حرب بين الجماعات المتطرفة سوريا... العنف يأكل أهله

 

شبكة النبأ: مؤخراً أعلنت وسائل الاعلام عن مبايعة ما يسمى بـ"جبهة النصرة" "التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا والتي شكلت بتوجيهات البغدادي لمحاربة النظام السوري ثم حدثت خلافات بينها وبين الدولة الإسلامية تطورت الى قتال خلف الاف القتلى من الطرفين" في منطقة "البوكمال" على الحدود السورية العراقية لما يسمى تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام".

فيما أشار محللون الى ان هذه المبايعة بين الفصلين قد تسمح لتنظيم "الدولة الإسلامية او داعش" بالتمركز على طرفي الحدود بعد سيطرتها على مراكز ومدن حدودية مثل القائم في العراق.

وأشار اخرون الى تطور هذه الموقف قد يعود الى الاحداث الأخيرة التي شهدها العراق بعد ان سيطر مسلحو داعش على مناطق واسعة في محافظات الموصل وديالى وصلاح الدين، فيما شهد الجانب السوري تقدم التنظيم الكبير في دير الزور، إضافة الى سيطرته السابقة على الرقة واطرافها.

وأكدت حسابات تعود لمجموعات وعناصر في "داعش" على موقع "تويتر" الخبر، وذكرت "بحمد الله دخلت مدينة البوكمال تحت سيطرة الدولة بدون قتال ولله الحمد، حيث بايع جنود جبهة الجولاني (في إشارة إلى زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني) الدولة الإسلامية في العراق والشام"، ونشر أبو حفص الأثري الموالي ل"داعش" على حسابه صورة لكل من عمر الشيشاني (قيادي في داعش) وأبو يوسف المصري (قيادي في النصرة) يتصافحان قرب مكتب، وبدا في الخلفية علم "الدولة الإسلامية" الأسود وزهور وكرة أرضية، وولدت جبهة النصرة في سوريا في 2012 بعد أشهر من بدء النزاع في سوريا، أما "الدولة الإسلامية" بقيادة أبو بكر البغدادي، فقد تمددت من العراق إلى سوريا. بحسب فرانس برس.

وبعد أشهر من القتال جنبا إلى جنب، أعلن تنظيم القاعدة بزعامة أيمن الظواهري أن "جبهة النصرة" تمثله في سوريا، داعيا "الدولة الإسلامية" إلى الانكفاء نحو العراق، ووقفت فصائل المعارضة المسلحة كلها ضد "داعش"، متهمة إياه بأنه "من صنع النظام" السوري و"ينفذ مآربه"، وأوقعت المعارك بين "الدولة الإسلامية في العراق والشام" والفصائل الأخرى وبينها النصرة منذ بداية هذه السنة في مناطق سورية عدة أكثر من ستة آلاف قتيل، بحسب المرصد السوري.

ويبدو ان داعش التي استخدمت العنف وعدم اظهار الرحمة حتى مع خصومها من المتطرفين الإسلاميين، باتت تتحول تدريجياً الى أكبر تنظيم إسلامي متطرف يحاول الامساك بالأراضي واحتلالها على جانب العراق وسوريا، ومع انظام "جبهة النصرة" الى داعش ومبايعتها لها، في خطوة قد تتسبب بإرباك القاعدة وزعيمها "ايمن الظواهري" الذي حاول جهدة (في السابق) بتفريق الجماعتين وعزل البغدادي وتحجيم دورة، الا ان الواقع يشير الى خلاف ذلك مع الاحداث التي جرت وتجري بين سوريا والعراق. 

معارك بين داعش وكتائب معارضة

في سياق متصل استؤنفت المعارك بين مقاتلي "الدولة الاسلامية في العراق والشام" وكتائب اخرى معارضة للنظام السوري في ريف دير الزور (شرق) بعد مده من توقفها، فيما سجل انفجاران استهدفا تجمعا وقيادات لهذه الكتائب وبينها جبهة النصرة المتطرفة، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان، وقال المرصد في بريد الكتروني "دارت اشتباكات عنيفة بين الدولة الاسلامية في العراق والشام من جهة ومقاتلي جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) ومقاتلي الكتائب الاسلامية من جهة اخرى على اطراف بلدة البصيرة بريف دير الزور الشرقي في محاولة من الدولة الاسلامية في العراق والشام التقدم".

وكانت المعارك بين الطرفين شهدت تصعيدا منذ الاول من ايار/مايو في مناطق عدة من دير الزور قريبة من الحدود العراقية في محاولة من "الدولة الاسلامية" التواصل مع عناصر تنظيمها في العراق، وتوسيع سيطرتها لتحقيق تواصل جغرافي لها من الرقة في سوريا شمالا مرورا بالحسكة وصولا الى دير الزور، الا ان المعارك هدأت بعد بدء الهجوم الكبير ل"داعش" في شمال العراق والذي ادى الى سيطرتها على مناطق واسعة.

وسبق استئناف الاشتباكات ليلا انفجار سيارة مفخخة قرب تجمع لمقار جبهة النصرة والحركة الاسلامية في بلدة الشميطية بريف دير الزور الغربي، بحسب ما ذكر المرصد، ما تسبب بمقتل خمسة عناصر من جبهة النصرة ومقاتلي حركة أحرار الشام الاسلامية بينهم قيادي في حركة أحرار الشام وقاض من الهيئة الشرعية التابعة للنصرة، كما افاد المرصد ان انتحاريا من "الدولة الاسلامية في العراق والشام" فجر نفسه بعد منتصف الليل بمنزل قيادي في "لواء صدام حسين" المقاتل في بلدة الحوايج في ريف دير الزور الشرقي، ما ادى الى اصابة القيادي بجروح ومقتل ولديه واثنين من اقربائه. بحسب فرانس برس.

وقتل 45 مقاتلا على الاقل في اشتباكات بين عناصر من تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" ومقاتلين من كتائب في المعارضة المسلحة بينهم "جبهة النصرة"، ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، حسبما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان، وجاء في بريد الكتروني للمرصد "ارتفع الى 45 عدد المقاتلين الذين لقوا مصرعهم خلال اشتباكات في خشام وفي جنوب بلدة الصور بالريف الشرقي لدير الزور وفي جنوب غرب مدينة الزور، بين الدولة الإسلامية في العراق والشام من جهة ومقاتلي الكتائب الإسلامية وجبهة النصرة من جهة اخرى".

واشار الى ان بين القتلى "17 مقاتلا من الكتائب و28 مقاتلا على الأقل من الدولة الإسلامية، معظمهم من جنسيات عربية وأجنبية"، وقال المرصد ان الاشتباكات العنيفة التي تدور منذ ليل امس ادت الى "سيطرة الدولة الإسلامية في العراق والشام على بلدة خشام بالكامل"، ويسعى تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" الى اقامة "دولته" في المنطقة الممتدة من الرقة شمالا الى الحدود السورية العراقية في الشرق حيث يمكنه التواصل مع عناصر التنظيم نفسه داخل العراق، بحسب ما يقول خبراء ومعارضون.

وظهر التنظيم المعروف اليوم باسم "داعش" في سوريا في ربيع 2013، وقوبل بداية باستحسان معارضي الرئيس بشار الاسد الباحثين عن اي مساعدة في قتالهم ضد القوات النظامية، الا ان هذه النظرة سرعان ما تبدلت مع ارتكاب التنظيم تجاوزات وسعيه الى التفرد بالسيطرة، وتتهم فئات واسعة من المعارضة المسلحة "داعش" بالعمل لصالح النظام، كما تاخذ عليه تطرفه في تطبيق الشريعة الاسلامية كاصدار فتاوى تكفير عشوائيا وقيامه بعمليات خطف واعدام طالت العديد من المقاتلين، ومنذ مطلع كانون الثاني/يناير، تدور معارك عنيفة بين "الدولة الاسلامية في العراق والشام" وكتائب من المعارضة المسلحة ابرزها النصرة، ادت الى مقتل اكثر من ستة آلاف شخص، بحسب المرصد.

مكاسب عسكرية

بدورة أصبح تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام يقتل الآن في سوريا من المقاتلين المنافسين من تنظيمات أخرى خرجت من عباءة تنظيم القاعدة أكثر مما يقتل من قوات الرئيس السوري بشار الاسد مع اشتداد حدة القتال بين مقاتلي المعارضة، وسقط مئات المقاتلين قتلى في الاشتباكات التي وقعت هذا العام بين جبهة النصرة وهي جناح القاعدة في سوريا وتنظيم الدولة الاسلامية واضطر عشرات الالاف من المدنيين للنزوح عن ديارهم بسبب هذه الاشتباكات.

وفي يناير كانون الثاني فقدت جبهة النصرة السيطرة على الرقة وهي المدينة الوحيدة الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة في سوريا لصالح تنظيم الدولة الإسلامية، وأسفر قتال عنيف عن تحقيق تنظيم الدولة الاسلامية مكاسب في محافظة دير الزور السورية، وإذا تمكن تنظيم الدولة الإسلامية من السيطرة على المحافظة فإنه سيسيطر على أراض من سوريا الى العراق.

وحاول زعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري مرارا كبح جماح تنظيم الدولة الإسلامية وفي الشهر الحالي ناشده العودة الى العراق ومضاعفة جهوده هناك وسط اشتداد العنف الطائفي. لكن المتحدث باسم تنظيم الدولة الاسلامية أبو محمد العدناني أصدر رسالة صوتية رفض فيها هذا الطلب، وقال "أما عن مناشدتك لنا الانسحاب من الشام فلن نعيد ونكرر بأن هذا الامر شبه مستحيل غير ممكن لا شرعا ولا عقلا."

وقوض القتال المهلك الذي يعتبر من أعنف ما شهدته الحرب حتى الآن الانتفاضة على حكم الأسد وأفزع القوى العالمية الحريصة على انتهاء الصراع الذي بدأ قبل اكثر من ثلاثة أعوام وأودى بحياة أكثر من 150 ألف شخص، ويستلهم تنظيم الدولة الإسلامية نهج القاعدة المتشدد لكنه يستمد قوته من المقاتلين الأجانب الذين أكسبهم القتال في العراق خبرة، وتخوض الجماعتان معارك طائفية ضد الأسد الذي تسانده الأقلية العلوية. بحسب رويترز.

وحين دخل تنظيم الدولة الإسلامية سوريا العام الماضي بدل الكثير من أعضاء جبهة النصرة ولاءاتهم، وحاول ابو بكر البغدادي زعيم الدولة الإسلامية فرض اندماج مع جبهة النصرة متحديا أوامر الظواهري مما أحدث شقاقا، واقتتلت الجماعتان هذا العام على النفوذ وبسبب خلافات على الأراضي وليس نتيجة اختلافات فكرية، وطبق الاثنان تفسيرا متشددا للشريعة الإسلامية وهو ما أغضب الكثير من السوريين.

وفي دير الزور يفر المدنيون من الاشتباكات بين الدولة الإسلامية وجبهة النصرة بعد أن عاشوا عامين من القتال بين مقاتلي المعارضة والقوات الحكومية، وقال المرصد السوري لحقوق الانسان المعارض للأسد إن نحو 230 متشددا لاقوا حتفهم في الاقتتال الذي يدور أيضا حول حقول النفط في دير الزور، واستمر القتال العنيف على مشارف المدينة وفي القرى المحيطة بها.

وخفف الاقتتال بين مسلحي المعارضة الوطأة على ما تبقى من القوات الحكومية في مدينة دير الزور، وتتاخم دير الزور محافظة الأنبار العراقية وهي منطقة تسكنها أغلبية سنية يقود فيها تنظيم الدولة الإسلامية معركة ضد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، ومن شأن تعزيز السيطرة على دير الزور أن تمنح تنظيم الدولة الإسلامية حدودا دولية وأراض تمتد لمسافة 800 كيلومتر من وسط العراق إلى البحر المتوسط وحتى الحدود مع تركيا، وقال رامي عبد الرحمن رئيس المرصد إن الدولة الإسلامية ستواجه صعوبة في السيطرة على مدينة دير الزور حيث لا تزال جبهة النصرة وجماعات معارضة أخرى قوية، وأضاف أن تنظيم الدولة الإسلامية يسيطر على اراض خارج المدينة وفي المنطقة وتابع أنه يحاول السيطرة على المنطقة الممتدة من مدينة الرقة الى العراق.

وحتى اذا لم تستطع الدولة الإسلامية السيطرة على مدينة دير الزور بالكامل فإن السيطرة على المنطقة ستقوي الصلات بجناحها في العراق وسيؤدي الى عزل مقاتلي الجماعات الأخرى داخل المدينة، وبعد ما أحرزته الدولة الإسلامية من تقدم في منطقتي الشمال والشرق الخاضعتين لسيطرة المعارضة أحرزت جبهة النصرة تقدما في جنوب سوريا لتستولي على أراض كانت تحت سيطرة جماعات معارضة مدعومة من الغرب، وهمشت جماعات المعارضة الأخرى في سوريا تحالفا هشا من جماعات أقل تشددا يحمل اسم الجيش السوري الحر.

وأحجمت القوى الغربية التي تدعم الجيش السوري الحر عن تقديم الأسلحة التي يمكن أن تغير مجريات الأمور خوفا من استيلاء جماعات مثل جبهة النصرة او الدولة الإسلامية عليها، والآن ينشط عدة آلاف من مقاتلي جبهة النصرة في جنوب سوريا وهم أكثر انضباطا وتنظيما بكثير من خصومهم المنتمين للتيار العلماني الذين أفقدتهم خلافاتهم ومشاجراتهم الكثير من التأييد الشعبي، ولقد ساعد هذا جبهة النصرة على النمو اذ يحرس مقاتلوها الآن نقاط تفتيش بالقرب من الحدود الإسرائيلية في الجولان والحدود الأردنية قرب درعا مهد الانتفاضة على حكم الأسد.

اعدامات بالجملة

الى ذلك اعدم تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" خمسة افراد من أسرة علوية في وسط سوريا، بينهم مسن يبلغ 102 من العمر، بحسب ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان، وفي غضون ذلك، تتواصل اعمال العنف لا سيما في حلب (شمال) حيث واصلت القوات النظامية قصفها الجوي على مناطق سيطرة المعارضة، وقال المرصد في بريد الكتروني "استشهد رجل معمر يبلغ من العمر 102 عامين، وولده، وحفيده وزوجة حفيده وابنتهما، اثر هجوم مقاتلين من الدولة الاسلامية في العراق والشام على قرية زنوبة في الريف الشرقي لمدينة سلمية" في محافظة حماة (وسط).

واوضح المرصد ان الى ان "العائلة التي قتلت هي من الطائفة العلوية، وبعض افرادها احرقوا والبعض الآخر تم قتله وهو نائم"، واطلق المسلحون النار على الرجل المسن اثناء نومه، بحسب المرصد، واوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن ان القرية حيث وقع الهجوم، معظمها اراض زراعية ويقطنها عدد محدود من الأشخاص، وتقع القرية على مقربة من منطقة تسيطر عليها الدولة الإسلامية، واشار المرصد الى ان اسباب الهجوم غير واضحة.

وتتهم المعارضة السورية والناشطون التنظيم الجهادي بالتشدد في تطبيق الشريعة الاسلامية وارتكاب "اساءات" في مناطق تواجده، تشمل اعمال الخطف والاعدام والاعتقال، وتخوض تشكيلات من المعارضة معارك عنيفة ضد التنظيم منذ كانون الثاني/يناير، ادت الى مقتل اكثر من ستة آلاف شخص، بحسب المرصد، في حلب (شمال). بحسب فرانس برس.

من جهة اخرة قال "المرصد السوري لحقوق الإنسان" ومصور بموقع الأحداث إن جماعة منشقة على تنظيم القاعدة قتلت 15 كرديا سبعة منهم أطفال في هجوم على قرية بشمال سوريا، ويأتي هذا الهجوم الذي شنته جماعة "الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام"  في إطار هجوم مستمر لتنظيم "داعش" تشنه منذ ستة أشهر ضد أكراد سوريا وعدد من جماعات المعارضة، وهو ما أضعف الانتفاضة المسلحة ضد الرئيس بشار الأسد وأدى إلى مقتل الآلاف، وأضاف المرصد أن الهجوم وقع بالقرب من بلدة رأس العين الكردية بعد أن اقتحم مسلحون قرية.

وتبعد رأس العين 600 كيلومتر عن دمشق وتتبع محافظة الحسكة المنتجة للنفط في شمال شرق سوريا ويقيم فيها كثيرون من الأقلية الكردية السورية التي يقدر عددها بمليون شخص، وأمكن مشاهدة ست جثث لأشخاص بينهم ثلاثة صبية، وكانت هناك امرأة في منتصف العمر تبكي إلى جوار الجثث، وتنصلت قيادة "تنظيم القاعدة" من جماعة "الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام" بعد أن دخلت في صراع على النفوذ ومن أجل السيطرة على مناطق مع "جبهة النصرة" التي تشكل الجناح الرسمي للقاعدة في سوريا.

وابتعد أكراد سوريا بدرجة كبيرة عن المعارضة المسلحة ضد الأسد لأنهم يخشون من أن فصائل المعارضة السنية ستتجاهل طموحاتهم في الحكم الذاتي في فترة ما بعد الأسد، وقتل نحو 160 ألف شخص في الصراع الذي دخل الآن عامه الرابع.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 26/حزيران/2014 - 27/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م