الدور المغيب لمجلس النواب بالمشتريات الدفاعية والأمنية

رياض هاني بهار

 

من حقنا أن نتساءل عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء صفقات الفساد بالأسلحة الروسية والأوكرانية والجورجية وغيرها؟؟ او صفقات شراء معدات الامن ابتداء من واقية الصدر التي تخترقها البندقية، الى جهاز السونار سيء الصيت الذي ذهب ضحيته الاف من الابرياء ولايزال مفروضا قسرا على مستخدمه الجندي، وعلى المواطن، رغم كل الصيحات بعدم فعاليته، والمؤلم ان الموردين وتجار هذه الصفقة اصبحوا نافذين بالدولة، ونبقى نتساءل اين تكمن المشكلة اهي في التشريعات ام اللوائح الادارية ام الفساد المستشري بقادة الجيش والامن ام منظومة الفساد التي تقودها الحكومة لتمويل احزابهم، ولماذا غيب دور مجلس النواب بتلك الصفات ولم تدخل لجنة الامن والدفاع كطرف اسوة ببرلمانات العالم، وسكوته عن استيراد (اسلحة بالية) وهذا ما افرزه الميدان، عند احتدام المعارك مع المجاميع المسلحة كانت الاسلحة المتوسطة رديئة المنشأ ولم تكن فعالة.

هناك اهمية عالية للمشتريات الدفاعية والامنية في بناء الجيش والمؤسسة الامنية من خلال توفير الاحتياجات والمتطلبات اللازمة لتتماشى مع طبيعة العصر مع انتهاج الشفافية في عملية الشراء والتعاقد مع الشركات العاملة بهذا المجال والاسس والضوابط التي تساهم في الحد من عملية اهدار المال العام، يفترض ان تتم عملية المشتريات الدفاعية وفق معايير متفق عليها عالميا وتتضمن المراحل التالية تقييم التهديد القائم والمستلزمات العملياتية، ثم تحديد المستلزمات الفنية، وبعدها دراسة الخيارات المتعلقة بإختيار الموردين أو إستدراج العطاءات، وأخيرا التفاوض التقييم والاختيار واخر مرحلة إدارة عمليات الشحن والتوصيل، اما أهميتها بالنسبة للأمن الوطني عادة ما تستحوذ هذه المشتريات على إهتمام وسائل الإعلام والمجتمع المدني خاصةً عندما يتعلق الأمر بالأنظمة الأسلحة الكبيرة وبالإضافة إلى ما تقدم تستلزم عملية الشراء المعدات الدفاعية أخذ عدد من العوامل الدولية التي لا تؤثر بشكل نوعي على عمليات الشراء الأخرى بعين الإعتبار، اضافة الى تحليل الاحتياجات التي تتناسب مع تقييم المخاطر والتهديدات والتوجيه الاستراتيجي المرتبط بهيكلية الامن الوطني والحاجة لتخطيط استراتيجي حكومي طويل الامد من خلال تمويل ثابت لقطاع الدفاع اهم الادوار والمهام الواسعة النطاق للأجهزة الأمنية وتحديدها للاحتياجات في القدرات.

التشريعات والانظمة والاجراءات المالية في مجال المشتريات العسكرية في العراق على مستوى المسؤوليات وهياكل المشتريات العسكرية في العراق غير واضحة ومبهمة، وذلك بسبب غياب التشريعات القانونية الناظمة للمشتريات العسكرية والامنية، واللوائح الادارية للعقود المعمول بها حاليا لا تتناسب مع المرحلة وظروفها، حيث مضى عليها عقود من الزمن بلا تحديث او اعادة نظر بالياتها وهذا ما شجع الفساد كما هو معروف في صفقات او إختلاس النخب السياسية ومسؤولي الحكومة كميات طائلة من الأموال بهذه الصفقات وإعتباره أولوية مركزية لأحزابهم السياسية.

يوجد عدة هيئات رقابية بالعراق لكن لا دليل على عمليات تقييم لفعاليتها أو شفافيتها في مجال العقود العسكرية او الامنية، وثبت من خلال الصفقات ان هناك تردي بشأن الجسم الرقابي العراقي، وهذا بسبب وحجب المعلومات عن الدوائر الرقابة العراقية بحجة دواعي الأمن الوطني، ولهذا يعتبر خطر الفساد المالي مرتفعاً للغاية، حيث يوجد رقابة ضعيفة على عملية التصرف بالأموال والبنود السرية في المصروفات العسكرية، حيث توجد مصروفات خارج الموازنة، وأعمال يملكها الجيش على نطاق واسع ولا يوجد دليل واضح على عدم مشروعيتها في الإطار العام القانوني العراقي، ومع ذلك يعتبر التبليغ وانتقاد الحكومة بأي شكل من الأشكال من المسائل الخطيرة.

من هي الأطراف المفترض مشاركتها في المشتريات الدفاعية؟ وزارة الدفاع ودورها بإعداد المقترحات الخاصة للمشتريات وذلك بالتعاون مع الوزارات الأخرى كوزارة العلوم والتكنلوجيا ووزارة التخطيط ووزارة المالية ومجلس الامن الوطني، ويفترض تصدر الوزارة تقريرا سنويا يطلع علية المواطن إلى جانب تقارير ووثائق تكميلية، كلما دعت الضرورة الى ذلك أو بناء على طلب البرلمان وغيرة من الجهات المختصة بالرقابة على شراء المعدات الدفاعية، وبشكل عام يجب إنشاء وحدة خاصة في السلطة التنفيذية، بحيث يتركز مجال عملها على المسائل المتعلقة بالمشتريات الدفاعية والامنية.

دور مجلس النواب الحالي كان متفرجا، وليس ناظما، او مراقبا، للمشتريات الدفاعية والامنية، ولم يتدخل في الدورات السابقة بسبب الفساد السياسي او استغفال دوره او تورط احزاب السلطة النافذة التي عطلت الدور النيابي باتخاذ مهامه بأدق ملف، ولكن كيف السبيل لتدخله مستقبلا اسوة ببرلمانات العالم؟

 يمكن تعزيز دوره في عمليات الشراء انفة الذكر، أساسا قانونيا ملائما يمكنه من المشاركة في هذه العمليات، حيث أن تنفذ على أساس تنافسي بالنسبة لكافة المشتريات التي لا يستدعى إجرائها أمر طارئ، كما يجوز له سن قوانين تشترط مصادقته، وإعداد إطار قانوني خاص بالمشتريات، ويمكن ممارسة صلاحياته تلك خلال الجلسات العامة أو بواسطة اللجان المنبثقة عنه كلجان الدفاع والأمن أو لجان الموازنة والمالية أو من خلال الأعضاء البرلمانيين كأفراد ويمكن لأعضاء البرلمان الاضطلاع بالأمور التالية كالمغالاة في شراء المعدات الدفاعية، او عمليات الشراء التي لا تتم على أساس مؤسساتي.

الخلاصة:

افرزت المرحلة السابقة مجموعة كبيرة من المعضلات نتيجة التصرف اللامعقول من قبل الحكومة، وخارج اطر الشرائع، انعكست على اهم مفصل وهو شراء المعدات الدفاعية والامنية، ومن المخزي ان يكون اغلب وزراء الدفاع والداخلية السابقين متورطين بصفقات الاسلحة والأجهزة الفاسدة، وقد آن الاوان لتدخل مجلس النواب بالمشتريات ليحمي المال العام من اللصوص ويحمي الجندي والشرطي من الاخطار المحدقة به من جهة، وحماية امن المواطن من جهة اخرى، كما معمول به ببرلمانات العالم.

[email protected]

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 23/آيلول/2014 - 27/ذو القعدة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م