القارة السمراء .. بيئة خصبة لإرهابين أكثر أجراما واحترافا!

 

شبكة النبأ: يبدو ان ثاني اكبر قارات العالم (افريقيا)، من حيث المساحة وعدد السكان، باتت هي الاخرى مشغولة اليوم، بأفة التطرف والارهاب العابر للحدود، مع تنامي عدد التنظيمات الجهادية (بوكو حرام، انصار بيت المقدس، القاعدة، الدولة الاسلامية...الخ)، التي تحولت الى تهديد حقيقي لأمن واستقرار هذه القارة السمراء، خصوصا في شمال وغرب هذه القارة، التي تعاني، اضافة الى مشاكل تنامي العنف والارهاب، العديد من المشاكل الاقتصادية والتنموية، على الرغم من احتوائها على ثروات مادية وبشرية ضخمة، حولت انظار العديد من الدول الكبرى (الولايات المتحدة الامريكية، الاتحاد الاوربي، الصين) للتنافس الاقتصادي والسياسي، وحتى العسكري، لوضع موطئ قدم لها في القارة الغنية.

وجدد الاتحاد الإفريقي، مؤخرا، عزمه "على تخليص إفريقيا من آفة الإرهاب والتطرف العنيف"، واكد البيان الذي اصدره (مجلس السلم والأمن) التابع للاتحاد الإفريقي في ختام قمة الاتحاد حول التهديد الإرهابي بإفريقيا المنعقدة  في نيروبي، أن الاتحاد، عن "عميق انشغاله" إزاء تنامي آفة الإرهاب والتطرف العنيف بإفريقيا، وشدد على "استعجالية تجديد الجهود" من أجل التوصل إلى تسوية لأوضاع النزاع والأزمة بالقارة، خاصة في الصومال وليبيا وشمال مالي، داعيا الدول الأعضاء لاتخاذ التدابير اللازمة "كي لا تستعمل أراضيها معسكرا للتجنيد ومنع مواطنيها من المشاركة في أنشطة إرهابية في أجزاء أخرى من القارة أو خارجها"، إلى جانب محاربة "فعلية" للجريمة المنظمة العابرة للدول، كما اكدت دول (منها الاتحاد الاوربي والصين والولايات المتحدة الامريكية)، على ضرورة اتخاذ خطوات رادعة لانتشار المنظمات المتطرفة والفكر التكفيري، والتي تهدف من وراءها حماية مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية، بحسب محللين.

واشار مراقبون ان تطور الحركات الجهادية في افريقيا، وتوسعها الذي ادى الى تهديد العديد من الدول الافريقية المهمة مثل مصر وليبيا والجزائر ونيجيريا وغيرها، يعود لعدة عوامل:

1. الفراغ الامني الذي خلفته ثورات الربيع العربي عام 2011، والذي مكن تنظيمات رئيسية (كتنظيم القاعدة) من توسيع نشاطه في شمال افريقيا (خصوصا في مصر وليبيا)، بعد ان دعم العديد من الحركات المتطرفة.

2. وجود بيئة فكرية دينية متطرفة (عملت على تغذيتها العديد من الجامعات والخطباء والجمعيات الدينية التي كانت تمارس الترويج لأفكار الجهاد والتطرف، والتي اعترفت الدول الافريقية لاحقا، بوجوب التعامل معها بصورة جديدة ومنع نشرها لأفكار التطرف والتشدد الديني)، والتي سهلت الترويج لوجود الحركات الدينية المتشددة في افريقيا.

3. سيطرة ما يسمى (الدولة الاسلامية/ داعش) على مناطق واسعة في سوريا والعراق، واقامة ما يسمى بـ(دولة الخلافة) على حدود البلدين، شجع قيام حركات جهادية افريقية على اتباع نهج داعش، سيما وان هناك العديد من الاشارات على وجود تنسيق ودعم متبادل بين تنظيم داعش والعديد من الحركات التكفيرية في افريقيا، والتي لم يخفي بعضها على دعم داعش بصورة علانية.

4. الدعم الخارجي لبعض الحركات الجهادية من اجل تحقيق مصالح الدول المانحة لتلك الحركات، خصوصا وان افريقيا محل صراع وتنافس كبير بين العديد من الدول الكبرى والاقليمية، ولعل توضيح الرئيس المصري (السيسي)، حول الهجوم الاخير الذي أوقع عشرات القتلى من الجنود في شبه جزيرة سيناء مؤخرا، الذي اكد انه تم بدعم خارجي، يوضح مدى التنافس الكبير بين الدول على كسب الصراع داخل افريقيا. 

مصر

فقد قال رئيس وزراء مصر إن بلاده لا تنوي تقديم مساعدة عسكرية مباشرة للولايات المتحدة في حربها على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا حتى إن كان القصف الجوي الأمريكي غير كاف لهزيمة التنظيم، لكن إبراهيم محلب ترك الباب مفتوحا أمام إمكانية عمل عسكري مصري ضد التنظيم إذا هدد الدول العربية الخليجية الحليفة للقاهرة، وتعتبر مصر (التي لديها واحد من أكبر جيوش الشرق الأوسط ولديها خبرة كبيرة في محاربة التشدد) حليفا أساسيا للولايات المتحدة التي تقدم لمصر مليارات الدولارات مساعدات سنوية، وقال محلب إن مصر تعطي الأولوية لضمان الاستقرار في الداخل حيث يواجه المسؤولون الأمنيون إسلاميين متشددين ينشطون في شبه جزيرة سيناء ويعتبر المسؤولون المصريون المتشددين في ليبيا المجاورة تهديدا خطيرا.

وقال محلب إنه بالنسبة للجيش المصري فإن أهم شيء هو حدوده واستقرار بلاده وحماية بلاده، وتحدث رئيس الوزراء المصري بعد ساعات من انفجار قنبلة أسفر عن سبعة قتلى من مجندي وضباط الجيش في سيناء، وشبه جزيرة سيناء مركز لتمرد قتل مئات من رجال الأمن المصريين منذ إعلان الجيش عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين العام الماضي بعد احتجاجات حاشدة على حكمه، لكن محلب بدا مرنا في مسألة التدخل المصري إذا تعلق الأمر بأمن حليفي القاهرة المنتجين للنفط السعودية والإمارات العربية المتحدة، وقدمت الدولتان مليارات الدولارات مساعدات لمصر كما قدمتا لها منتجات نفطية بعد قيام الرئيس عبد الفتاح السيسي عندما كان قائدا للجيش بإعلان عزل مرسي في يوليو تموز 2013 ثم شنت بلاده أكبر حملة على الإسلاميين، وتعتبر السعودية والإمارات الإخوان المسلمين خطرا على استقرار الأنظمة الحاكمة فيهما وشكلتا محورا مع مصر ضد دول مثل قطر تساند الجماعة.

شدد محلب على أن مصر لا تريد التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، لكنه ذهب إلى القول إن أمن الخليج هو أمن مصر وإن أمن مصر هو أمن الخليج، وقال "الجيش المصري عمره ما تدخل في مصير شعوب، الجيش المصري هدفه حماية مصر (لكن) ايضا في حالة (إذا) جري أي تعدي على أي منطقة عربية الريس (الرئيس) قال هي مسافة السكة"، وسئل إن كانت بلاده ستتدخل إذا قالت لها السعودية والإمارات إن تنظيم الدولة الإسلامية يهدد أمنهما فقال "لكل مقام مقال، لا نسبق الأحداث"، وأضاف "أمن الخليج هو أمن مصر وأمن مصر هو أمن الخليج"، وتسعى الولايات المتحدة لمزيد من المساعدة في حربها على الدولة الإسلامية التي استولت على أجزاء واسعة من العراق وسوريا وهددت بإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، وقام وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بعدة زيارات لمصر في الشهور الماضية بأمل أن تغير رأيها، ولزم محلب الحذر عندما سئل إن كان يعتقد أن الولايات المتحدة سيتعين عليها تصعيد موقفها لما بعد الغارات الجوية لتهزم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، وذكر أنه من الضروري تحسين أداء الجيش العراقي الذي انهار تقريبا عندما اجتاحت الدولة الإسلامية شمال العراق في يونيو حزيران. بحسب رويترز.

وقال محلب "دعونا ننتظر لأن التدخل الجوي ووجود الجيش العراقي على الأرض بلا شك سيكون له تأثير إيجابي في محاصرة الإرهاب، طبعا الموقف صعب لأن الإرهاب اليوم أصبح تجارة منظمة جدا وصناعة متقدمة"، وأضاف "تدخل الولايات المتحدة اليوم بالطيران قد يكون في هذه المرحلة تدخلا هاما جدا مع تقوية الجيش العراقي ووجوده على الأرض يجب تقييم الموقف أولا بأول، لكن من المبكر جدا أن نحكم على ما يحدث على الساحة"، وأبدى محلب قلقا كبيرا بشأن مقاتلي الدولة الإسلامية الذين يحملون جوازات سفر غربية ويمكنهم بالتالي تجنب التتبع في المطارات، وقال إن هناك اليوم أشخاصا في الدولة الإسلامية من أوروبا وإن هذا هو أكبر تحد، وأضاف أن مصر قالت إنه يجب محاربة الإرهاب على مستوى العالم وإن كثيرين يفهمون الآن هذه الرسالة.

وكان السيسي قد حذر من أن مقاتلي الدولة الإسلامية خطر على العالم، وأبدى قلقا خاصا من المتشددين الذين ينتعشون وسط الفوضى التي تلت عهد القذافي في ليبيا، ويقول المسؤولون الأمنيون إن هؤلاء المتشددين اقاموا صلات مع متشددي سيناء التابعين لجماعة أنصار بيت المقدس، وقال قائد في جماعة أنصار بيت المقدس إن جماعته تتبع توجيهات الدولة الإسلامية لها، وتدرب مصر على أراضيها قوات ليبية مناهضة للإسلاميين وتقدم لها معلومات مخابراتية لسحق التشدد القريب منها، ويقول مسؤولون أمنيون إن طيارين ليبيين يقودون طائرات حربية مصرية قصفوا أهدافا للمتشددين في ليبيا في الآونة الأخيرة رغم أن المسؤولين المصريين يقولون إن سياستها تقوم على عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى.

وقال محلب إن بلاده تفضل عدم التدخل في شؤون ليبيا الداخلية لكنها تدعم كلا من الشعب والحكومة في ليبيا وتحمي أيضا حدودها مع ليبيا التي تزيد على ألف كيلومتر، وأضاف أن هذا يمنح المسؤولين المصريين والجيش المصري هدفا واحدا هو حماية الحدود المصرية، وربما يكون الأكثر مدعاة لقلق مصر أن أعضاء في الدولة الإسلامية تسللوا إلى مصر، وقال مسؤولون أمنيون إن 13 عضوا في التنظيم (مصريين وعراقيين وسوريين) ألقي القبض عليهم في الأسابيع الماضية، وقال محلب إنه من المحتمل أن البعض تسللوا إلى مصر لكن مصر تحمي حدودها مضيفا أن القوانين المصرية تواجه الحركات الإرهابية بقوة، وتابع أن قوات الأمن حاضرة، وأضاف أنه ربما يكون هناك اختراق لكن هذا ليس له أثر على أمن مصر، ووصف الأمن المصري بالمستقر، وقال إنه لدى مقارنة اليوم بعام مضى نجد أن "البلد بتستقر والإرهاب بيندحر".

وخفت التفجيرات لكن العنف في المنطقة عقد الأمر بالنسبة للسلطات في مصر التي حاربت الإسلاميين عشرات السنين لكنها أنجبت عددا من أخطر المتشددين بينهم زعيم القاعدة أيمن الظواهري وهو طبيب سابق، وقال محلب "الإرهاب ليس له حدود (وإنما) حدوده العالم كله"، واضاف أنه عندما تجابه مصر إرهابا فيها فإنها لا بد أن تتابع ما يجري في المنطقة كلها، وأضاف أن مصر تتابع ما يجري في ليبيا وسوريا واليمن وما يجري في العراق، ووضع محلب الإخوان المسلمين في صف أنصار بيت المقدس والجماعات الأخرى التي نفذت هجمات على قوات الأمن والمسؤولين وهو ما تنفيه الجماعة بشدة، وقتلت قوات الأمن نحو ألف من أعضاء ومؤيدي جماعة الإخوان المسلمين وألقت القبض على آلاف منهم بعد عزل مرسي وأدانت ذلك منظمات حقوقية كما تسبب في تصدع العلاقات مع تركيا وقطر، وسئل محلب عما إذا كانت مصر تعتبر هذين البلدين خطرا أمنيا عليها فقال "كل من يعمل ضد مصر فهو خاسر".

وأصدرت جماعة أنصار بيت المقدس فيديو يظهر متشددين يقطعون رؤوس ثلاثة مصريين اتهموهم بأنهم مخبرون لصالح المخابرات الإسرائيلية، واتهمت الجماعة في فيديو وضع على موقع يوتيوب الحكومة المصرية بالتعاون مع الإسرائيليين في مهاجمة مقاتليها في سيناء وتعهدت باصطياد المخبرين المحليين الذين تعتمد عليهم الحكومة المصرية، وقال متحدث باسم الجماعة في الفيديو "هاهم أبناؤكم مستمرون في حصد جواسيس اليهود"،  وتظهر اللقطات الرجال الثلاثة يعترفون قبل أن يقطع رجال ملثمون رؤوسهم، وبعدها وضعت رؤوسهم على ظهورهم، وظهر رجل رابع يعترف بأنه مخبر للجيش المصري ثم يتم أرداؤه قتيلا.

وأعمال القتل هذه مشابهة للصور التي وضعها تنظيم الدولة الإسلامية على الإنترنت، وسيطر التنظيم على مساحات كبيرة من العراق وسوريا، وتضمنت لقطات أنصار بيت المقدس كلمة لمتحدث باسم الدولة الإسلامية، وهو ما يفيد أن المتشددين المصريين يزداد تأثرهم بتنظيم الدولة الإسلامية المنبثق عن القاعدة فيما يتعلق بالإعدامات وقطع الرؤوس، واستقطبت جماعة الدولة الإسلامية أتباعا لها من الإسلاميين المصريين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتقدر مصادر أمنية مصرية عدد الإسلاميين المصريين الذين يقاتلون في الخارج مع جماعات متشددة مثل الدولة الإسلامية والقاعدة بثمانية آلاف رجل، وتشكل جماعة أنصار بيت المقدس تهديدا أمنيا كبيرا للحكومة، فقتلت العشرات من رجال الشرطة والجيش في شبه جزيرة سيناء التي تحدها إسرائيل وقطاع غزة وقناة السويس.

وعلى الرغم من أنه ليس من المعتقد أن متشددي سيناء منتمون للدولة الإسلامية إلا أن قياديا في الجماعة قال الشهر الماضي إن الدولة الإسلامية أبدت لهم النصح بكيفية التحرك بفاعلية أكبر، وقالت جماعة أنصار بيت المقدس في أغسطس آب إنها قطعت رؤوس أربعة مصريين لأنهم قدموا معلومات مخابرات لإسرائيل مهدت لضربات جوية أسفرت عن مقتل ثلاثة من مقاتليها، ووضعت على موقع تويتر لقطات لقتلهم، وفي الشهر الماضي قال سكان في سيناء إنهم عثروا على جثة مقطوعة الرأس وعليها ورقة كتبت فيها الجماعة إنها تتهم الضحية بأنه جاسوس لإسرائيل.

الجزائر

الى ذلك وعندما ذبحت مجموعة مغمورة من المتشددين الجزائريين سائحا فرنسا لم تكن تنتقم من الغرب فحسب بل كانت تؤكد وجودها على خريطة القوى الجهادية التي تتغير معالمها، فقد كان مقتل ايرفيه جورديل بأيدي "جند الخلافة" في ظاهره لمعاقبة فرنسا على المشاركة في الضربات الجوية الغربية لقوات الدولة الاسلامية في العراق لكنه كان أيضا شهادة على نفوذ الجماعة التي خرجت من عباءة تنظيم القاعدة في معركة كسب ولاء الجهاديين، وقبل أسبوع من خطف جورديل انفصل عبد المالك قوري القائد الجزائري لجند الخلافة المعروف بخالد أبو سليمان بجناح القاعدة في شمال أفريقيا معلنا دعم الدولة الاسلامية التي سرقت الأضواء من القاعدة بما حققته من نجاح في ساحة القتال وإعلانها دولة الخلافة في الأراضي التي استولت عليها في العراق وسوريا.

وأعلنت جماعة جند الخلافة أنه يبدو أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي سلك طريقا خطأ وأنه لم يعد باستطاعتها اتباعه، وبإعدام مواطن غربي تحت "الدرع الجديد" للدولة الاسلامية كان قوري يتحدى قيادة تنظيم القاعدة بزعامة أيمن الظواهري وبصفة خاصة زعيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عبد المالك دروكدال سعيا لجذب مجندين وكسب التأييد، وقال المحلل الأمني الجزائري خليفة الركيبي "كانت تلك رسالة إلى دروكدال مفادها أن مجال نفوذك وعملياتك سيصبح لنا من الان"، وأصدر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بيانا دعا فيه إلى إنهاء الانقسامات لكن نفوذه كان قد ضعف بالفعل على يدي المتشدد المخضرم مختار بلمختار وجماعته المنشقة "الموقعون بالدم" التي هاجمت في العام الماضي مجمع إن أميناس الجزائري للغاز في عملية سقط فيها 39 أجنبيا قتلى.

وقال محلل جزائري أمني آخر "أبو سليمان قائد معروف لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، وأراد أن يتبع خطى بلمختار لتأسيس جماعة مسلحة خاصة به، وتقول مصادر إنه تصادم مع دروكدال حول كيفية مواصلة الكفاح"، ولم يعلن بلمختار الجزائري الذي خاض معارك جهادية في أفغانستان ويعتقد محللون أمنيون أنه يختبئ في جنوب ليبيا موقفه حتى الان من صعود نجم الدولة الاسلامية، أما قوري الرئيس السابق للمنطقة الوسطى في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي فقد بدأ يتجه للتشدد في التسعينات في الحرب التي أعقبت إلغاء انتخابات كان في حكم المؤكد فيما يبدو أن يفوز فيها حزب اسلامي، وكان قوري عضوا في الجماعة الاسلامية المسلحة الأكثر تطرفا بين الجماعات الاسلامية التي ظهرت لمحاربة الدولة التي يهيمن الجيش على شؤونها. بحسب رويترز.

واشتهرت الجماعة الاسلامية المسلحة بمهاجمة المدنيين إذ اعتبرتهم متواطئين مع الحكومة واعتبرت مسؤولة عن مذابح مثل مذبحة قرية سيدي يوسف التي هاجمها 50 رجلا على الاقل مسلحين بالسكاكين والسيوف وأخرجوا الناس من بيوتهم إلى الشوارع وذبحوهم، غير أنه رغم هذا التاريخ في الجماعة الاسلامية فلا يعرف الكثير عن قوري أو عدد أتباعه أو قدرة جند الخلافة التابعين له على شن حملة متواصلة، ويقول خبراء أمنيون إن الجماعة قد يتراوح عددها بين 15 و20 من القوة الأساسية لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي لم يتح لهم الوقت الكافي لصياغة استراتيجية ويتطلعون للاستفادة من صعود الدولة الاسلامية، ويشير خطف جورديل بعد يومين فحسب من وصوله إلى الجزائر للقيام برحلة في المنطقة الجبلية وكذلك سرعة نشر لقطات فيديو ضعيفة الجودة وما أعقب ذلك من إعدامه إلى أن رجال قوري اضطروا للتصرف على وجه السرعة.

ومع اشتراك طائرات هليكوبتر وقوات جزائرية في البحث عن جورديل فيما شبهه أحد السكان المحليين بأنه "غزو عسكري" أدرك جند الخلافة أن الوقت المتاح لهم ضيق، وقال جيف بورتر محلل الشؤون الأمنية لشمال أفريقيا والباحث بمركز مكافحة الارهاب في أكاديمية وست بوينت العسكرية الأمريكية إن ضعف "جودة الفيديو ورمزيته المثيرة للغثيان يشيران فيما يبدو إلى أنها لفتة متعجلة للاسلام الجهادي"، وأضاف "سيكون من المهم مراقبة تطور جودة البيانات المستقبلية واستخدام الجماعة للصور من أجل قياس مدى تطورها"، ولسنوات اختبأ رجال من أمثال قوري في جبال شرق الجزائر التي تكسوها الغابات ويصعب الوصول إليها وعرفت خلال سنوات الدم التي كانت الجماعة الاسلامية المسلحة مسؤولة عنها في التسعينات بمثلث الموت رافضين عروض العفو الحكومية ويعيشون على خطف رجال الأعمال وطلب فدية.

غير أنه سيكون من الصعب للغاية على جماعة منشقة صغيرة إحياء حملة جهادية ذات بال في الجزائر في ضوء الخبرة الكبيرة التي اكتسبها الجيش في محاربة التطرف الاسلامي، ومن العوامل المعاكسة لها ايضا تاريخ من الاقتتال الداخلي بين الجماعات الجهادية في الجزائر مما سمح لقوات الأمن باختراق صفوفها وتفكيكها، وربما يكون ذلك مبعث ارتياح طفيف للحكومات في دول شمال افريقيا وفي أماكن أخرى اثار قلقها تصاعد التطرف الاسلامي، لكن إقدام جند الخلافة على ذبح المواطن الفرنسي قد يدفع جماعة القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي للسعي من أجل اثبات النفوذ بشن هجمات من جانبها، وقال الركيبي "سيزداد التنافس بين المنظمتين".

ومع صعود نجم الدولة الاسلامية على حساب القاعدة في شمال افريقيا (وهو ما أصبح بالفعل دافعا رئيسيا لسفر مقاتلين جهاديين إلى سوريا والعراق) فإن ما فعلته جماعة جند الخلافة يمكن أن يعزز أكثر عمليات تجنيد أفراد جدد، وتخوض تونس المجاورة بالفعل قتالا ضد جماعة أنصار الشريعة ومتشددين اسلاميين آخرين يتحصنون في جبال الشعانبي على الحدود مع الجزائر، وشهدت تونس والجزائر عدة هجمات للمتشددين على قوات الأمن في البلدين، وقال مسؤول أمني تونسي "نعرف انه بعد التدخل الأمريكي يمكن أن نواجه المزيد من عمليات الخطف وربما محاولات تستهدف السفارات، الارهابيون سيحاولون منح أتباعهم روحا جديدة ويحاولون شن هجمات مؤثرة".

المغرب

فيما قالت وزارة الداخلية المغربية، ان الخلية الارهابية التي تم تفكيكها شمال المغرب، وتسمي نفسها "أنصار الدولة الاسلامية في المغرب الاقصى"، التحقت بجماعة "جند الخلافة" الجزائرية التي أعلنت مسؤوليتها عن قتل مواطن فرنسي، وخطف الدليل السياحي الفرنسي ايرفيه غورديل (55 سنة) في 21 ايلول/سبتمبر على مسافة مئة كلم شرق العاصمة الجزائرية وتبنت مجموعة "جند الخلافة" من خلال شريط فيديو، اغتيال الفرنسي، معتبرة قتله ردا على مشاركة فرنسا في الحملة الجوية الاميركية على تنظيم "الدولة الاسلامية" في العراق، وأعلنت كل من السلطات المغربية والاسبانية عن تفكيك هذه الخلية في كل من مدينة الناضور (شمال شرقي)، ومدينة مليلة الاسبانية المحاذية للناظور.

وبحسب الداخلية المغربية فإن "أعضاء الخلية الارهابية التي كانت تنشط بكل من الناظور ومليلية، قرروا الالتحاق بجند الخلافة الموالي لتنظيم الدولة الاسلامية، بعد تبنيه إعدام الرهينة الفرنسي هرفي غوردل كرد فعل ازاء انضمام فرنسا للتحالف السالف الذكر"، ويأتي هذا الالتحاق بالتنظيم الاسلامي الجزائري حسب الداخلية المغربية "غداة تكثيف الضربات الجوية لقوات التحالف بالمنطقة السورية العراقية، وما رافق ذلك من قيود أمنية حول المتطوعين" للقتال مع الجماعات الاسلامية المتطرفة، وبحسب المصدر نفسه فإن أعضاء هذه الخلية "كانوا يعتزمون نقل تجربة الدولة الاسلامية وذلك بإشاعة جو من الرعب والهلع داخل المملكة كما يبدو ذلك جليا من خلال تداولهم لصور فظيعة لجثث جنود سوريين وعراقيين مشنع بها من طرف مقاتلي هذا التنظيم الارهابي". بحسب فرانس برس.

وتبنت الحكومة المغربية مشروع قانون جديدا يهدف الى استكمال التشريعات المتعلقة بمحاربة الإرهاب، وخصوصا مع تزايد عدد المغاربة الذين يقاتلون الى جانب تنظيم "الدولة الإسلامية"، وهناك مجموعتان من المغاربة الذين انضموا الى التنظيمات الاسلامية المتطرفة، "واحدة تضم 1122 شخصا توجهوا مباشرة من المغرب، والثانية تضم بين 1500 الى 2000 يقيمون في الدول الاوروبية"، وتؤكد مصادر رسمية "مقتل 200 اسلامي متطرف مغربي في العراق على الجبهة"، في حين تم توقيف أكثر من 200 آخرين فور عودتهم من تلك المناطق، ويخضعون للتحقيق، وتتخوف الرباط بشدة من عودة هؤلاء الأشخاص المدربين على القتال من أجل ارتكاب أعمل ارهابية، خصوصا بعد ان توعد بعضهم مسؤولين مغاربة.

مالي

من جهة اخرى وحسب مصدر أمني، قام متشددون يشتبه في صلتهم بتنظيم القاعدة في شمال مالي بقطع رأس رهينة من الطوارق، وذلك على خلفية اتهامه بالتجسس لحساب القوات الفرنسية في المنطقة، وقال سكان قرية زويرا في مالي، وتبعد 80 كيلومترا شمالي تمبكتو، إنهم عثروا على رأس الرجل في حين أفرج عن أربعة آخرين من الطوارق اختطفوا معه، وذكرت أسرة الرجل أنهم عثروا على جثته دون الإفصاح عن تفاصيل، وكان شهود ذكروا أن مجموعة من المسلحين اختطفت مجموعة من الطوارق، وقال المصدر الأمني الذي طلب عدم نشر اسمه أنه يعتقد أن الخاطفين من تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، وأضاف أنه يعتقد أن الطوارق عملاء للقوات الفرنسية، وقوامها نحو ثلاثة آلاف جندي ومكلفة بمكافحة الإرهاب في مالي والدول المجاورة، ونشرت فرنسا قوات برية وجوية في مالي العام الماضي لطرد تحالف لجماعات إسلامية حليفة للقاعدة سيطرت على شمال مالي.

فيما اعلن اسلامي متطرف قريب من حركة الوحدة والجهاد في غرب افريقيا، احدى المجموعات التي سيطرت لفترة على شمال مالي، مسؤوليته عن الهجوم الذي اوقع تسعة قتلى من عناصر قوة الامم المتحدة في هذا البلد، واستهدف الهجوم قافلة تابعة للوحدة النيجيرية في بعثة الامم المتحدة في مالي في بلدة من منطقة غاو (شمال شرق) ما ادى الى مقتل تسعة من عناصرها، وافادت القوة الدولية عن حصيلة موقتة من تسعة قتلى مؤكدة انه "الهجوم الاكثر دموية" الذي يستهدف القوة منذ انتشارها في تموز/يوليو 2013، بدون كشف اي تفاصيل حول المهاجمين. بحسب رويترز.

وقال سلطان ولد بادي الاسلامي المالي المعروف بارتباطه بحركة الوحدة والجهاد "باسم جميع المجاهدين، هاجمنا جنود الحكومة (النيجيرية) التي تعمل مع اعداء الاسلام، وبفضل الله قتل تسعة عسكريين نيجيريين"، وقال ان "ثلاث مجموعات من المجاهدين كانت على الارض"، وحذر بانه "اذا لم يغادر الاعداء ارض الاسلام فلن يعرفوا السلام يوما"، وسبق ان تبنى سلطان ولد بادي عمليات اخرى في شمال مالي "باسم جميع الاسلاميين" في هذه المنطقة، وكان ضابط نيجيري من قوة الامم المتحدة افاد ان الهجوم كان "كمينا نصبه اسلاميو حركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا"، وافاد مسؤول عسكري ان قوات مالي وبعثة الامم المتحدة كثفت وجودها على الارض وهي تبحث عن منفذي الهجوم، وحركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا الموالية لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي كانت من المجموعات التي سيطرت على شمال مالي طيلة سنة تقريبا في 2012 و2013 قبل ان تدحر جزئيا اثر تدخل عسكري دولي في كانون الثاني/يناير 2013، غير انها لا تزال ناشطة في هذه المناطق حيث تنفذ هجمات منتظمة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 26/تشرين الأول/2014 - 1/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م