في العراق.. النازحون على أعتاب أزمة إنسانية كبرى

 

شبكة النبأ: تسارع وكالات المعونة التي تعاني من ضائقة مالية للاستجابة للأزمة الإنسانية المتصاعدة بعد سيطرة متشددين إسلاميين على الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق، مما أجبر ما يقرب من نصف مليون شخص على الفرار تجاه منطقة كردستان العراق التي تتمتع بحكم شبه ذاتي في غضون أيام قليلة.

ويأتي هذا التقدم الذي حققه تنظيم (داعش) - وهو تجمع جهادي معروف أيضاً باسم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (ISIS) لأنه ينشط عبر الحدود في سوريا - بعد ستة أشهر دامية في العراق، حيث أدت السيارات المفخخة والهجمات الانتحارية وعمليات إطلاق النار إلى قتل أكثر من 5,000 شخص، مما دفع البعض إلى الخوف من احتمال استئناف الحرب الأهلية.

كما أدت الاشتباكات بين تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وقوات الأمن الحكومية والجماعات المسلحة الأخرى في محافظة الأنبار العراقية المضطربة إلى نزوح أكثر من 440,000 شخص.

وتجدر الإشارة إلى أن الجهات الفاعلة الإنسانية، التي تدعم بالفعل حوالي 220,000 لاجئ سوري في كردستان، قد حذرت منذ عدة أشهر بأن العنف يمكن أن ينتشر من الأنبار، ومن أن تمويلها ينخفض بشكل خطير. بحسب شبكة الانباء الانسانية ايرين.

من جانبها، قالت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) أنها تلقت تقارير متفاوتة حول عدد الأشخاص الذين نزحوا من الموصل والمناطق الأخرى التي شهدت أحداث عنف الأسبوع الماضي، ولكن تقديرات المنظمة الدولية للهجرة تشير إلى نزوح ما لا يقل عن 500,000 شخص في غضون أيام قليلة.

وأشارت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق في تقرير أصدرته يوم 11 يونيو إلى أن "معظم وكالات الأمم المتحدة لا تملك الأموال اللازمة لمواصلة تقديم المساعدة الإنسانية المنقذة للحياة"، ودعت الجهات المانحة إلى "توفير التمويل اللازم".

وفي تصريح قال مايكل بيتس، المدير القطري للعراق في المجلس الدانمركي للاجئين: "لقد تضاءلت مواردنا المالية جداً بالفعل بسبب الوضع في الأنبار برمته ودعمنا المستمر للاجئين السوريين".

وأضاف قائلاً: "إننا ندفع الجهات المانحة للمشاركة منذ وقت طويل لأن ما يمكننا تغطيته في الأنبار قليل بالفعل بالمقارنة مع الاحتياجات، ولكننا الآن [ربما] نواجه نزوح مليون شخص، ولا أدري كيف سينتهي هذا الوضع".

من جانبه، قال آرام شاكارام، المدير القطري بالإنابة لمنظمة إنقاذ الطفولة في العراق، في بيان رسمي أن النزوح الجماعي من الموصل كان "واحداً من أكبر وأسرع حركات السكان الجماعية في العالم في الذاكرة الحديثة". كما ناشد المجتمع الدولي لتوفير المزيد من التمويل.

وفي السياق نفسه، أشار ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في العراق، مارزيو بابيل، إلى أن نسبة تمويل النداء القائم الذي أطلقته وكالته في العراق لا تتجاوز 16 بالمائة، وأن الأزمة في الموصل من شأنها أن تؤدي إلى "زيادة كبيرة في الحاجة إلى المساعدة الإنسانية والتمويل". ووصف الوضع بأنه "حالة طوارئ إضافية لحالة الطوارئ القائمة في العراق، وتأتي في أعقاب نزوح داخلي آخر للأطفال والأسر في محافظة الأنبار، فضلاً عن اللاجئين السوريين الموجودين في الشمال".

وأبلغت فرق الإغاثة في المنطقة أن عدة آلاف من الأشخاص الفارين من الموصل قد دخلوا بالفعل إلى محافظتي أربيل ودهوك الكرديتين، ولكن معظمهم لا يزال في طوابير طويلة على الجانب الآخر من الحدود، وفرصهم في الحصول على الغذاء والماء والمأوى محدودة.

والجدير بالذكر أن معظم سكان مدينة الموصل، التي تقع على بعد 400 كيلومتر شمال بغداد، هم من العرب السنة وأن هذه المدينة تقع في محافظة نينوى، وهي من الأراضي المتنازع عليها والتي يسيطر عليها جزئياً مقاتلو البشمركة الكردية.

ولا يبدو أن حكومة إقليم كردستان ترغب في السماح لأعداد كبيرة من العراقيين العرب الفارين من الموصل بدخول أراضيها. وعلى الرغم من أنها تعكف على إعداد قطعة من الأرض لإقامة معسكر من الخيام بغرض توفير المأوى لنحو 2,000 أسرة في منطقة الشيخان، التي تبعد 5 كيلومترات جنوب باعدرا في دهوك، إلا أن هناك دعوات لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الناس في الجزء الخاضع للسيطرة الكردية من نينوى.

وقد أعدت وكالات الأمم المتحدة مرافق العبور المؤقت المجهزة بالمراحيض بالقرب من المناطق الحدودية لتوفير الدعم الطبي ومياه الشرب لعشرات الآلاف الذين ينتظرون عند نقاط التفتيش الحدودية، والذين وصل العديد منهم سيراً على الأقدام من دون أي طعام أو إمدادات أخرى. وقد أرسلت اليونيسف عدة فرق لتنفيذ التقييمات الصحية وتقديم التطعيمات ضد شلل الأطفال وغيره من الأمراض.

وقالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن أكثر من 2,500 أسرة نزحت وأقامت مخيمات في المدارس والمساجد في الموصل، حيث فرض مسلحون من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام سيطرتهم على المطار والمباني الحكومية والقواعد العسكرية. كما داهموا البنوك وأطلقوا سراح آلاف السجناء.

وقالت ماندي الكسندر، مسؤولة الرصد والتقييم في المنظمة الدولية للهجرة أن الجانب الغربي من الموصل يعاني من نقص في مياه الشرب بعد قصف محطة الإمداد الرئيسية، وأن إمدادات الغذاء والوقود هناك توشك على النفاد أيضاً.

وفي سياق متصل، تلقت فرق التقييم السريع والاستجابة السريعة التابعة للمنظمة الدولية للهجرة تقارير عن ارتفاع عدد الضحايا المدنيين، وانعدام فرص الوصول إلى الأربعة مستشفيات الرئيسية في المدينة بسبب القتال، ولذلك فقد تم تحويل المساجد إلى عيادات مؤقتة.

ويعني انعدام الأمن في الموصل أن فرص الوصول إلى المحتاجين محدودة للغاية، وتشكو وكالات الإغاثة من صعوبة الحصول على صورة واضحة عن الوضع القائم بالضبط وعدد النازحين.

من جهتها، أدانت جماعات حقوق الإنسان توغل الميليشيات في الموصل. وقال نائب مدير برامج منظمة العفو الدولية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سعيد بومدوحة: "يجب أن تتجنب الجماعات المسلحة التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وقوات الأمن العراقية تكرار العنف ضد المدنيين الذي اندلع في الفلوجة، ولا يجب أن تقطع الطريق على المدنيين الذين يسعون إلى الفرار من المنطقة".

وقد أعادت هذه الزيادة الجديدة في العنف والنزوح العراق مرة أخرى إلى جدول الأعمال السياسي والإعلامي الدولي، بعد شهور من الكفاح للحصول على أي اهتمام بسبب الحرب الأهلية في سوريا.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان أصدرته في 10 يونيو: "ينبغي أن يكون واضحاً أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام لا يمثل تهديداً لاستقرار العراق فحسب، بل يشكل تهديداً للمنطقة بأسرها، وهذا التهديد المتنامي يجسد حاجة العراقيين من جميع الطوائف للعمل معاً لمواجهة هذا العدو المشترك وعزل هذه الجماعات المتشددة عن السكان بشكل عام".

كما حث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون المجتمع الدولي على التوحد في مؤازرة العراق بينما تواجه البلاد هذا "التحدي الأمني الخطير" بينما عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً لمناقشة الوضع في 12 يونيو وأدان الهجمات التي تقوم بها داعش في العراق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 18/حزيران/2014 - 19/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م