حظر البرقع...انتهاك لحقوق الإنسان الأساسية؟

هريبرت برانتل

 

الحكم الصادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الذي لا يعترض على معاقبة النساء المنتقبات هو حكم مثير للقلق، كما أن هذا الحكم المؤيد لحظر البرقع في فرنسا لن يعمل على مساعدة المجبورات على ارتدائه من النساء المسلمات، بل يعمل على إنماء الشعور بالاستياء. هذا ما يراه هريبرت برانتل الصحافي المعروف والمحرر في صحيفة زود دويتشه تسايتونغ الألمانية المرموقة في تعليقه التالي.

انتقاب المرأة المسلمة شيء مزعج في أوروبا. لكن الأكثر إزعاجاً هو إرغامها بالقوة على نزع النقاب. إنّ معقابة النساء المنتقبات اللواتي يغطِّين كامل أجسادهن، أي بالجلباب والبرقع، هي شكل من أشكال عنف الدولة.

ومع مثل هذا النوع من العنف لن يتحسّن أي شيء، فهذا العنف يشكِّل حاجزًا يحول دون الاندماج. وفي الواقع فإنَّ العقوبة المفروضة على ارتداء البرقع تؤدِّي إلى نفي القيم التي تريد هذه العقوبة الدفاع عنها.

تدخل في حق تقرير المصير

هذا الحكم الصادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الذي لا يعترض على معاقبة النساء المرتديات للبرقع، هو حكم مثير للقلق. إذ لا يجوز للدولة أن تتدخّل في حق تقرير المصير، إلاَّ عندما يتم انتهاك حقوق الآخرين.

ولكن لا يوجد أي حقّ في رؤية وجه الآخر أو التواصل معه. وفي المقابل يوجد بلا ريب حقّ في أن يكون المرء غريباً معتزلاً، مثلما قالت القاضية نوسبيرغر أثناء التصويت على الرأي المعارض لحظر النقاب. وهذه المحكمة موجودة في الحقيقة من أجل الدفاع عن حقوق الغرباء.

بإمكان أرباب العمل منع العاملات من ارتداء البرقع، على سبيل المثال إذا كن يعملن على صندوق الحساب في محلات السوبر ماركت، ولكن ليس بإمكان الدولة فرض هذا الحظر في الأماكن العامة. فهل يعمل حظر البرقع على مساعدة النساء المظلومات؟ لا، بل على إنماء الشعور بالاستياء. ولذلك فإنَّ هذا الحكم يعتبر مصيبة تعيسة. كما أنَّه لا يعالج مصيبة النساء المجبرات على ارتداء النقاب.

 

* بروفيسور هريبرت برانتل عضو في هيئة تحرير صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية المرموقة، ورئيس تحرير قسم السياسة الداخلية في الصحيفة.

http://ar.qantara.de/

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 7/تموز/2014 - 8/رمضان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م