لاجئو أفريقيا الوسطى والبحث عن حياة أفضل

في مدن الكاميرون

 

شبكة النبأ: يتدفق اللاجئون وغيرهم من المهاجرين إلى مدن شرق الكاميرون مدفوعين بإحباطهم من ظروفهم المعيشية وبحثاً عن فرص عمل وسعياً لحياة جديدة. ولكن هناك مخاوف في المنطقة من تأثير الوافدين الجدد على المناطق الحضرية ومن نشوب التوترات بينهم وبين سكان المدن الحاليين.

ويذكر أن ما يقرب من 226,000 شخص فروا من جمهورية أفريقيا الوسطى إلى الكاميرون وتشاد وجمهورية الكونغو الديموقراطية وجمهورية الكونغو المجاورة منذ ديسمبر 2013. ومن بين الدول الأربع المضيفة، تستضيف الكاميرون أكبر عدد من اللاجئين. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين".

ومنذ بداية عام 2014، فر أكثر من 80,000 شخص من جمهورية أفريقيا الوسطى نتيجة لتفاقم أحداث العنف في بلادهم، وعبروا الحدود إلى الكاميرون. واستقر كثير منهم في القرى، ولكن البلدات في شرق الكاميرون كانت تجذبهم بشكل أكبر، ويحذر فاوستين تشيمي من الصليب الأحمر الكاميروني في برتوا من أن "هجرة اللاجئين إلى المناطق الحضرية تعقد جهود حمايتهم وبناء صورة دقيقة عن اللاجئين في المنطقة".

وأشار تشيمي إلى أن "هناك هجرة للاجئين إلى المناطق الحضرية في برتوا، ولكن تصعب معرفة عدد اللاجئين الموجودين في البلدة. وبالفعل يمثل اللاجئون الذين يعيشون في المخيمات والقرى تحدياً كبيراً للعاملين في المجال الإنساني الذين لا يستطيعون أن يوفروا الرعاية الكافية والأمن للجميع".

وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال أوجستين بولي، رئيس اللاجئين في مخيم جيوا الثاني في شرق الكاميرون أن "الكثير من اللاجئين الرجال تركوا المخيم إلى برتوا ولم يعودوا أبداً، ولم نسمع عنهم منذ ذلك الوقت". كما أن الأخبار التي عُرفت عنهم ليست مشجعة، إذ أفاد بولي أن "البعض ذهب ببساطة لشراء بضائع لبدء أعمال تجارية صغيرة في جيوا، وعلمنا أنه جرى اعتقالهم"، وقالت السلطات في شرق الكاميرون أنه من الصعب معرفة العدد الدقيق للاجئين الذين دخلوا إلى المدن، ولكنهم نوهوا بضرورة معالجة المشكلات الأمنية.

من جهته، قال إيريني جاليم نجونج، محافظ لوم ونجيريم في برتوا أن "انتقال اللاجئين إلى برتوا يشكل مصدر قلق كبير للسلطات العامة ونحن نقوم بوضع خطة للتعامل مع اللاجئين الموجودين وضمان الأمن".

ويلقي مسؤولو الأمن باللائمة في حوادث انعدام الأمن في برتوا على الأجانب وقالوا أنهم زادوا من دوريات الأمن. وقال عليم أبوبكر مفوض الشرطة في المنطقة أن اللاجئين المتسببين في المشاكل هم "من الشباب الذين يحاولون البقاء على قيد الحياة من خلال بعض الوظائف غير المعتادة أو السرقة أو حتى ارتكاب السطو المسلح".

ويشتكي بعض السكان المحليين من حوادث العنف التي يقوم بها المهاجرون. وقال عمارو ساندا أحد سكان برتوا: "لقد كنت ضحية لحالتي اعتداء من قبل المهاجرين. والكثير من الناس يشتكون من ذلك".

وقال مفوض الشرطة أبوبكر أنه يجرى القبض على خمسة مهاجرين على الأقل كل ليلة بسبب جرائم صغيرة أو اعتداء مسلح.

وطبقاً للتقارير التي وردت من برتوا فإنه في إحدى الحوادث التي وقعت بين مواطن من جمهورية أفريقيا الوسطى وبعض السكان المحليين قام مواطن أفريقيا الوسطى بإخراج ساطور وقطع يد رجل شرطة حاول التدخل وألحق إصابات في أربعة أشخاص آخرين.

وهذه التوترات ليست بجديدة، ففي سبتمبر الماضي اندلعت مواجهة بين اللاجئين والمقيمين حيث قامت مجموعة من اللاجئين بترك المخيم وذهبت إلى القرى مما دفع الجيش إلى التدخل لوقف اللاجئين من الذهاب إلى مدينة برتوا.

وقال أحد حراس السجن المركزي في برتوا الذي طلب عدم ذكر اسمه لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنه قد تم مؤخراً زج 32 مهاجراً من جنسيات مختلفة في السجن ولكنه لم يعط تفاصيل عن عدد المعتقلين، وأضاف: "لدينا العديد من اللاجئين رهن الاحتجاز".

وقال حارس السجن أنه قد تم احتجاز الأشخاص الذين تم القبض عليهم. وقد جرت محاولات من أجل النظر في قضاياهم من قبل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ولكن المنظمة وجدت صعوبة في تحديد معظم السجناء وهو ما جعل موقفهم غير واضح وجعل من الصعب بالنسبة لهم الحصول على حماية.

وعلى الرغم من أن احتمالية الحصول على عمل تجذب العديد من اللاجئين إلى المدن، إلا أن عدم امتلاكهم لوثائق سليمة وقلة أو عدم توفر مهارات العمل لديهم يعرضهم للاستغلال والاعتقال وهو ما يجعل بقاءهم على قيد الحياة أكثر صعوبة. ولكن هؤلاء الذين اعتادوا على الحياة في المدن في موطنهم الأصلي يجدون الحياة في مخيمات اللاجئين والقرى أمراً لا يطاق.

وقال جوديل تانجا الطالب في المرحلة الثانوية الذي ترك مخيم في مبورجيوني في شرق الكاميرون وذهب إلى برتوا منذ ثمانية أشهر: "لا أستطيع البقاء في قرية حيث لا يوجد كهرباء ولا مياه وحيث ظروف السكن سيئة جداً".

وقال تانجا: "أعرف أنه يمكنني العمل هنا وربما أتمكن من العودة إلى الدراسة في يوم من الأيام. لقد تهربت من نقاط تفتيش الشرطة لكي أصل إلى المدينة. ولكن تم ألقاء القبض على العديد من اللاجئين الآخرين أثناء سفرهم من المخيم إلى برتوا ولم نسمع عنهم أبداً بعد ذلك". وقد أشار تانجا إلى أنه قد تم تعزيز نقاط تفتيش الشرطة منذ ذلك الحين وأصبح من الصعب الآن الوصول إلى برتوا.

يعمل بابا كريم البالغ من العمر 26 عاماً كسائق لدراجة أجرة منذ ثلاثة أسابيع في برتوا. وقد اعترف كريم بأنه لا يعرف المدينة بصورة جيدة بعد، ولكنه أكد على إصراره على النجاح قائلاً: "لا أعرف أسماء الأماكن ولذلك أعتمد على الزبائن وزملائي السائقين في توجيهي إلى وجهتي الصحيحة. لابد لي من البقاء على قيد الحياة في مواجهة كل الصعاب".

وقال أنه لم يعش أبداً في مخيم للاجئين من قبل. وقد تساءل قائلاً: "ماذا يمكن أن أجد في مخيم للاجئين؟ لا شيء. ليس لدى الناس في هذه المخيمات حياة حقيقية. فهم يعتمدون على عمال الإغاثة ويعيشون في العراء".

وقد أوضح أنه يعيش في مبنى مازال قيد الإنشاء مع أربعة لاجئين آخرين يسعون أيضاً إلى الحصول على وظائف متدنية وأحياناً ما يتم تشغليهم من قبل عمال البناء الذين يعملون في الموقع.

وكسائق لدراجة أجرة بخارية يمكن لكريم الحصول على دخل يومي، حيث قال: "أكسب 5,000 فرنك (10 دولارات) على الأقل كل يوم وأعطي 3,000 فرنك إلى مالك الدراجة البخارية". ولكنه أشار إلى وجود أخطار قائلاً: "في بعض الأيام أخسر جميع أموالي لأنني اضطر إلى دفع رشوة للشرطة حتى لا يتم اعتقالي".

وقد تم اجبار بعض المهاجرين المعتقلين على الإدلاء بشهادة تدينهم. وقال أيد حسن أبو البالغ من العمر 16 عاماً ويعمل عتالاً: "لقد جرى اعتقالي حوالي خمس مرات لعدم حملي لأوراق ثبوتية سليمة ولكن تم إطلاق سراحي لاحقاً لأن الشرطة كانت محبطة مني ولأنني مازلت صغيراً في السن"، وأضاف حسن أبو قائلاً: "ولكنهم في الحجز يجبرونك على قول أشياء لا يكون لديك أدنى فكرة عنها. أعرف لاجئين آخرين من الكونغو وجمهورية أفريقيا الوسطى تم اجبارهم على الشهادة وهم رهن الاعتقال الآن".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 25/حزيران/2014 - 26/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م