الحكومة السرية التي تحكم العالم

عدنان العلي الحسن

 

حكومة السرية ليس لها دستور، والقوانين التي تتبعها هي القوانين التي تصنعها.. هكذا قال أهل السياسة والخبرة قديمًا وحديثا.

والبعض يرفض فكرة وجود المنظمات السرية التي تسيطر على العالم من وراء الستار ويرفضون بالتالي فكرة أو نظرية المؤامرة ويشككون فيها. إلا أن الواقع المعاصر والحاضر يرفض أفكار هؤلاء ويؤكد وجود منظمات سرية قديمة وحديثة تحكم العالم وأن هناك مؤامرة على البشرية جمعاء من قبل اليهود أو الصهاينة الماسون.

والأيدي الخفية التي تحكم العالم بالسر تسعى إلى هدف واحد وإن تعددت أسماؤها عبر السنين..

ولعلنا قد وصلنا في زماننا هذا إلى الهدف وهو الإعلان عن دولة القطب الواحد والحكومة العالمية التي يترأسها الرجل الذي ينكر البعض وجوده.

لقد حذر الكثيرون على اختلاف مذاهبهم ودياناتهم من هذه الحكومة الخفية أو السرية وصدرت العديد من المؤلفات تحمل هذا العنوان، الحكومة الخفية، ومن أشهرها كتاب الحكومة الخفية للمؤلفين ديفيد وايز وتوماس ب. روس في أوائل الستينيات وحاولت المخابرات الأمريكية المركزية أن تطمس عليه وتحد من انتشاره، وأيضاً كتاب حكومة اليد الخفية أو حكومة العالم الخفية لسبيروفش الذي لقى مصرعه جراء كتابه هذا على أيدي الماسونية العالمية.

ولاشك أن اكتشاف المنظمات السرية السياسية والاقتصادية لا يأتي إلا بعد انتهاء دورها أو وقوع بعض أوراقها في أيدي بعض المغامرين الذين يغامرون بنشرها.

مجلس العلاقات الخارجية:

بدأ المجلس نشاطه بفعالية عقب الانتهاء من الحرب العالمية الأولى، في نيويورك حيث اجتمع مستشار الرئيس الأمريكي ويلسون ومعه حوالي مائة من رجال السياسة والاقتصاد البارزين لمناقشة أحوال العالم بعد الحرب.

وتم وضع النقاط الأربع والعشرين الشهيرة للرئيس ويلسون محل المناقشة والتنفيذ.

وكانت دعواهم دعوة العالم إلى العولمة وتشكيل مؤسسة عامة للأمم.

وتم إنشاء مجلس الشئون الدولية بفرع واحد في الولايات المتحدة الأمريكية وفرع آخر في بريطانيا ثم تسمى المجلس الملكي للشؤون الدولية: Royal lnstitute of lnternational Affairs

وكانت مهمة هذا المعهد توجيه الرأي العام العالمي باتجاه قبول فكرة حكومة عالم أوحد أو العولمة.

ثم دمج فرع الولايات المتحدة في عام 1921م وأصبح اسمه مجلس العلاقات الخارجية: Council on foreign relations

وقد نص القانون الداخلي للمجلس على أن أي شخص يكشف تفاصيل تتعلق باجتماعات المجلس بشكل ينتهك ويكشف قواعده لسوف يسقط عضويته ولهذا وصف المجلس بأنه منظمة سرية.

وهكذا نرى مدى خطورة هذا المجلس وقوته وأنه لعب دورًا رئيسيا في السياسة الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الآن، وقد نجح في تحقيق أهدافه وفرض العولمة على أكثر دول العالم مؤخرًا.

ومن أهم أعمال المجلس اختيار رئيس الولايات المتحدة واحتكار سوق النفط والمال وذلك بغرض تحقيق الهدف الأسمى وهو السيطرة على العالم..

في كتاب كسينجر على الأريكة شرح الأدميرال وارد وفيليس سكالفلي الأمر فقالا: ((عندما يقرر الأعضاء القادة في المجلس أن على الولايات المتحدة أن تتبنى سياسة معينة، فإن جميع تسهيلات البحوث الجوهرية للمجلس توضع موضع العمل بتطوير جدل فكري وعاطفي، لدعم الخطة أو السياسة الجديدة، ولتواجه بشكل فكري وسياسي وتبطل مصداقية أية معارضة ويمثل المجلس صحيفة Foreign Affairs أي العلاقات الخارجية)).

وقد شارك آل روكفلر آل مورغان السيطرة على مجلس العلاقات الخارجية وهذا أمر طبيعي وعادي للغاية.

ومن أمثلة تلك السيطرة أنه في أوائل السبعينيات عندما صعد على رؤوس المرشحين للجنة الترشيح ومنح رئاسة تحرير صحيفة العلاقات الخارجية وليام مندى وهو مسؤول سابق في المخابرات الأمريكية المركزية وهو مرشح آل روكفلر، والجدير بالذكر أن كل مدير للمخابرات المركزية الأمريكية منذ دوليس كان عضواً في مجلس العلاقات الخارجية أمثال جورج بوش الأب ويليام كولبي ووليام كيس وغيرهم.. حتى قالوا: ((إن وكالة المخابرات الأمريكية المركزية في الطبقة تخدم كقوة أمن ليس فقط من أجل أمريكا ولكن لأجل الأصدقاء والأقارب وإخوة الأخوة لمجلس العلاقات الخارجية)).

ومن أمثلة سيطرة المجلس على الحكومة الأمريكية بروز نجم هنري كيسنجر في عام 1955م، وكان كيسنجر مجرد أكاديمي غير معروف، ولكن بمساعدة نيلسون روكفلر صار نجم كيسنجر عاليًا في الأفق، ومن خلال مجلس العلاقات الخارجية حصل كيسنجر على تمويل إمكانية الدخول على المسؤولين في الطاقة الذرية والفروع العسكرية والاستخبارات المركزية الأمريكية ثم وزيرا لخارجية أمريكا.

وتم تعيين أعضاء مجلس العلاقات الخارجية كسفراء في بلاد العالم العظمى ويوجد حالياً أكثر من 12 عضوا في المجلس التشريعي ومجلس الشيوخ الأمريكي من مجلس العلاقات الخارجية.

وقد رأس ديفيد روكفلر مجلس العلاقات الخارجية، وقد أنشأ منظمة الهيئة الثلاثية لصرف انتباه الناس عن نشاطات المجلس وجعل هذه المنظمة أكثر شعبية، وكل من الهيئة والمجلس مثال مصغر للمنظمات الخفية التي تقود سياسية الجماهير نحو أهداف الفكر التوراتي الصهيوني.. وقد قام بيرزينسكي بدور مؤسس في إنشاء الهيئة الثلاثية، فهو الذي أوحى بالفكرة إلى روكفلر وكتب في جريدة مجلس العلاقات الخارجية يقول: ((ثمة حاجة إلى وسيلة جديدة أكثر اتساعًا وهي خلق مجتمع من الأمم المتطورة التي يمكنها أن تقدم نفسها بشكل فعال على المشاكل والاهتمامات الأكبر التي تواجه الجنس البشري وأن مجلسًا يمثل الولايات المتحدة وأوربا الغربية واليابان بالإضافة إلى القيام بلقاءات منتظمة من قبل رؤساء الحكومات مع استخدام بعض الوسائل وتسيير بعض الأمور المتوقفة يمكن أن يشكل بداية جديدة)). ثم يتعرضون للموت في النهاية.

وهناك منظمات سرية، تعلن عن نفسها وأعمالها الظاهرة تخالف أهدافها الباطنة مثل الماسونية الحرة والهيئة الثلاثية ومجلس العلاقات الخارجية، ولذلك ينضم إليها شخصيات عامة وسياسية دون خوف أو خجل فالرئيس بوش عضو في منظمة الهيئة الثلاثية وعضو في منظمة الجمجمة والعظام.

وإدارة الرئيس كارتر كانت مليئة بأعضاء في الهيئة الثلاثية، وكذلك أعضاء إدارة الرئيس كلينتون.

فقد كتب الناشر جون إف. ماكانوس قائلاً: ((يعلم بيل كلينتون جيداً بأنه يخدم الرئيس، لأن أعضاء المنظمة السرية التي ينتمي إليها قد اختاروه، ويتوقعون منه أن ينفذ خططها.))

وهكذا ساهمت الهيئة الثلاثية بشكل فعال في إيجاد مفهوم العالم الواحد العولمة منذ مطلع القرن العشرين.

إلا أن فكرة وجود عالم واحد تحت قيادة موحدة يرجع إلى قرون عديدة قبل القرن العشرين لكن الخطوات الجادة بدأت منذ نشأة الولايات المتحدة الأمريكية تحديدًا.

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 23/تشرين الأول/2014 - 28/ذو الحجة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م