التغيرات المناخية.. استمرار مسلسل انتحار العالم ذاتيا

 

شبكة النبأ: لا تزال مشكلة التغيرات المناخية التي يشهدها كوكب الأرض منذ سنوات، بسبب رفع النشاط البشري لنسب غازات الدفيئة في الغلاف الجوي والذي بات يحبس المزيد من الحرارة، محط اهتمام العلماء والباحثين الذين حذروا من استفحال هذه المشكلة الخطيرة التي تفاقمت بشكل مخيف في الفترة الأخيرة، بسبب ارتفاع الطلب على الطاقة وحرق المزيد من الوقود الاحفوري، الذي يعد عنصر أساسي برفع نسب الغازات الحابسة للحرارة في الغلاف الجوي.

وبحسب بعض الخبراء فان الدراسات التقارير الحالية وفي ظل غياب الاتفاقات والخطط الدولية تشير الى ان كوكب الارض في طريقه الى ان يصبح اشد حرارة في العقود المقبلة، وهو ما قد يؤدي إلى عواقب بيئية واجتماعية واقتصادية واسعة التأثير ولا يمكن التنبؤ بها. منها خسارة مخزون مياه، وتراجع المحصول الزراعي، وارتفاع مستوى البحار حيث سيؤدي ارتفاع حرارة العالم إلى تمدد كتلة مياه المحيطات، إضافة إلى ذوبان الكتل الجليدية الضخمة ككتلة غرينلاند، ما يتوقع ان يرفع مستوى البحر من 0,1 إلى 0,5 متر مع حلول منتصف القرن.

هذا الارتفاع المحتمل سيشكل تهديدا للتجمعات السكنية الساحلية وزراعاتها إضافة إلى موارد المياه العذبة على السواحل ووجود بعض الجزر التي ستغمرها المياه. هذا بالإضافة تواتر الكوارث المناخية الاخرى.

وعليه باتت تشكل التغيرات المناخية تهديدا كبيرا للأمن والسلام في جميع أنحاء العالم، وعلى الرغم من كل المعالجات التي تقوم بها الجهات المعنية على المستوى العالم، يتضح من خلال الدراسات والتقارير حول سبل احتواء ظاهرة التغيير المناخي أن أداء الأسرة الدولية في هذا المجال ضعيف وأنه قد يكون كذلك في المستقبل القريب.

أعلى مستوى

وفي هذا الشأن وصلت مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى أعلى مستوياتها في ما يقرب من مليون سنة لتصل إلى أكثر من 400 جزء في المليون في ابريل نيسان الماضي. وقال علماء في معهد سكريبس لعلوم المحيطات في سان دييجو إن متوسط معدل ثاني أكسيد الكربون في ابريل نيسان بلغ 401.33 جزء في المليون مع بقاء النسبة في كل يوم من أيام هذا الشهر فوق 400 جزء في المليون وهو ما يمثل رقما قياسيا.

ومن تحليله للبيانات التاريخية يقرع ابن العالم الذي طور نظام قياس ثاني أكسيد الكربون ناقوس الخطر بأننا نعيش في زمن لم تعش البشرية مثيلا له من قبل. ويقول رالف كيلنج الذي طور والده ديفيد كيلنج الذي توفي في 2005 ما يطلق عليه "منحنى كيلنج" الذي يقيس مستويات ثاني اكسيد الكربون في أنحاء العالم "يتعين عليك العودة إلى الوراء حوالي أربعة ملايين سنة أو عدة ملايين من السنين لكي تجد مستويات ربما تكون عالية بهذا القدر وكان هذا حقا في بداية تطور الكائنات الشبيهه بالانسان. وبالتالي فإن البشر .. على هذا النحو .. لم يشهدوا نسبا عالية في الغلاف الجوي على هذا النحو من قبل."

وكان كيلنج الأب قد بدأ في جمع بيانات حول مستويات ونسب ثاني أكسيد الكربون منذ عام 1958 في مرصد مونا لوا في هاواي وهذه البيانات إضافة إلى قراءات مأخوذة من العينات الجليدية تتيح لمحة عن الماضي قبل عدة ملايين من السنين . ويسعى العلماء لقياس تأثير تغير المناخ على البشرية في العقود المقبلة بما في ذلك الآثار المتعلقة بمستويات ثاني اكسيد الكربون التي ترتفع نتيجة لحرق الوقود الأحفوري منذ بداية الثورة الصناعية.

وقال رالف كيلنج "نحن هنا عند مستوى 400. فماذا يعني ذلك ؟ بالنسبة لي يمثل هذا أكثر من (مجرد) دعوة للانتباه للمدى الذي وصلنا إليه.. إن الارتفاع المطرد ليس شيئا جديدا وعادة ما نعتاد على تغير الأشياء ولا ندرك أننا ندخل في الواقع إلى أرض جديدة.. ونحن نتجه لدخول أرض جديدة فيما يتعلق بثاني أكسيد الكربون والمناخ."

ويمكن ان يترتب على ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون آثار بعيدة المدى على الإنسانية بما في ذلك ارتفاع درجات الحرارة في العالم مما يتسبب في ارتفاع مناسيب البحار فضلا عن الآثار الخطيرة على مصادر الغذاء. فارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي قد يقلل الجودة الغذائية لبعض من أهم المحاصيل في العالم حسبما أورد باحثون في دراسة نشرتها مجلة نيتشر في مايو أيار. وقال الباحثون إن هذه الاكتشافات تشير إلى واحدة من أهم المخاطر الصحية التي يُعتقد أنها مرتبطة بتغير المناخ.

ويشرح كيلنج كيف يُحتمل ان تؤثر مستويات ثاني أكسيد الكربون على المحاصيل. ويقول "ثاني اكسيد الكربون غاز حيوي للنباتات. فهو يؤثر على نموها وليس هناك شك في أنه قد يؤثر على محاصيلها وقد يؤثر على جودة الغذاء الذي يأتي من هذه المحاصيل ويمكن أن يؤثر على نمو الاشجار ومن ثم فهذا تأثير إضافي. ليس سلبيا كله لكنه مُقلق أيضا بالعديد من السبل التي نغير بها الأشياء والتي لا نفهمها تماما."

كما أن له تأثيرا مدمرا على محيطات العالم حيث يتسبب في مستويات حموضة مرتفعة بصورة لم تشهدها البشرية في تاريخها. وقال كيلنج "إنها تؤثر على الحياة في المحيطات بتغيير حموضتها مما يؤدي الى تآكل الكائنات البحرية. كل هذه الأشياء تحدث بالفعل وسوف تحدث بطريقة أكبر في المستقبل". وأضاف "يتعين علي القول إنه علم مثير لكن هذا لا يعني أنني سعيد بذلك".

من جانب اخر ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال إن وكالة حماية البيئة الأمريكية تعتزم أن تقدم اقتراحا بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من محطات الطاقة الأمريكية بنسبة 30 في المئة بحلول عام 2030. وقالت الصحيفة نقلا عن شخصين أطلعا على الخطة إن الخفض المقترح سيكون بناء على مستويات عام 2005. وأضافت الصحيفة انه بموجب الخطة ستحدد الولايات بشكل مرن كيفية تحقيق خفض الانبعاثات بما في ذلك برامج تقديم الحوافز الاقتصادية من اجل تحقيق خفض الانبعاثات. وقالت ان على الولايات سن اللوائح وتقديم خطط الامتثال بحلول يونيو حزيران 2016. بحسب رويترز.

ورفض البيت الأبيض ووكالة حماية البيئة الأمريكية تأكيد أو التعليق على اللوائح قبل نشرها. وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن الولايات المتحدة يجب أن تفعل المزيد لتقليل انبعاثات الكربون حتى لا يواجه الأطفال الذين يعانون من الربو وأمراض اخرى ذات صلة من المزيد من المشكلات نتيجة الهواء الملوث. وتهدف اللوائح إلى مساعدة واشنطن في الوفاء بالتزاماتها الدولية لخفض انبعاثات الغازات المسؤولة عن ارتفاع درجة حرارة الأرض لكن تركيز البيت الأبيض على الفوائد الصحية للانسان تأتي في اطار جدال لحشد الدعم من المواطنين.

ظاهرة النينيو

في السياق ذاته قال عالم مناخ أسترالي ان ارتفاع درجات حرارة المحيط الهادي والحركة السريعة للمياه الدافئة في اتجاه الشرق تزيد من مخاوف اشتداد ظاهرة النينيو الجوية لهذا العام لتصبح الأقوى خلال عقود عدة. وتؤثر النينيو وهي ظاهرة دفء مياه سطح المحيط الهادي على الأحوال الجوية ويمكن ان تتسبب في فيضانات وأيضا موجات جفاف في مناطق مختلفة من العالم مما يؤدي الى نقص امدادات الطعام.

وتشير غالبية نماذج الطقس المتوقعة الى ان النينيو قد تحدث منتصف العام تقريبا لكن المنظمة العالمية للارصاد الجوية التابعة للامم المتحدة قالت ان من السابق لأوانه تقدير قوتها المرجحة. لكن الدكتور وينجو كاي خبير المناخ في منظمة الكومنولث للعلوم والأبحاث الصناعية التابعة لاستراليا قال ان ارتفاع درجة حرارة مياه المحيط الهادي أكثر من المستويات التي حدثت في السنوات التي شهدت ظاهرة النينيو من قبل والحركة السريعة للمياه الدافئة في اتجاه الشرق زادت من مخاوف اشتداد الظاهرة هذا العام.

وقال كاي "أعتقد ان ما يحدث يتفق مع كثير من صفات نينيو قوية. "النينيو القوية تحدث مبكرا وشهدنا ذلك خلال الشهرين الماضيين وهذا شيء غير معتاد.. الرياح التي تسبب التدفئة قوية جدا وهناك ما نسميه بالعناصر الشرطية حيث يجب ان يكون هناك الكثير من موجات الحر في النظام حتى تحدث نينيو قوية." واستند العالم الاسترالي في توقعاته على البيانات الدراسية التي نشرتها الادارة الامريكية الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي. بحسب رويترز.

ويقول خبراء الارصاد الجوية ان احتمال حدوث ظاهرة النينيو سيتأكد خلال الشهر او الشهرين القادمين وان كان يصعب الان تحديد مدى قوتها. وقال مكتب الارصاد الجوية الاسترالي في ابريل نيسان ان حدوث ظاهرة النينيو هذا العام مرجح بنسبة 70 في المئة ومن المقرر ان يصدر المكتب تقريره المحدث. وحدثت أشد ظاهرة للنينيو عام 1997-1998 وتسببت في فيضانات شديدة على طول نهر يانجتسي في الصين مما أدى الى مقتل أكثر من 1500 شخص. كما ان اشتداد ظاهرة النينيو يزيد من احتمالات تأثر الكثير من السلع الزراعية في آسيا وأستراليا.

القارة القطبية الجنوبية

الى جانب ذلك أظهرت دراسة أن جزءا من شرق القارة القطبية الجنوبية أكثر عرضة للذوبان مما كان يعتقد من قبل مما قد يؤدي إلى إنجراف للثلوج في المحيط بشكل يصعب وقفه وزيادة منسوب مياه البحار لآلاف السنين. وذكر التقرير إن "ويلكس باسين" في شرق القارة القطبية والذي يمتد لأكثر من ألف كيلومتر في الداخل به كمية كافية من الجليد لرفع منسوب مياه البحار ما بين ثلاثة وأربعة أمتار في حالة ذوبانه كأحد أثار ارتفاع درجة حرارة الأرض.

وقال ماثياس مينجيل من معهد بوستدام لأبحاث تأثير المناخ في ألمانيا في بيان إن "ويلكس باسين بشرق القارة القطبية الجنوبية مثل قنينة مائلة وبمجرد نزع سدادتها سينسكب مافيها." وقال اندريس ليفرمان المشارك في هذه الدراسة وهو من معهد بوستدام أيضا إن النتيجة الرئيسية هي أن تدفق الثلوج سيتعذر وقفه إذا بدأت في الحركة. وقال إنه مازال يوجد وقت للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى مستويات معينة للإبقاء على الجليد في مكانه.

ووعدت نحو 200 حكومة بابرام إتفاقية للأمم المتحدة بحلول نهاية 2015 للحد من زيادة إنبعاث الغازات المسببة لإرتفاع درجة حرارة الأرض والتي يصنعها الإنسان والتي تقول لجنة بالأمم المتحدة إنها ستؤدي إلى مزيد من الجفاف وموجات الحر وهطول الأمطار وارتفاع منسوب مياه البحر. وفي المعظم تتركز المخاوف من ارتفاع منسوب مياه البحار والذي يمكن أن يغرق مناطق منخفضة تمتد من شنغهاي إلى فلوريدا على الثلوج في جرينلاند وغرب القارة القطبية الجنوبية بالإضافة إلى كميات أصغر بكثير من الجليد في سلاسل جبلية تمتد من الهيمالايا إلى الانديز. بحسب رويترز.

وتعد الدراسة من بين أول الدراسات التي تقيس الأخطار في شرق القارة القطبية الجنوبية والتي تعد مستقرة عادة. وتعادل مساحة القارة القطبية الجنوبية الولايات المتحدة والمكسيك معا وهي تحتوى على كميات من الجليد تكفي لرفع منسوب مياه البحار نحو 57 مترا إذا ذابت كلها. وأشارت الدراسة إلى أن ذوبان الغطاء الجليدي قد يستغرق 200 سنة أو أكثر إذا ارتفعت درجة حرارة المحيطات. وفور إزالته فقد يستغرق الأمر ما بين خمسة الآف وعشرة الآف سنة لافراغ ويلكس باسين من الجليد لان الجاذبية الأرضية تسحب الجليد تجاه البحر.

مراقبة وعينات

من جهة اخرى يراقب علماء جبلا جليديا عملاقا هو أحد أكبر جبال الجليد في العالم انفصل عن منطقة جليدية في القطب الجنوبي ويتجه نحو المحيط المفتوح. وقالت كيلي برانت عالمة الجليد في إدارة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا) إن مساحة الجبل تصل الى نحو 660 كيلومترا مربعا ويبلغ سمك الجليد فيه 500 متر. وأضافت برانت أن الجبل المعروف باسم بي 31 انفصل عن منطقة باين أيلاند الجليدية في القطب الجنوبي في نوفمبر تشرين الثاني الماضي.

وقالت برانت "حجمه كبير يستدعي المراقبة." وذكرت أن منظمات حكومية أمريكية بينها مركز الجليد القومي تراقب عشرات الجبال الجليدية في كل الأوقات. وفي الوقت الراهن لم يصل الجبل الجليدي الى منطقة تبحر فيها السفن بكثرة. وقالت برانت "لا توجد حركة ملاحة كثيفة هناك. لسنا قلقين على مسارات الملاحة على وجه التحديد. نعرف أين توجد كل (الجبال) الكبيرة." وأضافت أن العلماء مهتمون بهذا الجبل تحديدا ليس فقط بسبب حجمه لكن لانه تشكل في منطقة غير متوقعة.

وقالت "يبدو ككعكة ورقية عملاقة تطفو عبر المحيط الجنوبي." وتقول برانت وهي عالمة في مركز جودارد للطيران والفضاء التابع لناسا وجامعة مورجان ستيت بولاية ماريلاند إنه تم رصد الصدع في المنطقة الجليدية الذي أدى لانفصال الجبل للمرة الأولى عام 2011. ويقول علماء إنهم يدرسون منطقة باين أيلاند الجليدية عن كثب بسبب التراجع السريع في مساحتها الذي قد يكون عاملا مهما في ارتفاع منسوب مياه البحار.

الى جانب ذلك يقول علماء متخصصون في الدراسات القطبية استخرجوا عينات جليد عمرها ألفي عام من القارة القطبية الجنوبية إنهم يوشكون على كشف النقاب عن التغيرات المناخية التي حدثت على مدار هذه المدة وهو ما قد يفسر كيف سيؤثر التغير المناخي على مستقبلنا. وسافر فريق دولي إلى حوض اورورا في القارة القطبية الجنوبية في مشروع استمر خمسة أسابيع بهدف الحصول على عينات من الجليد للوصول إلى الحلقة المفقودة فيما يتعلق بالتغيرات التي طرأت على درجة حرارة الأرض على مدار العشرين قرنا الماضيين.

وباستخدام التقنية الحديثة يأمل العلماء في الحصول على معلومات تساعد على فهم أمور مثل الجفاف والأعاصير والفيضانات. وقال نيك جيلز أحد العلماء بالمشروع "الأوراق التي سيتمخض عنها المشروع يمكن الاستفادة منها في تحسين الانماط المناخية وتعزيز معرفتنا بما أحدثه المناخ في الماضي القريب." وقال"سوف يعزز هذا بشدة قدرتنا على تصور التغيير المناخي." وسوف توضح قطعة لب الجليد الرئيسية التي استخرجها العلماء والتي يبلغ طولها 303 أمتار التغير المناخي السنوي على مدار الألفي عام الماضيين.

وحصل العلماء ايضا على قطعتي جليد أصغر بطول 116 مترا و103 أمتار ستوفران مزيدا من الجليد اللازم لاجراء تحاليل واسعة للكيماويات. وقال جيلز "مجرد الخروج والتنقيب بنجاح على عمق مئات الامتار من سطح الغطاء الجليدي في المنطقة القطبية الجنوبية خلال فصل واحد وجلبه يعد انجازا عظيما في حد ذاته " وأوضح جيلز أن العلماء سيجرون قياساتهم على مدار العام المقبل وسيبدأون في نشر النتائج في فترة تتراوح بين 18 و24 شهرا. بحسب رويترز.

وأضاف جيلز ان المعلومات التي سيتم الحصول عليها من عينات لب الجليد سوف تزيد من معارف العلماء عبر الكشف عن تأثير الانسان في التغير المناخي من خلال حرق الوقود الأحفوري. ويتضمن مشروع حوض اورورا 15 منظمة من ست دول هي استراليا والصين والدنمرك وفرنسا والمانيا والولايات المتحدة. وقال مارك كوران كبير العلماء القائمين على المشروع إن هذا الجهد يمهد الطريق لرحلة أكثر طموحا تستهدف الحصول على عينات جليد عمرها مليون عام.

أقوى الرياح

في السياق ذاته افاد علماء ان الرياح التي تعصف بالمحيط المتجمد الجنوبي لم تكن بهذه القوة منذ الف سنة، يغذيها التغير المناخي والمعدل المتزايد لثاني اكسيد الكربون في الجو. واظهرت الدراسة التي اجرتها "استراليان ناشونال يونفيرستي" (ايه ان يو) ان الرياح في المحيط الجنوبي المتجمد التي ارعبت "اربعينياتها المزمجرة" اجيالا من البحارة المخضرمين "هي اليوم اقوى من اي وقت مضى منذ الف عام".

واوضحت نيريلي ابرام مقررة البحث الذي نشر في مجلة "نيتشر كلايمت تشينج"، ان "الزيادة في قوة الرياح كانت واضحة خصوصا في السنوات السبعين الاخيرة ومع جمع كل ما رصدناه مع عمليات المحاكاة المناخية يمكن ان نربط بوضوح هذه الظاهرة بارتفاع معدل الغازات المسببة لمفعول الدفيئة".

والريح الغربية التي تتجنب سواحل انتركتيكا الشرقية من خلال الالتفاف عليها، تجرف كميات متزايدة من الهواء البارد كلما زادت قوتها حارمة استراليا التي تعاني من ارتفاع متواصل في درجات الحرارة مع مراحل جفاف واندلاع حرائق، من امطار تحتاجها كثيرا. وتقول العالمة "انتركتيكا تتحدى الميل السائد فكل القارات الاخرى ترتفع الحرارة فيها فيما القطب الشمالي هو الذي يشهد اكبر معدل احترار". وللوصول الى هذه الاستنتاجات، اخذ الباحثون عينات من الجليد في انتركتيكا وحللوا دوائر نمو الاشجار في اميركا الجنوبية فضلا عن تطور مياه البحيرات في هذه القارة. وقد عولجت هذه المعطيات بعد ذلك في حاسوب رايجيمن الكبير التابع لجامعة "ايه ان يو". بحسب فرانس برس.

الا ان التطور المناخي في انتركتيكا متفاوت نتيجة التأثير المعقد للرياح والتيارات. ففي حين يبقى وسط انتركتيكا باردا، تزيد رياح الغرب من حرارة شبه الجزيرة بشكل مقلق معدلة النظام البيئي المحلي مع تراجع كبير في اعداد طيورالبطريق على سبيل المثال. ويوضح ستيفن فيبس من جامعة نيو ساوث ويلز ان النشاط البشري هو المسؤول بشكل كبير عن هذه التغييرات. واعتبارا من السبعينات تدهور الوضع مع توسع ثقب الاوزون بسبب انبعاثات مركبات الكلوروفلوروكربون (سي اف سي) المستخدمة في الصناعات. ويؤكد ستيفن فيبس "حتى مع حدوث سيناريو مناخي معتدل فان هذا الميل سيتواصل في القرن الحادي والعشرين".

انهيارات جليدية

على صعيد متصل قال علماء إن سياحة تسلق الجبال في نيبال مهددة بسبب تغير المناخ وارتفاع درجة حرارة الأرض اذ يؤدي ذوبان الانهار الجليدية إلى خطر حدوث مزيد من الكوارث المميتة مثل الانهيار الجليدي الذي وقع بجبل ايفرست وقتل 16 شخصا قبل اكثر من شهر. ويتدفق أكثر من ألفي متسلق أجنبي على نيبال الواقعة في جبال الهيمالايا بين الهند والصين سنويا لتسلق أعلى جبل في العالم. وتدر هذه السياحة 3.4 مليون دولار سنويا للدولة الفقيرة.

وقال المركز الدولي للتنمية المتكاملة للجبال ومقره في عاصمة نيبال في تقرير إن ارتفاع درجات حرارة الارض أدى إلى إنكماش المساحة الاجمالية للانهار الجليدية بنسبة الربع تقريبا خلال الفترة بين عامي 1977 و 2010 بمتوسط 38 كيلومترا مربعا سنويا. وقال سامجوال باجراتشريا كبير معدي التقرير إنه علاوة على الفيضانات المتكررة والانهيارات الجليدية والارضية التي يتضرر منها الملايين من سكان القرى الجبلية النائية قد تضرب هذه التغيرات متسلقي الجبال. وقال باجراتشريا "تكرر وقوع الانهيارات الجليدية مثل الانهيار الذي ضرب مخيم التسلق عند قاعدة جبل ايفرست ربما يزداد بسبب الاحتباس الحراري العالمي." بحسب رويترز.

والانهيار الجليدي أدى إلى مقتل 16 من مرشدي المتسلقين هو أسوأ كارثة يشهدها جبل ايفرست الذي يبلغ ارتفاعه 8850 مترا. ولم تكن هذه هي الكارثة الوحيدة التي قد يعود السبب فيها إلى ذوبان الانهار الجليدية وتأثير تغير المناخ. وقتل اكثر من 60 شخصا بينهم ثلاثة سائحين اوكرانيين في مايو أيار 2012 في منطقة جبل انابورنا الشهير بغرب نيبال بعد ان اجتاحت فيضانات قوية فجرها انهيار جليدي منازل نيبالين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 5/حزيران/2014 - 6/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م