مذبحة سبايكر

هادي جلو مرعي

 

قاعدة سبايكر الجوية في مدينة تكريت شكلت نكسة محزنة ليس للمنظومة السياسية والعسكرية وحسب بل للشعب العراقي ولأسر مئات من العاملين فيها من طلبة عسكريين وموظفين تعرضوا للخطف والقتل على أيدي جماعة داعش الإرهابية، وتحدث سياسيون عن حجم المأساة التي بقيت بلا تفاصيل حقيقية حتى اللحظة، ولم تكن ردود الفعل عليها بمستوى الكارثة فقد قتل 1700 طالب في القاعدة الجوية تلك بدم بارد على أيدي الإرهابيين وجماعات عشائرية متعاونة معها قبل أن يستعيد الجيش السيطرة عليها ثانية دون فائدة.

 فقد حصل ماحصل، وقتل الطلاب، وبقيت أسرهم الحزينة تقف عند بوابات المنطقة الخضراء تناشد دون أن تجد من يسمع لها وأغلب الطلاب من محافظات الفرات الأوسط، ويخشى كثيرا من ردود فعل عنيفة في حال ظهرت تفاصيل أكثر عن ملابسات جريمة الإبادة الجماعية التي تعرض لها الطلاب، ربما هي شبيهة بحادثة سجن بوسليم في ليبيا التي قتل فيها المئات من معارضي العقيد القذافي.

هي أيضا شبيهة بجرائم الإبادة الجماعية التي مورست من قبل السلطات القمعية في العراق بعد الإنسحاب من الكويت، لكنها تشير أيضا الى وجود عناصر فاعلين من أجهزة القمع السابقة التي مارست تلك الجرائم في التسعينيات بين صفوف الجهاديين والمجموعات المسلحة العنيفة التي تحاول إسقاط العملية السياسية بعناوين شتى وتستخدم أساليب عمل مختلفة ونوعا من الدعاية لتحقيق أهداف معلنة، فليس ممكنا القبول بنظام حكم تعددي ترتفع فيه طوائف، وتنخفض أخرى مخالفا للنهج الذي عليه الدولة العراقية منذ مئات من السنين. هذه المجموعات على مايبدو تعرف ماتريد وتنتهج أساليب مختلفة مريبة ومخيفة وممنهجة لترويع الناس. بالطبع فإن الجرائم في العراق عديدة وليست بالضرورة إنها تستهدف مكونا واحدا، أو مذهبا بعينه فربما تكون ممارسة على الجميع، والإختلاف في حجمها وإمتدادها وطبيعتها.

الناس العاديون الذين يتظاهرون بين حين وآخر للمطالبة بمعرفة مصير أبنائهم يمثلون عددا من الأسر يوازي عدد المفقودين فكل طالب منهم يمثل أسرة وأبناء وآباء وأمهات يعرفون إن خسارة هؤلاء الشبان يمثل كارثة لهم في الحياة فكل ما مارسوه من أساليب حب ورعاية وسهر وعذابات يدمر ويسحق بنزعة شريرة من أشخاص لهم غايات وأهداف شريرة يحاولون الوصول إليها بطرق وحشية غير معتادة ومخيفة وهو مايستدعي من السلطات بذل جهود إستثنائية لمعرفة الجهات التي قامت بجريمة سبايكر، والذين تعاونوا معها من أفراد ومجموعات عشائرية وحتى سياسيين.

الشعب العراقي يعاني كثيرا وتستهدفه عصابات شتى وتخطط لهزيمته دول ومجموعات وهو بحاجة الى دعم مضاعف للتخفيف من معاناته، ولانعلم الذي يمكن للحكومة الجديدة وللبرلمان الحالي أن يقدماه، وهل يستطيعان ان يفرضا حضورا مختلفا لمؤسسات الدولة في مواجهة الجريمة المنظمة وحمى الإرهاب المتصاعد؟ على الحكومة والبرلمان أن يجيبا عن ذلك مثلما إن عليهما أن يؤسسا لفعل جديد في مواجهة كل التحديات الصعبة في بلاد ماتزال تعاني.

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 25/آب/2014 - 28/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م