فلسفة النمل التربوية

علي اسماعيل الجاف

 

يجب علينا ان نتعلم يوميا من ما يجري في عالم الدنيا التي تتحول وتتغير وفق التغيرات المتسارعة، وينبغي ان نجد حلا ومفتاحا يحل الاقفال المغلقة التي باتت واضحة لنا لكننا لانريد ان نعترف بأننا مازلنا نراوح في نفس المساحة المحددة الينا من قبل انفسنا.  نريد اليوم برنامجا ومنهجا نقتدي به ونجعله رمزا الينا لنتعلم وندرس ونحاسب انفسنا لما جرى بنا وما وصلنا اليه بفعل اناملنا وعقولنا.

 يتوجب الامر الاصرار والمواصلة التي بهما يتمكن الانسان ان يواصل ابداعه وانجازه المعياري وفق معادلة التقييم والتقويم الذاتي الضابط والملزم للذات الانسانية، وندرك بعض الاحيان اننا متأخرين جدا عن سفينة العالم التي تصل يوميا الى موانئ لتستبشر بالإنجازات المثالية والنموذجية دون توقف، ونحن نتطلع عليهن متحسرين ومتأسفين دون ان نحرك ساكنا او نقدم فكرة" او نبادر بمقترح يغير الحال او الواقع.

بعد دراسة قمت بها حول عالم النمل الذي يشوبه الشوق العلمي والحيرة الفكرية في بداية الامر، فصعب عليً الامر وقررت ان اترك الموضوع لانه عالم يحتاج الى صبر ذاتي ومبادرة محكمة وحساب دقيق لما يجري من خطط وبرامج اجتماعية وثقافية وعلمية.  تجد الاسر والافراد مثالين ونموذجين من حيث اللباس والاحترام والتقدير والعمل، فكل شيء معد مسبقا وفق قوائم وبرامج ونماذج لايوجد لها مثيلا او نموذجا على ارض الواقع البشري.  نجد عالم النمل فلسفيا من حيث القدرة والسعة والحجم الفكري الذي يتطلبه ليكون الانسان مستوعبا ومدركا لما يجري يوميا وهناك تعداد وترقيم وفق لباس الجمال الاجتماعي يرتديه ذلك النمل الصغير.

 وجدت انها تمتلك خصلتان مميزتان: المثابرة والتفكير الايجابي.  لا تتوفر هاتين الخصلتين فينا كوننا نؤمن بالحسد والغيرة والحقد والتهميش والاقصاء والتميز العنصري، فنحن لانريد ان نحيا دون التكلم على عيوب الاخر وايجاد ثغرات لديه ونقاط ضعف نقضي فيها يومنا متباهين عن ما اكتشفناه في ذلك الانسان، بينما لانكرس وقتنا لإيجاد حلول لمشاكلنا ونحاول العبث بحقوق الاخرين والتعدي عليها دون وجه حق كوننا اناس غير مثقفين فكريا واجتماعيا.

 يمتلك النمل نظاما نموذجيا للواجبات تلتزم به القادة وصغار القوم دون تميز او تجاوز، فلا يمكن ان نجد عنصرا واحدا شاذا عن المجموعة كون الجميع يؤمن بمبدأ العمل الجماعي والتعاون من اجل النجاح لان ذلك يعني نجاح الجميع بحكم التميز الاجتماعي.  لايعرف النمل اليأس او الاستسلام او التراجع وانما التقدم والمبادرة والمثابرة والابتعاد عن التسويف والمماطلة والترهل والتراخي كون الجميع يملك اساسا رصينا لايمكن اختراقه من قبل الاعداء او الغزاة.  يكون التفكير لدى النمل ايجابيا ومنطقيا حتى ينشروا افكار التمكين والتمتين كالنسر في السماء والسمك في الماء والاسد في الارض، وهي رموز تذكر للتعبير عن نوع الفعاليات والاعمال التي يؤديها النمل دون توقف ونرى الكثير من البيوت التي تبنى والتحرك والانتقال النموذجي ونقل المؤن والاطعمة، وتمتلك مخازن لادخار الاحتياطي السليم دون وجود حاجة الى الاستيراد الخارجي لوجود الاكتفاء الذاتي.

  النمل يعرف المثابرة والتفكير الايجابي لكسب المنفعة والمصالح المشتركة ولا يوجد مصالح خاصة في قاموس النمل!  يتطلب منا التعلم والتعليم التربوي النموذجي التطبيقي الذي نحتاجه يوميا في حياتنا اليومية لنكون متشاركين بدل ان نكون متنافرين ومتعاونين بدل ان نكون متخاصمين.

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 6/تموز/2014 - 7/رمضان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م