الجغرافيا العربية ولعبة الشطرنج

علي حسين كبايسي

 

محاصرة الخصم من الجهات الأربع تعني هزيمته المؤكدة، فبلغة الشطرنج " الشاه مات "، وهذا ما أدركه قادة إسرائيل، فطرح بن غوريون مشروع " تطويق المطوق" وكيفية استهداف الخريطة العربية.

من عناوين مشروع " تطويق المطوق": تقسيم السودان وفصل جنوبه عن شماله ليعطي العمق الجغرافي لإسرائيل، وتصبح مصر "هبة النيل" محاصرة جنوبا وتهديد استراتيجي محدق بها، جعل الأردن جغرافيا عازلة تقي إسرائيل أي خطر يتهددها من جهة العراق، إقامة دولة كردية حليفة لإسرائيل بهدف إضعاف العراق وجعلها بؤرة تجسسية تخدم أمن إسرائيل وتزودها بالطاقة، والشواهد كثيرة.

صنعت أمريكا داعش وتركته يفسد في الأرض، يهلك الحرث والنسل يتحرك جنوبا في العراق دون توجس أمريكي، ولكن الوحش الداعشي لما تحرك شمالا وقارب أبواب أربيل، كانت العمليات الجوية الأمريكية بالمرصاد، أربيل خط أحمر، ليتبين أهمية البيدق الكردي في لعبة الشطرنج الصهيوأمريكية.

ما كانت إسرائيل أن تقوم لولا قيام دولة آل سعود التي رسم حدودها عبد الله فيلبي بالقضاء على حكم آل الرشيد الموال للدولة العثمانية، والاستيلاء على مكة والمدينة بعد سحب البساط بالشريف حسين، وضرب الأردن بالطيران عند محاولة أبناء الشريف استعادة الحجاز فكان انتصارا لسياسة كوكس - من أصول يهودية - بدل مكماهون.

عرفت سياسة مكماهون أن خلافة المسلمين لا تتم إلا لقرشي حسب المذاهب الثلاثة المالكية والشافعية والحنابلة، لذا كان مذهب الدولة العثمانية الرسمي مذهب الأحناف الذي يجوز لغير القرشي خلافة المسلمين، وتعطي الشرعية للحكم العثماني، وهذا كان مدعاة لإستغلال الانجليز آل الشريف في قيام ما يسمى بالثورة العربية ضد العثمانيين بقيادة لورانس العربي !!، ولكن عند رسم خريطة سايكس بيكو أي تقسيم العالم العربي إلى دويلات جاءت سياسة السير بيرسي كوكس لتثبت آل سعود النجديين والمذهب الوهابي على الجزيرة العربية.

ثنائيتا إسرائيل والسعودية، آل سعود- من أصول يهودية - وآل الشيخ لعبتا دورا كبيرا في إذلال العرب وتخلفهم، إسرائيل أشبعت الأنظمة العربية هزائم ونكسات، وألبستهم الذل والعار، وجعلت من دولهم مثالا للبؤس والفشل، فأصبحت إسرائيل الدولة التي لا تقهر وتجتاح عدة دول عربية في لمح البصر، والسعودية منعت قيام ثورة 36، وأخذت تشل روح المقاومة لدى الإنسان العربي إلى أن أماتتها، ومنعت الشعوب العربية القيام بثورة، فكل ثورة مسخت إلى الوحش فرنكشتاين إكسيره الإسلام الأموي، وباركت قيام دولة إسرائيل التي جعلت العرب يعيشون عقدة الهزيمة، وبالبترودولار الخليجي عشش المذهب الوهابي في كل بقعة من العالم الإسلامي، وأصبح يفرخ الوحوش التكفيريين كالجراد الذي أخذ يكتسح ما أراد الصهيوأمريكي أن يجعله قاعا صفصفا.

يشترك الإسرائيلي والوهابي في تجسيد الإله، الإسرائيلي عبد ثور السامري، وجعل النبي يعقوب (ع) يصارع الإله كأنه بشر، والوهابي يعبد الشاب الأمرد الذي يأتيه في اليوم الآخر فينكره فيكشف له عن ساقه!!، عملا جاهدين في طمس المعالم الإسلامية، الوهابي آتى على المزارات والمراقد وأضرحة الأنبياء والأولياء وسواها أرضا، وجعل من دار الرسول (ص) دورة للمياه، وترك حصون خيبر كما هي !!، وهل موعد المسجد الأقصى قد اقترب؟؟.

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 15/آب/2014 - 18/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م