لنصنع السلام قبل أن يصنع غيرنا الحرب

 

شبكة النبأ: بعدُ لم يسكن أنين الأمهات والآباء على ابنائهم المغدورين في "سبايكر"، ولم تنته معاناة أهالي آمرلي، حتى أصبحنا امام أزمة انسانية – امنية جديدة يولدها الارهاب الداعشي، حيث نسمع عن محاصرة اعداد كبيرة من الجنود والضباط في ناحية الصقلاوية شمال غرب الفلوجة، والمثير أن وزارة الدفاع العراقية تنشر خبراً عن "انقطاع الاتصال.." بهؤلاء..! كما لو هم عبارة عن  طائرة في أعالي السماء على ارتفاع (30)الف قدم عن الارض – كما هو المتعارف- وفجأة ينقطع الاتصال بينها وبين برج المراقبة.

في حين ان الصقلاوية والفلوجة وغير بعيد عنها محافظة نينوى وايضاً صلاح الدين، تعيش على صفيح ساخن حيث المواجهات الضارية بين عناصر "داعش" وبين مختلف أصناف القوات المسلحة التابعة للدولة، من جيش نظامي وآخر حشد شعبي وجماعات عسكرية منظمة.

قبل ان تتوالي اخبار القتل الجماعي الغادر في هذه المنطقة او تلك وسط غموض شديد في ساحة المعركة، يظهر الى وسائل الاعلام شهود عيان عن وضع مريب وغير طبيعي، كما ظهر شهود قبل هذا يوثقون القصور الواضح في القيادة العسكرية فيما يتعلق بقضية "سبايكر". الجندي العراقي الناجي من المهلكة المدبرة في الطريق بين منطقة "السجر" وناحية الصقلاوية، يؤكد في شريط مسجل أن معلومات وردتهم من قيادة الفرقة الى لواء الصقلاوية تؤكد تأمين الطريق بين الصقلاوية والسجر، مشيراً الى توجه الجنود والضباط الى منطقة السجر، وهناك تعرضوا لهجوم مباغت من عناصر "داعش" مما اسفر استشهاد  العديد منهم واصابة آخرين بجروح. كما تحدث عن المناشدات للقيادة بارسال تعزيزات ودعم لوجستي وعسكري بواسطة المروحيات لكن دون فائدة.

طبعاً؛ حسب مصادر اعلامية فقد تم كسر الحصار عن قاعدة السجر في الانبار وانقاذ ما أمكن انقاذه من الجنود بعد محاصرة دامت حوالي اسبوع من قبل عناصر "داعش"..! حيث انقطعت عنهم المؤن والذخيرة وكاد يُقضى عليهم لولا القرار الاخير الذي صدر من غرفة العمليات في الامانة العامة لمجلس الوزراء في بغداد.

لقد ذهب محافظ الناصرية "يحيى الناصري" بنفسه الى بغداد مستنجداً الحكومة وشخص رئيسها حيدر العبادي بأن يحول دون تدهور الاوضاع الامنية والاجتماعية في محافظته، كون معظم الجنود والضباط المحاصرين هم من ابناء الناصرية. وأذا تكررت بهم حادثة "سبايكر" فان المعتصمين والناقمين حول سجن الناصرية الكبيرة، لن يتأخروا لحظة واحدة ويدوسوا على كل الاجراءات والتعليمات والمناشدات وينفذوا تهديدهم باقتحام السجن وإنزال القصاص العادل وبأيديهم بعناصر "داعش" المعتقلين المتورطين بجريمة سبايكر وجرائم اخرى عديدة.

نظراً لوجود انباء متضاربة عن حقيقة مصير العسكريين الناجين من هذه المكيدة الجديدة، حيث يقول محافظة الناصرية الذي تولّى بنفسه إعادة ابناء محافظته الى ذويهم، حيث طمئن اهالي الناصرية "بأن جميع ابنائهم بخير"، فيما تتوارد انباء من مصادر اخرى عن تعرض عدد كبير من العسكريين لغاز الكلور السام الذي يبد ان "داعش" استخدمه في اللحظات الاخيرة بعد عجزه عن اقتحام القاعدة، مما تسبب في وفاة العديد منهم.

بالمحصلة، نحن امام تعبئة نفسية جديدة نحو الانتقام والثأر بعد حادثة "سبايكر"، حيث أظهرت مواقع التواصل الاجتماعي عل النت، مقاطع لاشخاص من ذوي الضحايا وهم يقسمون بأخذ الثأر لاخوانهم وابنائهم ليس من عناصر "داعش" الذين يصعب التعرف عليهم، إنما من ابناء المناطق التي أريق دماء اكثر من ألفين انسان على أرضهم، وباتت أسماء العشائر العراقية المتورطة في هذه الجريمة على الألسن وفي كل مكان.

المراقبون والمتابعون في الوقت الذي يتسائلون بغير قليل من الحيرة عن سر العجز لدى القوات المسلحة العراقية في اقتحام مواقع "داعش" في هذه المنطقة او تلك، فانهم يرون في تكرار المشاهد الدموية والقتل الجماعي البشع على الهوية، بمنزلة تحريك مقصود وشحن للمشاعر الطائفية حتى يُصار لخلق جبهتين في ساحة مكشوفة مهيئة لحرب طائفية في العراق، او الصبر والتأنّي مقابل هذه الاستفزازات، وفي الحالتين فان جانب واحد هو الذي يدفع الثمن بدماء ابناءه وشبابه، وما يزال. وهذا يعني أننا امام أيادٍ خفية تقرع طبول الحرب الطائفية بقوة في العراق، وتهيئ كل الاجواء المناسبة والمبررات. طبعاً اوساط سياسية مطلعة تتوقع السبب في عدم اقتحام مواقع "داعش" في الصقلاوية والفلوجة والموصل وحتى في جرف الصخر، قرب المسيب وغيرها، الى عدم الانزلاق في مواجهة مكشوفة بين القوات المسلحة العراقية المتشكلة حالياً من قوات نظامية واخرى من جماعات مسلحة تحت مسميات عديدة الى جانب "الحشد الشعبي" من المتطوعين، وبين عناصر مسلحة من ابناء العشائر العراقية في المناطق الساخنة في الانبار والموصل وصلاح الدين.

لكن هذا ليس دليلاً على القبول بالأمر الواقع وأن "داعش" قوة متداخلة مع حواضن عراقية.. إنما يجب التحرك على قطع دابر الذين يصبون الزيت على النار ويحاولون جاهدين خنق أية محاولة لحل الازمة سلمياً وإنهاء الازمة السياسية والاجتماعية في العراق في عملية جراحية تقتصد بالدماء.

لحد الآن لا توجد هنالك قنوات اتصال بين المكون السنّي وبين الحكومة الجديدة، رغم انتهاء تقسيم المناصب بين الواجهات السياسية للمكونات الكبيرة وحتى الصغيرة في العراق، حتى بلغ التقسيم الى اللجان البرلمانية، بعد الانتهاء من نواب رئاسة الجمهورية ونواب رئاسة الوزراء و... الى آخره.! بينما ما تزال العلاقة وثيقة حتى الآن بين القاعدة العريضة لهذا المكون وبين تنظيم "داعش".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 23/آيلول/2014 - 27/ذو القعدة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م