزة الذي دمره القصف المدفعي خلال الحرب عادت العائلات إلى الحطام الذي تبقى من منازلها فنصبت خياما للإقامة فيها وبدأت تبحث عن سبل إعادة توصيل المياه والكهرباء. وقالت أم محمد الحلو وهي تغالب دموعها وهي تحكي كيف راح عشرة من أفراد أسرتها ضحية القصف الإسرائيلي "البيت دمر وكثير من أفراد العائلة قتلوا."

وإذا استمر صمود وقف إطلاق النار فالهدف التالي هو التعجيل بادخال مواد الاغاثة والاعمار إلى القطاع عن طريق المعابر الحدودية مع مصر وإسرائيل. وقدر مسؤولون بالأمم المتحدة كلفة إعادة البناء بما يصل إلى عشرة مليارات دولار وربما يتجاوز ذلك. وبمقتضى اتفاق وقف إطلاق النار وافقت إسرائيل ومصر على التخفيف من حدة الحصار المفروض على غزة والسماح بدخول السلع المدنية. بحسب رويترز.

ومن المتوقع أن تتسلم السلطة الفلسطينية إدارة المعابر الحدودية من حركة حماس. وقال بيير كراهينبول رئيس وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطيين التي تتولى سد احتياجات أكثر من مليون شخص في غزة إن وقف إطلاق النار ليس كافيا في حد ذاته وإن من الضروري العمل على معالجة الأضرار النفسية والبدنية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 27/تشرين الأول/2014 - 2/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م