السعودية ... أكثر دول العالم قمعا للحقوق والحريات؟

 

شبكة النبـأ: لا حقوق في السعودية هكذا يرى اغلب المراقبين الحقوقيين وضع المواطنين في الوقت الراهن، نظرا لما تنتهجه السلطات الحاكمة من أساليب تعسفية وإجرامية بحق الشعب، كالاعتقال والتعذيب والملاحقة، والاستهداف بشكل مباشر ومتعمد بالسلاح وبكل وسائل العنف الأخرى، لا سيما من أبناء الشيعة في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط وتحديدا مدينة القطيف التي شهدت في الثلاثة أعوام الأخيرة احتجاجات حقوقية نظمها أنباء المدينة مطالبين بأبسط حقوقهم كحرية التعبير والمساواة وعدم التهميش في الوظائف الإدارية والعسكرية، ناهيك عن مطالبي العيش الكريم والإصلاح السياسي.

غير انه فضلا عن سلب هذه الحقوق آنفة الذكر تعمد السلطات الحكومية في السعودية على إتباع ممارسات إجرامية بتوجيه الإهانات للمواطنين دون داعٍ والعنف غير المبرر والسجن وسوء المعاملة والقمع المتواصل لأسباب واهية، ناهيك عن غياب لحقوق المرأة بشكل كبير وعلى مختلف المجالات حيث تعد المملكة العربية السعودية البلد الوحيد في العالم الذي يحظر قيادة السيارات على النساء.

بينما يرى مراقبون آخرون انه بالرغم من انتهاج حكومة السعودية الحالية اشد أساليب القمع والتعسف على المواطنين، فضلا عن التعتيم الإعلامي المستمر، الا ان ثورة الشعبية مازالت مستمرة وصامدة بوجه السياسيات الطائفية، وهذا الامر يشكل خطراً على حكام السعودية الذين يتعاملون مع المطالبين بقمع متواصل، ونظرا لما تشهده الساحة الاقليمية والدولية من متغيرات واحداث متسارعة على المستويين الاقليمي والدولي، التي تمثلت باسقاط زعماء عرب حكموا لعقود والصراع الاقليمية مع ايران وسوريا والعراق، ستضع هذه الامور انفة الذكر هذه المملكة الخليجية على محك التغيير.

لذا يرى الكثير من المحللين انه على الرغم من التحركات الإقليمية للنظام الاستبدادي في السعودية والذي يحكم منذ عقود، في تدويل الأزمات داخل سوريا والعراق وبلدان أخرى، لكي تبعد الأزمات عنها، كونها تعيش نفس الهواجس والتحديات، على الصعيد الامني ومجالات اخرى ايضا، فضلا البذخ الفاحش لشراء ضمائر المواطنتين، الا انها لم تنجح في مساومة وإخماد نيران الثورة التي باتت على أعتاب هذه المملكة الخليجية، ويرى هؤلاء المحللين انه لا يمكن توفير الاستقرار الحقيقي من خلال القمع، في حين عبرت المنظمات الحكومية وغير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان عن قلقها من قمع الذي يستهدف المحتجين في هذا البلد، حيث ان استمرار العنف السياسي وتفشي الانتهاكات الحقوقية والإنسانية في السعودية بسبب القمع السلطوي ستجعل هذه البلاد دولة قمع بامتياز.

إعدامات وسجن المؤبد

في سياق متصل قضت محكمة سعودية متخصصة بإعدام شخصين والسجن المؤبد 25 عاما لشخص ثالث لإدانتهم "بزعزعة الأمن" وتشكيل ما اسمته بمجموعة "إرهابية" في محافظة القطيف ذات الأغلبية الشيعية بإقليم الإحساء شرقي البلاد.

ومن التهم أيضا "الإفساد والإخلال بالأمن" و"إطلاق النار على مركز شرطة العوامية" و"رمي قنابل المولوتوف على عدد من السيارات الأمنية" و"المشاركة بالمظاهرات في العوامية وترديد الهتافات المناوئة للدولة"، وكذلك "التستر على الاجتماعات التي كانت تتم بين المطلوبين أمنياً وعلى مكان اختبائهم". بحسب فرانس برس.

وقرر المدعي العام الاعتراض على الحكم بالسجن 25 عاما. يشار إلى أن هذه الأحكام قابلة للاستئناف خلال مهلة ثلاثين يوما، والحكم بالإعدام في أحداث القطيف هو الثالث من نوعه بعد أحكام صدرت أواخر الشهر الماضي تقضي بإعدام متهمين اثنين أدينا بتهم مماثلة في أحداث العوامية أيضا، وتقول منظمات حقوقية ان قوات الامن قتل 21 شخصا على الأقل بالرصاص في المنطقة الشرقية منذ اوائل عام 2011، كما اعتقلت اكثر من 950 شخصا في القطيف والاحساء لكنها اطلقت سراح غالبيتهم وما يزال اكثر من مئتين قيد التوقيف.

حيث قالت وسائل إعلام محلية إن محكمة سعودية قضت بإعدام ابن رجل دين شيعي بارز لاطلاقه النار على قوات الأمن في المنطقة الشرقية، وقال موقع راصد الاخباري على الإنترنت إن الرجل هو رضا جعفر الربح بن الشيخ جعفر الربح الذي كان يقود مبادرة مع وزارة الداخلية السعودي لتهدئة الاوضاع في بلدة العوامية التي تشهد معظم الاحتجاجات. بحسب رويترز.

وأوضح الموقع أن الربح يعتزم استئناف الحكم، وكانت صحيفة عكاظ ذكرت على موقعها على الإنترنت أن الرجل الذي لم تذكر اسمه أدين بإطلاق النار على قوات الأمن في بلدتي تاروت ودارين الواقعتين شرقي محافظة القطيف التي كانت محور لاحتجاجات في الآونة الأخيرة، وقال موقع راصد إن السلطات السعودية لا تزال تحتجز حوالي 300 شخص باتهامات مرتبطة بالاحتجاجات.

كما اصدرت محكمة سعودية حكما هو الاول من نوعه منذ احداث القطيف يقضي باعدام شاب اطلق النار على دورية امنية في شرق المملكة، حسبما افاد مصدر رسمي، وتابع المصدر ان المحكمة الجزائية المتخصصة حكمت في مقرها الصيفي بجدة باعدام الشاب المتهم ب"الخروج على ولي الامر" و"زعزعة الامن وإثارة الفتنة" بطلاقه النار مع رفيقين له على دورية امنية في الطقيف. بحسب فرانس برس.

والمدان متهم ايضا ب"ايوائه احد المطلوبين امنيا" و"التستر على مجموعة من مثيري الشغب" وشراء اسلحةـ والحكم قابل للاستئتاف ضمن مهلة ثلاثين يوماـ من جهتها، قالت مصادر حقوقية ان المدان واسمه رضا الربح، في اواسط العشرينيات، هو نجل رجل الدين جعفر الربح، واوضحت ان والده يشارك في محاولات تهدئة التوتر وتخفيف الاحتقان في بلدة العوامية.

سجن النشطاء الحقوقيين

فيما قضت محكمة سعودية بسجن شخصين شاركا في محادثة على الانترنت عن تنظيم احتجاجات شرقي البلاد، فقد حكم على أحدهما بالسجن 5 أعوام لإنشائه موقعا إلكترونيا ونشره مقالات لشخص ضالع في ما أسمته المحكمة نشر الفتنة في منطقة القطيف، وأدين الشخص الثاني بالمشاركة في منتديات على الانترنت تحرض الناس على المشاركة في الاحتجاجات. بحسب البي بي سي.

من جانب آخر حكم القضاء السعودي على الناشط الحقوقي الشاب رائف بدوي بالسجن عشر سنوات مع ألف جلدة وغرامة مليون ريال. واتهم رائف بـ"الإساءة للإسلام"، وقد قررت المحكمة الجزائية في جدة سجن الناشط الحقوقي الشاب رائف بدوي عشر سنوات مع ألف جلدة وغرامة مليون ريال (270 ألف دولار) اثر إدانته بتهمة الإساءة للإسلام، بحسب مصدر في عائلته.

وأضاف المصدر أن الحكم قابل للاستئناف خلال مهلة ثلاثين يوما مشيرا إلى اعتراض الادعاء العام كذلك على الحكم مطالبا بعقوبة أكثر تشددا. بحسب فرانس برس.

وكانت محكمة الاستئناف، نقضت قبل فترة الحكم الذي صدر الصيف الماضي من المحكمة الجزائية بجدة على بدوي، أحد مؤسسي الشبكة الليبرالية الحرة، قضى بسجنه سبع سنوات وثلاثة أشهر، والجلد 600 جلدة، وقررت المحكمة في حينها إحالة القضية إلى قاض آخر من أجل إعادة النظر فيها وصدر الحكم من القاضي الجديد الناظر للقضية.

أكثر السعوديات شجاعة

عـُرفت الناشطة السعودية سمر بدوي بنشاطها الحقوقي في مجال حقوق المرأة، وظلت تطالب بإلغاء نظام وصاية الرجل على المرأة، وحقها في قيادة السيارة، والتصويت في الانتخابات في السعودية، وتـُوجت جهود سمر في هذا المجال بحصولها على جائزة "أكثر نساء العالم شجاعة وجرأة" لعام 2012 ومنحتها إياها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون بحضور زوجة الرئيس الأمريكي مشيل أوباما.

وكان ذلك أثناء حفل سنوي نظمته الخارجية الأمريكية في واشنطن لتكريم ناشطات رائدات من مختلف دول العالم، إلا أن سمر تواجه، هذه الأيام، تحديا من نوع آخر جندت له كل جهودها الحقوقية.

فقد اعتقلت السلطات السعودية زوجها، المحامي السعودي البارز وليد أبو الخير، ووجهت له محكمة في الرياض تهمة إثارة الفتنة وازدراء القضاء، وكانت محكمة في مدينة جدة قد قضت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بسَجن أبو الخير ثلاثة أشهر بسبب توقيعه عريضة في 2011 ضد سجن مجموعة من الناشطين المطالبين بإصلاحات سياسية، وأيدت محكمة في مكة العقوبة في فبراير/شباط الماضي، لكن السلطات لم تنفذها.

وظل أبو الخير طليقا منذ ذلك الحين، وقبيل اعتقاله كان أبو الخير يواجه تهما جديدة في محكمة الرياض، منها الخروج على ولي الأمر، والإساءة للسلطات، وإنشاء مرصد لحقوق الانسان في السعودية، والإسهام في إنشاء جمعية حقوقية من دون ترخيص، والتواصل مع منظمات أجنبية، وتأليب الرأي العام.

وقالت سمر في حديث لـ بي بي سي: "تم ايقافه بناءً على أمر القاضي الناظر لقضيته في المحكمة الأمنية المتخصصة في الرياض، ولم يتم بعدُ الانتهاء من تلك القضية ولا النطق فيها علما بأنه لا يعترف أصلا بشرعية هذه المحكمة الأمنية وهو حاليا في سجن "الحائر" السياسي ولم أستطع زيارته حتى اليوم".

وتصف سمر ظروف سَجنه بـ "التعذيب السياسي" قائلة: "علم محامي زوجي أن وليد يقبع في زنزانة انفرادية لا تتعدى مساحتها مترا ونصف على مترين بكشاف مضاء ومسلط عليه طوال اليوم ولا يستطيع النوم"، وقد سارع أنصار أبو الخير في السعودية في التعريف بقضيته على توتير عبر عبارات (هاشتاغ) شملت: "اضغط هنا #اعتقال_وليد_أبو الخير".

وناشدت منظمات دولية للدفاع عن حقوق الانسان، مثل "هيومن رايتس ووتش"، السلطات السعودية الإفراج عن أبو الخير على الفور وإسقاط التهم الموجهة اليه، وتضيف المنظمة في اضغط هنا بيان لها أن احتجاز أبو الخير يأتي "وسط حملة مستمرة لإسكات المدافعين عن حقوق الإنسان وناشطي المجتمع المدني في أنحاء المملكة".

وليس أبو الخير أول فرد من عائلة الناشطة السعودية يتم اعتقاله، ففي يوليو/تموز من عام 2013 أصدرت محكمة سعودية حكما بالسجن سبعة أعوام والجلد 600 جلدة بحق أخيها الناشط الليبرالي اضغط هنا رائف بدوي، بعد إدانته "بتأسيس موقع إلكتروني يقوّض الأمن العام والسخرية من رموز دينية".

وتقول سمر بهذا الصدد: "إن لاعتقال أي فرد من الاسرة تأثير واضح في حياة الانسان. لكن ما يخفف عني الألم هو أنهما لم يسجنا بتهم إرهابية أو جنائية أو بتهم مخلة بالشرف والأمانة. فزوجي معتقل لنشاطه في مجال حقوق الإنسان ومطالبته بالإصلاح السياسي."

وتضيف قائلة "أما أخي فقد سُجن بتهم تتعلق بحرية الرأي والتعبير، كما أني واحدة من آلاف العائلات التي تعاني اعتقال أفرادها بتهم مشابهة مما يزيد من إصرارنا على الاستمرار من أجلهم ومن أجل الوطن".

وتستطرد سمر في حديثها لـ بي بي سي: "المرأة سجينة حتى وهي غير معتقلة، تحركها صعب ومواصلاتها صعبة حتى أنها لا تستطيع الإنابة عن زوجها في غيابه لأنها تعامل مثل القاصرين من النظام والدولة"، وهذا يلخص الازمتين اللتين تواجهما سمر، ازمة اعتقال زوجها، وازمة المرأة السعودية التي تعاني، بحسب وصفها، السجن حتى وهي خارج المعتقلات. لكنها تأمل ان تتغير هذه الاوضاع في يوم ما.

على صعيد ذو صلة أفادت وسائل إعلام محلية سعودية بأن السلطات أوقفت سيدة خرقت الحظر المفروض على قيادة النساء للسيارات في المملكة العربية السعودية، وقد أوقفت الشرطة امرأة من مدينة القطيف في المنطقة الشرقية تبلغ من العمر 23 عاما، قبل أن تطلق سراحها بكفالة لاحقا.

كما غرمت زوجها وحجزت سيارته لمدة أسبوع. وأجبرت الزوجين على توقيع إقرار بعدم تكرار مثل هذا العمل. بحسب البي بي سي.

وكانت لقطات مصورة على الانترنت أظهرت أن مجموعة صغيرة من النساء في المملكة العربية السعودية، تحدين التحذير المشدد الذي أصدرته وزارة الداخلية، وقدن سياراتهن استجابة لحملة جديدة انطلقت في سبتمبر/أيلول.

الغرامة والمنع للسعوديين المسافرين للعراق وتايلاند

على صعيد ذو صلة سيجد كل سعودي مسافر إلى تايلاند أو العراق، نفسه معرضا لغرامة لا تقل عن 2700 دولار والمنع من السفر لمدة ثلاث سنوات، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية عن مسؤول في إدارة الجوازات.

ونقلت الصحف السعودية عن مدير إدارة سفر السعوديين في الجوازات، العقيد سلمان المحيا، قوله إنّ المواطنين المغادرين إلى الدول "المستثناة من السفر إليها" تتضمن حاليا كلا من العراق وتايلاند، مشيرا إلى أنه تم تخفيف قيود السفر إلى البوسنة.

وأوضح المسؤول أنّ الاستثناءات التي يمكن بموجبها للسعوديين السفر إلى العراق تقتضي الموافقة على ذلك من قبل لجنة مختصة في بعض المناطق، أما بالنسبة إلى تايلاند، فإنه يسمح بالسفر لأقارب موظفي السفارة من الدرجة الأولى إضافة إلى من لديهم تقارير صحية تثبت أن لديهم علاجا هناك، وتقوم وزارة الخارجية السعودية بتحديث لوائح الدول المستثناة من السفر بين الفينة والأخرى. بحسب السي ان ان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 17/حزيران/2014 - 18/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م