أمريكا في العراق... تدارك متأخر لمنع سرطان داعش

 

شبكة النبأ: أمريكا التي حاولت الابتعاد قد استطاعتها عن الاحداث في سوريا والعراق، على الأقل عسكريا، وجدت نفسها اليوم في قلب الصراع مع الجماعات المتطرفة، وبالأخص ما يسمى تنظيم "الدولة الإسلامية" داعش، التي تحاول غزو منطقة الشرق الأوسط، بعد ان أقدم هذا التنظيم على ذبح الصحفي الأمريكي (فولي) المحتجز منذ عام 2012، كرد على قصف القوات الامريكية (التي فشلت في إنقاذه مع مجموعة من الرهائن في عملية سرية وقت خلال الصيف لقوات خاصة أمريكية بإنزال خلف خطوط العدو أعلن عنها البيت الأبيض بعد مقتل فولي) لمسلحيها، في تحدي قوي هددت من خلاله بالمزيد من عمليات القتل، إضافة الى المفاجئات الأخرى التي ما زالت في جعبة التنظيم.

ومع ان موقف الرئيس الأمريكي أوباما كان واضحا منذ البداية برفض التدخل العسكري (ارسال قوات برية) في أي منطقة تشهد نزاعات مسلحة (وبالأخص في سوريا والعراق)، إضافة الى معارضة نسبة كبيرة من الشعب الأمريكي، لزج الجيش الأمريكي في حروب جديدة، الا ان الضربات العسكرية الموجه في العراق، إضافة الى ارتفاع اعداد الجنود (اللذين يحملون صفة مستشارين) المرسلين الى العراق، ربما يعزز اعتقاد بعض المتابعين، بدخول الولايات الامريكية في حرب مفتوحة منع التنظيم، الذي بات يهدد الغرب (الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الامريكية) من خلال انتشاره السريع، في مناطق واسعة من العراق وسوريا، وتوفير بيئة امنة للمتطرفين والتكفيريين، ومن بينهم الالاف من الأجانب اللذين يحملون جنسيات من دول غربية، سيما وان الشكوك تدور حول مواطن يحمل الجنسية البريطانية، باعتباره هو من قام بعملية ذبح الصحفي الأمريكي، في تسجيل بثه التنظيم مؤخرا.

في سياق متصل دعا الرئيس الاميركي باراك اوباما الى القضاء على "سرطان" الدولة الاسلامية الذي تبنى قطع راس الصحافي الاميركي جيمس فولي، واعدا بان تواصل الولايات المتحدة التصدي لمقاتلي التنظيم المتطرف، ودعا اوباما بنبرة حازمة "الحكومات والشعوب في الشرق الاوسط" الى العمل معا "لاستئصال هذا السرطان لكيلا يتفشى"، واعدا بان الولايات المتحدة التي تشن ضربات جوية في العراق ستستمر في محاربة هؤلاء الاسلاميين المتطرفين، وقبيل ذلك، اعلن الجيش الاميركي انه شن سلسلة جديدة من 14 غارة جديدة على مواقع الدولة الاسلامية.

واعلن مسؤول اميركي ان البنتاغون ينوي ارسال نحو 300 جندي اضافي الى العراق حيث ينتشر نحو 850 جنديا ومستشارا عسكريا بعد عامين ونصف عام من انسحاب القوات الاميركية من هذا البلد، وفي الشريط المصور نفسه الذي اظهر قتل فولي، هدد متطرفو الدولة الاسلامية بقتل رهينة اميركي اخر اذا استمرت الغارات الأميركية، واعتبر اوباما ان هذا التنظيم "لا مكان له في القرن الحادي والعشرين"، وهو "لا يتحدث باسم اي ديانة، ليس هناك ديانة تقول بذبح الأبرياء، ان عقيدتهم فارغة"، وتابع محذرا "سنبقى متيقظين وحازمين، عندما يستهدف اميركيون في مكان ما نقوم بكل ما في وسعنا لاحقاق العدالة" داعيا الى "الرفض الواضح لهذا النوع من الايديولوجيات المدمرة".

واكد البيت الابيض صحة شريط الفيديو الذي بث مؤخرا ويظهر اغتيال الصحافي الأميركي، وندد الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون بما اعتبره "جريمة رهيبة" فيما رأى وزير الخارجية الاميركي جون كيري ان الدولة الاسلامية هي "وجه للشر" ينبغي "تدميره"، وقطع تنظيم "الدولة الاسلامية" رأس الصحافي الاميركي جيمس فولي الذي خطف في سوريا في نهاية 2012 وهدد بقتل آخر وذلك ردا منه على الدعم الاميركي للقوات العراقية والكردية في معاركها ضد مقاتلي التنظيم المتطرف في شمال العراق.

وبثت مواقع الكترونية اسلامية متطرفة شريط فيديو يظهر فيه شخص ملثم يرتدي زيا اسود ويحمل بندقية وهو يقطع رأس الصحافي الاميركي الذي كان مسلحون خطفوه في سوريا في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، ورجح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ان يكون هذا الملثم بريطانيا، وكتبت والدة فولي على صفحتها على موقع فيسبوك ان ابنها "منح حياته محاولا اظهار معاناة الشعب السوري الى العالم"، مضيفة "نناشد الخاطفين الحفاظ على حياة الرهائن الآخرين"، وكان فولي (40 عاما) مراسلا حرا شارك في تغطية الحرب في ليبيا قبل ان يتوجه الى سوريا لتغطية النزاع في هذا البلد لحساب "غلوبال بوست" ووسائل اعلام أخرى، كما زود وكالة فرانس برس بتقارير صحافية اثناء وجوده هناك، وقال ايمانويل هوغ "لقد صدمنا بنشر هذا الفيديو وبإعلان ان فولي قتل". بحسب فرانس برس.

واثار قتل فولي غضب الدول الأوروبية، وتحدثت باريس عن "همجية" و"قتل يثير الاشمئزاز"، فيما قال المتحدث باسم المستشارة الالمانية انغيلا ميركل انها "صدمت" لمصير الصحافي، وكتب ديفيد كاميرون على حسابه على موقع تويتر "ان قتل جيمس فولي عمل فظيع ومنحرف"، واعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند انه سيقترح قريبا عقد مؤتمر حول الامن في العراق ومحاربة تنظيم "الدولة الاسلامية"، معتبرا ان الوضع الدولي اليوم هو "الاخطر" منذ العام 2001.

وفي طهران، اكد نائب وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان ان ايران قدمت "نصائح" للاكراد العراقيين ضد جهاديي تنظيم "الدولة الاسلامية"، وقال "قدمنا مساعدة سياسية ونصائح الى الحكومة العراقية وفعلنا الامر نفسه في كردستان العراق"، وقال مايكل موريل العنصر السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) ان قتل فولي هو "اول هجوم ارهابي" للدولة الاسلامية على الولايات المتحدة، فيما اعتبر السناتور الجمهوري ماركو روبيو ان التنظيم المتطرف "اعلن الحرب على الولايات المتحدة".

وجاء نشر الفيديو بعد اعلان اوباما "اتباع استراتيجية بعيدة الامد" في القتال ضد "الدولة الاسلامية"، ودعم تشكيل حكومة عراقية جديدة برئاسة حيدر العبادي، وأعلنت واشنطن ان قوات اميركية نفذت "هذا الصيف" عملية لانقاذ رهائن اميركيين يحتجزهم تنظيم "الدولة الاسلامية" في سوريا، لكن العملية فشلت، وقالت ليزا موناكو كبيرة مستشاري الرئيس باراك اوباما لشؤون مكافحة الارهاب انه "في وقت سابق خلال هذا الصيف اعطى الرئيس (باراك اوباما) موافقته على عملية ترمي الى انقاذ مواطنين اميركيين مختطفين ومحتجزين رغما عنهم من قبل تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا".

واضافت في بيان ان "الحكومة الاميركية اعتقدت ان لديها ما يكفي من المعلومات الاستخبارية، وعندما حانت الفرصة اجاز الرئيس للبنتاغون بالشروع سريعا بتنفيذ عملية هدفها انقاذ مواطنينا"، ولكن العملية فشلت "لان الرهائن لم يكونوا موجودين" في المكان الذي حددته الاستخبارات الاميركية، كما اضافت المسؤولة في البيت الابيض.

ونوه مقاتلو الدولة الإسلامية إلى أن زعيمهم العراقي أبو بكر البغدادي يحمل في جعبته العديد من المفاجآت للغرب، ولمحوا إلى احتمال تنفيذ هجمات على مصالح أمريكية أو حتى على الأراضي الأمريكية نفسها من خلال خلايا نائمة في أوروبا والولايات المتحدة، وقال أحدهم "الغرب مغفل وأحمق، يظنون أننا ننتظر أن يمنحونا تأشيرات دخول حتى نذهب ونهاجمهم أو أننا سنهجم عليهم بلحانا ومظهرنا الإسلامي"، ومضى قائلا "يعتقدون أن بإمكانهم أن يميزونا هذه الأيام، إنهم حمقى والأكثر من ذلك أنهم لا يعرفون أن بمقدورنا أن نلعب لعبتهم بذكاء، تسللوا إلينا عبر أشخاص ادعوا أنهم مسلمون ونحن أيضا نخترق صفوفهم عبر أناس يبدون مثلهم".

مقاتل آخر بالدولة الإسلامية قال إن الجماعة لديها أسباب عملية للنيل من الولايات المتحدة، وقال "كلما اشتدت الحرب على الولايات كان ذلك أفضل، فهذا سيدفع الأخوة المترددين للانضمام إلينا، أمريكا ستطلق صواريخها ونحن سنفجر قنابلنا، لن يهاجموا أراضينا بينما تظل أراضيهم في مأمن"، وعلى النقيض من القاعدة، لم تبد الدولة الإسلامية في البداية عزما على تنفيذ هجمات كبرى على الغرب، فقد استغلت مشاعر الخوف في تعزيز قبضتها على المدن التي سيطرت عليها في شمال العراق بعد مقاومة لا تذكر من الجيش العراقي الذي دربته الولايات المتحدة ومقاتلي البشمركة الأكراد الذين يسيطرون على أجزاء من المنطقة.

لكن سلسلة التسجيلات المصورة التي بثت في الآونة الأخيرة (وبخاصة التسجيل الذي يصور مقتل فولي) تشبه التغطية التي بثها تنظيم القاعدة أثناء قتل جنود أمريكيين وقطع رؤوس مواطنين أمريكيين وذبح شيعة خلال الاحتلال الأمريكي، وجاءت تلك التسجيلات عقب أول ضربات جوية أمريكية في العراق (مستهدفة مقاتلي الدولة الإسلامية) منذ انسحاب قوات الولايات المتحدة عام 2011، ويبدو واضحا أن الدولة الإسلامية تصعد الموقف وهي تدرك أن موت أمريكي بمثل هذه الطريقة المروعة وصورة آخر وهو تحت رحمة مقاتل يستهزئ برئيس أمريكي قد تثير انتقاما، ضربات جوية أعنف على الأقل.

وربما كانت هذه طريقة لتحسين سجلها الجهادي واجتذاب مزيد من الأتباع ورفع المكانة في عالم إسلامي متشدد لابد من النيل فيه من الولايات المتحدة "الكافرة"، وهناك تسجيل ربما يحمل في طياته معاني أكبر وهو ذلك الذي أذيع قبل قليل من بث التسجيل الذي يظهر فيه فولي بزي برتقالي كذلك الذي يرتديه لاعبو القفز ليعيد تذكير الأمريكيين بأن المقاتلين الإسلاميين مازالوا غاضبين من احتجاز مسلمين في خليج جوانتانامو، وكان التسجيل السابق يوحي بأن الدولة الإسلامية تتأهب لحرب وجود مقدسة بين الخلافة وأمريكا الصليبية ويحمل تهديدا بتدمير "الصليب الأمريكي".

الرد الامريكي

بدوره دعا السناتور الجمهوري جون مكين إلى زيادة كبيرة في الضربات الجوية الأمريكية ضد أهداف تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وقال إن الهجمات يجب ان تمتد ايضا الى سوريا، وقال مكين إن ذبح الصحفي الأمريكي جيمس فولي بيد مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية يجب ان يكون نقطة تحول في مداولات الرئيس باراك اوباما بخصوص كيفية التعامل مع الجماعة، وأضاف مكين في مقابلة عبر الهاتف "قبل كل شيء يجب ان تزيد بصورة كبيرة الضربات الجوية، ويجب ان تكرس تلك الضربات لسوريا ايضا".

وقال مكين عن فيديو ذبح فولي "ما من شك في أن هذه الفيديو المروع على الانترنت من المحتم ان يترك أثرا على الشعب الأمريكي. طبيعة وحشية هذه المنظمة اصبحت بين ظهرانينا من خلال ذلك"، وقال مكين إن ضرب اهداف للدولة الاسلامية في سوريا امر ضروري لأن المسلحين استولوا على معدات عسكرية في مدينة الموصل العراقية التي سيطروا عليها في يونيو حزيران ونقلوها الى جيوب داخل سوريا، واضاف "يجب أن نهزمهم، لا أن نوقفهم"، وقال سناتور اريزونا ايضا إن الولايات المتحدة يجب ان تسلح الاكراد العراقيين وان تساعد في ترتيب مصالحة بين الشيعة والسنة في العراق. بحسب رويترز.

ويقول مسؤولون أمريكيون إن من المستبعد أن يعمد الرئيس باراك أوباما لتوسيع الدور العسكري الأمريكي في العراق أو سوريا وإنه قد يستمر في توجيه الضربات الجوية الأمريكية وذلك رغم الضجة التي أثارها ذبح صحفي أمريكي في الداخل والخارج، وبدا أن الفيديو الذي نشر على الإنترنت سبب إزعاجا شديدا للمسؤولين الأمريكيين إذ ظهر فيه رجل مقنع يرتدي السواد وهو يذبح جيمس فولي (40 عاما) ويعلن الحرب على الولايات المتحدة ردا على الغارات الجوية الأمريكية المستمرة منذ ما يقرب من أسبوعين على أهداف للجهاديين في العراق.

لكن عدة مسؤولين بالإدارة الأمريكية قالوا إنه لا توجد خطط لتغيير كبير في الحملة الأمريكية على مقاتلي الدولة الإسلامية الذين استولوا على ثلث العراق منذ يونيو حزيران الماضي أو توسيع نطاق العمليات العسكرية لتشمل سوريا التي قويت فيها شوكة التنظيم خلال الحرب الأهلية، وقال مسؤول أمريكي اشترط عدم نشر اسمه "من منظور عسكري لا أعتقد أن ذلك سيغير من الأمر شيئا، فلم يكن الهدف العسكري قط إضعاف الدولة الإسلامية في العراق والشام" مستخدما الاسم السابق للتنظيم، وأضاف "كان الهدف حماية أفراد أمريكيين ومنشآت أمريكية"، وكان أوباما وصف تنظيم الدولة الإسلامية بأنه "سرطان" بفكر مفلس في مؤتمر صحفي.

وبعد فترة وجيزة من حديث أوباما قالت وزارة الدفاع إن طائرات أمريكية وجهت 14 ضربة جوية لأهداف في محيط سد الموصل ودمرت أو أتلفت سيارات همفي وشاحنات ومتفجرات تخص المتشددين، ويؤكد قرار أوباما التغاضي عن توجيه رد عسكري مباشر على قتل فولي عزوف البيت الأبيض عن التورط أكثر من ذلك في العراق وسوريا، ومنذ بدأت الانتفاضة على حكم الرئيس السوري بشار الأسد في عام 2011 شدد البيت الأبيض على محدودية قدرات الولايات المتحدة في توجيه الأحداث في الشرق الأوسط رغم انتقادات وجهت لرده الضعيف على إزهاق الأرواح.

وقال مسؤول أمريكي ثان "استراتيجيتنا هي (مساعدة العراقيين على) دفعهم للانسحاب من الاراضي التي كسبوها"، ومع تزايد الضربات الأمريكية تزايدت تهديدات الدولة الإسلامية للولايات المتحدة، وتوعد التنظيم بإغراق الأمريكيين في الدماء. وفي اليوم التالي وقبل نشر فيديو مقتل فولي حذرت رسالة أخرى من الجهاد ضد أمريكا "الصليبية"، ورغم وجود مخاوف منذ سنوات عديدة من أن يشن جهاديون يحملون جوازات سفر أوروبية أو أمريكية هجمات في الغرب فقد تحاشت الولايات المتحدة التدخل بشكل واضح في العراق وتركت للقوات العراقية التصدي للمتشددين وهو موقف أيدته استطلاعات الرأي العام عموما.

فعلى سبيل المثال أظهر استطلاع في يونيو حزيران أن 55 في المئة ممن شملهم الاستطلاع سيعترضون إذا تدخلت حكومة أوباما عسكريا في العراق، وأوضح الاستطلاع أن 20 في المئة فقط من الأمريكيين يؤيدون التدخل العسكري، ولم يتضح ما إذا كان مقتل فولي سيؤدي إلى تحول الرأي العام لكن يبدو أن تأييد العمل العسكري يتزايد، فقد أظهر استطلاع نشرت نتائجه هذا الأسبوع قبل نشر فيديو مقتل فولي أن أغلب الأمريكيين يقرون الضربات الجوية التي تشنها الطائرات الأمريكية في العراق وأن عددا متزايدا يرى أن الولايات المتحدة تقع على عاتقها مسؤولية التصرف في هذا الصدد.

وفي حين أن فرص توسيع الدور الأمريكي تبدو ضئيلة في الوقت الحالي فإن احتمالات انزلاق الولايات المتحدة في الصراع في سوريا والعراق تتزايد مع تزايد خطر الدولة الإسلامية، فربما يجبر ذلك المسؤولين الأمريكيين على إحياء الخيارات التي قدمها القادة العسكريون في السابق مثل توجيه ضربات جوية في سوريا، وربما تشمل الخيارات الأخرى استخدام الطائرات دون طيار في مهاجمة مناطق في شرق سوريا لا يسيطر عليها الاسد مثلما يحدث في بعض مناطق باكستان واليمن، وقال جيمس جيفري الدبلوماسي المخضرم الذي كان سفيرا لأمريكا في العراق من 2010 إلى 2012 "أوباما ينجر إلى ذلك، فرفضه ببساطه لا يمكن الدفاع عنه"، كما أرسلت واشنطن أكثر من 800 جندي إلى العراق منذ يونيو حزيران، وقال مسؤولون أمريكيون إنه قد يتم ارسال ما يصل إلى 300 من العسكريين إلى العراق لتوفير الأمن للدبلوماسيين الأمريكيين.

أمريكا تدمر اسلحتها

فيما لا يزال يسمى العراق استأنف سلاح الجو الأمريكي مهام القصف في الجزء الشمالي من هذا البلد المنقسم انقساما عميقا، وأعلن أن هدف القصف هو الدفاع عن طائفة من الأقلية تعرف باليزيديين يعتنقون دينا خاصا بهم ويتعرضون للخطر على أيدي تنظيم الدولة الإسلامية الجهادي الذي يسيطر على جزء كبير من أراضي سوريا والعراق، وقد حققت الدولة الإسلامية التي أعلنت أنها الخلافة الجديدة وتمثل إرادة الله في الأرض سلسلة مذهلة من النجاحات العسكرية خلال الشهور القليلة الماضية، فاستولت على الكثير من الاراضي وذبحت الكثير من الناس بينهم مدنيون، وفرضت ما ترى أنها الشريعة الإسلامية رغم أن الكثيرين من علماء الإسلام يختلفون معها في ذلك.

كما استولت الدولة الإسلامية على كمية ضخمة من العتاد الحرب الأمريكي كانت موجهة أصلا إلى الجيش العراقي الذي أعيد بناؤه وهو كما تعلمون الجيش الذي انهار رعبا أمام الدولة الإسلامية في الماضي عندما كانت مجرد الدولة الاسلامية في العراق والشام والذي خلع زيه العسكري وألقى بنادقه وفر هاربا، وترك هذا الجيش خلفه أيضا المعدات الأكبر بما في ذلك الدبابات إم1 ابرامز (ثمن الواحدة ستة ملايين دولار) ومدافع هاوتزر 52 إم198 (الواحد قيمته 527337 دولارا) والعربات المصفحة (الواحدة بنحو مليون دولار) التي تماثل العربات المستخدمة في فيرجسون. بحسب رويترز.

والآن تنطلق الطائرات الحربية الأمريكية في طلعات تتكلف الساعة الواحدة لها بين 22 ألف و30 ألف دولار أمريكي للمقاتلات إف 16 لكي تلقي بقنبلتين ثمن الواحدة منها لا يقل عن 20 ألف دولار لتدمير المعدات التي وقعت في أيدي الدولة الإسلامية، وهذا معناه أن الطائرة إف 16 إذا انطلقت من قاعدة انجيرليك الجوية في تركيا وطارت ساعتين إلى أربيل في العراق ونجحت في إلقاء كل قنبلة من قنبلتيها على هدف تكلف الولايات المتحدة ما بين 84 ألف دولار و104 الاف دولار في الطلعة الواحدة وتدمر معدات أمريكية الصنع لا تقل قيمتها عن مليون دولار ولا تتجاوز 12 مليون دولار، وبالطبع لسنا وحدنا الذين نواجه معضلة من هذا النوع.

إذ يقف الروس والأوكرانيون في مواجهة بعضهم بعضا بدبابات ومدافع وقنابل وطائرات بل والزي العسكري مما صنع في مصنع واحد، فقد كان البلدان بلدا واحدا قبل 23 عاما فحسب، وحتى بعد انفصالهما حافظا على العلاقات العسكرية الوثيقة حتى عهد قريب، وقبل أن تقرر روسيا أنها لا تقدر على خسارة صديقها في كييف فيكتور يانوكوفيتش كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين راضيا عن إبقاء أغلب قواته البحرية في القرم التي كانت حتى ذلك الحين أرضا أوكرانية، اعتقد أن هذا هو حال الأسلحة، فما أن تصنعها لا تعرف قط من سيصوبها تجاه من في نهاية الأمر.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 24/آب/2014 - 27/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م