خليفة داعش.. وانبعاث التسميات الغابرة

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: تعودنا على التسميات الدارجة والمالوفة في السياسة والاقتصاد والاجتماع، فالحاكم في الانظمة الجمهورية هو الرئيس، وهناك الامير والملك على رأس السلطة السياسية في بلدان اخرى. 

وهناك رئيس الوزراء، يرأس وزارات شتى لا تختلف تسمياتها الا باختلاف بعض الاحتياجات والمهام.

وهناك ايضا تسميات الطبقات الاجتماعية، مثل الاطباء والمهندسين والمدرسين والقضاة وغيرها الكثير.

ايضا هناك تسميات العامة وصنوفهم، مثل القصابين والحدادين والنجارين وغيرهم.

وهي كلها تسميات استقرت على ما هي عليه، بعد تطور مراحل الحياة في البلدان، ومنها بلداننا العربية والمسلمة.

بعد اعلان داعش لدولتها، والبيعة لخليفتها البغدادي، حاكما على المناطق التي يحتلها، هل ستبقى تلك التسميات على حالها، ام انها ستعود مرة اخرى الى ماعرفت به في عهود الامويين والعباسيين وفترات متاخرة غيرها؟.

العودة الى الجذور في شكل السياسة والحكم تفترض عودة مقابلة في بقية وجوه الاجتماع والسياسة والاقتصاد، وهو افتراض له ما يؤيده بحسب وجهة نظر الكاتب، وان كان افتراضا خياليا لعدم استتباب الاوضاع للخلافة الناشئة، وكم سيطول بها العمر، وهل ستستمر ام تندثر؟.

رغم خيالية الافتراض، الذي يستند على ان العودة للخلافة شكل للحكم الداعشي، سيضطر هؤلاء العائدين الى استعارة تسميات سابقة، لتتطابق مع واقع الحال، فهي عودة ناجزة بكل معنى الكلمة للجذور.

عن قريب سنسمع أو نقرأ كلمات مثل (الديوان) بدلا عن وزارة المالية، الذي يضبط الواردات الى (بيت المال) بدلا من الخزينة او البنك المركزي، وايضا من عمله، ان يضبط الانفاق في وجوه الصرف للاموال.

وسنسمع بـ (ديوان البريد) الذي اقامه الخلفاء لمباشرة أمور الدولة عنهم وهم الوزراء، ومن يراقب تصرّف العمال في الأمصار.

وسيكون لدينا ديوان الضياع من الضيعة – الذي سيتولى النظر في ضياع داعش واملاكها المنقولة وغير المنقولة. وهناك ديوان ختم الرسائل وتقييدها، ويسمى ديوان التوقيع او الخاتم.

ثم نتنتقل الى ديوان الخاص، وهو ينظر في حسابات الحاشية والخدام الذين يسيرون في ركاب داعش.

ولان داعش حتى الان تتعامل بالعملات الورقية والمعدنية التي تحمل شعارات الدول التي تتواجد فيها، ولان ذلك سيمثل لهم مستقبلا نقيصة في مضمون الخلافة، فانهم سيعمدون الى صك نقود تحمل شعارهم، لهذا سيقومون بانشاء دار الضرب ودار الطرّاز.

وستتردد الكثير من التسميات التي لها علاقة بالاموال والجند، وما يتعلق بتدبيرهما، وسنسمع تسميات من قبيل، (ديوان الترتيب - ديوان العزيز - ديوان الزمام والنفقة - ديوان الإقطاع - ديوان المعادن - ديوان الأُسطول  - ديوان الثغور - ديوان الرسائل أو الإنشاء - ديوان المظالم – ديوان الحسبة – ديوان الشرطة).

ولأن الخليفة المبجل الجديد لدولتنا الاسلامية لا يمكن ان يدير كل تلك الاصقاع بمفرده، فانه سيقوم بتعيين الامراء على تلك الاصقاع والمناطق والبلدات، وستكون لدينا عدة تسميات لهذه الامارة، مثل: إمارة الاستكفاء - إمارة الاستيلاء - الإمارة الخاصة.

اما الوزارة، فستحمل تسميتين هما: وزارة التفويض - وزارة التنفيذ.

في الاجتماع ستظهر التسميات القديمة، التي اختفت معظمها من التداول.

فاضافة الى طبقة الخاصة، سنسمع بتسميات اتباعهم مثل: (الجند – الأعوان – الموالي –الخدم).

والخدم هم الارقاء، فاذا كانوا بيض البشرة سموا (المماليك) واذا كانوا سود البشرة سموا (العبيد)، يضاف اليهم الجواري.

وهناك تسميات اخرى لافراد طبقة العامة، مثل العيارين والشطار والصعاليك والزواقيل والحرافيش والمخنّثون وغيرهم.

وتبعا للعودة الميمونة  للجذور، سيعاد النظر في تسميات الكثير من الاعمال والحرف والمهن، وسيكون هناك تخصصات قد تكون نفسها الان، او تعاد تخصصات سادت واندثرت.

على سبيل المثال، فالخياطون ستكون لهم تسميات تبعا لتخصصاتهم، مثل: الرفاؤون، القصارون، الدقاقون، صناع القلانس، المطرز او الرقام.

وللاطباء ايضا يمكن ان تكون هناك تسميات جديدة حسب تخصصاتهم، مثل: الكحالين، المجبرين، الجراحين، الفصادين، والبياطرة.

وحتى اصحاب المواهب الموسيقية سيكون لهم شان في التسميات الجديدة، مثل: العوادون، الطنبوريون، وضاربو الدفوف.

تطول التسميات وتتكاثر ولا يمكن احصاؤها بطريقة بسيطة، لتشعبها واختلافها تبعا للطبقات الاجتماعية ووظائف الناس واعمالهم في تلك القرون الاولى.

ولكن قبل التهيؤ لهذه العودة المفترضة لتلك التسميات، ما هي علامات الخليفة او الخلافة والتي تدل عليه قبل اخذ البيعة له من الاخرين؟.

هناك ثلاث علامات هي:

البردة: واعني بها بردة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) التي كان يلبسها. لكنها ليست موجودة لدى البغدادي، بل هي عند احفاد الشاعر كعب بن زهير، ربما سيبحث عنهم البغدادي لاخذها منهم، عنوة وتجبرا.

 ثم الخاتم: ولم نر لختمه شيئا حتى الان، بل ربما سيكون ذلك مستقبلا، ويكون على الشكل التالي (البغدادي خليفة رسول الله).

والقضيب، هو ثالث العلامات.

منذ اعلان داعش لخلافتها، لم نشاهد توثيقا فيديويا للاعلان والاحتفال به، وللبيعة من قبل الاخرين، فقد كان الخليفة العتيد مختفيا خلف وجوه اتباعه الذين بايعوه، وظهور الخليفة وصورته، شرط من شروط الاستخلاف، اضافة الى خطبته بانصاره وتابعيه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 3/تموز/2014 - 4/رمضان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م