داعش الدموية... أشهر عاهة إرهابية

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: "كل ذي عاهة جبار" عبارة مشهورة جدا، ولو انها لا توازي شهرة داعش او غيرها من تنظيمات (متطرفة – متشددة – جهادية – ارهابية) تبعا لتوصيف الجهات السياسية والاعلامية.

والعاهات تتنوع وتتعدد، وهي ما يكون منها بالولادة، ومنها ما يكون عن طريق حوادث عارضة..

في الحالة الاولى، تشكل العاهة وتسمى المستديمة، مصدر للنقص والقلق امام الاقران، او المختلفين (ذكور – ذكور) (اناث – اناث) (ذكور – اناث) وهي ايضا ما تكون عادة مصدرا ودافعا للتميز في الوسط الاجتماعي الذي يحيا فيه صاحب العاهة، متجاوزا على سخرية الاخرين وتعليقاتهم. النقص في هذه الحالة لا يمتلئ، لانه يكبر مع صاحبها ولا يمكن له تجاوزه الا من رحم ربي. وكثيرا ما تكون بعض التجارب الحياتية مدعاة لتكريس مثل هذه العقدة بالنقص، وفي حياتنا نعرف الكثير من هؤلاء.

في الحالة الثانية، هي تغير من حال الى حال، في وضع يعرف الانسان فيه ان (دوام الحال من المحال)، وهو في هذه الحالة لا يمر بما يمر به صاحب العاهة الاولى، لان الجميع ياخذ بالتعود على التغير الذي اصابه، وهو (قضاء وقدر) وعليه التسليم به.

قد يشعر الكثيرون بنقص ما لكنه لا يبلغ حد العقدة المستحكمة، التي تطمئن نقصانها بمشاعر وافعال سلبية، الا اللهم في القليل النادر، وياخذ ذلك طابعا مختلفا مثل سرعة الغضب، او التذمر، ويعود بعد ذلك كل شيء الى حالته الاولى بعد الهدوء.

تعدد العاهات على انواعها لا يعد ولا يحصى، منها مثلا ان يكون الشخص (اعرجا – اعمى – احدبا – اعورا – اصما – قصير القامة جدا) وغيرها الكثير.

اعود الى العبارة المفتتح، ونجد التاريخ القديم والمعاصر كثيرا ما حدثنا عن حكام وقادة عسكريين كانوا مصابين بعاهات جسدية او نفسية، لم يجد هؤلاء في سد نقصهم منها غير القسوة والتجبر والتنكيل بشعوبهم واقوامهم، او شعوبا واقواما اخرى.

وهم مدفوعون في ذلك لاثبات تفوقهم على الاخرين رغم عاهاتهم وما يشعرون به من عقد النقص تجاه المقابل.

ابرز مثل عاش العراقيون تداعيات عقده، هو صدام حسين، والذي تردد الحديث انه لا يعرف له اب، وردا على احاديث الناس التي كانت تصل الى القيادة بشكل يومي ومستمر، نشرت مجلة (الف باء) الحكومية صورة لمن يعتقد انه اب القائد الضرورة، لكن رغم ذلك بقيت احاديث الناس تردد ما يعتقدونه من نسبه المجهول.

وكان كثيرا ما يردد العراقيون اسم (صبحة) وهو اسم والدة صدام حسين، وبقية الشلة من الابناء من اب اخر، سميت على اثر ذلك (ام المناضلين) وفي خطوة مقابلة منع القائد الضرورة اغنية للمطرب فهد بلان كانت تحمل اسم (صبحة). ولا يصح ان يكون اسم ام المناضلين مدار اغنية يطرب لها الناس، وهي تحمل صينية الشاي لحبيبها.

كان القائد الضرورة يعيش هاجس مجهولية النسب من خلال نظرات الاخرين وتعليقاتهم، وهو يشب عن الطوق ويبدأ بفهم وادراك ماحوله. وكان ما كان من سياساته ضد العراقيين، تطمينا لعقدة النقص وانتقاما منهم ومن احاديثهم الدائرة حول ام المناضلين.

ما يجري الان من داعش، وقائدها ابو بكر البغدادي مشابه للمثل الاول، فالبغدادي وفقا لصورة الاعلان الأمريكي الذي يرصد مكافأة لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه، رجل أعور بوجه مستدير ولحية مشذبة وشعر قصير.

يعاني البغدادي مثل اصحاب العاهات الاخرى من عينه العوراء، والتي يرى من خلالها نصف الاشياء لا كلها، ولم تسدّ شهادة الدكتوراة التي تحصّل عليها عقدة النقص التي يشعر بها وتتحكم فيه.

وجد التطمين لنقصه من خلال عدة صفات يسجلها التقرير الذي كتبته وكالة رويترز عنه، ومنها: (انه مدفوع بعزم لا يلين على مواصلة القتال وإقامة دولة اسلامية تطبق الشريعة بحذافيرها - مخطط استراتيجي - شدته في القضاء على خصومه - عدم تردده في الانقلاب على حلفاء سابقين - عادة ما يقتل رميا بالرصاص أو بقطع الرأس) في مشاهد تثير الخوف والاشمئزاز على حد تعبير التقرير.

البغدادي لا يشعر بالاكتمال الا عند التجبر والقسوة والتنكيل بالاخرين، لانه صاحب عاهة تشعره بالنقص الفادح والمتفادح، يتمدد في روحه وينهشها، وربما الكثيرون من اتباعه، وتبعا للاعمال التي يقومون بها يعانون هم الاخرون من تلك (المعايب والاخلاق المذمومة) التي وصفها الثعالبي، لهذا تراهم مندفعين خلفه بكل هذا الحماس والقسوة.

يقول احد المنضوين في الجماعات المقاتلة في سوريا ويعرفه عن قرب في معرض تحليله لشخصيته "انه يتمتع بشعبية بالغة بين الجهاديين. يرون فيه شخصا يخوض حرب الإسلام" مضيفا بمرارة أن أنصاره "لا يرون مدى الضرر الذي يسببه".

وأضاف في اشارة بالغة الدلالة والاهمية ان البغدادي وجماعته "دخلوا في حلقة من الدم لن يخرج منها أحد"، كما ترى داعش بأن اسمها بات عاهة مستديمة لذا قررت بجلد كل من يلفظ اسم داعش"، اختم بقول لاحد الكتاب العرب عن داعش: "ستقدم داعش للعالم فاصلا من الوحشية، تشعر هولاكو في قبره بأنه كان رقيقا أكثر من اللازم".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 17/حزيران/2014 - 18/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م