فيروس ايبولا.. حمى قاتلة بلا معالجة فعالة

 

شبكة النبأ: عبر الكثير من العلماء والباحثين عن مخاوفهم من انتشار فيروس "ايبولا"، خصوصا مع ازدياد حالات الاصابة بهذا الفيروس القاتل في غرب أفريقيا، حيث اعلنت منظمة الصحة العالمية إن عدد الوفيات نتيجة فيروس ايبولا في غينيا وليبيريا وسيراليون بلغ اكثر من 500 حالة من بين 850 حالة معروفة في الإجمال وهو في تزايد مستمر.

ومرض فيروس إيبولا (سابقا حمى إيبولا النزفية) مرض فيروسي خطير يصيب الإنسان وبعض أنواع القرود وهو مرض معدي وتتصف بمعدلات إماتة عالية. اكتشف هذا المرض لأول مرة سنة 1976، ومن حينها ظهرت أنواع مختلفة منه مسببة أوبئة تكون نسبة الوفيات فيها عالية جدا. وتشمل أعراض الفيروس ارتفاعا في درجة الحرارة، ونزيف، وأضرارا بالجهاز العصبي المركزي ومعدل الوفيات جراء المرض قد يصل إلى 90 في المئة ممن يصابون بالفيروس. والعدوى من إنسان إلى إنسان آخر تكون عن طريق اتصال خارجي أو داخلي من شخص مريض أو عند استخدام شفرات تعود للمريض أو عند انتقال سوائل الجسم بما فيها المنى أو عند اتصال قطرة دم من المريض على العينين حيث أن الفيروس له القدرة على دخول إلى الشعيرات الدموية والانتشار في كامل الجسم.

وتتفاقم مشكلة تفشي فيروس إيبولا بسبب بعض الممارسات والمعتقدات الثقافية السائدة مثل لمس جثث الموتى وغسلهم لوداعهم، والشكوك تجاه بعض وسائل العلاج الغربية، وخصوصا تجاه الأشخاص الذين يرتدون سترات واقية من الإصابة بالفيروس.

ويرى بعض الخبراء ان الجهود المساعدات الإنسانية لاحتواء الفيروس المميت تتعقد بشكل كبير، بسبب المعتقدات الخاطئة والانكار والمقاومة المجتمعية واتخاذ بعض المجتمعات نهجا عدائيا تجاه سبل العلاج السليم. ولا يوجد حتى الان وعلى الرغم من الجهود المبذولة اي لقاح أو علاج للفيروس، وأساليب الرعاية مثل ترطيب أجساد المرضى، الذين يعانون من إسهال وقيء، قد تساعد في التعافي، يعتقد أن خفافيش الفاكهة هي المضيف الطبيعي لهذا الفيروس.

خروج عن السيطرة

وفي هذا الشأن فقد قالت منظمة الصحة العالمية إن اجراءات عاجلة يجب اتخاذها لاحتواء تفشي فيروس إيبولا في غربي أفريقيا. ومنذ تفشي الفيروس قبل اشهر، توفي مئات الاشخاص في غينيا وسيراليون وليبيريا. وهذا اكبر انتشار للفيروس من ناحية عدد حالات الاصابة والوفيات والانتشار الجغرافي.

وعبرت منظمة الصحة العالمية عن قلقها الشديد وقالت إن هناك احتمال ان ينتشر الفيروس في دول اخرى من العالم. ولا يوجد حتى الآن علاج لحمى فيروس إيبولا، الذي ينتقل بين البشر او الحيوانات عن طريق ملامسة سوائل الجسم كالبول والعرق والدم. وكانت منظمة الصحة العالمية قد أرسلت 150 خبيرا الى غربي أفريقيا للمساعدة في وقف انتشار الفيروس، لكنها اعترفت بزيادة عالية في عدد حالات الاصابة من خلال التقارير اليومية التي تردها.

وقال الدكتور لويس سامبو، المدير الاقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أفريقيا، إن الأمر تعدى كونه تفشي للفيروس في بلد واحد، وانما أزمة في منطقة كبيرة تحتاج الى تدخل قوي. أما منظمة أطباء بلا حدود فقالت إن فيروس إيبولا أصبح خارج السيطرة والوباء سينتشر بصورة أوسع ما لم يكن هناك تحرك دولي قوي بشأنه.

من جانب اخر قالت منظمة الصحة العالمية إن تقارير أفادت بظهور 50 حالة إصابة جديدة بالإيبولا وحدوث 25 حالة وفاة في سيراليون وليبيريا وغينيا مع استمرار انتشار الفيروس القاتل بين الأسر. وقالت المنظمة التابعة للأمم المتحدة في بيان إن أحدث الأرقام الواردة من وزارات الصحة في الدول الثلاث أوضحت أن العدد الإجمالي للحالات 844 بما في ذلك 518 حالة وفاة بالمرض منذ بدأ التفشي في فبراير شباط. بحسب رويترز.

وقالت سيراليون إن لديها 34 حالة إصابة جديدة و14 وفاة بينما قالت ليبيريا إن لديها 16 حالة جديدة وتسع وفيات. وقالت المنظمة إن "هذه الأعداد تشير الى أن الانتقال للنشط للفيروس مستمر في المجتمع." وقالت المتحدثة باسم المنظمة فضيلة الشايب في مؤتمر صحفي في جنيف في وقت سابق "هذا يعني أن الطريقتين الرئيسيتين لانتقال المرض مستمرتان وهما الرعاية المنزلية.. حين يعتني أناس بقريبهم في المنزل.. وخلال الجنازات." وأضافت "اذا لم نوقف الانتقال في النقاط الساخنة العديدة بالدول الثلاث فإننا لن نستطيع أن نقول إننا نسيطر على انتشار المرض."

الى جانب ذلك قال الصليب الأحمر في غينيا انه اضطر لوقف انشطة مكافحة الايبولا في جنوب شرق البلاد بعدما هددت مجموعة من الرجال المسلحين العاملين بالمدي. ووقعت الحادثة في جوكيدو على بعد 650 كيلومترا جنوب شرقي العاصمة كوناكري في أحدث هجوم على عاملين في مجال الصحة مما يقوض جهود دعم أنظمة الصحة الضعيفة في المنطقة لمكافحة أحد أشد الأمراض فتكا.

وقال مسؤول بالصليب الاحمر في غرب افريقيا طالبا عدم نشر اسمه "أحاط مواطنون يحملون المدي بسيارة عليها علامة الصليب الأحمر. علقنا الانشطة لاسباب تتعلق بالسلامة." وأضاف "لا أتصور أنها الحادثة الأخيرة من نوعها."وتصف منظمة الصحة العالمية تفشى فيروس الايبولا في غينيا وليبيريا وسيراليون بأنه الأوسع نطاقا والأكثر فتكا.

سلالة جديدة

في السياق ذاته قالت دراسة في نشرة طبية أمريكية إن وباء الإيبولا الذي تفشى في غرب إفريقيا لم ينتقل الى المنطقة من وسط إفريقيا وإنما كان نتيجة سلالة جديدة للفيروس مما يزيد المخاوف من حدوث مزيد من تفشي الأوبئة في المنطقة. وأثار انتقال الإيبولا من منطقة نائية في أقصى جنوب شرق غينيا إلى العاصمة كوناكري ثم إلى ليبيريا -التي أعلنت فيها أول حالة وفاة ناجمة عن تفشي المرض في غرب إفريقيا- ذعرا في أرجاء المنطقة التي تعاني من ضعف أنظمة الرعاية الصحية والحدود غير المحكمة.

والإيبولا مرض متوطن في جمهورية الكونجو الديمقراطية وأوغندا وجنوب السودان والجابون واعتقد العلماء في البداية أن سلالة زائير في جمهورية إفريقيا الوسطى هي المسؤولة عن تفشي المرض. غير أن باحثين قرروا استنادا إلى تحليل عينات دم من مرضى مصابين أنه بينما أظهر النوع الغيني لفيروس إيبولا تشابها بنسبة 97 بالمئة مع سلالة زائير إلا ان المرض لم يكن مصدره إفريقيا الوسطى. بحسب رويترز.

وكتبت مجموعة تضم أكثر من 30 طبيبا وعالما نشروا النتائج الأولية لبحثهم على الموقع الإلكتروني لنشرة نيو انجلاند الطبية "الدراسة تشير الى ظهور سلالة جديدة من الإيبولا في غينيا." وقال طارق يسارفيتش وهو متحدث باسم منظمة الصحة العالمية التي لم تشارك في وضع الدراسة "ما يتضح لنا من الدراسة أن الفيروس لم ينتقل من الخارج وإنه متوطن."

وأضاف "ويعني ذلك أن من المحتمل أنه كان هناك تفش في الماضي لم يتم اكتشافه." وحتى الآن جاءت نتائج اختبار عينات في مالي وغانا وسيراليون سلبية لكن حكومات البلدان الثلاث فرضت قيودا على الرحلات الجوية واغلقت قطاعات من حدودها كما بدأت في اجراء فحوص طبية في بعض المطارات.

البحث عن اصابات

من جانب اخر قالت منظمة الصحة العالمية ان عاملين بقطاع الصحة سينتشرون في أنحاء كوناكري عاصمة غينيا في محاولة لتحديد الاشخاص الذين ربما تعرضوا لفيروس الايبولا الفتاك. وفي مدينة يقطنها نحو مليوني نسمة يكون تعقب أشخاص ربما تعاملوا عن قرب مع مصابين بالفيروس أصعب منه في مركز ظهور المرض وهو غابات غينيا التي تبعد حوالي 900 كيلومتر عن العاصمة.

وقالت منظمة الصحة العالمية في بيان ان 70 شخصا بدأوا تدريبا مكثفا لتتبع المصابين المحتملين في كوناكري. واضافت "سيتوجهون الى التجمعات السكنية لمتابعة الأشخاص الذين تعاملوا عن قرب مع مرضى تأكدت اصابتهم بفيروس الايبولا." وقالت المنظمة انه يجري أيضا تعزيز الإجراءات الرامية للحد من الاصابة في مستشفى دونكا العام والمنشآت الصحية لوقف انتشار المرض الذي يفضي إلى وفاة ما يصل الى تسعة أشخاص من بين كل عشرة مصابين. ويمكن ان ينتقل الفيروس من خلال ملامسة المرضى أو سوائل أجسامهم.

وقالت منظمة الصحة العالمية إنها تتوقع أن تستمر جهودها لاحتواء تفشي فيروس الإيبولا القاتل في غرب أفريقيا من شهرين إلى أربعة أشهر. وأضافت الوكالة التابعة للأمم المتحدة أن الفيروس لا يزال ينتشر في ثلاث "نقاط ساخنة" في غابات غينيا -وهي منطقة تقع على بعد 900 كيلومتر إلى الجنوب من العاصمة الغينية كوناكري التي سجل فيها 20 حالة إصابة بالفيروس.

وقال كيجي فوكودا مساعد المدير العام للمنظمة في إفادة صحفية في جنيف "نتوقع أن نستمر في مجابهة هذا التفشي خلال شهرين إلى ثلاثة إلى أربعة أشهر قبل أن نشعر بقناعة أننا قد تغلبنا عليه." وأضاف "هذه واحدة من أكثر حالات تفشي فيروس الإيبولا التي نواجهها صعوبة حتى الآن." وهي أيضا أول حالة تفشي تضرب غرب إفريقيا حيث أصيب البعض بسبب طقوس دفن الموتى التي تتضمن تعرضا مباشرا للسوائل التي تفرزها جثة المتوفى. بحسب رويترز.

وعاد المسؤول الطبي في منظمة الصحة العالمية ستيفان أوجونيه للتو من غينيا وقال "لم ينته تفشي الفيروس في منطقة غابات غينيا هذا هو المركز. وما دام لم ينته هناك فستكون هناك حالات تصدر لبقية أنحاء البلاد." وأضاف أنه تم إرسال نحو 50 خبيرا أجنبيا للمساعدة في إجراءات السيطرة على العدوى في المستشفيات ولتتبع نحو 600 حالة مخالطة معروفة بمرضى مصابين بالفيروس. وقال إن معظم الحالات الجديدة مرتبطة بحلقات معروفة لانتشار الفيروس وقال إن هذا أمر "مطمئن".

إصابة أمريكي

من جهة اخرى يخضع مواطن أمريكي لفحوصات طبية للاشتباه في إصابته بفيروس إيبولا في غانا، والتي لم تسجل بها حتى الآن أي حالات إصابة مؤكدة بالفيروس المنتشر حاليا في غرب أفريقيا. ونقل الرجل إلى الحجر الصحي في عيادة "نياهو كلينيك" الخاصة في العاصمة أكرا، حسبما أفاد مسؤولون طبيون. وقالت السفارة الأمريكية في أكرا إنها علمت أن مواطنا أمريكيا يخضع لاختبارات طبية، دون أن تكشف عن المزيد من التفاصيل، ويسود اعتقاد بأن الرجل زار غينيا وسيراليون في الأسابيع الأخيرة. وذكرت وزارة الصحة في غانا أنها بدأت تنفيذ "إجراءات احترازية"، وشددت على ضرورة التزام الهدوء.

واحتجز في الحجر الصحي أيضا موظفو العيادة، وقدمت لهم ملابس واقية، بحسب بيان لوزارة الصحة. وكانت العيادة تنتظر نتائج اختبارات الدم لمعرفة إذا كان الرجل، الذي لم تحدد وزارة الصحة هويته، قد أصيب فعلا بالفيروس. وقال توني غودمان رئيس قسم العلاقات العامة في وزارة الصحة "نريد أن نطمئن عامة الناس أن كل شيء تحت السيطرة". وكان مسؤولو الصحة أعلنوا في وقت سابق أن نتائج الفحوصات التي أجريت على فتاة يشتبه في إصابتها بإيبولا جاءت سلبية.

أدوية تجريبية

الى جانب ذلك قال رئيس منظمة صحية خيرية عالمية إن المرضى المعرضين للموت في غرب أفريقيا نتيجة الاصابة بفيروس الايبولا يجب أن يعالجوا بأدوية تجريبية لمعرفة مدى فعاليتها رغم أنها لم تختبر بعد بشكل كامل. وقال جيريمي فرار أستاذ الطب المداري ومدير ويلكام تراست الخيرية إن انتشار فيروس الايبولا في غينيا وسيراليون وليبيريا "خرج عن نطاق السيطرة" وانه على السلطات الصحية أن تعيد التفكير وتتجه الى علاجات محتملة. بحسب رويترز.

وقال فرار "لدينا حتى الان 450 حالة وفاة ولم يقدم لأى فرد حتى الآن أي شيء أكثر من محاولة تخفيف الحرارة ووعده بدفن كريم. هذا غير مقبول." وأضاف إن المسار التقليدي لتطوير الدواء بعد سنوات من الاختبار على حيوانات التجارب ثم على متطوعين أصحاء من البشر قبل تجربته على المرضى والحصول على موافقة الجهات الصحية المختصة يستغرق وقتا طويلا ويجب عدم الالتزام في حالة التفشي السريع لأمراض مثل الايبولا. وتحدث فرار عن عدد من الادوية والامصال التجريبية كعلاجات محتملة للايبولا واجراءات وقائية من المرض وتساءل عن اسباب عدم استخدامها بينما يمكن أن يستفيد منها اناس معرضون لخطر الاصابة بالمرض.

استراتيجية مشتركة

على صعيد متصل تبنت حكومات غرب افريقيا ومنظمات صحية دولية استراتيجية لمواجهة اخطر وباء لمرض الإيبولا حصد ارواح مئات الاشخاص في غينيا وسيراليون وليبيريا. و تعهد مسؤولون بمراقبة افضل لرصد حالات الإيبولا وتعزيز التعاون عبر الحدود وتعاون افضل مع منظمة الصحة العالمية وشركاء اخرين. واوصى وزراء بإنشاء مركز إقليمي للمراقبة في غينيا لتنسيق الدعم الفني. وتشرك القرارات الحكومات والأمم المتحدة والمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها ووكالات الإغاثة والقطاع الخاص.

وابلغ فرنسيس كاسولو مدير مكافحة الأمراض والوقاية منها في أفريقيا بمنظمة الصحة العالمية مؤتمرا صحفيا "الحكومات مطالبة بتعبئة القطاعات المختصة والزعماء الدينيين والسياسيين لزيادة الوعي وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي وتفهم الموقف بالنسبة للإيبولا." ولم يتضمن البيان الختامي للاجتماع اي إشارة إلى زيادة الدعم المالي لجهود التصدي للمرض ولم يقدم تفاصيل كافية حول كيفية تنفيذ الإجراءات. ورغم ذلك قال الوزراء إن الاجتماع وفر منتدى قيما لتبادل الأفكار. بحسب رويترز.

وقال وزراء الصحة إنه من الجوهري ان تقود منظمات إقليمية مثل الاتحاد الافريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا جهود التصدي للمرض. وقالت نائبة وزير الصحة الليبيري بيرنيس داهن إنه لا توجد خطة لإغلاق الحدود لمحاولة منع انتشار المرض لكن يتعين إسراع وتيرة الجهود البديلة على الحدود لتوعية الناس بالمخاطر. وقالت في تصريحات على هامش الاجتماع "نعتقد ان إغلاق الحدود ليس خيارا لأننا نعتقد انه لن يجدي." وقالت ماري كريستين فيرير مسؤولة برامج الطواريء بمنظمة اطباء بلا حدود في بيان "نحث جميع الأطراف الموجودة في هذا الاجتماع على ترجمة تعهداتها إلى عمل ملموس على الأرض."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 14/تموز/2014 - 15/رمضان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م