وباء ايبولا.. هل سيعزل افريقا عن العالم؟

 

شبكة النبأ: يعيش العالم اليوم في قلق متزايد ومخاوف كبيرة، جراء الانتشار المضطرد لفيروس ايبولا، والذي عده الخبراء في مجال الصحة أخطر وباء عرفه العالم منذ ظهور الايدز في مطلع الثمانينات.

حيث تفشى هذا الوباء الخطير وبحسب تقارير منظمة الصحة العالمية في العديد من الدول ومنها غينيا وليبيريا وسيراليون و نيجيريا والسنغال جمهورية الكونغو هذا بالإضافة الى اسبانيا والولايات المتحدة، وأودى بحياة 4555 شخصا من بين 9216 حالة إصابة مسجلة بحسب آخر حصيلة نشرتها منظمة الصحة العالمية، وليبيريا هي البلد الاكثر تعرضا للوباء مع 4262 إصابة و2484 وفاة. وفي 14 تشرين الاول/اكتوبر سجلت 3410 اصابات و1200 وفاة تم إحصاؤها في سيراليون و862 وفاة من 1519 إصابة في غينيا حيث انطلق الوباء.

وهو ما دفع العديد من الدول الى اتخاذ إجراءات مشددة لمنع وصول هذا الوباء المميت الى اراضيها خصوصا مع عدم وجود علاج خاص. حيث فرضت بعض الدول الأوربية إجراءات مشددة في المطارات تجاه المسافرين القادمين من دول غرب إفريقيا، بينما تدرس الولايات المتحدة اغلاق حدودها تماما إمامهم. وكان الرئيس الامريكي الغي زيارة عمل خارج واشنطن ليترأس اجتماعا طارئا للحكومة بشأن الإجراءات المطلوبة في مواجهة ذلك الوباء.

وتأثر عالم الرياضة ايضا بهذا الوباء اذ طلبت الحكومة المغربية تأجيل تنظيم كأس الامم الافريقية لكرة القدم التي يستضيفها مطلع 2015 بسبب وباء ايبولا، حسب ما ذكر مصدر في الحكومة المغربية. ومن المقرر ان يستضيف المغرب البطولة الافريقية من 17 كانون الثاني/يناير الى 8 شباط/فبراير. واعلن الامين العام المساعد للامم المتحدة جان الياسون انه لم يتم حتى الان تلقي اكثر من 25% من الاموال المطلوبة لمكافحة ايبولا استجابة لنداء الامم المتحدة لجمع مليار دولار.

واشار الى حاجة ماسة للطاقم الطبي المؤهل للمساعدة في مكافحة المرض في الدول الاكثر معاناة وهي ليبيريا وسيراليون وغينيا. وقال "يمكننا ان نتغلب على ايبولا اذا عملنا كلنا معا"، داعيا كذلك الى تحسين النظام الصحي في الدول المصابة "لان كثيرين يموتون جراء امراض اخرى" غير ايبولا او لا يحصلون على الرعاية الاساسية.

مكافحة الوباء

وفي هذا الشأن أعلنت منظمة الصحة العالمية انها تتخوف من تسجيل ما بين 5 و10 الاف اصابة اسبوعيا بفيروس ايبولا في البلدان الثلاثة الاكثر اصابة في غرب افريقيا، ابتداء من كانون الاول/ديسمبر، قبل اجتماع لمجلس الامن الدولي لبحث مكافحة الوباء. واعلنت المنظمة ان الوفيات بالحمى النزفية باتت تتجاوز 4500 وفاة معظمها في ليبيريا وسيراليون وغينيا، في حين قال بروس ايلوارد مساعد المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية ان نسبة الوفيات بين المصابين بالحمى النزفية الناجمة عن ايبولا في الدول الثلاث الاكثر اصابة قد تصل الى 70%.

وقدم المسؤول حصيلة جديدة للوباء الذي قال انه ادى الى اصابة 9216 شخصا منذ ظهوره بداية 2014 في سبعة بلدان. وبلغت الوفيات 4555. وقال ايلوارد "الوباء يواصل تقدمه في غرب افريقيا. قد نسجل ما بين خمسة الاف وعشرة الاف اصابة جديدة اسبوعيا في بداية كانون الاول/ديسمبر"، مشيرا الى انه يتم الان تسجيل الف اصابة جديدة في الاسبوع.

وقال ان عدد الاصابات يرتفع بصورة مضطردة في عواصم هذه الدول، مونروفيا وكوناكري وفريتاون، وان العدد الحقيقي يقدر باكثر بمرة ونصف مما يتم تسجيله رسميا في غينيا، واكثر بمرتين في سيراليون، وبمرتين ونصف في ليبيريا. وحددت الامم المتحدة انه من اجل وقف تفشي الوباء ينبغي ان يتم بحلول الاول من كانون الاول/ديسمبر دفن 70% من الجثث بصورة آمنة وعزل 70% من الحالات المشتبه بها. وقال بروس ايلوارد "هذا هدف طموح. الانتشار الجغرافي للوباء يشكل تحديا هائلا".

وقالت منظمة الصحة العالمية في بيان في جنيف انها قد تعلن اندثار موجة ايبولا في السنغال ثم في نيجيريا يوم 20 تشرين الاول/اكتوبر اذا لم يتم تسجيل اي اصابة جديدة في هذين البلدين حتى ذلك الوقت. وقالت المنظمة انه يمكن القول انه لم يعد هناك انتقال لعدوى ايبولا في بلد ما بعد 42 يوما من اخر اصابة. ويجتمع مجلس الامن الدولي في نيويورك لبحث سبل مواجهة اخطر موجة من الوباء منذ اكتشافه في 1976.

وشدد الرئيس الاميركي باراك اوباما والامين العام للامم المتحدة بان كي خلال محادثة هاتفية على ضرورة ان "تبرهن الاسرة الدولية على المزيد من التصميم والالتزام للتصدي بحزم لهذه الازمة"، وفق البيت الابيض. وتحادث الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند كذلك مع اوباما ودعا الى "زيادة التعبئة" قبل اجتماع وزراء الصحة في الاتحاد الاوروبي في بروكسل للاتفاق على تعزيز اجراءات المراقبة على الحدود وتنسيق جهود الوقاية.

وبدأت بريطانيا وحدها بمراقبة المسافرين القادمين في المطارات ومحطات القطار كما فعلت الولايات المتحدة وكندا. وسيتم استجواب الركاب القادمين من البلدان الاكثر اصابة بالفيروس، كما سيتم قياس حرارة المسافرين في مطار هيثرو. وتعتزم فرنسا تطبيق اجراءات مماثلة للرحلات القادمة من غينيا. وفي الولايات المتحدة، تبين ان خمسة ركاب تم اخراجهم من طائرة قادمة من دبي في مطار لوغان في بوسطن لانهم اشتكوا من اعراض الرشح ليسوا مصابين بايبولا، كما اكد مسؤولون صحيون في ولاية ماساتشوستس.

واكد المسؤولون ان الركاب لا يعانون من ايبولا ولا من الالتهاب التنفسي للشرق الاوسط (ميرز) الذي ظهر في السعودية في 2012 ولا من التهاب السحايا. واوقفت الطائرة الاماراتية ووضعت تحت الحجر الصحي لساعتين بعد وصولها. وتم استقدام عدد من سيارات الاسعاف وشوهد ممرضون باللباس الابيض يصعدون الى الطائرة لتحري الوضع.

وتقرر ان تجري خمسة مطارات اميركية تستقبل 94% من الركاب القادمين من ليبيريا وسيراليون وغينيا اجراءات فحص الركاب لدى وصولهم. وبدأ ذلك في مطار كينيدي على ان تحذو المطارات الاخرى حذوه. وتأخذ السلطات خطر انتشار ايبولا على محمل الجد بعد اصابة ممرضة في مستشفى دالاس بتكساس جنوب البلاد في المستشفى الذي توفي فيه سائح ليبيري بعد ايام من وصوله. وقالت الممرضة نينا فام (26 عاما) في بيان "انا بخير واود أن اشكر الجميع على تمنياتهم وصلواتهم".

وفي المانيا، توفي موظف سوداني لدى الامم المتحدة كان يبلغ من العمر 56 عاما خلال الليل في عيادة سانت جورج في لايبزيغ "رغم العناية الطبية المكثفة وكل جهود الطاقم الطبي"، كما اكد المستشفى في بيان. واصيب الموظف في ليبيريا وهو واحد من ثلاثة مصابين بالفيروس نقلوا الى المانيا للعلاج، شفي احدهم وهو خبير سنغالي لدى منظمة الصحة العالمية، ويتلقى اخر وهو اوغندي يعمل لدى منظمة انسانية ايطالية العلاج منذ 3 تشرين الاول/اكتوبر في مستشفى بفرانكفورت (غرب). وهذا ما دفع الامم المتحدة الى وضع 41 من العاملين ضمن بعثتها في ليبيريا قيد الحجر الصحي وبينهم 20 عسكريا.

وقررت اسبانيا التي سجلت اول حالة ايبولا خارج افريقيا تاهيل كل العاملين في قطاع الصحة والاسعاف الذين يمكن ان يحتكوا بمرضى محتملين. واعرب الاطباء المعالجون للممرضة تيريزا روميرو عن تفاؤل حذر حيال فرصها في الشفاء بعد 15 يوما من اصابتها. وقالوا ان وضعها مستقر. وتحدث الوفاة عادة في الاسبوعين الاولين بعد ظهور الاعراض.

وفي حين اشتكى العاملون الصحيون في اسبانيا من ضعف التدريب، قال المسؤولون الصحيون في الولايات المتحدة ان ثغرات في تطبيق اجراءات الوقاية هي السبب في حصول العدوى بايبولا في مستشفى دالاس. وقالت السلطات ان حالة الممرضة المصابة مستقرة. وفي ليبيريا هددت الحكومة بطرد العاملين الصحيين المضربين في اليوم العاشر من الاضراب للمطالبة بزيادة اجورهم. وقال وزير الصحة والتر غوينيغيل "كل من يبقى في بيته ويلبي نداء نقابات العاملين في المجال الصحي سيفقدون وظائفهم".

وبدأ الاضراب في عيادة ايلاند بمونروفيا التي تكتظ بالمرضى ثم انضم اليه عدد كبير من الممرضين والعاملين في المراكز الصحية في حين اختبأ مسؤولو النقابة الذين تلاحقهم السلطات. وينفذ الاضراب على نطاق واسع في المستشفيات حيث كان المتغيبون اكثر بكثير ممن حضروا. ولكن من غير الممكن معرفة النسبة بدقة. وقال مكتب منظمة الصحة العالمية ان ثلث العاملين في عيادة ايلاند التي يديرها لم يحضروا.

ودعا المكتب في رسالة الكترونية الممرضين الى استئناف العمل "حرصا على سلامة المرضى". واضاف "ان الاضراب يزيد الضغوط على العاملين الذين يهتمون بالمرضى وهذا يزيد بالتالي مخاطر ارتكاب اخطاء وهو مصدر قلق لنا". ويطالب العاملون بابرام عقود مع نحو ستة الاف موظف يعملون من دون عقود ودفع الاجور التي وعدوا بها في بداية الازمة والتي تراجعت عنها الحكومة. واصيب نحو 200 من العاملين الصحيين بايبولا في ليبيريا توفي 95 منهم، وفق منظمة الصحة العالمية. ودعا رئيس بعثة الامم المتحدة لمكافحة ايبولا انتوني بانبري "المزيد من الدول للمساعدة عبر ارسال عسكريين ومدنيين ومهنيين صحيين".

واعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية انها سترسل خلال الاسابيع المقبلة اجهزة متخصصة الى بلدان غرب افريقيا الثلاثة لمساعدتها في سرعة تشخيص المصابين بالمرض باعتماد تكنولوجيا النسخ التسلسلي للحمض النووي للفيروس التي تتيح الكشف عن الاصابة خلال ساعات بدلا من عدة ايام كما هي الحال في التحاليل التي تعتمد على زراعة الخلايا. وقالت الوكالة في بيان "ان الكشف المبكر مع توفير العناية الصحية الملائمة يزيد من فرص بقاء المرضى على قيد الحياة وفي ابطاء انتشار المرض عبر جعل عزل وعلاج المرضى في وقت مبكر ممكنا". بحسب فرانس برس.

وقالت مديرة منظمة الصحة العالمية مارغريت تشان انها لم تشهد من قبل "ازمة تهدد بقاء المجتمعات والحكومات في بلدان تعاني من الفقر الشديد" في خطاب تلي نيابة عنها. واضافت ان هذا الوباء يبرهن كيف "يمكن لاحد العناصر الأكثر فتكا في العالم ان يستغل اصغر نقاط الضعف في النظام الصحي" في افريقيا جنوب الصحراء حيث يوجد نقص في المهنيين وفي البنى الملائمة.

زيادة المخاوف

في السياق ذاته تزداد المخاوف في الولايات المتحدة بشأن الايبولا حيث أضرب نحو 200 من عمال نظافة الطائرات في نيويورك وطالب بعض المشرعين الحكومة بمنع المسافرين القادمين من دول غرب أفريقيا الأكثر تضررا من الفيروس. وقالت وزيرة الصحة الامريكية سيلفيا بارويل بعد يوم من وفاة أول شخص يتم تشخيص حالته على انها اصابة بالايبولا في الولايات المتحدة "الأمة في حالة رعب والناس خائفون من هذا المرض."

وقالت بارويل في مؤتمر صحفي إن الناس مصابون برعب لان الايبولا "معدلات الوفيات به مرتفعة للغاية. وهم خائفون لانهم يحتاجون الى تعلم وفهم الحقائق بشأن هذا المرض." وبينما تستعد الحكومة لبدء فحص المسافرين القادمين من غرب افريقيا تحسبا لاصابتهم بالحمى في خمسة مطارات رئيسية توقف عمال نظافة في مطار لا جارديا في نيويورك عن العمل احتجاجا على ما يقولون انه حماية غير كافية للعمال الذين تشمل وظيفتهم إزالة القيء وتنظيف الحمامات. ويسبب فيروس الايبولا حمى نزفية وينتشر عن طريق الاتصال المباشر بسوائل الجسم لشخص مصاب يعاني من نوبات قيء شديدة واسهال.

وقال شيركول اسلام (20 عاما) الذي يعمل في تنظيف الطائرات في مطار جون كنيدي بنيويورك وتجعله وظيفته يتعرض دائما لنوع النفايات والسوائل التي يمكن ان تنقل الايبولا "نحن دائما مع البراز وبالقرب من النفايات." ووقع 23 عضوا جمهوريا بمجلس النواب وثلاثة أعضاء ديمقراطيين رسالة الى الرئيس باراك أوباما يطلبون فيها من وزارة الخارجية الامريكية أن تفرض حظرا على السفر وتقييد منح تأشيرات لمواطني غينيا وليبيريا وسيراليون. بحسب رويترز.

وفي رسالة تحمل تاريخ الثامن من اكتوبر تشرين الاول طلبوا ايضا من مسؤولي مراقبة الحدود والصحة الامريكيين بحث عزل أي شخص يصل من الدول التي أضيرت بعد تعرضه للايبولا وانقضاء 21 يوما وهي فترة ستظهر فيها اعراض المرض. وقالت الرسالة ان منظمة الصحة العالمية "منظمة من الموظفين غير المنتخبين والمعينين بدواع سياسية من جانب دول أجنبية. ليس من واجبها حماية أرواح ورفاهية الأمريكيين مثلما هو الحال بالنسبة لك."

لا مفر

من جانب اخر قالت سوزانا جاكاب المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية إنه من المحتم تقريبا أن تشهد أوروبا مزيدا من حالات الإصابة بالفيروس القاتل إيبولا داخل حدودها لكن القارة مستعدة بشكل جيد لمكافحة المرض. وقالت إن وقوع مزيد من هذه الأحداث "لا مفر منه." وقالت سلطات الصحة الأسبانية إن أربعة أشخاص يخضعون للمتابعة في مستشفى باسبانيا لوقف انتشار الإيبولا بعدما أصبحت الممرضة الأسبانية أول شخص تنتقل إليه عدوى المرض خارج افريقيا.

وقالت جاكاب من مكتبها في كوبنهاجن "مثل هذه الحالات المستوردة والأحداث المماثلة كتلك التي جرت في أسبانيا ستحدث مرة أخرى على الأرجح في المستقبل." وأضافت "لا مفر من أن تقع مثل هذه الحوادث في المستقبل بسبب حركة السفر المكثفة من أوروبا إلى البلدان المنكوبة والعكس." وكانت عدة بلدان في المنطقة الأوروبية لمنظمة الصحة العالمية منها فرنسا وبريطانيا وهولندا وألمانيا وسويسرا والنرويج وأسبانيا عالجت مرضى عادوا إلى الوطن بعد ان انتقلت إليهم العدوى في أفريقيا حيث انتشرت الإصابة بالفيروس إيبولا في غينيا وسيراليون وليبيريا منذ مارس آذار الماضي.

وقالت جاكاب إنه داخل أوروبا فإن أشد الناس عرضة لخطر الإصابة بالفيروس هم عمال الصحة الذين يقومون برعاية مرضى الإيبولا العائدين إلى الوطن من الخارج وكذلك أسرهم ومن خالطوهم. واستدركت بقولها "ولكن أهم شيء هو أن الخطر الذي تتعرض له أوروبا محدود وأن الجزء الغربي من المنطقة الأوروبية خصوصا هو الأفضل استعدادا في العالم لمواجهة اشكال الحمى النزفية الفيروسية ومنها الإيبولا."

ومع تزايد أعداد حالات الإصابة في غرب افريقيا يقول خبراء إنه إن عاجلا أم آجلا ستنتشر الإيبولا على المستوى الدولي لكنهم يشددون على أن احتمالات أن تؤدي إصابات متفرقة إلى تفشي المرض في أوروبا أو الولايات المتحدة أو مكان آخر خارج افريقيا ضئيلة للغاية. وقال المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والوقاية منها إنه يوجد احتمال ضئيل أن يجلب مسافرون الإيبولا إلى أوروبا دون علمهم لكن سلطات الصحة العامة في المنطقة "بمقدورها ان ترصد بكفاءة حالات الإصابة بالفيروس إيبولا ومن ثم منع انتشاره." بحسب رويترز.

وقالت جاكاب إن المقر الأوروبي لمنظمة الصحة العالمية يراقب الأوضاع عن كثب وعلى اتصال بكل بلدان المنطقة. واضافت قولها مشيرة إلى حالات الإصابة في اسبانيا "إذا رأوا حاجة لمساعدة او مشورة فإننا دوما في خدمتهم ونحن مستعدون استعدادا جيدا ولا اعتقد حقا في هذه المرحلة أنه يوجد ما يدعو للقلق من هذه الحالات." وسئلت جاكاب هل تحبذ فحصا على حدود أوروبا للمسافرين القادمين من البلدان المنكوبة في غرب افريقيا فقالت إنها لا ترى ذلك ضروريا في الوقت الحالي لكن قد يتعين دراسته في المستقبل.

ادانة افريقيا

على صعيد متصل اكدت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد ان التعبئة ضد فيروس ايبولا يجب الا تؤدي الى "تخويف" العالم عبر ادانة افريقيا باكملها، بينما قال وزير المال في سيراليون ان آثار انتشار هذا المرض تشبه تلك الناجمة عن "حظر اقتصادي". وقالت لاغارد "علينا ان نبرهن على اكبر قدر من الحذر حتى لا نرهب العالم كله من افريقيا برمتها" بسبب الوباء الذي اسفر حتى الآن عن وفاة اكثر من اربعة آلاف شخص وينتشر حاليا في ثلاث دول افريقية هي ليبيريا وسيراليون وغينيا.

واضافت لاغارد ان "هذه الدول الثلاث متضررة جدا ونحاول مساعدتها قدر الامكان. الامر الملح هو وقف (الوباء) واحتواؤه". واشارت الى ان المرض لا ينتشر في كل افريقيا. واكدت لاغارد ضرورة ان "تستمر الاعمال" في انحاء القارة وان "تواصل اقتصادات الدول الاخرى حركتها وخلق وظائف".

وكانت المديرة العامة للصندوق دعت الى وقف عزل الدول الافريقية الثلاث. وقالت في مؤتمر صحافي "يجب عزل ايبولا وليس الدول". واضافت مديرة هذه المؤسسة المالية الدولية خلال عرضها النتائج التي توصلت اليها الهيئة السياسية للصندوق، ان "التعبئة الدولية "يجب ان تستخدم في القضاء على ايبولا لا في عزل الدول بحد ذاتها". وعبرت الهيئة السياسية في تقريرها عن قلقها من التأثير "الانساني والاجتماعي الاقتصادي" للوباء.

وقال البنك الدولي ان الوباء يمكن ان يكلف غرب افريقيا اكثر من 32 مليار دولار بحلول نهاية 2015. من جهتها، دعت لجنة التنمية الهيئة المشتركة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي السبت الى تحرك مالي "سريع" و"منظم". وقالت هذه اللجنة خلال اجتماعات الخريف للمؤسستين الماليتين انه "بمعزل عن الماساة الانسانية، تبدو الخسائر الاقتصادية التي سجلت في الدول المتضررة كارثية".

واضافت انه "لا بد من تحرك ومساعدة مالية سريعين ومنسقين لتطويق الاثار الاقتصادية المباشرة والمستمرة لهذه الازمة والتخفيف منها". وخلال الاجتماعات نفسها، قال وزير مالية سيراليون ان فيروس ايبولا يؤدي الى النتائج نفسها التي تنجم عن "حظر اقتصادي" في الدول التي ينتشر فيها عندما يتم عزلها عن العالم ويتقلص النشاط الاقتصادي فيها. وقال كيفالا مراه "انه حظر اقتصادي حقيقي سواء كان عفويا او متعمدا. انه الواقع شئنا ام ابينا الاعتراف بذلك". واضاف ان عدة قطاعات اقتصادية مثل البناء والمناجم والنقل الجوي ستعاني من "الركود" و"ستخنق" مجمل المنطقة. بحسب فرانس برس.

وتابع مراه ان "العائدات تراجعت الى حد كبير (...) والنفقات تواصل ارتفاعها لان ميزانيتنا لم تكن تتضمن واجب التصدي لايبولا". وكانت سيراليون التي خرجت للتو من حرب اهلية استمرت عدة سنوات، تتوقع ان تبلغ نسبة النمو 11,3 بالمئة في 2014. وقال وزير المالية ان السلطات "خفضت توقعاتها الى حد كبير". واضاف مراه ان "كل التقدم الذي حققناه ضاع"، معبرا عن اسفه للرد "المتأخر" من جانب الاسرة الدولية. واتخذت بلدان عدة اجراءات لمنع وصول المرض اليها من بينها فرض اجراءات مراقبة على الحدود وفي المطارات والدعوة الى الامتناع عن السفر الى الدول الافريقية الثلاث.

لقاحات روسية

في السياق ذاته صرحت وزيرة الصحة الروسية بأن علماء بلادها طوروا ثلاثة لقاحات ضد فيروس إيبولا، ستكون على الأغلب جاهزة خلال ستة أشهر. وأضافت الوزيرة بأن أحد هذه اللقاحات أصبح جاهزا للتجربة على متطوعين. وكانت روسيا قد أرسلت فريقا من العلماء ومختبرا متنقلا للمساهمة في مكافحة الفيروس القاتل في غينيا.

وأعلنت وزيرة الصحة الروسية فيرونيكا سكفورتسوفا أن العلماء الروس سيتمكنون خلال ستة أشهر من توفير ثلاثة لقاحات ضد فيروس إيبولا الذي يتسع انتشاره بعد أن تسبب بوفاة أكثر من أربعة آلاف شخص في غرب أفريقيا بشكل خاص. ونقلت وكالة أنباء ريا نوفوستي عن الوزيرة قولها خلال لقاء تلفزيوني "لقد طورنا ثلاثة لقاحات .. ونعتقد أنها ستكون جاهزة خلال الأشهر الستة المقبلة". وقالت الوزيرة إن أحد هذه اللقاحات التجريبية "بات جاهزا للتجربة السريرية"، أي على متطوعين. وأوضحت أن أحد هذه اللقاحات تم تطويره من نسخة غير فاعلة للفيروس.

ولم تسجل روسيا أي إصابة بالمرض ولكنها أرسلت نهاية آب/أغسطس فريقا من علماء الحميات ومختبرا متنقلا للمساهمة في جهود مكافحة إيبولا في غينيا. ولا توجد أدوية معتمدة لعلاج المرضى أو لقاحات فاعلة في حين تجرى تجارب في عدة دول وخصوصا في بريطانيا وكندا. بحسب فرانس برس.

وقالت منظمة الصحة العالمية إن هناك لقاحين واعدين تعمل على أحدهما شركة غلاكسو-سميثكلاين البريطانية والآخر هيئة الصحة العامة الكندية على ان تسوقه شركة نيولنك جنيتيكس الأميركية. وبدأت غلاكسو-سميثكلاين تجارب سريرية على لقاحها في مالي المجاورة لغينيا. وينتظر صدور النتائج الأولية للقاحين التجريبيين خلال الشهرين المقبلين على ان تبدأ بعدها المرحلة الثانية لتحديد فاعلية اللقاح في الدول المصابة في بداية 2015.

طريقة انتقال ايبولا

كيف انتقل وباء ايبولا الذي يتفشى منذ حوالى اربعين عاما في المناطق المعزولة نسبيا في افريقيا الوسطى، الى افريقيا الغربية وتسبب في وفاة اكثر من اربعة الاف شخص خلال ستة اشهر؟ لم يتوصل العلماء بعد الى إجابة شافية على هذا السؤال الذي يعتريه غموض شديد.

وقال خبير الحميات اندرو فاستن من جامعة واريك بوسط بريطانيا "كنت اتمنى لو اني اعرف الجواب". واضاف "كنا نظن ان المشكلة تقتصر على منطقة وسط افريقيا، لكن ذلك لم يكن صحيحا". والوباء الذي يتفشى منذ اذار/مارس كما اعلن رسميا، قد استوطن على ما يبدو منطقة الغابات في غينيا، بمديرية غوكيدو المتاخمة للحدود مع سيراليون وليبيريا.

واعلنت المنظمة العالمية للصحة ان اصابة بالعدوى ترقى الى كانون الاول/ديسمبر 2013 قد تكون نقطة انطلاق هذه الآفة في قرية ميلياندو. وتفيد بحوث اخرى ان الوباء نجم على الارجح عن دفن معالجة بالسحر مصابة بالعدوى في قرية سوكوما السيراليونية النائية القريبة من غيكيدو. وفي اعقاب الدفن، تفرق المشاركون في جنازتها الى مناطق اخرى، وما لبثت الوفيات ان تتالت بعد ذلك.

وبالإضافة الى السؤال الذي يتمحور حول المصدر الدقيق لهذا الوباء الفتاك والمستمر منذ تسجيل اولى الحالات في 1976 في زائير (جمهورية الكونغو الديموقراطية اليوم) والسودان، تطرح تساؤلات عن المنشأ الحيواني للوباء. وقال جوناتان بال استاذ علم الحميات الجزيئية في جامعة نوتينغهام البريطانية، "نحن مقتنعون بنسبة 99% بأن الخزان الطبيعي لهذا الوباء هو الخفافيش آكلة الثمر وان الوباء يتفشى كثيرا بين هذه الحيوانات". وتعتبر الخفافيش "الخزان الطبيعي" لعدد كبير من الأوبئة التي تنتقل بعد ذلك الى حيوانات اخرى هي "حاملة وسيطة" قبل انتقالها الى الناس.

وهذه على سبيل المثال حالة وباء سارس (الالتهاب التنفسي الحاد) الذي تسبب في اندلاع ازمة صحية عالمية في 2003 وحصد حوالى 800 وفاة كان القسم الاكبر منها في آسيا. وفي ما يتعلق بايبولا، تعتقد المنظمة العالمية للصحة ان الوسطاء المحتملين لانتقال الوباء هم القردة الكبار كالشمبانزي او الغوريلا، والايائل او القنافذ التي يعتبرها الصيادون "لحوم طرائد" في افريقيا.

ويمكن ان يحصل الاتصال بين الانسان والحيوانات المصابة بالعدوى بصورة عرضية او ينجم عن الصيد. وقد طرح عدد من النظريات لتفسير نشوء الوباء في افريقيا الغربية. وقال اوليفييه رينار الباحث في مجال الاوبئة في المركز الدولي لبحوث الاوبئة في ليون، "يعتقد الباحثون عموما ان الوباء وصل الى هنا قبل بضع سنوات فقط، وقد نقلته الخفافيش التي لا تصاب بالمرض".

وثمة تفسيران مطروحان، الاول هو وصول الخفافيش المصابة بالعدوى والمهاجرة من افريقيا الوسطى، وهي حيوانات قادرة على اجتياز مسافات طويلة، او العدوى التدريجية للسكان من الخفافيش الآتية من افريقيا الوسطى الى افريقيا الغربية. ويقول اندرو ايستون ان فرضية انتقال العدوى بواسطة انسان مصاب في افريقيا الوسطى "غير محتملة" لأن المنطقة الاولى المصابة المعروفة في غرب افريقيا "معزولة" واتصالها بالخارج قليل.

ومن المحتمل ايضا ان يكون الوباء موجودا منذ سنوات بين الخفافيش في غرب افريقيا وان الظروف لتفشي الوباء لم تكن متوافرة من قبل. وقال المركز الاوروبي للوقاية ومراقبة الامراض ان اسباب هذا الوباء "لم تعرف بالكامل بعد" لكن "دخول الانسان الى غابات كانت من قبل معزولة ... اضطلع بدور على الارجح". من جانبه، قال البروفسور جوناثان بال ان تفشي وباء "ينجم عن تضافر عدة ظروف". بحسب فرانس برس.

وفي دراسة جديدة اعتبر باحثون في جامعة اوكسفورد من جهتهم ان اكثر من 22 مليون شخص كانوا يعيشون في مناطق بافريقيا تتوافر فيها كل الظروف لانتقال وباء ايبولا من الحيوان الى الانسان، اي ما يعني انتشارا اكبر بكثير مما كنا نتصوره حتى الان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 19/تشرين الأول/2014 - 24/ذو الحجة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م