عقوبة الإعدام.. قضية جدلية رائجة عالميا

 

شبكة النبأ: عقوبة الإعدام لا تزال موضع جدال كبير لدى العديد من الاوساط والهيئات والمنظمات الحقوقية والسياسية والاعلامية في مختلف دول العالم، وخصوصا تلك التي تعارض تطبيق عقوبة الإعدام في جميع الحالات باعتبارها انتهاك لحقوق الانسان، وهو ما يرفضه البعض معتبرين ان عقوبة الإعدام حكم مهم يجب ان ينفذ بحق القتلة والمجرمين الذين خرجوا عن كل قيم الانسانية.

وعقوبة الإعدام، هو قتل شخص بإجراء قضائي من أجل العقاب أو الردع العام والمنع. وتعرف الجرائم التي تؤدي إلى هذه العقوبة بجرائم الإعدام أو جنايات الإعدام. وقد طبقت عقوبة الإعدام في كل المجتمعات تقريبًا، ما عدا المجتمعات التي لديها قوانين مستمدة من الدين الرسمي للدولة تمنع هذه العقوبة. وطرق الإعدام تختلف بحسب القانون المعمول به في كل بلد وتشمل طرق تنفيذ حكم الإعدام بالكهرباء والإعدام رميًا بالرصاص، وغيرها من طرق إطلاق النار، والرجم في بعض الدول الإسلامية بالإضافة إلى قطع الرأس بالسيف، وغرفة الغاز والشنق والحقنة المميتة، وتعد عقوبة الإعدام قضية جدلية رائجة في العديد من بلدان العالم.

وفي هذا الشأن نفذت السلطات الاميركية في ميسوري (وسط) وفي فلوريدا (جنوب غرب) حكم الاعدام برجلين ادين كل منهما بقتل زوجين، بحسب ما اعلنت سلطات السجون. ونفذ الحكم بوليام روسان البالغ من العمر 57 عاما في ميسوري بحقنة قاتلة لادانته بارتكاب جريمة قتل في العام 1993 راح ضحيتها زوجان مزارعان ستينيان كان يريد سرقة ابقارهما. وفي فلوريدا، نفذ الحكم بروبرت هندريكس البالغ من العمر 47 عاما بحقنة قاتلة، لاقدامه على ذبح قريب له مع زوجته، بعدما شهد ضده في قضية سطو. وبتنفيذ هذين الحكمين، يرتفع الى تسعة عشر عدد احكام الاعدام المنفذة في الولايات المتحدة منذ مطلع العام.

الى جانب ذلك نفذ حكم الإعدام في رجل أدين بقتل زوجته وطفلها ذي الخمس سنوات في سجن ولاية فلوريدا. واعدام جون آر. هنري -الذي ارتكب جريمته قبل حوالي 30 عاما- بالحقن وقضى هنري (63 عاما) عقوبة بالسجن في قضية سابقة وحصل على اطلاق سراح مشروط قبل ان يرتكب جريمة قتل زوجته وطفلها عام 1985.

عملية اعدام طويلة

في السياق ذاته استغرقت عملية إعدام سجين في ولاية أريزونا الأمريكية نحو ساعتين قبل أن يلفظ أنفاسه ويموت. وقد أعدم السجين جوزيف وود المحكوم عليه بتهمة ارتكاب جريمتي قتل عبر حقنه قاتلة. وتقدم محاموه بطلب طارئ بوقف تنفيذ الحكم بعد أن ظل "يلهث ويشخر لأكثر من ساعة" في غرفة الاعدام. وبرروا ذلك بأن عملية الإعدام الطويلة تعد خرقا لحقه في أن يعدم من دون أي عقوبة قاسية أو غير معتادة.

وقال محاموه إن عملية الاعدام يجب أن لا تستغرق فترة أكثر من 10 دقائق، بيد أن وود البالغ من العمر 55 عاما ظل يشهق لأكثر من 600 مرة قبل وفاته. وقد بدأت عملية الإعدام في الساعة 13:52 بالتوقيت المحلي وأعلنت وفاته في الساعة 15:49، أي بعد ساعة و57 دقيقة، حسب دائرة الإدعاء العام في أريزونا. وكان ود أدين بجريمتي قتل صديقته المبتعده عنه ديبرا ديتز ووالدها يوجين ديتز في عام 1989. بحسب رويترز.

ويسعى محامو وود إلى أجبار السلطات التنفيذية في ولاية أريزونا على الكشف عن اسم الشركة المصنعة للمادة القاتلة التي استخدمت في اعدامه، بيد أن حكما في اللحظة الأخيرة من المحكمة الأمريكية العليا قضى بمواصلة عملية الإعدام. وفي اتصال مع محامي وود، قال مسؤولون في أريزونا إنهم قد مزجوا عقارين لاستخدامهما في إعدامه وهما ميدازولام وهايدرومورفين. بيد أنهم رفضوا تقديم أي معلومات توضيحية إضافية ومنها اسم الشركة المصنعة للعقار القاتل، مشيرين إلى قانون سرية المعلومات الحكومية لحماية صانعي العقار من الانتقام.

الرئيس الأمريكي يطالب

على صعيد متصل أعلن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، أنه يعتزم مطالبة المدعي العام، إريك هولدر، بالتحقيق في المشكلات المتعلقة بتنفيذ أحكام الإعدام. ويأتي ذلك التصريح بعد أيام من حكم بالإعدام كان قد نُفِّذ بطريقة غير متقنة في ولاية أوكلاهوما الأمريكية ولقي اهتماما على نطاق واسع بين الأمريكيين. وانتقد أوباما إطالة معاناة السجين، كلايتون لوكيت، حتى وفاته جراء حقنه بطريقة غير ملائمة بالحقن المميت. وقال اوباما إن الأمر كان "مزعجا للغاية".

وأوضح الرئيس الأمريكي أن لديه مشاعر متضاربة بشأن عقوبة الإعدام بشكل عام. وقال أوباما إن "ما حدث في أوكلاهوما يسلط الضوء على بعض المشكلات الخطيرة التي نواجهها. لابد أن نوجه لأنفسنا بعض الأسئلة الصعبة والعميقة بشأن تلك القضايا." واعتبر أوباما، الذي عمل بالمحاماة في السابق، أن حكم الإعدام لا يزال فعالا في بعض القضايا التي تتضمن جرائم قتل الأطفال والقتل الجماعي، لكن تطبيقها ينطوي على مشكلات كثيرة في الولايات المتحدة.

ومن الأمور المثيرة في هذا الإطار، وجود دليل على تحيّز عنصري أو البراءة المحتملة لبعض السجناء، بحسب اوباما. وأعلن الرئيس الأمريكي أنه سيكلف المدعي العام بإعداد "تحليل للخطوات التي اتخذت وتتخذ في هذه الحالات بشكل عام، وليس في هذه الحالة بعينها فحسب." وفي غضون هذا، أمرت حاكمة أوكلاهوما، ميري فولين، بإجراء "مراجعة مستقلة" لبروتوكولات تنفيذ عقوبة الإعدام، مؤكدة أن إدارة الأمن العام ستقود التحقيقات.

ويُذكر أن المسؤولين بسجن أوكلاهوما كانوا قد حقنوا العقار المميت في فخذ السجين كلايتون لوكيت، وذلك بعد أن فشلوا في الوصول إلى وريد مناسب في جزء آخر من جسمه. واستغرق البحث عن ذلك الوريد 51 دقيقة، إلا أن المسؤولين بالسجن لم يدركوا أن الوريد الذي وقع عليه الاختيار في الفخذ أصيب بهبوط. وبسبب هذا، أصيب السجين بأزمة قلبية بعد عشر دقائق من وقف عملية الإعدام، فيما ظل يتلوى من الألم ويغمغم بكلام غير مفهوم.

وحكم على لوكيت بالإعدام بعد إدانته بإطلاق النار على فتاة تُدعى ستيفاني نيمان (19 عاما) قبل وقوفه متفرجا على اثنين من شركائه وهم يوارونها التراب وهي مازالت على قيد الحياة في عام 1999. ولا زالت ولايات أمريكية عدة تعاني من نقص الدواء الثلاثي المستخدم في تنفيذ عقوبة الإعدام بالحقن المميت. وكان لوكيت وشريكاه يقومون بالسطو على منزل عندما شاهدتهم ستيفاني وشخص آخر.

وتأتي المشكلات التي صاحبت إعدام لوكيت وسط جدل أوسع نطاقا في شأن مدى مشروعية استخدام العقاقير المميتة في تنفيذ أحكام الإعدام بالولايات المتحدة، وما إذا كان استخدامها يُعد انتهاكا للدستور الأمريكي الذي يحظر "العقوبات الوحشية وغير المألوفة". وكانت ولايات أمريكية عدة قد واجهت مشكلات متنامية في الحصول على العقاقير المستخدمة في عملية الحقن المميت، وذلك نظرا للحظر الذي تفرضه شركات الأدوية الأوروبية.

وكان السجينان قد أقاما دعوى قضائية ضد القانون الذي تطبقه ولاية أوكلاهوما والذي يمنع المسؤولين من الكشف، حتى في المحكمة، عن هوية الشركات التي تزود السلطات بالأدوية المستخدمة في الإعدام بالحقن لكن دعواهم باءت بالفشل. وتسبب تلك الأدوية تخديرا للأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام وتشل أجهزة التنفس لديهم وتوقف القلب. لكن سلطات الولاية تصر على أن القانون ضروري لحماية الشركات المزودة من الدعاوى القانونية أو أية مضايقات ضدها. وقال كل من لوكيت ووارنر في دعواهما إن من حقهما أن يعرفا هوية الشركات المنتجة لكي يتوثقا من جودة الأدوية التي ستستخدم في إعدامهما، وكذلك للتأكد من أن الحصول على تلك الأدوية جاء بطريقة قانونية. بحسب بي بي سي.

وحكمت محكمة في أوكلاهوما لصالح دعوى السجينين في مارس/ أذار الماضي، لكن المحكمة العليا في الولاية نقضت الحكم قائلة: "إن المدعين ليس من حقهم الحصول على تلك المعلومات في هذه الحالة تماما مثلما لو كانوا سيعدمون باستخدام الكرسي الكهربائي". وتعاني الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة من صعوبات في الحصول على أدوية لاستخدامها في عمليات الإعدام في ظل حظر تصديرها من جانب شركات الأدوية الأوربية. ولذا لجأت السلطات الأمريكية أحيانا إلى استخدام أدوية لم يتم اختبارها، أو السعي للحصول على الأدوية من الصيدليات التي تعمل على تركيبها خصيصا لهذا الغرض.

الاعدام في المالديف

من جانب اخر أعلنت جزر المالديف تغييرها لتشريع قديم مر عليه ستون عاماً للعقوبة القصوى في البلاد، لتدخل عقوبة الإعدام على بعض الجرائم ولكن مع السن القانونية للبلوغ في البلاد يمكن أن يواجه أطفال بعمر سبع سنوات عقوبة الإعدام. وتنص التغييرات على استعمال الحقن القاتلة لتنفيذ عقوبات الإعدام لجرائم القتل المتعمد والقتل عن سابق إصرار وترصد، وتخضع بعض الجرائم في المالديف لقانون الشريعة الذي يطبق إقامة الحد على بعض الجرائم، لكن السن القانونية.

وأشارت وسائل الإعلام المحلية إلى أن عشرين شخصاً حكم عليهم بالإعدام منذ البدء بتطبيق القانون وأن أحدهم حصل على عفو من المحكمة العليا في الدولة، في الوقت الذي أشار إليه وزير الشؤون الداخلية عمر نصير إلى ضرورة إحياء القرارات بتنفيذ عقوبات الإعدام قائلاً بأن المالديف تعاني من اكتظاظ بالسجون ومن "حياة جريمة حيوية"، مضيفاً بقوله إن "المالديف هي دولة إسلامية مائة في المائة وهنالك العديد من القيم التي نؤمن بها." بحسب CNN.

وعبرت كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي عن قلقهما بشأن تنفيذ عقوبة الإعدام بحق القاصرين، ورغم أن القانون الجديد ينص على أن القاصرين المدانين بالقتل المتعمد ستنفذ عقوبة إعدامهم عند بلوغهم 18 عاما." وقامت المفوضية العليا لحقوق الإنسان بإصدار بيان تحث فيه حكومة المالديف بـ "تعديل قانونها" بتنفيذ عقوبة الإعدام "في جميع الحالات، خاصة في الحالات التي يكون فيها المدان قاصراً"، مشجعة الحكومة على التخلي عن عقوبة الإعدام كلياً.

ايران والسعودية

على صعيد متصل اعدم ايراني شنقا بعد ادانته بالانتماء الى منظمة "خلق" رغم نداء من منظمة العفو الدولية لوقف اعدامه، وفق وسائل الاعلام. واوضحت وكالة الانباء الايرانية ايرنا ان غلام رضا خسروي سواجاني ادين بالاعدام في 2010 بانه "عدو الله". واعتقل في 2008 للاشتباه في تواصله مع مجاهدي خلق وانه نقل وثائق حساسة الى المعارضة في المنفى، وفق الوكالة.

وقد دعت منظمة العفو الدولية السلطات الايرانية الى وقف عملية الاعدام مؤكدة انه لم يستفد من محاكمة نزيهة وقالت ان القانون الجنائي الايراني الجديد لا ينص على حكم الاعدام الا للمعارضين الذين "حملوا السلاح". وكان معتقلا في عزلة في سجن ايوين شمال طهران قبل نقله الى كرج. وتفيد الامم المتحدة ان 500 شخص اعدموا في ايران خلال 2013 منهم 57 امام الملأ.

ويحتجز مجاهدو خلق الذين اسسوا حزبهم في 1965 لمكافحة نظام الشاه ثم النظام الاسلامي، حاليا في معسكر اشرف شمال بغداد، بعد ان كانوا يحظون بدعم نظام صدام حسين لشن عمليات مسلحة ضد ايران. ونزعت اسلحتهم بعد التدخل الاميركي في العراق في 2003 اثر تقارب الحكومة العراقية من ايران. بحسب فرانس برس.

الى جانب ذلك ذكرت وزارة الداخلية السعودية ان عاملة منزل نيبالية دينت بذبح طفل في الثانية من العمر، اعدمت بحد السيف في السعودية. وذكرت الوزارة في بيان نشرته وكالة الانباء السعودية ان عاملة المنزل دينت بنحر الطفل السعودي أسامة العنزي دون مزيد من التفاصيل. وهذا الاعدام الذي نفذ في مدينة عرعر شمال البلاد يرفع الى 16 عدد الاعدامات في السعودية منذ مطلع السنة. واعدم 78 شخصا من جنسيات مختلفة في 2013 بالسعودية.

وتعاقب بالاعدام جرائم الاغتصاب والردة والقتل والسطو المسلح وتهريب المخدرات وممارسة السحر والشعوذة في المملكة التي تعتمد تطبيقا صارما للشريعة الاسلامية. وكانت مفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان نددت في 2013 "بالزيادة الكبيرة في احكام الاعدام في المملكة".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 9/آب/2014 - 12/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م