الأحساء تاريخ من الحراك والهجرة ولكن؟

علي ال غراش

 

الأحسائيون (الأحساء شرق السعودية) لهم تاريخ طويل من الحراك على جميع الأصعدة الثقافية والدينية والاقتصادية والسياسية، وتاريخ من الهجرة والانتقال إلى مواقع أخرى خارج حدود المنطقة لأسباب عديدة ومنها الوضع السياسي، ورفض سياسة السلطات الحاكمة الظالمة.

الإحسائيون موجودون في الدول الخليجية وفي العراق والشام ومصر وتركيا وايران وباكستان والهند وماليزيا واندونيسيا وغيرها، ومازالت لغاية اليوم هناك عوائل وتجمعات ومجالس باسم الأحساء، ومن المعروف عن الاحسائيين القدرة الفائقة على التعايش في أي مكان والتفاعل مع المجتمع الجديد وإعمار الأرض وتشييد المشاريع.

ولأن الأحساء أو هجر الاسم السابق هي العاصمة الإدارية للدولة ولإقليم البحرين التاريخية الكبرى، التي تشكل شرق الجزيرة العربية من حدود البصرة شمالا إلى عمان جنوبا وتضم اهم الحواضر التاريخية: هجر (الاحساء)، الخط (القطيف)، أوال (البحرين)، وعاصمة للدول التي حكمت منطقة البحرين التاريخية مثل القرامطة والعيونيين والعصفوريين، ثم حكم الجبيريين والخوالد وال سعود، - وبعد تأسيس مدينة الهفوف بالاحساء في القرن الخامس الهجري تقريبا تحولت هي العاصمة للإقليم لغاية عام 1953 حيث تم تعيين مدينة الدمام في العهد السعودي الحديث عاصمة للإقليم، وتعرضت الأحساء طوال عقود طويلة للتهميش لطمسها وطمس تاريخها الذي هو تاريخ البحرين الكبرى، وبالتالي يجعل اي حكومة جديدة تسيطر على المنطقة قزمة بجانبها حيث يعود تاريخها إلى أكثر من 4000 عام قبل الاسلام - فقد انعكس ذلك على فكر أهل الاحساء في التعاطي السياسي، حيث من يعيش في العاصمة وبالقرب من صناعة القرار يختلف فكره عما يسكن بعيدا، فأهل الأحساء يتمتعون بسعة الصدر والتسامح واحترام التعددية الدينية والمذهبية والفكرية والنفس الطويل، بدون اصطدام وبعيدا عن العنف، رغم تمسكهم بموقفهم الرفض لسياسة السلطات الظالمة وتحملهم أصناف العقاب والتهميش والتهجير والملاحقات والإعتقالات والتعذيب والسجون وما زالوا لغاية اليوم.

من الصعب من خلال هذه المقالة الكتابة بالتفصيل حول ذلك، ونترك للمتخصصين لكتابة الدراسات حول الحالة الاجتماعية والسياسية والإقتصادية والسياسية والدينية والهجرة في الأحساء وانعكاسها على أهلها.

ونريد في البداية ان نؤكد اننا عندما نتحدث عن الأحساء، فإننا نقصد أهل الأحساء بكل أطيافهم المذهبية والفكرية، والأحساء بلد التعددية والتسامح.

المجتمع الأحسائي لا يتوقف عن الحراك مهما كانت الظروف، إذ قدم ويقدم حراكا منوعا حيث تزخر الأحساء بالحراك الثقافي والأدبي والعلمي وكثرة المنتديات والمراكز وهذا ليس غريبا، ولكن هناك تقصير في تغطية الجانب السياسي والحراك المطلبي، ورصد ما يحدث على الساحة من حراك يستحق الإفتخار به وإعطائه حقه من التغطية الإعلامية.

لهذا ليس مستغربا أن يوجد عدد من المعتقلين الأحسائيين الأبطال الذين يرفعون الرأس عالياً، اعتقلوا بسبب التعبير عن الرأي والمطالبة بالإصلاح السياسي الشامل في الوطن والتظاهر السلمي والتفاعل مع الحراك الشعبي في المناطق الأخرى من الوطن الغالي والشعب العربي، انهم يستحقون وقفة تضامن ومساندة ودعم من الأحسائيين قبل غيرهم، وتتشرف الأحساء بان الداعية الحقوقي والمناضل السلمي البطل الشيخ توفيق العامر الذي قدم اروع صور الصمود من أبنائها، وهناك عدد من الشباب المعتقلين الأبطال مثل: فاضل السلمان، والسيد جواد العبد المحسن، وكمال الدوخي، وأحمد جواد بو خمسين، بالإضافة إلى الشباب معتقلي صفحات الفيس بوك الأحسائية: عبد الحميد العامر، و محمد الخليفة، وكل من : علي الهدلق، وحسين السليمان، ومصطفى المِجْحِدْ، وحسين الباذر، وصالح الشايع، وشباب حركة 4 مارس، والشخصيات الوطنية الشريفة المتهمة بالتجسس، ومعتقلي راية عاشوراء في الحليلة، والسجناء المنسيين ... وغيرهم؛ وعذراً على عدم ذكر بقية الأسماء للأبطال الشرفاء العظماء.

هؤلاء الشباب وغيرهم ممن قدموا وضحوا لتسود العدالة في الوطن يستحقون التكريم والتقدير من قبل المجتمع، وإستحضار دورهم البطولي والإفتخار به، والتضامن معهم ومع أهاليهم الذين يستحقون الكثير من قبل أفراد المجتمع.

هناك ظلم للاحساء وللاحسائيين ولتاريخها النضالي، وبلا شك أهل الأحساء شركاء في ذلك الظلم في تقصيرهم في رصد الحراك السياسي والحراك والتفاخر بمواقف أبنائهم بصوت مرتفع، الأحساء منذ عقود من الزمن وهي تشهد حراكا سياسيا وقد تعرض الكثير من أبنائها للاعتقال والاختفاء أو الإضطرار للهجرة، ولكن للاسف مازال تاريخ ونشاط هؤلاء بعيدا عن الرصد لغاية هذا اليوم والكثير من الجيل الجديد في المنطقة وخارجها لا يعلم عنه.

أين الرصد والتحليل والتضامن مع: شباب الحراك 4 مارس، شباب صفحات الفيس بوك، شباب الحليلة، شباب الرميلة، والسجناء المنسيين، والشرفاء المتهمين بشبكة التجسس، وشباب 73 في البحرين منهم عباس ابو حليقة ويوسف الصالح، وشباب انتفاضة 1979م وما بعد الإنتفاضة في الثمانينات حيث ملئت السجون بالمعتقلين في تلك المرحلة، بالاضافة حملات الإعتقال التي طالت مئات الشباب في السبعينيات والستينات والخمسينيات الخ، وما هي أسمائهم، بالاضافة إلى من اعتقلوا وسجنوا بسبب ممارسة عقيدتهم أو حمل وإدخال كتاب وغيرهم "فهم يستحقون التكريم جميعا" ما قصصهم النضالية وفي الإعتقال والسجون فكل شخص منهم محل الفخر والاعتزاز، هؤلاء يمثلون مرحلة من تاريخ العمل السياسي والنضالي المشرف في الاحساء، وهذا التاريخ بحاجة إلى رصد وتوثيق؟.

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 23/آب/2014 - 26/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م