من المستفيد من اجبار المالكي على التنحي؟

علي الأسدي

 

يجري خلف الكواليس تنفيذ أخطر مؤامرة على العراق منذ تأسيسه في عشرينيات القرن الماضي، أداتها لسوء الحظ بنو جلدتنا، ولسوء الحظ أيضا سيكونون هم ضحيتها في وقت لاحق. لم يعد سرا ان القاعدة صناعة أمريكية وجرى التخلص من قادتها الواحد بعد الآخر كان بن لادن أهمهم لكن ليس آخرهم. قدمت القاعدة للامبريالية الأمريكية أكبر خدمة لمصالحهم على مدى اكثر من ثلاثة عقود قدر عدد ضحاياها بمئات الآلاف من الناس الأبرياء. وهاهم من جديد يخرجون داعش من القمقم على طريقة أفلام هوليود ولكن ليس وحدهم هذه المرة، بل بمشاركة مخرج لا يقل خبرة بإخراج قصص الموت والتدمير صاحب المصلحة الأول في تدمير العراق. فما هو الجرم الذي ارتكبه العراق بحق أحد حتى تجند له وحوشا من عرب وغير عرب، هل خلق في العصر الخطأ أم في المكان الخطأ ليجد نفسه محاطا بالكلاب المتوحشة والبهائم والضباع..؟؟

MIKE WHITNEY كاتب وصحفي أمريكي من مدينة واشنطن ناشط في حركة سياسية لا ربحية هي Hopeless: Barack Obama and the Politics of Illusion كتب مقالا تحت عنوان " تقسيم العراق.. من أجل اسرائيل " سأنقل للقارئ العزيز أهم ما جاء فيه.

لم يعد هناك شك بأن داعش هي أداة جرى تشكيلها من قبل الولايات المتحدة. انها جزء من ستراتيجية لفصم عرى التحالف بين ايران والعراق وسوريا وحزب الله. ويبدو ان هذه الاستراتيجية تتجه ناحية الفشل محدثة ردود فعل معاكسة، لكن لا يجب الشك بأن داعش هي الاستراتيجية. يقوم الرئيس أوباما بالضغط على المالكي في عملية ابتزاز واضحة وهي " ان الولايات المتحدة لن تهرع لمساعدة العراق في ضرب داعش اذا لم يتنحى عن السلطة ". بعبارة اخرى ان الولايات المتحدة تبدأ الآن عملية جديدة لتغيير الأنظمة. فما هو الفرق بين هذه العملية وبين سابقتها التي تمت عن طريق الحرب، بينما تتم هذه عبر الاستفادة من مجموعة صغيرة من الجهاديين الارهابيين الذين اجتاحوا مناطق العراق واصبحوا على بعد 50 ميلا من العاصمة بغداد وتوجيه البندقية نحو رأس المالكي. ليس مفاجئة أن يرفض المالكي التعاون وما يعنيه هذا من تهديد بحدوث حرب أهلية في العراق.

وقد جاء الرفض على لسان الناطق الرسمي باسم رئيس الوزراء نوري المالكي والذي ورد نصا " يرفض المالكي التنحي كشرط لقيام الولايات المتحدة بمساعدة العراق للتصدي لعصابات داعش الارهابية ". وكان وزير الخارجية هوشيار زيباري قد ظهر على قناة العربية الخليجية حينها وطلب مساعدة الولايات المتحدة التدخل للتصدي لداعش. لكن أوباما نفسه يتعرض لضغوط من السياسيين الأمريكيين من اجل الطلب من نوري المالكي بالاستقالة بينما عملية تنحيته عن الحكم جارية بالرغم من رفضه. وفي هذا الصدد نشرت صحيفة الوول ستريت جيرنال الأمريكية مقالا ذكرت فيه ان صانعي القرار في دول المنطقة من حلفاء الولايات المتحدة وبالخصوص السعودية والامارات العربية المتحدة يضغطون على البيت الأبيض لسحب تأييده للمالكي وان بعضهم أبدى استعداده للعمل على دعم الاستقرار في العراق اذا اطيح بالمالكي من منصبه.

ويعلق ويتني على موقف حلفاء الولايات المتحدة من الخليجيين قائلا، انه ابتزاز واضح وانه اشارة الى ما يجري وراء الستار. فأوباما وسياسييه يقومون بلي ذراع المالكي لإجباره على التنحي وهو ما قصده أوباما بأقواله في المؤتمر الصحفي الذي عقد حينها وتطرق فيه الى الموضوع. لقد سمى أوباما داعش بالمنظمة الارهابية وانهم يشكلون خطرا على الحكومة العراقية لكنه مع ذلك لن يهرع الى لنجدة المالكي. لماذا..؟ لماذا يقوم بضرب الارهابيين في اليمن وباكستان وافغانستان ولا يرغب بالقيام بذلك في العراق..؟ وهل ان أوباما غير ملتزم بمكافحة الارهاب بصورة مطلقة..؟ يجيب الكاتب نفسه على السؤال، نعم بالتأكيد.

ومن الطبيعي أن لا يساعد أوباما المالكي اذا كان ذلك يتعارض مع الخطة الاستراتيجية لواشنطن. وهي في الوقت الحاضر تتطلب تنحية المالكي لأنه وثيق الصلة بطهران، وانه رفض التوقيع على اتفاق يسمح للولايات المتحدة بإبقاء 30 الف عسكري في العراق عام 2011 وهذا ما جعله عدوا للولايات المتحدة وانه مجرد وقت قبل ان تقرر الولايات المتحدة ازاحته من منصبه. ويمكن استنتاج هذا الأمر من مؤتمر أوباما الصحفي الذي ذكر فيه قوله : " ان مفتاح الحل بالنسبة للعراق وسوريا سيكون مزيجا مما يحدث داخل البلاد والعمل مع القوى الوسطية في المعارضة السورية، وفي العراق قيام حكومة ممثلة لكافة القوى السياسية ودفع كافة بلدان المنطقة نحو اتجاه واحد لبناء شراكة فعالة ".

ويفسر الكاتب كلمات الرئيس أوباما قائلا: انها تعني إما أن تكون ضمن المجموعة أو تكون خارجها. اذا أنت مع الولايات المتحدة فانك ستنتفع منها بما يعني ان الولايات المتحدة ستساعدك في الدفاع ضد المجموعات الارهابية التي أوجدوها ويسلحوها ويمولوها وتقديم كل التسهيلات اللوجستية لها من قبل دول الخليج الحليفة لها. اما اذا كنت خارج المجموعة كالمالكي فان واشنطن ستتصرف بشكل مغاير، حيث ستتحول مدنك الى انقاض وسيجري تسويتها مع الأرض ويصبح البلد غير قابل للحكم والعيش تسوده الفوضى. لذا فهناك حق الاختيار بأن تطيع الأوامر وعندها لن يصيب الأذى أحد أو تذهب لوحدك وتواجه مصيرك. الرئيس يهدد رجلا منتخبا ديمقراطيا من قبل أبناء بلده دون أن ينسى انه واحدا من الفريق الذي أتى بهم الرئيس بوش، ولأنه لم ينفذ أوامرهم بما فيه الكفاية لهذا يريدون الآن ازاحته والاتيان بشخص أكثر طاعة لهم كالجلبي. لنفترض ان هذا الخيار صحيح لتحقيق الاهداف الاستراتيجية الأربعة في العراق وهي :

1 - تنحية المالكي 2 – عقد اتفاقية بقاء القوات الأمريكية في العراق المعروفة SOFA 3 – عزل العراق عن ايران 4 – تقسيم العراق. كيف ستنتفع الولايات المتحدة من وراء هذه الأهداف الأربعة..؟

فللولايات المتحدة عددا من القواعد العسكرية في الشرق الأوسط وهي لن تحقق اي شيء في حالة حصولها على قاعدة عسكرية في العراق. ونفس الشيء في حالة ازاحة المالكي عن السلطة. فكيف ستتحسن الأحوال بالنسبة لأمريكا..؟ شيئ واحد سيتحقق وهو تزعزع الثقة بالولايات المتحدة كدولة داعمة للديمقراطية فالمالكي فاز في الانتخابات الماضية. أما عزل العراق عن ايران فهو أمر لا معنى له. الولايات المتحدة هي التي ازاحت السنة عن السلطة في العراق عندما ازاحت صدام حسين والبعث عن السلطة وأحلت الشيعة مكانهم.

الولايات المتحدة هي التي دفعت بالعراق الى ايران، وبغداد شيعية وستبقى شيعية واذا كان الأمريكيون يريدون ازالة تأثير ايران على العراق فمعنى ذلك ان للأمريكيين شيئا في تفكيرهم. وهم بالفعل لهم شيئا في بالهم، انهم يريدون تقسيم العراق تنفيذا لخطة سبق وأعدت في اسرائيل قبل اكثر من ثلاثة عقود. الخطة أعدت من قبل ODED YINON الذي رأى في العراق تهديدا جديا على اسرائيل.

ففي بحث له تحت عنوان " استراتيجية اسرائيل في عام 1980" وهي خارطة طريق لتقسيم العراق التي ورد فيها :

العراق غني بالنفط من ناحية وممزق من ناحية أخرى، وهو مضمون كهدف لإسرائيل. تقسيم العراق وتدميره أكثر أهمية لنا من سوريا. فالعراق اقوى من سوريا، وفي المدى القصير فان قوة العراق تشكل أعظم خطر على اسرائيل. حرب عراقية - ايرانية ستحيل العراق الى أجزاء مسببة انهياره حتى قبل أن يعيد تقويم نفسه ليهددنا. وان اي نزاع عربي داخلي سيساعدنا في المدى القصير وسنختصر الوقت أكثر في تدمير العراق وهو الأهم تمهيدا لتدمير سوريا ولبنان.

تقسيم العراق الى أقاليم على أساس ديني وقومي كما في سوريا أثناء سيادة الدولة العثمانية عملية ممكنة. فهناك امكانية لانشاء ثلاثة أو أكثر من الدول حول ثلاثة مدن هي البصرة وبغداد والموصل ومنطقة شيعية في الجنوب ستنفصل عن السنة والاكراد في الشمال. ومن الممكن ان تعمق المنازعات العراقية -الايرانية هذا الاستقطاب.

ويعيد الكاتب ويتني العبارة التي وردت في ورقة المخطط الاسرائيلي " كل نزاع عربي داخلي سيساعدنا في المدى القصير ويختصر الطريق الى ما هو أكثر أهمية وهو تفتيت العراق الى ملل كما في سوريا ولبنان". ويقول انها الخطة. الولايات المتحدة لن تستفيد منها، الولايات المتحدة لن تستفيد من تجزئة وبلقنة وتدمير العراق. الشركات النفطية هي الآن هناك وتستخرج من النفط الكمية التي تريدها. النفط العراقي مسعر ويباع بالدولار وليس باليورو، وان العراق لا يشكل اي تهديد لأمن الولايات المتحدة. مخططو الحروب الأمريكية قد حصلوا على كل ما يريدون. ليس هناك أي سبب للعودة الى الخلف وخلق المشاكل لبدء الحرب لتقسيم العراق وتفتيته الى شظايا.

السبب الوحيد لتذويب العراق هو اسرائيل. اسرائيل لا تريد عراقا موحدا. اسرائيل لا تريد العراق واقفا على قدميه. اسرائيل تريد أن تكون متأكدة بأن العراق لن ينهض من جديد كقوة اقليمية. وان هناك طريقا واحدا لتحقيق ذلك الهدف هو تنفيذ مخطط ODED YINON لتقسيم العراق وتجزئته الى ثلاثة أو أكثر من دول دينية واثنية تتأسس في الموصل وبغداد والبصرة، وهذا المخطط هو الذي يتبعه أوباما. الولايات المتحدة لن تحقق أية فائدة من هذا المخطط بل كل شيء لإسرائيل.

....................................................

· It’s All for Israel

· Splitting up Iraq

· BY MIKE WHITNEY • JUNE 20, 2014 •

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 15/آب/2014 - 18/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م