جرائم الحرب الإسرائيلية تستبيح الفلسطينيين

 

شبكة النبأ: مع انباء اعلان الجيش الإسرائيلي لعملية ما يسمى بـ"الجرف الصامد" مستهدفة قطاع غزة ومطلقي الصواريخ، على حد تعبيرها، تزايدت، في سياق الحدث، الاخبار الإعلامية عن سقوط المزيد من الضحايا بين صفوف المدنيين اثر الغارات التي يشنها سلاح الجو الإسرائيلي، وقد عبر هذا التصعيد في المواقف العسكرية (والذي كان متوقعا من اغلب المتابعين والمحللين، سيما وان إسرائيل كانت تعد العدة منذ وقت طويل لعمليات عسكرية قد تستهد القطاع وربما تتوسع لاحقا لتشمل لبنان وخصوصا حزب الله) عن رغبة الحكومة الإسرائيلية في تحقيق المزيد من الخسائر بين المدنيين وإخضاع الشعب الفلسطيني، كما يرى ناشطون.

وقد ادانت العديد من المنظمات الحقوقية الممارسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، فيما اعتبرت ان بعضها يرتقي الى مستوى جرائم الحرب، وقد اعادت الحكومة الإسرائيلية العمل بقانون تهديم المنازل المدنية لمن يتهم بقضايا امنية من الفلسطينيين، والذي كانت قد أوقفت العمل به في وقت سابق، وباشرت بهدم منازل لمتهمين فلسطينيين لم تثبت ادانتهم بعد، فيما أشار ناشطون وأهالي المتهمين الى تعمد الحكومة الإسرائيلية ممارسة سياسة العقاب الجماعي.

وزاد التطرف الإسرائيلي مؤخرا بعد الحملات التي قام بها الجيش الإسرائيلي، إثر فشل المفاوضات الدبلوماسية مع الجانب الفلسطيني، واسفرت عن اعتقال المئات ومقتل العديد من المدنيين بينهم اطفال، إضافة الى ممارسة التغذية القسرية للمعتقلين المضربين عن الطعام، في سياسة رفضتها واعترضت عليها العديد من المنظمات العالمية، كما قام مجموعة من الإسرائيليين الذين ينتمون الى منظمات متطرفة ومناهضة للفلسطينيين بإحراق فتى فلسطيني وهو حي، مما اثار موجة من الغضب الشعبي العارم ضد السياسات الاستفزازية التي تتعمد إسرائيل القيام بها من اجل إيجاد الذريعة المناسبة للقيام بعمليات واسعة النطاق تستهدف الفلسطينيين.

أحرق وهو حي

في سياق متصل قال النائب العام الفلسطيني محمد عبد الغني العويوي إن التشريح الأولي لجثمان الفتى الفلسطيني محمد أبو خضير من القدس الشرقية، يعتقد فلسطينيون أن يهودا متطرفين خطفوه وقتلوه، أظهر أنه أحرق حيا وتفيد معلومات أولية تم الإعلان عنها بعد التشريح أنه قد قتل حرقا من الداخل والخارج، ونقلت وكالة الإنباء الفلسطينية (وفا) عن النائب العام قوله في بيان صدر في وقت لاحق "السبب المباشر للوفاة هو الحروق النارية ومضاعفاتها".

وقال وزير شؤون القدس، في الحكومة الفلسطينية عدنان الحسيني "طريقة القتل هذه أسمع عنها لأول مرة، بأن يتم حرقه من الداخل والخارج، وهو شيء أعتقد أن المستوطنين أرادوا أن يتميزوا به"، وأظهر تقرير التشريح الأولي وجود آثار دخان في رئتي الفتى محمد أبو خضير، وهو أمر يعزز فرضية حرقه وهو على قيد الحياة، وقال الحسيني "هناك أيضا إمكانية أن يكون من خطفه أرغمه على شرب البنزين ليحرقه من الداخل والخارج"، وأشار الحسيني إلى حالة من الاحتقان تسود الفلسطينيين داخل مدينة القدس، وان كل ليلة تقع اشتباكات، موضحا أن ما رفع من وتيرة الاحتقان المعلومات الأولية عن طريقة قتل الفتى.

وكان الفتى محمد 16 عاما، اختطف وعثر على جثته في اليوم الثاني وهي محروقة، الأمر الذي أدى إلى اندلاع مواجهات عنيفة بين فلسطينيين غاضبين والجيش الإسرائيلي في مختلف أحياء مدينة القدس، وخضعت جثة الفتى الفلسطيني إلى تشريح طبي، بمشاركة فلسطينية إسرائيلية، حيث أكد النائب العام الفلسطيني محمد العويوي في بيان له أن الفحص الأولي بين "أن السبب المباشر للوفاة هو الحروق النارية ومضاعفاتها"، وشارك في عملية التشريح مدير المعهد الطبي العدلي الفلسطيني صابر العالول.

وأوضح العويوي، في بيانه "تبين من خلال التشريح وجود مادة (شحبار) بمنطقة الرغامة (المجاري التنفسية) بالقصبات والقصيبات الهوائية في كلتا الرئتين، مما يدل على استنشاق هذه المادة أثناء الحرق وهو على قيد الحياة"، وأضاف البيان "تبين بأن الحروق كانت مختلفة الدرجات من الدرجة الأولى حتى الرابعة بنسب متفاوتة بمساحة 90% من سطح الجسم"، و"أكد النائب العام تعرض منطقة الرأس لإصابة بجرح رضي ناتج عن جسم راض يقع في الجانب الأيمن من فروة الرأس أدت إلى تكدم في العضلة الصدغية اليمنى".

وختم البيان "وعليه وعلى ضوء النتائج الأولية السابقة فقد تم أخذ عينات ومسحات من سوائل وأنسجة الجسم لفحصها مخبريا ونسيجيا لغايات استكمال دراسة المعطيات الطبية وصولاً إلى تقرير طبي قضائي نهائي حسب الأصول"، وعنونت صحيفة الحياة الجديدة الفلسطينية صفحتها الأولى "حرقوه حيا، محرقة جديدة على يد المستوطنين" في إشارة إلى الفتى محمد أبو خضير الذي تم تشييعه ودفنه في بلدة شعفاط في القدس الشرقية، وجرت خلال التشييع صدامات بين مئات الشبان الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية التي نشرت تعزيزات، كما وقعت صدامات متفرقة في أحياء أخرى في القدس الشرقية وخصوصا عند مدخل الحرم القدسي.

جريمة حرب إسرائيلية

من جهتها قالت منظمة هيومان رايتس ووتش في تقرير ان قتل صبيين فلسطينيين الشهر الماضي خلال احتجاج بالضفة الغربية قد ينطوي على جريمة حرب إسرائيلية، وقال مسعفون فلسطينيون إن محمد أبو ظهر (16 عاما) ونديم نوارة (17 عاما) قتلا بالرصاص أثناء مشاركتهما في مظاهرة على أيدي جنود إسرائيليين استخدموا الذخيرة الحية يوم 15 مايو أيار، ويقول الجيش الإسرائيلي إن جنوده لم يستخدموا سوى الرصاص المطاطي في ذلك اليوم ولم يصدر عنه تعقيب فوري على تقرير المنظمة ومقرها نيويورك.

وأظهرت لقطات فيديو من كاميرات مراقبة على ممتلكات فلسطينية قريبة من موقع الحدث الصبيين وهما يسقطان أرضا في موقعين مختلفين وقد أطلق عليهما الرصاص فيما يبدو رغم أنهما لم يمثلا خطرا فوريا على القوات الإسرائيلية، وقالت سارة لي ويتسون مديرة ادارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة هيومان رايتس في بيان " القتل العمد للمدنيين بأيدي قوات الأمن الإسرائيلية في إطار الاحتلال هو جريمة حرب"، وأضافت " مزاعم الجيش الإسرائيلي بأن قواته لم تطلق أي ذخيرة حية يوم 15 مايو لا تصمد أمام التدقيق"، ودعت إسرائيل لمحاكمة الذين أطلقوا النار على الصبيين وأيضا القادة الذين أمروا باستخدام الذخيرة الحية.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه يحقق في الحادث لكن وزير الدفاع موشي يعلون لمح إلى أن لقطات فيديو المراقبة ربما تم التلاعب بها، وتنفي منظمات حقوق الإنسان التي وزعت اللقطات ذلك، وذكر التقرير الذي حمل عنوان "قتل الطفلين يشكل جريمة حرب واضحة" أن القوات الإسرائيلية أطلقت الرصاص المطاطي على الفلسطينيين الذين حاولوا حمل الصبي نوارة بعد إطلاق النار عليه، وقالت المنظمة إن مقذوفا "يبدو أنه من طلقة مطاطية، أصاب رأس مسعف فلسطيني كان يرتدي سترة برتقالية زاهية"، وقتل الصبيان خلال احتجاجات في أنحاء الضفة الغربية في ذكرى النكبة، واتسمت المظاهرة التي شارك فيها أبو ظهر ونوارة بالعنف في بعض الاحيان حيث كان الشبان الفلسطينيون يلقون الحجارة على قوات الأمن، لكن كاميرات المراقبة تشير إلى أنه لم يكن هناك إلقاء للحجارة عندما أطلقت النار على الصبيين. بحسب رويترز.

عقوبة هدم المنازل

الى ذلك عادت إسرائيل لتنفيذ سياسة تخلت عنها منذ فترة طويلة بهدم منازل من يشتبه بأنهم من المتشددين بعد العثور على جثث ثلاثة شبان إسرائيليين مفقودين منذ أسابيع، ونفذ الجيش هذا الإجراء عقابا لمروان القواسمة وعامر أبو عيشة الهاربين اللذين يتهمها بقتل الشبان الذين اختفوا بعد أن كانوا يبحثون عن توصيلة مجانية يوم 12 يونيو حزيران، وزار جيران أسرة أبو عيشة منزلهم في الخليل لمواساة أفراد الأسرة ولإبداء السخط على فعله الإسرائيليون بالمنزل.

وتساءل محمد وهو عم عامر الذي كان يقف في صالة الطابق الثاني الملطخة بالدخان الأسود وقد أطيح بسقفها "هل هذه هي الدولة التي تقول للعالم إنها تريد السلام؟، "ما فعلوه هنا همجي تماما، انظر إلى الشبان هنا، هل تعتقد أنهم سيكبرون ليسعوا من أجل السلام، أم سيكبرون وقد ملأتهم الكراهية والرغبة في الانتقام مما يرونه؟"، وقبل تفجير المنزل هشم الجنود النوافذ وألقوا بالمقاعد على الأرض، ودمرت المراحيض والأحواض وكل درجات السلم بمطرقة، وألقي السكر واللبن الزبادي والخبز على أرضية المطبخ، وبعد أن أتت النيران على المنزل تردد في الظلام هتاف "الله أكبر" بنبرة متحدية من جمع من الفلسطينيين. بحسب رويترز.

واستنكرت جماعات حقوقية وفلسطينيون الإجراء الإسرائيلي باعتباره يضر بأسر بريئة، وظل الجيش الإسرائيلي على مدى عقود يفجر منازل المتشددين أو يهدمها ولكنه أوقف تلك الممارسة في عام 2005 قائلا إنها تأتي بنتائج عكسية في المساعي لوقف الهجمات، وشارك آلاف المشيعين في مدينة مودعين على حدود إسرائيل والضفة الغربية في جنازة مشتركة للشبان الثلاثة بعد أن أدت قضيتهم إلى تدفق لمشاعر التعاطف العام في المجتمع الإسرائيلي، ورفضت المحكمة العليا الإسرائيلية استئنافا تقدمت به جماعة حقوقية إسرائيلية لقرار للجيش الإسرائيلي يقضي بهدم منزل ثالث في وقت قريب في منطقة الخليل قائلة إن هناك "تدهورا مطردا للاستقرار الأمني" في الضفة الغربية.

ويخص المنزل أسرة عماد عواد الذي اعتقل الشهر الماضي بتهمة قتل ضابط في الشرطة الإسرائيلية بالرصاص في غير أوقات خدمته في إبريل نيسان الماضي، وقالت المحكمة "أخذا في الاعتبار خطورة الهجوم فقد قرر (القائد العسكري) ممارسة سلطته فيما يتصل بالمنزل الذي يقيم فيه عواد وإصدار أمر بإزالته كإجراء رادع"، وقال مركز هموكيد الإسرائيلي لحقوق الإنسان إن الحكم يخالف القانون الدولي والقانون الإسرائيلي "بأنه لا ينبغي معاقبة شخص عن فعل الآخرين"، وأضاف في بيان "الضحايا الرئيسيون هم شاغلو المنازل المهدمة وليسوا الجناة المزعومين".

وقال والدة عواد المسنة في قرية إذنا القريبة من الخليل إن أسرتها لا صلة لها بهذا النزاع، وقالت "لا نريد هذه المشاكل، كل ما نريده هو السماح لنا بالبقاء في منزلنا في سلام"، وأضافت أنها تعتقد أن ابنها بريء وأن إسرائيل تريد أن يعاني الفلسطينيون، وسد الجنود المخرج الرئيسي للقرية بكتل خرسانية مانعين سكانها الذين يصل عددهم إلى 20 ألفا من المغادرة حسب رغبتهم، وقال أحد القرويين في صالة منزل عواد التي كانت تعج بالزوار "إنهم يدمروننا، إنه عقاب جماعي بالطبع، لم نقض يوما طيبا واحدا معهم، كل شيء يزداد سوءا".

امر بالتغذية القسرية للسجناء

من ناحية أخرى أعطى البرلمان الاسرائيلي موافقته الاولية على قانون يسمح بالتغذية القسرية لسجناء فلسطينيين مضربين عن الطعام وهو ما قوبل بتحد من ناشطين قالوا انه لن يردع السجناء، وبدأ نحو 120 فلسطينيا تحتجزهم اسرائيل رفض تناول الطعام يوم 24 ابريل نيسان احتجاجا على اعتقالهم بدون محاكمة، ومنذ ذلك الحين زاد العدد الى ما يقرب من 300، وتقول هيئة السجون في اسرائيل ان 70 سجينا نقلوا الى المستشفى للعلاج، وتقول إسرائيل إن الفلسطينيين الذين يشتبه في ارتكابهم جرائم أمنية يسجنون أحيانا بدون محاكمة لتجنب أي اجراءات محاكمة يمكن ان تكشف عن معلومات مخابرات حساسة في ممارسة اجتذبت انتقادا دوليا.

واجتاز مشروع قانون سيسمح للسلطات الاسرائيلية بأن تطلب أمر محكمة بالعلاج الطبي القسري للسجناء الذين تتعرض صحتهم لمخاطر جادة المرحلة الاولى من أربع مراحل ليصبح قانونا، والاجراء الذي تعارضه الرابطة الطبية الاسرائيلية التي تمثل معظم الاطباء الإسرائيليين تؤيده حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وقال قدورة فارس رئيس نادي الاسير الفلسطيني الذي يتحدث باسم الفلسطينيين المحتجزين في اسرائيل ان الاضراب سيستمر وان القانون المقترح لن يكسر ارادة السجناء.

وأضاف ان التغذية القسرية يمكن ان تقتل السجناء مشيرا الى وفاة اثنين من السجناء الفلسطينيين في عام 1980 قال انهما ماتا في محاولة لتغذيتهما قسرا اثناء اضراب عن الطعام، وتقول الرابطة الطبية الاسرائيلية ان "العلاج الطبي القسري بما فيه التغذية القسرية" وتنفيذ مثل هذا الاجراء ينتهك الاخلاقيات الطبية المقبولة دوليا، وتحتجز اسرائيل نحو 5000 سجين فلسطيني في سجونها، ويحال التشريع الان الى لجنة لإدخال تعديلات محتملة عليه قبل ان يصوت عليه البرلمان مرة اخرى.

فيما أغلقت المتاجر في مدينة رام الله العاصمة التجارية للفلسطينيين تضامنا مع السجناء المضربين عن الطعام في السجون الإسرائيلية، ورفرفت في شوارع رام الله أثناء الإضراب أعلام سوداء وبيضاء كتب عليها شعارات مثل "الحرية لأسرى الحرية" و"لا بد للقيد أن ينكسر"، كما تظاهر عشرات الفلسطينيين في شوارع الخليل بالضفة الغربية المحتلة دعما للأسرى المضربين عن الطعام.

وقالت مصلحة السجون الإسرائيلية إن 65 سجينا مضربا عن الطعام يتلقون العلاج في المستشفيات على الرغم من أنهم جميعا ما زالوا في وعيهم وليسوا في حالة حرجة، في حين يقول الفلسطينيون إن عدد الأسرى الذين تتطلب حالتهم الصحية نقلهم إلى المستشفى مئة، وقال جواد بولس وهو محام فلسطيني زار ثمانية من المعتقلين الموجودين في المستشفى "وزن جميع هؤلاء الأسرى المضربين قد نقص بمعدل 16 كيلوجراما وما يتناولونه هو الماء وبعض الفيتامينات".

وقال متحدث باسم الأمم المتحدة إن الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون قلق بشأن "التقارير التي تتحدث عن تدهور صحة المعتقلين الإداريين الفلسطينيين"، وأضاف ان بان كرر موقفه الذي يعلنه منذ فترة بوجوب توجيه اتهامات محددة لهؤلاء المعتقلين أو إطلاق سراحهم دون تأخير، وتقول إسرائيل إن اعتقال الفلسطينيين الذين يشتبه في ارتكابهم جرائم أمنية دون محاكمتهم هو في بعض الاحيان ضروري لتجنب إجراءات قضائية قد تفضح معلومات استخباراتية أو هوية متعاونين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 9/تموز/2014 - 10/رمضان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م