جرائم الإبادة في العراق... حرب التكفير والتفكيك

 

شبكة النبأ: اكدت وزارة حقوق الانسان العراقية قبل أيام انها بصدد توثيق جميع الانتهاكات والقتل الذي قامت بها تنظيمات إرهابية متطرفة في العراق، والتي ترتقي الى مستوى جرائم الإبادة العالمية، كما حثت الدول الكبرى والمنظمات الأممية على اعتبار ما يحدث من قتل جماعي وانتهاكات إنسانية خطيرة، جرائم ضد الإنسانية، سيما وان اغلب الضحايا التي تستهدفها المفخخات العمليات الانتحارية والاعدامات الجماعية هم من المدنيين، وحتى من العسكريين اللذين سلموا أنفسهم من دون مقاومة او سلاح.

وقد صدم المجتمع الدولي مؤخرا، بعد ان شاهد صورا تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي لحالات اعدام جماعي يعتقد انها تعود لجنود عراقيين بملابس مدنية بعد ان سلموا أنفسهم الى تنظيم داعش الذي استولى في الآونة الأخيرة على مدن عراقية عديدة.

وكان تنظيم ما يسمى "الدولة الإسلامية/ داعش" قد أعلن استهداف المسلمين الشيعة، بعد ان وصفهم "بالكفر والشرك"، فيما أعلن التنظيم ان على المسلمين السنة اعلان توبتهم او ان يتعرضوا للقتل والذبح مثل الشيعة، وهم يقصدون بذلك أبناء السنة المنخرطين في الأجهزة الأمنية او الصحوات او أبناء العشائر من اللذين تصدوا لعناصر التنظيم المسلحة، ومنعوهم من دخول مناطقهم ومدنهم.

بدورها قالت الأمم المتحدة إن أكثر من ألف شخص قتلوا معظمهم من المدنيين وأصيب عدد مماثل تقريبا في معارك وأعمال عنف اخرى في العراق مع اجتياح متشددين سنة شمال البلاد، ويضم عدد الضحايا من اعدمهم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وسجناء قتلتهم القوات العراقية اثناء تقهقرها، وقال روبرت كولفيل المتحدث باسم مفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان في مؤتمر صحفي ان ما لا يقل عن 757 مدنيا قتلوا واصيب 599 في محافظات نينوى وديالى وصلاح الدين في الشمال في الفترة من الخامس إلى الثاني والعشرين من الشهر الماضي، واضاف "يشمل هذا الرقم (الذي يجب النظر إليه انه أقل تقدير) عمليات اعدام دون محاكمة جرى التحقق منها استهدفت مدنيين ورجال شرطة وجنود بدون قتال".

كما سقط قتلى جراء عمليات قصف وتبادل اطلاق النار، وقال كولفيل إن 318 شخصا على الاقل لقوا حتفهم واصيب 590 خلال نفس الفترة في بغداد ومناطق في الجنوب ومعظمهم في ست تفجيرات على الأقل لسيارات ملغومة، وأجرى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري محادثات مع زعماء منطقة كردستان العراق اليوم لحثهم على الوقوف إلى جانب بغداد في مواجهة هجوم متشددين سنة يهدد بتقطيع أوصال البلاد، ويدور قتال بين القوات العراقية ومقاتلين سنة للسيطرة على أكبر مصفاة في البلاد التي تبعد أكثر من 200 كيلومتر عن بغداد وأضحت مهددة منذ سيطر المسلحون المتشددون على عدة مدن في شمال البلاد.

وقال كولفيل ان البلاغات مستمرة عن حوادث الخطف مستمرة في المحافظات الشمالية في بغداد، وشملت هذه الحوادث خطف 48 مواطنا تركيا من القنصلية التركية عند اجتياح تنظيم الدولة الإسلامية الموصل و40 مواطنا هنديا يعملون في شركة بناء عراقية، وقال كولفيل المتحدث باسم مفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان ان الدولة الاسلامية في العراق والشام بثت عشرات من تسجيلات الفيديو أظهرت المعاملة القاسية وعمليات ذبح واطلاق نار على جنود عاجزين عن القتال وضباط شرطة واناس استهدفوا فيما يبدو بسبب الدين او العرق منهم شيعة وأقليات أخرى مثل التركمان والشبك ومسيحيون.

في سياق متصل قالت مفوضة الامم المتحدة السامية لحقوق الانسان نافي بيلاي ان قوات متحالفة مع الدولة الاسلامية في العراق والشام ارتكبت بشكل شبه مؤكد جرائم حرب بإعدامها رجالا غير محاربين، وقال كولفيل "ستجمع الادلة مثلما ظلت تجمع على مدى سنوات الان في سوريا ضد من يرتكب الجرائم على أمل ان يأتي اليوم ليحدث نوع من المحاسبة لكن مع جماعات مثل الدولة الاسلامية في العراق والشام من الواضح ان ذلك سيكون صعبا"، وذكر ان الدولة الاسلامية في العراق والشام احتجزت ثلاثة من أفراد اقلية الشبك في الموصل في 18 يونيو حزيران وتم العثور على جثتي اثنين منهم في اليوم التالي. بحسب رويترز.

وأضاف انه تم اختطاف 15 مدنيا شيعيا خلال هجوم للدولة الاسلامية في العراق والشام على قرية بروجلي في محافظة صلاح الدين وذكرت تقارير ان القوات العراقية عثرت على جثثهم في وقت لاحق، وقال ان هناك مزاعم عن العثور على 45 جثة اخرى غير معروفة الهوية على ضفتي نهر دجلة، وذكر كولفيل ان هناك تقارير أيضا عن قيام القوات العراقية بإعدام السجناء دون محاكمة ومن بينها تقارير غير مؤكدة بشكل كامل تزعم قتل 31 محتجزا في مركز شرطة القلعة بتلعفر يوم 15 يونيو حزيران وطالب السلطات العراقية بالتحقيق في الامر ومحاكمة الجناة، وقال ان مسؤولي الامم المتحدة لحقوق الانسان أكدوا وقوع عمليات اعدام سجناء دون محاكمة على ايدي القوات العراقية وهي تنسحب من مقر قيادة نينوى في الموصل، وقال "في هذه الواقعة قيل ان قنابل يدوية ألقيت في حجرات مليئة بالمحتجزين مما ادى الى مقتل عشرة على الاقل وجرح 14 آخرين".

منظمة دولية تؤكد الاعدامات الجماعية

في سياق متصل قالت منظمة (هيومن رايتس ووتش) إن صورا فوتوغرافية وأخرى التقطتها الأقمار الصناعية أوضحت أن المتشددين المسلحين لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام نفذوا عمليات إعدام جماعية في مدينة تكريت بشمال العراق، وكان متشددو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام قد داهموا معظم مناطق شمال العراق دون مقاومة تقريبا واستولوا على مدن منها الموصل وتكريت وسيطروا على نقاط حدودية مع سوريا وزحفوا إلى مسافة نحو 100 كيلومتر من العاصمة العراقية بغداد.

وقالت هيومن رايتس ووتش التي تتخذ من نيويورك مقرا لها إن ما بين 160 و190 شخصا قتلوا في موقعين على الأقل داخل تكريت وحولها بين 11 و14 يونيو حزيران الماضي، وتكريت هي مسقط رأس صدام حسين، وقالت المنظمة إن أجمالي القتلى قد يكون أكبر من ذلك إلا أن صعوبة رصد الجثث والوصول إلى المناطق حالا دون إجراء تحقيق واف، وبينت الصور التي بثتها المنظمة على موقعها الالكتروني صفا من الرجال ووجوههم نحو الأرض في خنادق فيما كان مسلحون يطلقون عليهم النار.

وقال بيتر بوكيرت مدير الطوارئ في المنظمة في بيان "تمثل الصور الفوتوغرافية وصور الأقمار الصناعية من تكريت أدلة دامغة عن جريمة حرب شنعاء تستلزم المزيد من التحقيقات"، وأضاف أن على القوات التي اقترفت ذلك "والقوات الغاشمة الأخرى أن تعي أن عيون العراقيين والعالم ترقبهم"، ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. بحسب رويترز.

وفي تحليل صور فوتوغرافية وأخرى ملتقطة بالأقمار الصناعية يشير إلى قيام الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) بإعدامات ميدانية جماعية في تكريت بعد الاستيلاء على المدينة يوم 11 يونيو/حزيران 2014، ويُظهر التحليل أن داعش قتلت 160-190 رجلاً في موقعين على الأقل بين 11 و14 يونيو/حزيران، وقد يكون عدد الضحايا أكبر بكثير، لكن صعوبة تحديد أماكن الجثث والوصول إلى المنطقة منع إجراء تحقيق شامل.

وفي 12 يونيو/حزيران زعمت داعش أنها أعدمت 1700 من "أفراد الجيش الشيعة" في تكريت، وبعد يومين نشرت على أحد المواقع الإلكترونية صوراً فوتوغرافية لمجموعات من الرجال الذين تم إعدامهم على ما يبدو، وفي 22 يونيو/حزيران أعلن وزير حقوق الإنسان في العراق أن داعش أعدمت 175 من مجندي القوات الجوية العراقية في تكريت، ويبدو أن داعش أعدمت 160 رجلاً على الأقل في تكريت".

في 12 يونيو/حزيران أعلنت داعش في البداية على حسابها المغلق حالياً بموقع تويتر عن "إبادة" 1700 جندي عراقي، وفي اليوم نفسه نشرت الجماعة مقاطع فيديو لمئات الأسرى في ثياب مدنية، زعمت أنهم استسلموا في قاعدة "سبايكر" العسكرية العراقية القريبة، وفي 14 يونيو/حزيران نشرت داعش قرابة الستين صورة فوتوغرافية، يظهر في بعضها مقاتلون ملثمون من داعش يقومون بتحميل أسرى في ثياب مدنية على شاحنات، ويرغمونهم على الرقاد في ثلاثة خنادق ضحلة وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم، وتبين بعض الصور مسلحين ملثمين يشيرون بأسلحتهم إلى الرجال ويطلقون الرصاص عليهم.

وبمقارنة ملامح ومعالم الأرض في الصور المنشورة من قبل داعش، تأكدت هيومن رايتس ووتش من وجود اثنين من الخنادق في موقع واحد، وبمقارنة تلك الصور بصور الأقمار الصناعية الملتقطة في 2013، والصور المتوافرة بالمجال العام والتي سبق التقاطها في تكريت، حددت هيومن رايتس ووتش وجود الموقع في حقل يقع على مسافة 100 متر إلى الشمال من "قصر الماء" في تكريت، وهو أحد قصور صدام حسين السابقة المطلة على نهر دجلة، لم يتسن تحديد موقع الخندق الثالث.

وقامت هيومن رايتس ووتش أيضاً بمراجعة صور سجلتها الأقمار الصناعية للمنطقة في صباح 16 يونيو/حزيران، ولا تكشف الصور عن أدلة على وجود جثث بموقع الخندقين، لكنها تظهر دلائل على تحركات حديثة لمركبات ميكانيكية، وعلى تقلبات بالتربة السطحية تتفق مع وجود الخندقين الضحلين الظاهرين في صور داعش، دون زيارة الموقع، فمن المستحيل تبين إن كان قد تم دفن الجثث هناك أو تم نقلها.

وفي 22 يونيو/حزيران قال وزير حقوق الإنسان العراقي محمد شياع السوداني في مؤتمر صحفي إن جثث بعض مجندي القوات الجوية الـ175 المقتولين قد ألقيت في نهر دجلة، وتم دفن بعضها الآخر في مقبرة جماعية، وأكد ناطق باسم الوزير هذا التصريح لـ هيومن رايتس ووتش في 23 يونيو/حزيران، وقال مسؤول أمني عراقي إن ما يناهز الـ 11 جثة لمجندين تم إعدامهم قد تم انتشالها من نهر دجلة على مسافة من موقع الإعدام، وتوحي صور الإعدام الميداني التي وزعتها داعش بأن المسلحين قتلوا ما لا يقل عن ثلاث مجموعات من الرجال في هذا الموقع، فتظهر الصور مجموعة من الرجال ترقد بأحد الخنادق ومجموعة أخرى ترقد فوق الأولى، كما تظهر مجموعة ثالثة من الرجال راقدة بالخندق الثاني.

واستناداً إلى إحصاء الجثث الظاهرة في الصور المتاحة، تقدر هيومن رايتس ووتش قيام داعش بقتل 90-110 من الرجال في الخندق الأول، و35-40 في الثاني، وتوحي المراجعة المبدئية لطول الظلال وزاوية سقوطها في الصور باحتمال إعدام مجموعتي الرجال في الخندق الأول بين 1:30 و2:30 بعد الظهر، واحتمال إعدام الرجال في الخندق الثاني بين 2:30 و3:30 بعد الظهر، وتظهر صور داعش مجموعة رابعة قوامها نحو 30 إلى 40 أسيراً فوق واحدة من شاحنتي النقل، وبجوارها فيما بعد، على الطريق الرئيسية بين موقع الإعدام وقصر الماء، والأرجح أن تكون الصور قد التقطت في موعد لاحق من اليوم نفسه، بين الرابعة والخامسة مساءً.

وتوحي إحدى الصور التي نشرتها داعش بأن الجماعة قتلت أسرى في موقع ثان في التوقيت نفسه تقريباً، إلا أن هيومن رايتس ووتش لم تتمكن من تحديد الموقع، وتظهر الصورة خندقاً كبيراً به 35 إلى 40 أسيراً وهم يتعرضون لنيران ما لا يقل عن 8 من مقاتلي داعش، واستناداً إلى طول الظلال وزاوية سقوطها، يرجح التقاط الصورة بين الحادية عشرة صباحاً والواحدة ظهراً، وكان أحد مسلحي داعش الظاهرين بذلك الموقع قد ظهر أيضاً في الصور المأخوذة من موقع القتل عند الخندقين قرب قصر الماء.

وتوحي الصور الفوتوغرافية وصور الأقمار الصناعية بقوة بأن داعش نقلت أسراها بالشاحنات إلى موقعي القتل، فقد تعرفت هيومن رايتس ووتش على مقاتلي داعش والأسرى أنفسهم في عدة صور، وبينهم أسرى تم تصويرهم في الشاحنات وتكرر تصويرهم عند إنزالهم من نفس الشاحنات بجوار موقع الإعدام عند قصر الماء، وتحدثت هيومن رايتس ووتش مع رجل واحد قال إنه فر من تكريت بعد المذبحة، وقال الرجل إنه كان يتفرج من سطح منزله بحي القادسية ساعة العصر بعد وصول داعش، بينما كان أفراد مسلحون من داعش يقومون بتحميل مئات الأسرى على شاحنات ويقودونهم مبتعدين.

وأضاف "ورأيتهم بعينيّ هاتين، كنا ساعة العصر، واستغرق الأمر وقتاً طويلاً، رأيت نحو 10 مسلحين يصوبون أسلحتهم إلى طابور الرجال، ويقتادونهم إلى شاحنات عسكرية، كان بعض المسلحين ملثمين وبعضهم يكشفون عن وجوههم، لم يكن الرجال (الأسرى) مقيدين، وكانوا في ثياب مدنية، وقال الرجل إنه لا يعرف إلى أين أخذ الرجال أسراهم، ولم يستطع تذكر اليوم بالتحديد، وقال إن بعض سكان تكريت أخبروه لاحقاً بأنهم شاهدوا جثثاً تطفو في دجلة".

في أثناء نزاع مسلح، فإن قتل أي شخص لا يشارك بدور نشط في الأعمال العدائية، بما في ذلك أفراد القوات المسلحة الذين نحوا السلاح جانباً والمحتجزين، يعد جريمة حرب، كما يمكن اعتبار القتل جريمة ضد الإنسانية حين يكون ممنهجاً أو واسع النطاق ويرتكب كجزء من سياسة عمدية لجماعة منظمة، وتعد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية جرائم دولية، تقع مسؤوليتها الجنائية على من يرتكبها أو يأمر بارتكابها، وكذلك على من يساعد فيها، وتقع المسؤولية أيضاً على القادة الذين علموا بأمر الجريمة وأخفقوا في منعها.

وقد سبق لـ هيومن رايتس ووتش أن وثقت جرائم خطيرة ارتكبتها داعش في مناطق أخرى من العراق وسوريا، تشمل تفجيرات انتحارية وبالسيارات المفخخة في مناطق مدنية، وإعدامات ميدانية بدون محاكمات، وتعذيب أثناء الاحتجاز، والتمييز ضد المرأة، وتدمير ممتلكات دينية، وتوحي الأدلة التي وثقتها هيومن رايتس ووتش بقوة بأن بعض تلك الأفعال قد ترقى إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية، وقال بيتر بوكارت: "ترتكب داعش القتل الجماعي ثم تقوم بالدعاية له أيضاً، وعليها هي وغيرها من القوات المنتهكة أن تعلم أن أعين العراقيين والعالم عليها".

الحذر من حرب طائفية

من جانب اخر قال محققون متخصصون في قضايا حقوق الانسان بالأمم المتحدة في تقرير صدر مؤخرا إن الشرق الأوسط يبدو على حافة حرب طائفية أوسع تشمل العراق وسوريا مع قيام مقاتلين متشددين بعمليات خطف وتعذيب وقتل للمدنيين، وأخرج مقاتلو تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام الجيش العراقي من شمال العراق وضموا المنطقة إلى مساحة كبيرة من الأراضي سيطروا عليها في شرق سوريا خلال الحرب الأهلية الدائرة هناك، وقال فيتيت مونتاربورن خبير القانون الدولي الذي شارك في التحقيق "توقعنا منذ فترة طويلة مخاطر امتداد الصراع على الجانبين وهو ما يتحول الآن إلى صراع إقليمي".

وقالت نافي بيلاي مسؤولة حقوق الانسان بالأمم المتحدة إنه يكاد يكون من المؤكد ارتكاب قوى متحالفة مع تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام جرائم حرب بإعدام مئات من الرجال غير المقاتلين على مدى الأيام الخمسة الماضية، وجاء في تقرير قدم لمجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة إن أموالا ومتشددين سنة أجانب تدفقوا على سوريا حيث ترتكب فصائل مناهضة للحكومة ومن بينها تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام عن عمد انتهاكات بحق مدنيين في مناطق تسيطر عليها.

وقال تقرير المحققين إن "اندلاع حرب إقليمية في الشرق الأوسط أصبح أقرب من أي وقت مضى، ستكون للأحداث في العراق تبعات عنيفة في سوريا المجاورة"، وأضاف متحدثا عن سوريا "لا تستهدف الاعداد المتزايدة من المقاتلين المتشددين المجتمعات السنية الخاضعة لسيطرتها فحسب لكن أيضا مجتمعات الأقليات بما في ذلك الشيعة والعلويون والمسيحيون والأرمن والدروز والأكراد"، ويشير التقرير إلى استهداف المتشددين السنة لمدنيين سنة من خلال أمور منها إجبار النساء على ارتداء الحجاب وفرض تفسيرهم لأحكام الشريعة والانتقام من السنة الذين خدموا في الجيش السوري، والأقلية العلوية الشيعية التي ينتمي لها الرئيس السوري بشار الأسد هي الطائفة التي تهيمن على مقاليد البلاد منذ عقود.

ذكر التقرير أن تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام خطف ما يقرب من 200 مدني كردي في هجوم على مدينة حلب في نهاية مايو أيار، وقال مونتاربورن إن التنظيم يخوض قتالا ضد جماعات أخرى مناهضة للأسد أكثر مما يخوض ضد حكومة دمشق، وقال التقرير "يظهر تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام قدرته على إذكاء نيران الطائفية في كل من العراق وسوريا، أي تعزيز لموقفه يزيد من القلق البالغ"، وقتل ما لا يقل عن 160 ألف شخص في الصراع الدائر بسوريا منذ أكثر من ثلاث سنوات.

نزوح جماعي

على صعيد ذي صلة أبرز مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين انطونيو جوتيريس خطر النزوح الجماعي للاجئين العراقيين هربا من أعمال العنف وسفك الدماء الى الدول المجاورة التي تواجه صعوبات بالفعل لاستيعاب نحو ثلاثة ملايين لاجئ سوري، وقالت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن في داخل العراق فر ما لا يقل عن 300 الف شخص من القتال في مدينة الموصل بشمال البلاد الى إقليم كردستان، ونزح 500 ألف عراقي آخر داخل البلاد منذ اشتداد القتال الطائفي في محافظة الأنبار بغرب العراق في يناير كانون الثاني.

وقال جوتيريس "في اللحظة الراهنة لدينا مواجهة خطيرة جدا ولدينا مستويات كبيرة من النزوح الداخلي، لم نشهد بعد تدفقا جماعيا للاجئين وأعتقد أن هذا سيتوقف على ما اذا كان يمكن معالجة هذه الأزمة بفعالية في المستقبل القريب او ما اذا كانت ستصبح صراعا مطولا"، وأضاف في مؤتمر صحفي في جنيف "اذا كان سيصبح صراعا مطولا فأعتقد أنه لن يكون هناك مفر من تدفق كبير للاجئين مرة أخرى"، وحقق تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام تقدما سريعا في شمال العراق لكن حكومة بغداد التي يقودها الشيعة تحدت دعوات الغرب للتواصل مع السنة لنزع فتيل الأزمة.

وتقول المفوضية إن اكثر من 2.8 مليون لاجئ سوري سجلوا أسماءهم في الدول المجاورة منهم 225 الفا في العراق منذ بدء الصراع في سوريا عام 2011، وقال جوتيريس "بالنظر الى أوضاع دول المنطقة، أعني أن سوريا بالطبع ليست وجهة محتملة (للاجئين العراقيين) والأردن يرزح الآن تحت ضغط هائل من اللاجئين السوريين، وبالتالي من الصعب تصور كيف ستتمكن المنطقة من مجاراة تدفق كبير آخر للاجئين"، وأضاف أنه اذا حدث نزوح جماعي من العراق فإن التضامن الدولي سيكون ضروريا بكل تأكيد، وقال "اذا حدث هذا فإنني أتمنى استقبال العراقيين جيدا في كل مكان، لكن كما قلت أهم شيء في الوقت الراهن هو تفادي هذا".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 1/تموز/2014 - 2/رمضان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م