سقوط الدولة الشيعية

هادي جلو مرعي

 

يقاتل السنة بشراسة من أجل إعادة لملمة وجودهم في العراق بعد عشر سنوات على سقوط نظام صدام حسين وهم يحققون نجاحات بدعم من عديد الدول العربية الرافضة للتحول السياسي في البلد، والراغبة بنظام حكم سياسي موات لوجودها القومي والمذهبي، بينما ترى في الحضور الشيعي والدعم الإيراني نهاية لوجود الدولة القومية المتماهية مع المذهبية السنية في عراق بدأ بهارون الرشيد، وإنتهى بصدام حسين، دون أمل في أن يعود ثانية بشكله التقليدي منذ أن وضع أبو جعفر المنصور حجر الأساس للمدينة المدورة بغداد حتى اللحظة.

 بينما الأمل الأخير هو الحصول على أكبر قدر من المكاسب في ظل وجود دعم عربي ونوع من العدائية بين إيران وأمريكا، ووجود جماعات شيعية مقلقة للغرب، ومع توفر الحظوة السعودية لدى عواصم القرار في أمريكا وأوربا، وتحييد مصر، أو ضمها لحلف الرياض، بعد إسقاط حكم الإخوان والتفرغ لترتيب الوضع في العراق، خاصة مع تسليم القضية الفلسطينية بكاملها الى إسرائيل ووزراء الخارجية الأمريكيين المتعاقبين دون حلول سوى السخرية من الفلسطينيين المنقسمين على أنفسهم.

ليس من فرصة أكبر من الحالية لإسقاط الوجود الشيعي السياسي في العراق مع تطورات إقليمية ودولية متعاقبة، وتقدم لمجموعات جهادية كتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الذي حقق للسنة المتمردين على النظام القائم أكثر مما يحلمون به بعد إجتياحه للموصل وتماهيه مع الجماعات السنية الأكثر نفوذا كالنقشبندية والبعثيين الماهرين في إقتناص الفرصة، بينما يبدو الشيعة كمراهقين لايعرفون تحديد أطر مستقبلهم، ولا لأي جامعة ينتسبون، وأي طريق يسلكون وهم تائهون.

 بينما الدولة الموحدة المرفوضة طالما هم يحكمون لن تقوم لها قائمة مع زخم الإنتحاريين والجهاديين من كل الدنيا، وعليهم إما أن يقبلوا بحكم على الطريقة السعودية، أو أن يتقبلوا التقسيم وحتى الفدرلة على طريقة بايدن، أو أن يدخلوا في نزاع مرير لا قيمة له وهم يقاتلون في المدن السنية ، ولديهم فرصة إستثمار ثروات الجنوب بالتوافق مع السنة لو جرى إتفاق ما برعاية إيرانية سعودية وأمريكية بالطبع مع حدود مفتوحة للإقليمين على إيران ودول عربية أخرى وتركيا، ويبدو خيار الإقليم الشيعي في الوسط والجنوب خيارا ممتازا وهو الذي سبق وأن دعى إليه المجلس الإسلامي بزعامة السيد الحكيم الذي قرر منذ بداية التغيير عن العراق لن يكون موحدا مع حجم التنوع والخلافات إلا بنظام فدرالي رفضه السنة، وهم يطالبون به الآن، ورفضه بعض الشيعة وهم ساكتون عنه الآن.

غير واضح ما إذا كان تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام سيكتفي بمدن السنة أم إنه سيتقدم أكثر؟ وهل يرى من مصلحة في التقدم صوب تكتلات شيعية تملك القوة الكافية للردع؟ يبدو للوهلة الأولى إن السعودية وإيران وحتى الولايات المتحدة لن تسمح بهذا التقدم بإنتظار الصفقة القادمة التي ستكتمل بعد مفاوضات وتغييرات سياسية شاملة.

التأكيد على وحدة العراق بعد ذهاب الموصل وكركوك نوع من الإهانة للشعب العراقي في الوسط والجنوب، ولابد من قرار تاريخي ينهي سيل الدماء، ويبني عراقا فدراليا، أو كونفدراليا كما يدعو له الكورد لعل ذلك يكون بداية لحل ناجع لمعاناة ومشاكل هذه البلاد الحزينة.

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 30/حزيران/2014 - 1/رمضان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م