دلو الدم ودلو الماء

صالح الطائي

 

فكرة سخيفة تتمثل بقيام شخص أو من ينوب عنه بسكب دلو من الماء والثلج على الرأس تضامنا مع مجموعة من المرضى لا يتجاوز عددهم المئات؛ مصابون بمرض "التصلب العضلي الجانبي" وذلك لحشد اكبر دعم مادي يسهم في تكثيف البحوث الخاصة بهذا المرض.

مرض التصلب الجانبي الضموري (Amyotrophic lateral sclerosis) يرمز له اختصاراً ALS)) أحد أشكال أمراض الأعصاب الحركية، يسبب ضمور الجهاز العصبي بسبب ضمور الأعصاب الحركية والخلايا العصبية في الجهاز العصبي المركزي التي تتحكم في حركة العضلات الإرادية. ومن أشهر من أصيبوا به الأمريكي "يانكيز" نجم البيسبول الذي تم تشخيص مرضه في عام  1939 وتوفي في عام 1941، عن عمر يناهز السابعة والثلاثين. وعالم الفيزياء الشهير "ستيفن هوكينج". يقال أن نسبة الإصابة به من 1 إلى 2 لكل 100،000 شخص، ويصيب عادة الناس في الأعمار ما بين 40 و60 وبنسبة أقل من هم أصغر أو أكبر.

بنيت فكرة تحدي دلو الثلج على أن يعلن شخص ما ولاسيما من المشهورين، من خلال شريط مصور عن تحديه لثلاثة أشخاص يمنحهم مدة 24 ساعة لقبول التحدي أو القيام بالتبرع للحملة، ثم يقوم بسكب الماء البارد على جسمه بنفسه أو بمساعدة شخص آخر، وبعد ذلك يقوم الشخص بنشر المقطع على مواقع التواصل الاجتماعي مثل تويتر ويوتوب وفيسبوك وانستقرام مذيلًا بالهاشتاق #IceBucketChallenge.

أواخر عام 2013 وبداية عام 2014 كان بداية انتشار هذه الظاهرة في أمريكا وعلى مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن قام "مات لاور" وهو مذيع برنامج (The Today Show)  الذي يعرض على قناة NBC)) في منتصف 2014 بالتحدي على الهواء، فشاهده شخص مصاب بالمرض اسمه "بات كوين"  وراقت له الفكرة فتواصلَ مع لاعب البيسبول "بيت فرايتس" المصاب بنفس المرض، والذي قام بدوره بحثّ متابعيه ومعارفه بالقيام بالتحدي، فتبنى الفكرة جمهرة من المشاهير والرؤساء السابقون وقادة الشركات العظمى وكبار الممثلين وغيرهم. ثم ما لبثت الفكرة أن غزتنا وتصدى الممثلون والفنانون لتطبيقها ونشر الأشرطة في العالم، وكانت هيفاء وهبي أحد الذين أسهموا فيها فاغتسلت بدلاء الماء وتبرعت وحثت معارفها على التبرع.

أنا لا أمانع أن يسهم الأغنياء في كل العالم؛ في دعم المشاريع الإنسانية ماديا ومعنويا ولا أمانع من إسهام المشاهير والفنانين العرب في دعم مثل هذه المشاريع، ولكني، أقول: بين ليلة وضحاها ذبحت "داعش" الإرهابية في قاعدة سبايكر وحدها 1700 شاب عراقي بعمر الورود، بدواعي طائفية. ومنذ اندلاع الأعمال الطائفية في العراق ولاسيما منذ 2006 ولغاية هذا اليوم قتل مئات الآلاف من العراقيين أغلبهم من الشباب. وخلال ثلاث سنوات من الأعمال الإرهابية الإجرامية قتل حسب الإحصاءات الرسمية أكثر من مائتي ألف إنسان سوري أغلبهم من الشباب. ولا زالت ليبيا واليمن ومصر والصومال وغزة والسودان تقدم يوميا الكثير من الضحايا نتيجة العنف المستمر.!

فلماذا لا ينظم العالم حملة تضامنية للتخلص من داعش والقاعدة وكل الحركات الإسلامية المتطرفة؟ أو في الأقل ينشئ مركز بحوث محايد يتبنى دراسة الأسباب التي أسهمت في ولادة هذه التنظيمات الإجرامية، وكيف يمكن تقليص نفوذها والقضاء عليها؟

لكن. وآه من كلمة لكن، كم لها في القلب من جروح وقروح. إذا ما بادر أحد العرب الأذكياء أو الأغبياء إلى إطلاق مثل هذه الحملة، هل سنجد بين الغربيين من يسهم فيها ويتعاون مع منظميها مثل ما فعل العربان والأعراب؟ ولو قيض لأي جهة أخرى تنظيم مثل هذه الحملة، هل سنجد من يتضامن معها حتى ولو كان من سكان الاسكيمو؟

وهل ستتضامن معها هيفاء وهبي فتضحي بتسريحتها الجميلة دعما للمشروع؟

هل نجدها توجه دعوات كتلك التي وجهتها إلى ريهانا، وخبير التجميل بسام فتوح، والمخرج طارق فريتخ، والفنان وائل منصور، والإعلامية باتريسيا هاشم، لخوض تجربة التحدي، والتبرع بالمال لدعمه؟

أم أن دلو دمنا أرخص كثيرا من دلو مائهم؟!!

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 26/آب/2014 - 29/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م