حملات جمع التوقيعات

أشياء لا بد منها

ياسر الحراق الحسني

 

تعتبر حملات جمع التوقيعات من المسائل المرتبطة بالممارسة الديموقراطية حديثاً. في الماضي عبر عنها برسائل التظلم لدواوين الحكام والأباطرة وللإقطاعيين. لكن الاستعمال الشائع حديثاً يتعلق أساساً بإثارة إهتمام الجهات المؤثرة في صنع القرار السياسي عن طريق إثبات وجود رغبة جماهيرية يتعين على ممثل هذه الجماهير التفاعل معها؛ سواء كان في المؤسسات الحكومية أو غير الحكومية. هناك طرق مختلفة لجمع التوقيعات منها الدق على الأبواب والاستيقاف في الأماكن العامة والعريضة الإلكترونية. فيما يلي أهم ما يجب مراعاته في صياغة العريضة.

اللغة

يتعين على المبادرين بإطلاق الحملات أن يعتمدوا لغةً سهلة غير معقدة تتركز على البديهيات، تختصر المظلومية وتحسس بأهمية التوقيع في رفعها، ثم تستهدف مختلف شرائح المجتمع.

فمثلاً لا يمكن أن نطلب من الجمهور أن يوقع عريضة تعتمد على نتائج تقرير أو دراسة معينة صدرت في مجلة معينة، لكن يمكن أن نطلب من الجمهور التوقيع على عريضة لإيقاف المتاجرة بالبشر أو قمع الحريات أو مكافحة الإرهاب وما إلى ذلك.

والتحسيس بأهمية التوقيع يخلق لدى الجمهور المستهدف إحساساً بالمسؤولية ويحفزه على التوقيع بل على المساعدة في إحالة توقيعات أخرى. واستهداف مختلف الشرائح يحتاج إلى اعطاء العريضة طابعاً إنسانياً يركز على المشترك الذي يقبل به الناس ويتعاطفون معه. فمثلاً، إذا كنت تدافع عن عالم فيكفي أن تذكر إسمه ودوره الإيجابي ولقبه الأكاديمي إن وجد مع الإبتعاد عن عبارات التفخيم والتمجيد. فلا يكتب صوفيٌ مثلاً عريضة للدفاع عن شيخه واصفاً إياه بـ" الكبريت الأحمر والسر الأفخر والدر الجوهر" أو ما شابه. كما لا يكتب شيعي عريضة يصف عالمه فيها ب "آية الله العظمى الإمام المجاهد" أو " العارف الرباني" وغير ذلك. مثل هذه العبارات يمكن استبدالها بعبارات أخرى مثل "العالم، رجل الدين، العلامة. المؤلف، المبدع، المصنف، المحقق... إلخ ". وهذا الأمر يزيد من عدد ونوع الموقعين. فالتركيز هنا يجب أن يكون على المشترك وليس الخصوصية لدى الطرف الذي يتم التظلم من أجله.

التظلم

يشمل التعبير عن التظلم في حملات جمع التوقيعات إظهار واقع المظلومية والتركيز عليها دون التركيز على الجهات المفترض أنها ظالمة لأسباب منها:

1- رفع الحرج عن الفاعل السياسي أو الحقوقي أو الإعلامي

غالباً ما يكون الفاعل السياسي أو الإعلامي أو الحقوقي قادراً على ممارسة الضغط ضد مظلمة معينة سواء عن طريق البرلمان أو الإعلام أو التقرير. لكن يفضل هؤلاء عدم الخوض في إثارة مظالم تجر معها شخصيات معينة خشية المتابعة أو إلتزاماً بمبدأ "الفصل للقضاء".

 2- تجنب تعنت الجهة الظالمة

الجهات المسؤولة عن ظلم معين غالباً ما تحاول احتواء الموضوع في مراحله الأولى قبل استفحاله ما دام لم يشخصن بعد.

3 - غالباً ما يكون القطع بأن جهة ما ظالمة أمراً صعباً ويحتاج إلى دورات ماراثونية مع القضاء.

 وهنا وحتى في الحالات التي يكون فيها طرف واضح مسؤول عن الظلم، مهاجمته قد تجعله عوض اللجوء إلى التسوية يجنح إلى الدفاع في حالة التورط وهذا الأمر يفصل فيه القضاء ويأخذ الوقت ولا يمكن ضمان نتائجه لصالح الضحية في حال الإدانة ناهيك عن إحتفال إنعدام الادلة الموجبة لإدانة.

إدخال عناوين مشهورة (خاص بالعريضة الإلكترونية)

هناك ممارسة شائعة لدى متصفحي الشبكة العنكبوتية تتعلق بقيامهم بقطع الكلمات والجمل التي يريدون فهمها أكثر وإلصاقها في محركات البحث. هنا بالنسبة للعريضة الإلكترونية إضافة إلى ما ذكرت يمكن ختمها بسطرين أو ثلاثة أسطر كل سطر يحتوي على عنوان مضمن برابط للنقر الفوري أو إن لم يكن ذلك متوفراً لدى افاز أوشنج دوت أورج يمكن فقط كتابة عناوين لتقارير معتبرة من هيئات ومنظمات محترمة بحيث يمكن ربط الموقع بهذه التقارير عن طريق محركات البحث.

إستثناء

لكل قاعدة إستثناء وإستثناء ما سلف ذكره هنا يكمن في الحملات الذي تستهدف بطبيعتها أشخاصاً بعينهم أو أنظمةً أو شركاتٍ أو منظمات حكومية أو غير حكومية. وهذا النوع من الحملات يتم التركيز فيه على الضحية المعتبرة أو المحتملة والجهة المدانة أو المشتبه فيها في آن واحد. ويصدق هذا على حملات جمع التوقيعات لمحاكمة مجرمي الحرب، وكذا حملات طلب سلطات بلد معين بأن تمنع دعاة الإرهاب من دخول اراضيها كما حدث بالنسبة لعدد من المتطرفين الشرق أوسطيين الذين منعوا نهائياً من دخول دول أوروبية وأمريكية.

ختاماً، وجب التذكير بأنه لكي لا تفقد حملات جمع التوقعات أهميتها وفعليتها، يجب مراعاة عدم اللجوء إليها إلا في الحالات الضرورية وبعد إستنفاذ كل الوسائل الممكنة المتاحة. فكثرة الحملات غير الضرورية قد يجعلها قليلة الأهمية. وكل ما تقل أهميته، يقل تأثيره.

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 25/آب/2014 - 28/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م