الإدمان.. ظاهرة مستفحلة تفكك المجتمعات وتفتقر للمكافحة

 

شبكة النبأ: الإدمان وكما تشير بعض المصادر هو عبارة عن اضطراب سلوكي يظهر تكرار لفعل من قبل الفرد لكي ينهمك بنشاط معين، بغض النظر عن العواقب الضارة بصحة الفرد أو حالاته العقلية أو حياته الاجتماعية، وتختلف أنواع الإدمان وتتنوع من شخص الى اخر فهي تشمل وكما يقول بعض الخبراء المخدرات و الكحول والأدوية النفسية والقمار والتدخين، بل قد تتعداها إلى ممارسات اخرى ومنها ممارسة الرياضة بشكل مفرط، والأكل المفرط القهري، وتناول المشروبات الغازية، هذا بالإضافة الى الادمان الالكتروني الذي اصبح اليوم ظاهرة خطيرة تهدد الكثير من البشر.

وللإدمان اضرار صحية ونفسية خطيرة ومتعددة بسبب ضعف النشاط والحيوية، الذي يضعف مقاومة الجسم للعديد من الامراض كما ان الادمان يسهم بحدوث مجموعة من الآثار نفسية كالقلق والتوتر المستمر، والشعور بعدم الاستقرار، وإهمال النفس والمظهر وعدم القدرة على العمل أو الاستمرار فيه وحالة من الأرق والقلق. كما الادمان قد يؤدي إلى حالة من زيادة الوزن، والسمنة المفرطة، نتيجة لعدم الحركة، مع تناول الوجبات والمشروبات الغنية بالسعرات الحرارية.

لذا ينصح بعض الخبراء بإتباع بعض الإجراءات لمكافحة ظاهرة الإدمان وتتجسد في الدورات التعليمية التي تركز على حصول المدمن على العلاج الداعم ومنع الانتكاس ويمكن تحقيق ذلك في جلسات فردية أو جماعية أو أسرية، كما ينصح أخذ المشورة من مستشار نفسي بشكل منفرد أو مع الأسرة، أو من طبيب نفسي تساعد على مقاومة إغراء إدمان واستئناف ممارسته. كما يمكن أن تساعد علاجات السلوك على إيجاد وسائل للتعامل مع الرغبة الشديدة في ممارسات الإدمان.

فعلى الرغم من حملات التوعية المتعلقة بمختلف الوسائل الإعلامية حول هذا النوع من الظواهر، إلا أن العديد من الضحايا ما زالوا يقعون في شرك الادمان طمعا في الحصول على المال او غاية شخصية، ومع العديد من المعوقات التي تعترض مكافحة الادمان إلا أن بعض المؤسسات الاجتماعية بدأت بمكافحة هذه الظاهرة بالتعاون على المستوى الدولي لردع هذا الخطر الكبير.

الإدمان الإلكتروني

وفي هذا الشأن فهل تلقون نظرة على هاتفكم الذكي كل ثلاث دقائق؟ وهل تنتظرون على أحر من الجمر الرسائل الإلكترونية والنصية؟ لعلكم بحاجة إلى علاج يخلصكم من إدمانكم التكنولوجيات الجديدة، ويمكنكم الاختيار بين مجموعة واسعة من العلاجات، من ورق مرسوم لتغطية الجدران يمنع تلقي الشبكات اللاسلكية إلى الإجازات التي ينقطع خلالها النفاذ إلى خدمة الانترنت. ولفت ريمي أودغيري مدير معهد "إبسوس" الفرنسي وصاحب كتاب عن "الإدمان الإلكتروني" إلى أن "الأشخاص ينفذون إلى الانترنت في المواقع جميعها، من الأسرة في منازلهم إلى قاعات الانتظار، مرورا بالمطاعم". وفي الولايات المتحدة، يمتلك نصف البالغين تقريبا هاتفا ذكي وأكثر من ثلثهم جهازا لوحيا.

وأوضح مدير "إبسوس" أن "توافر الإمكانيات اللامتناهية للنفاذ إلى الانترنت يدفع كل مستخدم إلى التفكير في كيفية التمتع بطيبات الحياة مع الاستفادة في الوقت عينه من الشبكة الإلكترونية. وتكمن المسألة الجوهرية في كيفية تفادي الادمان". وقد قام باحثون فرنسيون باستحداث ورق مرسوم لتغطية الجدران يمنع تلقي موجات الشبكات اللاسلكية. ويعتزم مصنع "أهلستروم" طرح هذا المنتج في السوق العام المقبل. ويكتسي هذا الابتكار أهمية كبيرة، لا سيما في المدارس حيث من شأنه أن يمنع التلاميذ من أن يضيعوا وقتهم خلال الصفوف بواسطة هواتفهم الخلوية.

وأظهرت دراسة أجراها "إبسوس" أن نحو ثلث الفرنسيين يشعرون بحاجة إلى قطع سبل النفاذ إلى الانترنت، والأمر سيان في بلدان أخرى. وفي العام 2006، بين تقرير صادر عن "إبسوس" أن 54 % من الفرنسيين يشعرون بأنهم يمضون أوقاتا أقل مع معارفهم بسبب تطور التكنولوجيات. وقد ارتفعت هذه النسبة إلى 71 % العام الماضي. وفي قطاع السياحة، خاضت عدة فنادق غمار "الإقلاع عن الإدمان الرقمي".

وتقترح مثلا سلسلة فنادق "ويستن" في دبلن على زبائنها أن تأخذ منهم هواتفهم الذكية وأجهزتهم اللوحية في قاعة الاستقبال، وتعرض عليهم في المقابل رزمة لزرع شجرة وممارسة لعبة جماعية، في مقابل 175 يورو لليلة الواحدة. وانتهجت شركات أخرى مناهج أخرى، مثل المجموعة الأميركية "ديجيتل ديتوكس" التي تنظم إجازات يتعذر خلالها النفاذ إلى الانترنت في مناطق نائية من الولايات المتحدة، أو في بلدان مثل كمبوديا.

وقال تييري كروزيه وهو مدون قرر من تلقاء نفسه قطع سبل النفاذ إلى الانترنت لمدة ستة أشهر إن هذه النشاطات "أقرب إلى الحملات التسويقية ... فالحاجة لا تدعو إلى تنظيم رحلة إلى القطب الشمالي (للابتعاد عن وسائل التكنولوجيا الحديثة)، إذ تتعدد المواقع التي لا انترنت فيها". وقد ألف هذا الصحافي البالغ من العمر 49 عاما كتابا عن تجربته الخاصة تحت عنوان "جي ديبرانشيه"، بعد أن عانى ما يعرف بالإجهاد الرقمي (ديجيتل بورن آوت) إثر اطلاعه باستمرار طوال الليل على رسائله الإلكترونية ومدوناته وحساباته في "تويتر". وأقر "لاحظت أن عدة أصدقاء باتوا يخففون من نشاطاتهم على الانترنت ... فنحن بدأنا ندرك" تفشي هذه المشكلة.

وفي قطاع الأعمال أيضا، اتخذت عدة شركات مبادرات ريادية لتفادي النفاذ المتواصل على مدار الساعة إلى شبكة الانترنت عند الموظفين. فقد قرر مثلا مصنع السيارات الألماني "فولكسفاغن" عدم توجيه الرسائل الإلكترونية إلى الموظفين بين السادسة مساء والسابعة صباحا. بحسب فرانس برس.

وبدأت علاجات الاقلاع عن الإدمان الإلكتروني تنتشر في الولايات المتحدة، من قبيل برنامج "ريستارت" الذي يقدم خلوات لمكافحة الإدمان في الولايات المتحدة. وغالبية المشاركين في هذا البرنامج هم، بحسب موقعه، بين الثامنة عشرة والثامنة والعشرين من العمر ويواجهون صعوبات إما في إتمام دراساتهم بسبب استخدام مكثف للشبكة أو في إقامة علاقات اجتماعية خارج العالم الافتراضي.

الجنس والمخدرات

على صعيد متصل كشفت أول دراسة من نوعها للبحث في نشاط مخ "مدمني الجنس" عن تشابة واضح مع نشاط مخ مدمني المخدرات. ومازال هناك بعض الجدل حول إمكانية أن يصبح الإنسان مدمنا للسلوك الجنسي، بما في ذلك مشاهدة الأفلام الإباحية. وأجرى باحثون في جامعة كمبريدج مسحا بالأشعة لمخ 19 رجلا يشاهدون أفلاما إباحية. وأظهرت الأشعة نشاطا في "مراكز المكافأة" بالمخ لدى مشاهدي الأفلام الاباحية، وهي نفس المراكز التي تنشط عن رؤية المدمنين لمخدراتهم المفضلة.

وكان اثنان من المشاركين في الدراسة قد طردوا من وظائفهما، بسبب مشاهدة موادا إباحية أثناء العمل. وكانوا جميعا لديهم هاجس السلوك والأفكار الجنسية، لكن من غير المؤكد إذا ما كانوا "مدمنين" بنفس طريقة إدمان المدخنين للنيكوتين. ويناقش بعض الباحثين أن صفات المشاركين بالدراسة تشبه أكثر اضطرابات السيطرة على الانفعالات أو الوسواس القهري. واستخدم فريق الباحثين تصوير الرنين المغناطيسي الوظيفي لملاحظة التغيرات في نشاط المخ، الناتج عن مشاهدة الأفلام الإباحية. كما قارنوا بين أدمغة الناس المصابين بالسلوك الجنسي القهري وأشخاص الأصحاء.

وإدمان المواد الإباحية تؤثر على الأزواج وتتسبب في زيادة الكذب والخداع والعزوف عن العلاقة الحميمية وأظهرت النتائج، التي نشرتها دورية "بلوس وان"، مستويات مرتفعة من النشاط في ثلاثة أجزاء بالمخ: النواة المخططة البطنية والقشرة الحزامية الأمامية واللوزة الدماغية. وهذه هي المناطق التي تستثار لدى مدمنين المخدرات، عند رؤيتهم المخدرات المفضلة لديهم.

وقالت فاليري فون، من جامعة كمبريدج :"تلك هي الدراسة الأولى التي تهتم بالأشخاص الذين يعانون من هذه الاضطرابات وتبحث في أنشطة أدمغتهم، لكنني لا أعتقد أننا نفهم بقدر كافي الآن لنقول أنها حالة إدمان واضحة". وأضافت :"لا نعرف إذا كان بعض هذه الآثار نتيجة رغبات داخلية، مما يعني أنه إذا كان لديك نشاط أكبر في هذه المناطق فهل أنت لديك القابلية لتطوير هذا السلوك أو أنه نتيجة تأثير للمواد الإباحية نفسها، إنه أمر صعب تحديده". وأوضحت أن من تعرضوا في وقت سابق للمخدرات كانوا على الأرجح قابلين للتطور نحو الإدمان.

من ناحية أخرى، حذرت دكتور فون من عدم وجود دليل كافي لتقديم نصائح بشأن التأثير السلبي على المراهقين الذين يشاهدون المواد الإباحية على الانترنت. ومن جانبها كشفت باولا هال، رئيس رابطة علاج إدمان الجنس والقهرية، أن الانترنت باتت تقدم ضخ لا يتوقف من المواد الجنسية الجديدة. وقالت هال :"ما أراه أعدادا متزايدة من الشباب الذين لا يستطيعون الحفاظ قدرتهم على الانتصاب لأنهم دمروا شهوتهم بالأفلام الإباحية".

"لذلك فإن الضرر على الحياة الزوجية هائلا، وينعكس في الكذب والخداع، وعدم ممارسة الجنس مع الشريك ويظهر وجود ضعف الدافع الجنسي لدى الأزواج، لأنهم يقضون كل الوقت على الانترنت". وأكملت "وربما يتوقفون عن المشاركة في الأنشطة الاجتماعية. والإباحية عندما تبدأ في كثير من الأحيان تكون بوابة صغيرة تجر إلى الدخول في العمل في الدعارة". لكنها أوضحت أن الأمر مازال مثيرا للجدل لنقول أن هؤلاء الناس مدمنين والأبحاث في هذا المجال مازالت بسيطة. بحسب بي بي سي.

ويرى جون ويليامز، رئيس علم الأعصاب والصحة العقلية في مؤسسة ويلكوم تراست الخيرية، أن السلوك القهري بما فيه المشاهدة الزائدة للمواد الإباحية أو الإكثار من تناول الطعام والمراهنة أصبحت شائعة على نحو متزايد. والدراسة تأخذنا خطوة أبعد لمعرفة لماذا نكرر هذا السلوك الذي نعلم أنه ربما يدمرنا.

من جانب اخر قال علماء ان مدمني المخدرات وأقربائهم غير المدمنين يتشاركون في سمات معينة في المخ فيما يدل على أن القابلية للإدمان صفة وراثية لكنها أيضا خلل يمكن التغلب عليه. وتوصل باحثون بعد فحص أدمغة 50 زوجا من الاشقاء والشقيقات ضمن كل زوج منهم واحد من مدمي الكوكايين الى أن كلا الشقيقين يعانيان من اختلالات في المخ تجعل من الصعب عليهما ضبط النفس.

وتزيد النتائج فهم السبب في زيادة مخاطر الادمان لدى البعض ممن لديهم تاريخ عائلي في تعاطي المخدرات عن غيرهم ويمكن أن تشير الى وسائل علاجية جديدة لمساعدة الناس المعرضين للخطر في تعلم كيفية الامتناع قبل ان يترسخ الادمان. وقال بول كيدويل استشاري الطبيب النفسي في جامعة كارديف في بريطانيا الذي لم يكن مشاركا في البحث لكنه تشجع من النتائج "اذا تمكنا من الوقوف على الشيء الذي يجعل الاقارب غير المدمنين على هذا القدر من المقاومة فربما نتمكن من تجنب الكثير من (حالات) الادمان."

ركوب الخيل

من جهة اخرى وقبل اربعة اشهر فاض الكيل بزوجين في كوريا الجنوبية بسبب ادمان ابنتهما المراهقة لتصفح الإنترنت وخاصة المواقع الإباحية لكن الآن وبفضل برنامج علاج يعتمد على رياضة ركوب الخيل فقد عادت الابنة لتتحكم في نمط حياتها على ما يبدو. ففي كوريا الجنوية اكثر البلاد استخداما للاتصالات وحيث يملك ثلثا السكان هواتف ذكية بات ادمان الإنترنت مشكلة كبيرة. ووفقا لبيانات حكومية فإن 680 الف طفل تتراوح اعمارهم بين عشرة أعوام و19 عاما يدمنون الإنترنت او ما يعادل نحو 10 بالمئة من هذه الفئة العمرية.

وقالت الفتاة التي تبلغ من العمر 14 عاما وفضلت ذكر لقبها فقط (كيم) "اعتدت اللعب على الكمبيوتر لسبع ساعات يوميا وحتى اثناء الليل اذا ذهبت والدتي لرحلة." ولمعالجة هذا الوضع أصدرت الحكومة ما يسمى "قانون الإغلاق" العام الماضي والذي يمنع رواد الألعاب الإلكترونية ممن هم دون 16 عاما من اللعب بين منتصف الليل وحتى السادسة صباحا. لكن اثر هذا القانون كان محدودا اذ كان المراهقون يتحايلون على هذه القيود باستخدام الحسابات الخاصة بالآباء. وحاول والدا كيم استخدام الفن والموسيقى وابداء التذمر المستمر لعلاجها من إدمان الإنترنت.

وعندما عجزت كل هذه الوسائل اقترحت مدرستها إلحاقها بمركز للعلاج بركوب الخيل والذي يعتمد على هذه الرياضة لعلاج الاضطرابات النفسية والسلوكية والتي تعتقد المدرسة انه سبب كامن لإدمان الإنترنت. وقالت الفتاة من داخل المركز الذي يبعد نحو 40 كيلومترا عن سول "اهتم بالخيول وافكر في كيفية ركوبها على نحو افضل وهو ما جعلني افقد الاهتمام بالكمبيوتر والإنترنت."

وتحصل كيم على انواع مختلفة من الاستشارات المتخصصة داخل المركز لكنها تعتقد ان الخيول هي افضل من يقدم المساعدة. ولقد نشأت بينهما علاقة وطيدة بكل تأكيد وهو ما تجلى عندما ربتت بحب على حصانها قبل ان تشرع في ركوبه في حقل يكسوه الجليد. وقال يون جا ايون وهو مدرب خيول في المركز "الحصان حيوان يمكن لأي شخص بسهولة الارتباط به عاطفيا." بحسب رويترز.

وللاتحاد الكوري لركوب الخيل مركزان للعلاج ويخضع نحو 50 شخصا يوميا لبرامج العلاج من عدة مشكلات مثل الاكتئاب وبعض الاضطرابات النفسية وادمان الإنترنت. ويعتزم الاتحاد بناء 30 مركزا جديدا في انحاء كوريا الجنوبية التي يقطنها 50 مليون نسمة بحلول عام 2022 لتلبية الطلب المتزايد على هذا النمط العلاجي. ويشعر والدا كيم بالسعادة من النتائج. وقالت الأم "بعد العلاج.. لا تكاد تتصفح الإنترنت. واذا اقدمت على ذلك تعدني اولا بالمدة التي ستقضيها في اللعب على الكمبيوتر."

العلاج في باكستان

على صعيد متصل فنور رحمن مدمن الحشيشة فقد بصره بعد أن أمضى ثلاث سنوات وهو مكبل بسلاسل حديد في عيادة ملا باكستاني يدعي أنه يساعد المدمنين على الإقلاع عن إدمانهم من خلال تثبيتهم على الأرض وتلاوة آيات قرآنية على مسامعهم. وقال الشاب الثلاثيني في غرفة يقبع فيها آخر "مرضى" الملا الياس قدري "كانوا يعاملون أسوأ من الحيوانات". فعندما داهمت الشرطة هذه العيادة الواقعة في هاريبور على بعد 80 كيلومترا عن شمال اسلام آباد، عثرت على 115 مريضا مقيدا على الأرض. وقد حرر أغلبية مرضى العيادة، لكن 20 مريضا تقريبا، من أمثال نور رحمان، لا يزالون ينتظرون عائلاتهم.

ولمنعهم من الهروب والغرق مجددا في دوامة المخدرات، كان الملا يكبلهم ليلا نهارا ولا يفك قيودهم إلا في بعض الأحيان كي يقصدوا المرحاض مثلا مكبلين اثنين اثنين مع "سجناء" آخرين. وكان الملا يبرحهم ضربا في حال تجرأوا على الاشتكاء. وأخبر نور الذي فقد بصره بعد سنتين في هذه العيادة أنه "كان يعذبنا لدرجة أن بعض المرضى باتوا يعانون اضطرابات عقلية". وأضاف "لعل ذلك ناجم عن الضغوطات النفسية والتوتر"، فضلا عن قذارة المكان.

وكان نور أب الأولاد الثلاثة قد أتى إلى العيادة برفقة شقيقه، لكنه لم يتصور يوما أنه سيصبح سجينا فيها ومعوقا. وهو يلوم عائلته، شأنه في ذلك شأن أغلبية السجناء، متهما شقيقه بأنه أراد التخلص منه ليحصل على أراضيه. وقال شفيع الله وهو لاجئ افغاني لا يزال مكبلا مع سجين آخر بانتظار عائلته "كان الملا يفك قيودنا عندما كان بحاجة إلينا للقيام بأعمال بناء. فنحن قد شيدنا هذه الجدران"، وأيضا لتحضير الطعام وتنظيف العيادة. وبات إدمان الهيرويين سائدا في باكستان حيث توفر هذه المخدرات بسهولة وبأسعار بخسة.

وباتت البلاد تضم أكثر من 4 ملايين مستهلك للقنب الهندي وأكثر من 860 ألف مدمن هيرويين، أي ضعف الأعداد المسجلة في العام 2000، بحسب الأمم المتحدة. وتقدم العيادات المتوفرة للإقلاع عن الإدمان علاجات قديمة الطراز من دون مواد بديلة للتعويض عن الإدمان، حتى أن بعض العيادات تعزل المرضى في زنزانات. لكن الملا قدري كان يكبل مرضاه. وقد أدت شكوى تقدمت بها عائلة أحد المرضى إلى توقيف الملا الذي لا يزال يدافع عن منهجيته.

وهو قال "كنت أتلو آيات قرآنية وأنفخ في المياه وأقدمها لهم ليشربوها ثلاث مرات في اليوم الواحد. ويعاني عادة المدمنون الذين يحاولون الإقلاع عن إدمانهم من رجفة وتقيؤ، لكنهم لا يواجهون هذه المشاكل هنا بفضل سورة يس". وكشف أن الأمر كله مكيدة دبرتها له الشرطة لأنه رفض أن يدفع لها الرشاوى، مؤكدا "في خلال أسبوع واحد ومن دون أي أدوية، كان المرضى يشعرون بأنهم أفضل. وهذا لا يحصل حتى في أفضل العيادات". وصرح شفيع الله "كان يكبلنا ويضربنا بالعصي. ولا دخل لكل ذلك بالإسلام". بحسب فرانس برس.

وقد سبق أن أوقف الملا سنة 2006 لأنه كبل مرضاه، لكن أطلق سراحه لاحقا في مقابل كفالة وبرئت ذمته. وتمكن من أن يفتح مجددا عيادته حيث كان يتقاضى من العائلات 8 آلاف روبية في الشهر الواحد (80 دولارا). وخلال الزيارات العائلية، كان المرضى يؤكدون أن الأمور كلها على خير ما يرام وهم كانوا يتعرضون للضرب في بعض الأحيان. ولم يكن هذا العلاج يقلق بال الأهالي الذين أصبحوا على ثقة بفضله في أن أولادهم لن يفروا من العيادة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 2/آب/2014 - 5/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م