مصر ... صراع الدولة العميقة مع الاخوان

 

شبكة النبأ: الاخوان في مصر تعرضوا الى ضربات موجعة، بعد ان أطاحت القيادات العسكرية بطموحاتهم في الاستمرار بالحكم في مصر، وقد تمكن السيسي "الذي انتخب لاحقاً رئيس لمصر بدلاً عن مرسي مرشح الاخوان"، من محاصرة الاخوان المسلمين، واعتبارهم منظمة إرهابية حسب القانون، وتم مصادرة أموالهم ومؤسساتهم، إضافة الى سجن الالاف واعدام المئات من أنصار وقيادات الاخوان.

وقد ولدت هذه القرارات والافعال ردة فعل قوية لدى الاخوان، اللذين اعتبروا الامر برمته لا يعدوا كونه انقلاباً ضد الشرعية، فيما أشار المحللون الى إمكانية تحول بعض الفصائل المتطرفة او السلفية الى حركة تمارس العمل المسلح ضد الدولة بحجة استعادت حقوقهم الدستورية المسلوبة من قبل الدولة العميقة او الحرس القديم داخل مصر.

وقد تخوفت الحكومة المصرية من قيام بعض الجماعات المسلحة بهجمات محتملة قد تطال السياحة التي تعتبر من اهم عناصر الدخل القومي في مصر، كما القت بلائمة الانفجارات الأخيرة الى جهات لها صلة مباشرة بجماعة الاخوان في مصر.

وقد حذر عبد الفتاح السيسي الجماعات الإسلامية بالردود القاسية في حال قيامها باي أفعال تعكر صفو وامن واستقرار مصر، واكد انه ماضي في سياسته تجاه الاخوان وتجاه حضرهم عن ممارسة اس عمل سياسي او خيري مستقبلاً.

الا ان حزب النور السلفي، على ما يبدو، سيكون استثناء لهذه التحذيرات التي أطلقها السيسي، سيما وان وقوف حزب النور الى جانب الجيش ودعمه للخطوات التي قام بها ضد الاخوان، حفظ له مكانة قد تؤهله للمشاركة في الحكومة المقبلة، باعتباره حزب إسلامي وسطي، كما عبر عن نفسه، فيما رأى متابعين، ان حزب النور لا يختلف كثيراً عن الاخوان في تشددهم ومعتقداتهم، لكنه لم يملك سوى خيار الانخفاض الى الموجة، والامتناع عن المواجهة المباشرة، حتى لا يلقى المصير ذاته للاخوان. 

حزب النور محل الاخوان

فقد أبدى حزب النور السلفي بمصر استعداده للانضمام إلى الحكومة الجديدة التي أمر الرئيس الجديد عبد الفتاح السيسي بتشكيلها في إطار استراتيجية يسعى من خلالها على ما يبدو ليحل محل جماعة الاخوان المسلمين المحظورة ليكون أكبر حركة إسلامية منظمة في البلاد، وقال يونس مخيون رئيس حزب النور إن استراتيجية حزبه هي "إعانة السيسي على الحكم"، ويحظى حزب النور بشعبية كبيرة في المناطق والأحياء الفقيرة التي يقل فيها نفوذ حلفاء السيسي ذوي الميول الليبرالية، وأيد الحزب قرار قيادة الجيش عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين العام الماضي وهو القرار الذي أعلنه السيسي حين كان قائدا للجيش ووزيرا للدفاع، وردا على سؤال حول ما إذا كان حزبه سيقبل بمنصب في الحكومة الجديدة قال مخيون "ممكن، ممكن، أتوقع إن شاء الله".

وأضاف "احنا مستعدين، احنا معندناش مانع لو أي فرصة من خلالها أن احنا نقدم شيء لمصر، واجب وطني علينا نسارع إليه، إذا كان تواجدنا في الفريق الاستشاري للرئيس لو طلبنا يعني ليس عندنا مانع وكذلك في الوزارة القادمة، فإذا عرض علينا وزارات سنبحث الأمر وهذا الأمر ممكن يحدث"، وألمح السيسي إلى أنه لن يتهاون مع الإسلام السياسي في بلد خاض قادته الذين تخرجوا من المؤسسة العسكرية صراعا مع المتشددين الإسلاميين على مدى عقود، لكن مسؤولين سياسيين وأمنيين يقولون إنه قد يرى ميزات في إشراكهم بشكل ما بعد الانتخابات البرلمانية المتوقعة في غضون أشهر والتي ستقدم صورة واضحة للمشهد السياسي في مصر، وقد يحتاج السيسي لتأييد أوسع لجهود مكافحة المتشددين الذين صعدوا هجماتهم على أفراد الجيش والشرطة منذ الإطاحة بمرسي بعد احتجاجات حاشدة على حكمه، ويقول مسؤولون أمنيون إن السيسي في الوقت الراهن يحتاج إلى خبراء فنيين لإصلاح عجز الموازنة المتزايد والتعليم والمشكلات الصحية. بحسب رويترز.

وأثبت السلفيون أنهم يتمتعون ببعض النفوذ، وبعد الإطاحة بمرسي باتوا قوة سياسية مؤثرة فعلى سبيل المثال منعوا ترشيح أحد الأشخاص لرئاسة الوزراء، وقتل مئات من أعضاء ومؤيدي جماعة الاخوان في احتجاجات واعتقل آلاف آخرون وأحيل قادتها للمحاكمة، وحل النور ثانيا في الانتخابات البرلمانية بعد الاخوان المسلمين عام 2012 وحصل على 20 بالمئة من أصوات الناخبين، وأقر مخيون أن مزاعم استئثار مرسي بالسلطة ومحاولته فرض رؤية الاخوان على المجتمع وسوء إدارة الاقتصاد أضرت بصورة الإسلاميين عامة في مصر.

وقال في فيلته بقرية أبو حمص الفقيرة بمحافظة البحيرة شمالي القاهرة "مما لا شك فيه أن احنا تأثرنا بسبب أخطاء الاخوان وحدثت أخطاء فادحة من الاخوان المسلمين عندما تمكنوا من الحكم، مما أثر علينا جميعا سلبا"، وأضاف "هذا أثر علينا مما لا شك فيه، وقوتنا حاليا على الأرض تختلف عن قوتنا بعد ثورة 25 يناير في الشارع" مشيرا إلى الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك عام 2011.

وأتاح تراجع جماعة الاخوان الفرصة للنور ليصبح القوة الإسلامية المهيمنة على الساحة السياسية، وأغلب قيادات حزب النور من الدعاة والشيوخ السلفيين الذين يتمتعون بشعبية، وليس واضحا مصادر التمويل التي ينفق منها على المساجد والجمعيات الخيرية وفروعه في أنحاء مصر، لكن بعض المحللين يقولون إنه ربما يحصل على تمويل من حركات مماثلة في دول الخليج الغنية.

وساهمت مرونة الحزب في استمراره فكان يناور بتجنب السياسة أحيانا والانخراط بها أحيانا أخرى وسط مناخ سياسي مضطرب ويتسم بالاستقطاب في مصر، وقدم السيسي إشادة نادرة بحزب النور عندما أثنى على وطنيته، لكن تصريحاته في مقابلات تلفزيونية أثناء حملة الدعاية الانتخابية تضمنت إشارات قوية على أنه لن يتسامح مع الإسلاميين الطموحين أكثر من اللازم وقال إنه يرفض الدولة الدينية، ولا يبدو أن مخيون (وهو طبيب أسنان ملتح يتسم حديثه بالهدوء) يشعر بالانزعاج من تصريحات السيسي.

وقال "هو لم يقل هذا علي وجه التحديد هو تكلم عن ممارسة جماعة معينه رفعت راية الدين ولم تعمل به وأنها استخدمت الدين للوصول إلى السلطة وإلى مآرب شخصية" وذلك في إشارة إلى جماعة الاخوان، وتحرك حزب النور بذكاء ليصمد في ظل الاضطرابات التي تشهدها مصر، فقد رحب الحزب بانتخاب مرسي في البداية وعندما اندلعت الاحتجاجات الحاشدة على حكمه تبدل موقفه، ويؤيد الحزب حاليا حملة الدولة على جماعة الاخوان، وتقول منظمات لحقوق الإنسان إن هناك أكثر من 16 ألف معتقل سياسي في مصر حاليا.

وقال مخيون الذي كان يلقي الدروس الدينية على مدى 40 عاما "احنا بداية نبني المؤسسات ونبني الدولة ونصل إلى استقرار البلد واذا كان في تجاوزات نصلحها"، وأضاف "احنا بنقول إن الشعب المصري شعب متدين بطبيعته، شعب محبه لدينه الإسلام ومن أكثر الشعوب في المنطقة اللي محبه للشريعة، أعتقد مع مرور الوقت والممارسة الصحيحة لحزب النور ومع قربنا من الشعب وانحيازنا للشعب والناس استشعرت فينا انحيازنا إلي الصالح العام وليس لنا مآرب شخصية أعتقد إن دي ممكن مع الوقت تصلح الصورة وتعود إلي ما كانت عليه"، وتابع "أعتقد أن الوضع يتطور إلى الأفضل وإلى الأحسن".

التحفظ على متاجر الاخوان

الى ذلك قالت مصادر أمنية وقضائية إن قوات الأمن تحفظت على متاجر مملوكة لاثنين من القياديين البارزين بجماعة الاخوان المسلمين في إطار حملة صارمة تشنها الحكومة على الجماعة المحظورة، وأضافت المصادر أن قوات الأمن تحفظت على سلسلة متاجر زاد المملوكة لخيرت الشاطر وهو نائب المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين وكذلك سلسلة متاجر سعودي المملوكة لرجل الأعمال الاخواني عبد الرحمن سعودي وذلك بناء على قرار من لجنة مكلفة بحصر أموال وممتلكات جماعة الاخوان المسلمين.

وقال مصدر أمني "تلقينا أمرا من اللجنة بالتحفظ على سلسلتي متاجر زاد وسعودي، وذهبنا الآن وأخذناها"، وتابع "نقوم الآن بجرد للأموال والبضائع والأجهزة لأنها تابعة لقيادات اخوانية تقرر التحفظ على اموالها"، ونقلت بوابة صحيفة الأهرام الحكومية على الانترنت عن المستشار وديع حنا الأمين العام للجنة حصر أموال الاخوان قوله إن اللجان تقوم بجرد المحال التابعة للإخوان المسلمين والتحفظ عليها بالتعاون مع قوات الأمن المركزي والأمن العام.

وقالت عائشة ابنة خيرت الشاطر على صفحتها على فيسبوك "منذ الصباح الباكر يتم اقتحام كل فروع محلات زاد ومقر الإدارة بقوات هائلة من الشرطة ونفس الأمر لسوبر ماركت سعودي"، وشنت قوات الأمن المصرية حملة صارمة على جماعة الاخوان المسلمين التي تم حظرها العام الماضي بعد إعلان قيادة الجيش عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي للجماعة عقب خروج احتجاجات شعبية حاشدة على حكمه. بحسب رويترز.

واعتقل الكثير من قادة الجماعة ومن بينهم مرسي والشاطر ويحاكمون بتهم من بينها التحريض على العنف والإرهاب، وقضت محكمة مصرية في سبتمبر أيلول الماضي بحظر أنشطة جماعة الاخوان ومصادرة أموالها واخضاعها لإدارة حكومية، وأدى عبد الفتاح السيسي اليمين الدستورية رئيسا لمصر وتعهد بتحقيق الأمن بعد ثلاث سنوات من الاضطرابات السياسية والاقتصادية في أعقاب الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك عام 2011، وأعلن السيسي عزل مرسي حين كان قائدا للجيش ووزيرا للدفاع.

المحاكم المصرية والاخوان

فيما قالت مصادر قضائية إن محكمة مصرية أحالت أوراق عشرة من أعضاء ومؤيدي جماعة الإخوان المسلمين المحظورة إلى المفتي تمهيدا للحكم بإعدامهم وحددت جلسة الخامس من يوليو تموز للنطق بالحكم في القضية المتهم فيها 37 آخرون بينهم المرشد العام للجماعة محمد بديع، وقال مصدر إن من بين من أحيلت أوراقهم إلى المفتي وجميعهم هاربون عبد الرحمن البر مفتي جماعة الإخوان الذي يعمل أستاذا بكلية أصول الدين جامعة الأزهر ومحمد عبد المقصود العضو القيادي بحزب الأصالة السلفي.

وتتصل القضية باحتجاج نظمه أعضاء ومؤيدون لجماعة الإخوان في محافظة القليوبية شمال القاهرة انطوى على عنف سقط فيه ثلاثة قتلى بالإضافة لمصابين فضلا عن قطع طريق سريع بحسب قرار الإحالة للمحاكمة الذي أصدرته النيابة العامة، ونظم الاحتجاج في يوليو تموز العام الماضي بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان عقب احتجاجات حاشدة طالبت بتنحيته.

ونظرت القضية محكمة الجنايات بمدينة شبرا الخيمة إحدى مدن القليوبية، وعقدت جلسات المحاكمة في مقر معهد أمناء الشرطة الملاصق لمجمع سجون طرة في جنوب القاهرة حيث يحتجز المتهمون المحبوسون على ذمة القضية، ومن بين المتهمين المحبوسين الذين سيصدر الحكم بشأنهم في الخامس من يوليو تموز الداعية الإسلامي صفوت حجازي والعضو القيادي في جماعة الإخوان محمد البلتاجي وباسم عودة وزير التموين في حكومة مرسي وأسامة ياسين وزير الشباب.

وتقول جماعة الإخوان المسلمين إن قرار قيادة الجيش بعزل مرسي انقلاب عسكري أطاح بأول رئيس مصري انتخب في اقتراع حر، وبينما كان المتهمون المحبوسون في طريقهم إلى قفص الاتهام رددوا هتافات بينها "يسقط يسقط حكم العسكر" و"ثوار أحرار حنكمل المشوار" في إشارة إلى الانتفاضة التي أطاحت بحسني مبارك في 2011 والتي شاركت فيها جماعة الإخوان بعد أيام من اندلاعها، وواصل المتهمون ترديد الهتافات بعد دخول هيئة المحكمة القاعة ولم يتوقفوا إلا عندما أمر رئيس المحكمة المستشار حسن فريد الحرس بإعادتهم إلى محبسهم.

وبعد إحالة أوراق العشرة إلى المفتي هتف المتهمون "يسقط قضاء العسكر"، وكتب عبد المقصود وهو داعية مشهور في صفحته على فيسبوك بعد إحالة أوراقه إلى المفتي "والله إنه لوسام علي الصدر، سيهزم الجمع ويولون الدبر"، وفي ابريل نيسان أحالت محكمة الجنايات بمدينة المنيا جنوبي القاهرة أوراق بديع و682 آخرين إلى المفتي تمهيدا للحكم بإعدامهم وحددت جلسة 21 يونيو حزيران الحالي للنطق بالحكم، وأحكام محاكم الجنايات قابلة للطعن عليها أمام محكمة النقض أعلى محكمة مدنية مصرية. بحسب رويترز.

وأعلنت الحكومة التي يدعمها الجيش الإخوان المسلمين جماعة إرهابية في ديسمبر كانون الأول بعد هجوم انتحاري بسيارة ملغومة على مديرية أمن محافظة الدقهلية بدلتا النيل لكن الجماعة تقول إن احتجاجاتها على عزل مرسي سلمية، وحكمت محكمة في القاهرة بحظر الجماعة بعد شهور من عزل مرسي الأمر الذي جعلها تعود للعمل السري، ومنذ عزل مرسي الذي يحاكم في عدة قضايا بتهم تشمل التخابر والتحريض على العنف قتل مئات من مؤيدي جماعة الإخوان في احتجاجات تحول كثير منها للعنف.

وقتل مئات من رجال الأمن في هجمات مسلحين يعتقد أنهم إسلاميون متشددون ينشطون في سيناء لكن وسعوا نطاق هجماتهم ضد أهداف للجيش والشرطة في القاهرة ومدن أخرى في وادي ودلتا النيل، وألقي القبض على ألوف من أعضاء الجماعة ومؤيديها ومن بين المقبوض عليهم أغلب قادة الجماعة، وألقت الحكومة القبض أيضا على معارضين علمانيين أحيلوا للمحاكمة وصدرت احكام على بعضهم بالسجن، وقالت لجنة حماية الصحفيين التي تتخذ من نيويورك مقرا لها إن هناك 16 صحفيا محتجزون في مصر.

وصدرت أحكام بحبس مئات من أعضاء ومؤيدي جماعة الإخوان بعضها بالسجن المؤبد، من جهة اخرى قالت مصادر قضائية إن محكمة استئناف مصرية ألغت حكما بالسجن على ضابط شرطة أدين في قضية مقتل 37 متظاهرا خلال ترحيلهم إلى أحد السجون العام الماضي وسط أحداث عنف سياسي، ولم يتضح على الفور إن كان من شأن الحكم الإفراج عن الضابط.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 17/حزيران/2014 - 18/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م