داء السكري... سفاح صامت لا يستثني الأطفال

 

شبكة النبأ: مرض السكري الذي يعد من أكثر الأمراض انتشارا في جميع أنحاء العالم، لايزال يهدد حياة الكثير من البشر حيث قفز عدد المصابين بهذا المرض في السنوات الاخيرة وكما تشير بعض التقارير إلى مستويات قياسية، ويبلغ عدد المصابين بالمرض حالياً قرابة 350 مليون شخص، واغلب تلك الاصابات للنوع الثاني من البول السكري المرتبط بالسمنة ونقص الحركة. وتفيد تقديرات الاتحاد الدولي لمكافحة البول السكري الى ان اعداد المصابين ربما سترتفع الى اكثر من55 % من مجموع سكان العالم ليصل إلى 592 مليون مصاب بحلول عام 2035 وهو ما سيكبد العالم انفاقا سنويا على الرعاية الصحية قد تصل قيمته إلى اكثر من 637 مليار دولار.

ويرى بعض الخبراء ان ازدياد اعداد مرضى السكري، هي نتيجة طبيعية خصوصا وان اغلب الناس قد اهملوا الاعتناء بصحتهم واتبعوا ممارسة انماط جديدة في حياتهم اليومية، وهو ما اسهم بانتشار ظاهرة السمنة التي تلعب دوراً بارزاً في تزايد الإصابة بالسكري، هذا بالإضافة الى والاجهاد وتأثيرات الحالة النفسية السيئة التي يمكن ان تكون احدى اسباب هذا المرض ايضاً.

السكري في أمريكا

وفي هذا الشأن فقد أظهرت دراسة نشرت نتائجها في مجلة "ذي لانست" الطبية البريطانية أن نحو 40% من السكان البالغين في الولايات المتحدة سيصابون بالسكري من النوع الثاني (الأكثر شيوعاً) خلال حياتهم. وأشار فريق من الباحثين الأمريكيين إلى أن الوضع أسوأ بالنسبة لبعض المجموعات مثل الأشخاص المتحدرين من أصول أمريكية لاتينية (رجالاً ونساء) أو النساء السود، إذ إن الخطر لدى هؤلاء يتخطى نسبة 50% .

وللوصول إلى هذه النتيجة، قام الباحثون بدراسة وثائق الوفاة العائدة ل600 ألف بالغ توفوا بين 1985 و2011 كما أجروا مقابلات مع أمريكيين. وبعدما كان خطر الإصابة بالسكري خلال الحياة بالنسبة لأي أمريكي يبلغ 20 عاماً، يقدر ب20% للرجال و27% للنساء في الفترة بين 1985 - ،1989 ارتفعت هذه النسبة لتصل إلى 40% للرجال و39% للنساء بين 2000 و2011.

كذلك أظهر الباحثون أن السنوات التي يتعايش فيها الأشخاص مع مرض السكري ارتفعت بنسبة 156% لدى الرجال و70% لدى النساء خلال المرحلة نفسها. وأشار إدوارد غريغ المشرف الرئيسي على الدراسة والباحث في مركز مراقبة الأمراض والوقاية منها في اتلانتا إلى أن هذا الارتفاع الكبير مرده إلى الانتشار الكبير لمرض السكري منذ نهاية الثمانينات إضافة إلى زيادة أمد الحياة المتوقع لدى السكان بشكل عام. ويرتبط مرض السكري من النوع الثاني الذي تزيد وتيرة الإصابة به مع التقدم بالعمر، بشكل أساسي بأسلوب الحياة وبالبدانة. بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

الى جانب ذلك حذر مركز الوقاية ومكافحة الأمراض الأمريكي في دراسة جديدة، من أن اثنين من بين كل خمسة أمريكيين سيتعرضون للإصابة بمرض السكر، النوع الثاني، في مرحلة ما من حياتهم، وفقًا لتقديرات الحكومة الأمريكية الجديدة. وأوضح إدوارد جريج، رئيس فرع علم الأوبئة والإحصائيات في قسم السكر، في "مراكز الوقاية ومكافحة الأمراض" (CDC)، أن الجمع بين مرض السكر والسمنة يعد من الأوبئة الجارية مع التزايد المضطرد في متوسط أعمار الإنسان، لزيادة مخاطر الإصابة بمرض السكر النوع الثاني.

ووفقًا لـ"جمعية مرض الجمعية السكر" الأمريكية على الرغم من أن الدراسة لم تفصل مرض السكر من حيث النوع، إلا أن الغالبية العظمى من مرضى السكر يعانون من مرض السكر النوع الثاني، حيث أنه إما أن يعجز الجسم عن إفراز الأنسولين بالقدر اللازم والكافي أو مقاومة تمثيله بصورة طبيعية في الجسم، وهو هرمون هام لتمثيل السكريات من الأطعمة المتناولة لتغذية الجسم والمخ. وتعد السمنة أحد أهم عوامل الخطر الرئيسية لزيادة فرص الإصابة بمرض السكر، النوع الثاني، إلا أنه ليس الوحيد، حيث تلعب الجينات دورًا في تطوير مرض السكر النوع الثاني.

الأطفال والسكري

في السياق ذاته اشار بحث جديد إلى أن الكثير من الاطفال الاميركيين الذين لم يبلغوا سن الثالثة عشرة ربما يواجهون عوامل خطورة تؤدي إلى الاصابة بالنوع الثاني من مرض السكر وهو شكل من اشكال المرض كان يعتبر بمثابة مشكلة لكبار السن من البالغين. ووجدت الدراسة التي اجريت على 1740 طالبا بالصف الدراسي الثامن في 12 مدرسة اميركية ان نصف من شملتهم الدراسة يعانون من زيادة في الوزن او يميلون الى المعاناة من زيادة الوزن وهي أحد عوامل الخطورة الرئيسية المسببة للإصابة بالنوع الثاني من مرض السكر.

وبالإضافة الى ذلك اظهرت الدراسة ان 41 في المائة يعانون من ارتفاع نسبة السكر في الدم عندما اجريت الاختبارات عقب الصيام بينما سجل 36 في المائة مستويات مرتفعة من الانسولين وهو هرمون يساعد في تنظيم مستويات السكر في الدم. وتشير ارتفاع مستويات الانسولين والسكر في الدم عن المعدل الطبيعي إلى أن الجسم اكتسب مقاومة مضادة للأنسولين وهو ما يعد نذيرا بالإصابة بالنوع الثاني من مرض السكر.

واوضحت الدكتورة فرانكيني كوفمان من مستشفى الاطفال بلوس انجليس والمشرفة المساعدة على الدراسة ان بعض الاطفال الذين شملتهم الدراسة كانوا يعانون من الاصابة بالسكر الا ان مستوى عوامل الخطورة كان "مرتفعا للغاية". وأوردت كوفمان وزملاؤها نتائج الدراسة في دورية رعاية مرضى السكر.

وشملت الدراسة اعدادا كبيرة من اطفال العرق الاسباني والهنود الحمر الذين يشكلون السكان الاصلييين وهما من المجموعات العرقية التي تعاني تحديدا من ارتفاع معدل الاصابة بالنوع الثاني من السكر حيث سجل هؤلاء الاطفال اعلى معدلات السكر في الدم اثناء الصيام. بحسب رويترز.

واخبرت كوفمان ان هذه النتائج تضاف الى الادلة بان زيادة الوزن وعدم بذل اي حركة او نشاط يدفع بالمزيد والمزيد من الاطفال الاميركيين وخاصة بالنسبة للأقليات لمواجهة خطر الاصابة بالسكر. واضافت "هذا يمثل صرخة لنا للنهوض بعملية وقاية شاملة." وحسبما ذكرت كوفمان فان هذا يمكن ان يشمل توفير طعام صحي واعادة النشاط البدني الى المدارس اضافة الى الجهود التي تبذل في التجمعات مثل ايجاد اماكن آمنة للأطفال للقيام ببعض التمرينات اضافة الى توفير مثل هذه الاماكن في المنازل. ولاحظت كوفمان انه كلما اصيب الشخص بالسكر في وقت مبكر من عمره عانى مبكرا من مضاعفات خطيرة مثل امراض القلب والفشل الكلوي وتلف الاعصاب مما يجعل الوقاية في غاية الاهمية على وجه التحديد بالنسبة لصغار السن.

العمل بنظام النوبات

على صعيد متصل أظهرت دراسة دولية أن معدلات الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري ترتفع بين من يعملون بنظام النوبات اليومية. وأشارت نتائج الدراسة، المنشورة في دورية الطب الوظيفي والبيئي، إلى أن الرجال وأولئك العاملين بنظام نوبات عمل غير ثابتة هم الأكثر عرضة للإصابة بالمرض. ويسود اعتقاد بأن اضطراب الساعة البيولوجية في الجسم يؤثر على منطقة الخصر وعلى الهرمونات ونظام النوم، وهو ما يؤدي إلى زيادة احتمال الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري.

ويمكن لهذا المرض أن يؤدي إلى العمى، وزيادة احتمال الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية، بالإضافة إلى إلحاق الضرر بالأعصاب والأوردة الدموية، وهو ما يزيد بدرجة خطيرة احتمال الاضطرار إلى بتر قدم المصاب. وأظهرت دراسات النوم التي أجريت في بعض المعامل أن الغفوة في الأوقات غير المناسبة من اليوم أدت في غضون أسابيع إلى دخول الأشخاص في مراحل مبكرة من النوع الثاني من مرض السكري. والآن، تعزز نتائج تحليل البيانات التي جمعت من 226 ألفا و652 شخصا ارتباط هذا بالنوع الثاني من المرض.

وأظهرت الدراسة التي أجراها فريق من الباحثين بجامعة هوازهونغ للعلوم والتكنولوجيا في الصين أن من يعملون بنظام النوبات تزداد مخاطر إصابتهم بالنوع الثاني من مرض السكري بنسبة 9 في المئة. وتصل النسبة بين الرجال إلى 35 في المئة. وبالنسبة لأولئك الذين يعملون في نوبات عمل متقلبة بين النهار والليل، فقد ارتفع احتمال الإصابة بالمرض 42 في المئة.

وقال الباحثون إن "نتائج الدراسة تظهر أن الرجال الذين يعملون بنظام النوبات عليهم أن يولوا اهتماما أكبر بما يمكن أن يمنع إصابتهم بمرض السكري". وأضافت الدراسة أنه "بالنظر إلى الانتشار المتزايد لنوبات العمل على مستوى العالم والعبء الاقتصادي الثقيل الذي يفرضه مرض السكري، فإن نتائج دراستنا تقدم دلائل عملية قيمة لمنع الإصابة بمرض السكر." وينصح بأن يتبع العاملون بنظام النوبات نظاما غذائيا صحيا متوازنا، وتتضمن بعض التفسيرات الممكنة لحدوث ذلك أن نوبات العمل تتسبب في اضطراب أنماط الأكل والنوم لدى العاملين، حيث أن تناول الطعام في وقت متأخر من الليل يجعل الجسم أكثر ميلا إلى تخزين الطاقة كدهون، وهو ما يزيد من احتمال الإصابة بالسمنة ويؤدي نتيجة لذلك إلى الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري.

وثمة اعتقاد بأن تزايد احتمال الإصابة بين الرجال قد يرجع إلى التغيرات التي تطرأ على الهرمونات لديهم. لكن بما أن هذه الدراسات تركز على جانب واحد فقط، فمن المستحيل الجزم بأن نوبات العمل هي الوحيدة التي تتسبب في الإصابة بمرض السكري، إذ يمكن أن تكون هناك عوامل أخرى أيضا.

وقال جوتشون لوو، الأستاذ الجامعي المشارك في الدراسة، إن "من الضروري تثقيف العاملين بنظام النوبات بشأن أعراض السكري في محاولة منع أو تجنب أول أعراض المرض." واعتبر لوو أن "من الضروري تطبيق استراتيجيات أفضل لتعديل (مواعيد) النوبات في إطار أسلوب إدارة الشركات بما يوفر حماية فعّالة للعاملين بنظام النوبات من (الإصابة بمرض) السكري."

من جهته، قال آلاسدير رانكين، من مؤسسة خيرية بريطانية لمكافحة مرض السكري، إن "هذه النتائج تظهر أن من يعملون بنظام نوبات العمل بحاجة لأن يدركوا حجم مخاطر إصابتهم بالنوع الثاني من مرض السكري." وأضاف رانكين، من مؤسسة "ديابيتيس يو كيه"، أن "بوسعهم القيام بذلك من خلال خضوعهم لتقييم مخاطر الإصابة بهذا المرض، إما عن طريق الإنترنت أو في أي صيدلية قريبة." وتابع قائلا إن "أفضل طريقة يمكنك من خلالها تقليل إصابتك بالنوع الثاني من مرض السكري هي أن تحافظ على الوزن الصحي المناسب لجسمك من خلال الأنشطة البدنية المنتظمة وابتاع نظام غذائي صحي ومتوازن." بحسب بي بي سي.

أما نيك ويرهام، الأستاذ بجامعة كيمبريدج، فقال إن تأثير نوبات العمل متوسط. وأضاف أنه "إذا ما ثبت وجود ارتباط بين نوبات العمل ومرض السكري، فمن المهم التعرف على الطرق التي يمكن من خلالها تقليل احتمال الإصابة به بين من يضطرون للعمل في نوبات مختلفة".

الرياضة و وسائل منع الحمل

من جانب اخر قال باحثون إن السيدات اللواتي يمارسن رياضة رفع الأثقال تقل لديهن نسبة الإصابة بمرض السكري وذلك بحسب دراسة أجريت على 100 الف ممرضة على مدى 8 سنوات. وأوضحت الدراسة أن آداء السيدات لتمرينات رفع الأثقال أو لتدريبات مشابهة يمرن العضلات بصورة جيدة . ونشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة PLoS الطبية.

وأشارت الدراسة الطبية إلى أن إجراء السيدات اللواتي يمارسن رياضة الأيروبيك لمدة 150 دقيقة على الأقل اسبوعياً إضافة إلى ساعة واحدة من تمارين تقوية العضلات، تقل لديهن نسبة الاصابة بمرض السكري 2. وقال الخبراء إن القيام بتمارين الإيروبيكس باستمرار، وممارسة رياضة السباحة والمشي السريع والجري يحصن من الإصابة من النوع الثاني من مرض السكري.

ويصاب المرء بالنوع الثاني من مرض السكري حين يصبح هناك مقاومة مضادة لمفعول الأنسولين بالإضافة إلى قلة إفراز الأنسولين. ويعمل الأنسولين على مساعدة الجسم على استخدام السكر في الجسم كطاقة وتخزين أي فائض منه في الكبد والعضلات.

وقال الباحثون من جامعة هارفريد الأمريكية إلى أن نتيجة هذه الدراسة ليست مثالية، لأنها العينة المنتقاة لإجراء البحث كانت لمجموعة من الممرضات في القوقاز، كما أنها اعتمدت على ما زودته بهن الممرضات بالنسبة لعدد الساعات التي مارسن فيها الرياضة عوضاً عن معاينتهم لذلك بأنفسهم. بحسب بي بي سي.

الى جانب ذلك أكدت دراسة طبية أن السيدات اللاتي يتناولن حبوب منع الحمل التي تعتمد على عناصر هرمونية تزداد بمعدل 1.4مرة فرص إصابتهن بمرض السكر. فقد وجد الأطباء أن السيدة التي لديها تاريخ في استخدام وسائل منع الحمل الهرمونية كانت فرصتها أعلى بنسبة 40% للإصابة بمرض السكر خاصة ما يعرف بسكر الحمل.

فقد اكتشف الباحثون صحة العلاقة بين حبوب منع الحمل والسكر من خلال تحليل البيانات الصحية من بعض حالات الحمل لأكثر من 2,741 ألف سيدة تم جمعها من عدد من الدراسات الاستقصائية التي أجريت من قبل نظام الرصد لتقييم المخاطر خلال الفترة من عام 2007 إلى 2009.

وأشارت المتابعة إلى أن السيدات اللاتي لم يتم تشخيص إصابتهن بأي شكل من أشكال مرض السكر من قبل، لوحظ ارتفاع مستويات السكر في الدم خلال فترة الحمل والمعروف بسكر الحمل، على الرغم من أنه عادة ما يتلاشى بعد ولادة الطفل، إلا أنه يمكن أن يتسبب في مشكلات صحية للام والطفل على حد سواء من بينها تشوهات النمو في حال إهماله وتركه دون علاج.

كما وجدت الدراسة أن 8,3% من السيدات اللاتي خضعن للدراسة تشخص إصابتهن بمرض السكر خاصة بين اللاتي اعتمدت على حبوب منع الحمل المعتمدة على عناصر هرمونية كوسائل لتنظيم النسل، والتي تعمل على التلاعب في نظام الغدد الصماء لمنع الحمل.

زيت الكانولا

في السياق ذاته أظهرت دراسة جديدة أن التحول إلى نظام غذائي منخفض السكريات البسيطة وغني بالدهون المفيدة مثل الأنواع الموجودة في زيت الكانولا يمكن أن يساعد مرضى النوع الثاني من السكري في السيطرة على مستويات السكر في الدم. ووجد باحثون أن مرضى النوع الثاني من السكري الذين اتبعوا نظاما غذائيا منخفض السكريات وحصلوا على مكملات غذائية تحتوي على كمية إضافية من زيت الكانولا انخفض مستوى الجلوكوز لديهم كما حدث تراجع كبير في احتمالات اصابتهم بأمراض القلب مقارنة مع مرضى اتبعوا نظاما غذائيا غنيا بالحبوب الكاملة. بحسب رويترز.

وقال قائد فريق البحث الدكتور ديفيد جينكينز من جامعة تورونتو هيلث "نعرف أن زيت الزيتون يحظى بسمعة طيبة بين الأطباء لكن زيت الكانولا لديه سمعة طيبة أيضا." وزيت الكانولا غني بحمض ألفا لينولينك وهو نوع من أحماض أوميجا3 الدهنية التي توجد أيضا في الجوز فضلا عن الأحماض الدهنية غير المشبعة الأحادية الموجودة أيضا في الأفوكادو والزيتون.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 16/آب/2014 - 19/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م