جهاديون عرب بأجندات استخباراتية لممارسة الإرهاب المقدس

 

شبكة النبأ: بعد ان اتسعت دائرة ما يسمى بالجهاديين في سوريا ولبنان والعراق واليمن وغيرها من الدول العربية، منذ اندلاع الأزمة السورية وتداعياتها التي أخذت منحى ديني وطائفي، إضافة الى الصراعات الإقليمية حول تحصيل المكاسب السياسية التي اججت المزيد من الصراعات في منطقة الشرق الأوسط، والخوف من عودة الجهادين والمتطرفين بموجات ارتدادية الى دولهم، سعت العديد الدول العربية الى تبني مواقف أكثر قوة للحد من فورة الإرهاب، بعد ان كانت تعتقد انها في مأمن، ادركت لاحقاً انه كان مجرد حلم، على حد وصف العديد من المختصين في شؤون الإرهاب.

ويبدو ان الدول التي كانت تدعم الحركات الجهادية بالأموال والسلاح وحرية الحركة والانتقال، إضافة الى دعم الفتاوى التي تحرض على القتال تحت مسمى "الجهاد المقدس"، هي اليوم، في مقدمة الدول التي تحركت ضد الجهاديين العرب وحركاتهم الجهادية، للقضاء عليها، سيما وان العديد من هذه الحركات والتنظيمات أعلنت صراحة سعيها لتنفيذ هجمات وعمليات انتحارية داخل هذه الدول، وضرب مصالحها في المنطقة.

وقد لا مست الأجهزة الاستخبارية، جدية هذه التهديدات، كما لاحظت ان هناك توسعاً في عملها وتنظيماتها في الداخل، خصوصاً على مستوى الخلايا النائمة، فيما أكد العديد من المحللين، عدم استبعاد إمكانية شن هذه التنظيمات عمليات انتحارية لاستهداف الأنظمة الحاكمة التي أعلنت الحرب المتبادلة فيما بينها، بعد ان كان هناك توافق مصالح يجمع الطرفين.

ويبدو ان الجهاديون، سيما العرب منهم، قد أدركوا مؤخراً، انهم يدارون من قبل جهات أكبر وأعمق من الأمور الحماسية او الدينية التي اقتنعوا بالقتال من اجلها، وهذا ما اتضح جلياً بعد اقتتال الفصائل المتطرفة فيما بينها في سوريا، كما يرى محللون، لذا فان الكثير منهم مال نحو تسليم نفسه الى السلطات وإعلان التوبة او الهروب من جحيم القتال نحو أماكن مجهولة.

الكويت

فقد قالت صحيفة الرأي الكويتية إن وزير العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتي نايف العجمي استقال من منصبه بعدما اتهمه مسؤول أمريكي كبير بالدعوة للجهاد في سوريا وتمويل الإرهاب، وكان العجمي قد رفض تصريحات أدلى بها ديفيد كوهين مساعد وزير الخزانة الأمريكي وقال إنه لا أساس لها من الصحة وحظي الوزير بتأييد الحكومة الكويتية، ونقل موقع الصحيفة الكويتية عن العجمي قوله إن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح قبل استقالته، وقالت وسائل إعلام كويتية إن العجمي عرض تقديم استقالته مرة من قبل لاعتبارات صحية. بحسب رويترز.

ولم يتسن الحصول على تعليق من العجمي لكنه أدلى من قبل بتصريحات للصحيفة حول الموضوع، وقال كوهين إن العجمي "له تاريخ في الدعوة للجهاد في سوريا" وإن صورته وضعت على ملصقات جمع تبرعات لتمويل جماعة لمقاتلي المعارضة السورية مرتبطة بتنظيم القاعدة وهي جبهة النصرة.

والكويت من أكبر مانحي التبرعات الإنسانية لسوريا وللاجئين السوريين عبر الأمم المتحدة لكنها تسعى جاهدة للسيطرة على مبادرات فردية غير رسمية لجمع التبرعات لجماعات المعارضة في سوريا، وبخلاف الدول الخليجية الأخرى تعارض الكويت تسليح مقاتلي المعارضة الساعين للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد لكنها تسامحت مع أنشطة جمع التبرعات في المنازل والمساجد وعبر وسائل التواصل الاجتماعي.

ويخشى بعض المسؤولين الكويتيين والأمريكيين بوجه خاص من الحملات التي تعطي جماعات إسلامية متشددة أموالا تمكنها من شراء أسلحة مما سيؤجج العنف في سوريا وسيثير أعمال عنف طائفي في الكويت أيضا، وفي مؤشر آخر على محاولة الكويت تهدئة المخاوف الخاصة بالتمويل في سوريا قالت مسؤولة كويتية إن حملة بدأها رجال دين وسياسيون كويتيون لجمع التبرعات من أجل سوريا في الآونة الأخيرة غير قانونية.

ونقلت صحيفة كويتي تايمز الناطقة باللغة الانجليزية عن منيرة الفضلي وكيلة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في الكويت قولها إن الوزارة لا تجيز ولا تسمح للأفراد بجمع التبرعات وإن التراخيص لا تمنح إلا للجمعيات الخيرية الرسمية، وقالت المسؤولة إن حملة "سوريا تناديكم" التي أطلقت في الآونة الأخيرة مخالفة للقانون وإن الوزارة ستتخذ إجراء قانونيا ضد القائمين عليها.

وتصف الحملة نفسها بأنها اتحاد للحملات الكويتية لدعم سوريا ويدعمها رجال دين كويتيون معروفون وسياسيون معارضون، ولا يذكر ملصق الكتروني للحملة الجهات التي ستصل إليها التبرعات على وجه التحديد.

الإمارات

فيما قالت وكالة أنباء الإمارات إن الإمارات أحالت تسعة مغتربين عرب إلى دائرة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا بتهم تكوين خلية تابعة لتنظيم القاعدة وجمع تبرعات وتجنيد مقاتلين لجبهة النصرة في سوريا، وأضافت الوكالة أنه تم توجيه الاتهام لإثنين من أعضاء الخلية بإنشاء وإدارة موقع على الإنترنت "نشر عليه معلومات عن تنظيم القاعدة الإرهابي بقصد الترويج لأفكاره واستقطاب أعضاء جدد له". بحسب رويترز.

ولم تذكر الوكالة متى أو كيف ألقي القبض على أعضاء الخلية أو الدول التي ينتمون لها، وأضافت "جمع المتهمون أموالا وأمدوا بها منظمة إرهابية (جبهة النصرة) التابعة لتنظيم القاعدة، واستقطاب أعضاء للانضمام إليه والالتحاق بالمنظمات الإرهابية (جبهة النصرة) المقاتلة ضد الحكومة السورية مع علمهم بأغراضه".

وجبهة النصرة إحدى الجماعات الرئيسية التي تقاتل للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد وهي جناح لتنظيم القاعدة وصنفتها الولايات المتحدة ودول عربية جماعة إرهابية، وقالت وكالة أنباء الإمارات إن المحكمة حددت 26 مايو ايار موعدا للمحاكمة في أبو ظبي.

الأردن

في سياق متصل قتلت قوات حرس الحدود الاردني متسللا وأصابت آخرين حاولوا التسلل عبر الحدود السورية، بحسب ما اعلن مصدر مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية، ونقلت وكالة الانباء الاردنية الرسمية عن المصدر قوله ان "قوات حرس الحدود القت القبض على مجموعة اشخاص حاولوا التسلل عبر الحدود.

واشتبكت مع عدد منهم حسب قواعد الاشتباك المعمول بها بعد ان قامت بتحذيرهم وتنبيههم بمختلف الطرق والوسائل ما ادى الى مقتل احدهم واصابة عدد آخر منهم والقاء القبض على الآخرين وتم تسليمهم للجهات صاحبة الاختصاص".

واضاف ان "قوات حرس الحدود احبطت ايضا محاولة تهريب ثلاث سيارات مدنية من الاراضي الاردنية الى الاراضي السورية باستخدام الطائرات العمودية والقوة الارضية والقت القبض على هذه السيارات والمهربات الموجودة بداخلها"، ولم يعط المصدر المزيد من التفاصيل عن اعداد هؤلاء المتسللين او جنسياتهم او ما إذا كانوا يحاولون دخول المملكة من سوريا او العكس.

واوضح المصدر ان "قوات حرس الحدود استقبلت مؤخراً 1144 لاجئا سوريا دخلوا من عدة نقاط حدودية بينهم 60 مصابا وتم تقديم الاسعافات لهم ونقلهم الى المستشفيات والمراكز الطبية العسكرية والمدنية ضمن المنطقة"، و"شهدت القرى الحدودية الاردنية سقوط بعض القذائف نتيجة الاشتباكات والقصف الشديد في الداخل السوري خصوصا مناطق درعا والقرى التابعة لها والمتاخمة للحدود الاردنية". بحسب فرانس برس.

وعززت السلطات الاردنية الرقابة على الحدود مع سوريا والتي تمتد لاكثر من 370 كلم واعتقلت عشرات الاشخاص الذين حاولوا عبورها بشكل غير قانوني، وتؤوي المملكة الاردنية اكثر من نصف مليون لاجئ سوري وتؤكد سلطاتها ان التهريب على الحدود ارتفع بنسبة 300 بالمئة خلال العام الماضي.

فيما اصدرت محكمة امن الدولة الاردنية احكاما بالسجن لمدد تراوحت بين السجن عامين ونصف العام وخمسة اعوام بحق 11 جهاديا اردنيا على خلفية محاولة التسلل الى سوريا للقتال الى جانب قوات المعارضة، حسبما افاد مصدر قضائي اردني.

وقال المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه ان "المحكمة اصدرت حكما بالسجن عامين ونصف بحق 10 من الجهاديين الاردنيين الذي ارادوا الالتحاق بالفصائل الاسلامية في سوريا، جبهة النصرة وداعش"، واضاف ان "المحكمة اصدرت حكما في نفس القضية بالسجن خمس سنوات بحق جهادي اردني آخر فار من وجه العدالة، تمكن من مغادرة البلاد باتجاه سوريا".

واوضح المصدر ان "المحكمة دانت المتهمين ال 11 بتهمة القيام باعمال لم تجزها الحكومة من شانها تعريض المملكة لخطر القيام باعمال عدائية وانتقامية تعرض حياة مواطنين ومقدرات الدولة للخطر"، وبحسب المصدر فأن "الاجهزة الامنية الاردنية كانت القت القبض على المتهمين العشرة في اب/اغسطس الماضي اثناء محاولتهم عبور الاراضي الاردنية الى سوريا بصورة غير مشروعة".

وشدد الاردن الذي يستضيف نحو 600 الف لاجئ سوري منذ اندلاع الازمة في آذار/مارس 2011، اجراءاته على حدوده مع سوريا واعتقل وسجن عشرات الجهاديين لمحاولتهم التسلل الى الاراضي السورية للقتال هناك، وبحسب قياديي التيار السلفي في الاردن فان المئات من انصار التيار يقاتلون ضمن صفوف جبهة النصرة في سوريا.

من جهتها انتقدت منظمة "هيومان رايتس ووتش" الأمريكية المدافعة عن حقوق الإنسان تعديلات الأردن الأخيرة على قانون مكافحة الإرهاب، وقالت المنظمة في بيان نشر على موقعها الإلكتروني إن التعديلات التي "توسع تعريف الإرهاب وتهدد حرية التعبير، مرت سريعا من مجلس النواب الأردني في 22 نيسان/أبريل 2014 ومن مجلس الأعيان في 30 نيسان/أبريل ولا ينقص تلك التعديلات سوى موافقة الملك والنشر في الجريدة الرسمية للعمل بها كقانون".

وأوضحت أن "التعديلات التي تحل محل 4 مواد في قانون منع الإرهاب الأردني الصادر سنة 2006، تعمل على توسيع تعريف الإرهاب بحيث يشمل أعمالا من قبيل "تعكير" صلات الأردن بدولة أجنبية، مشيرة إلى أن "هذه تهمة موجودة بالفعل في القانون الجنائي الأردني وتستخدم دورياً لمعاقبة الانتقاد السلمي للبلدان الأجنبية أو حكامها"، ورأت المنظمة أن "من شأن التعديلات أيضاً أن تغلظ العقوبات".

ونقل البيان عن جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة قوله إن "المخاوف الأمنية المشروعة للأردن لا تمنح الحكومة ضوءً أخضر لمعاقبة الانتقاد السلمي لحكام أجانب على أنه إرهاب، وعلى الأردن أن يوسع مساحة النقد والنقاش العلني بدلاً من تقليصها".

وأوضح ستورك أنه "ليس هناك تضارب بين مسؤوليات الأردن في الحفاظ على مواطنيه وعلى حقوقهم"، مشيرا إلى أن "الأردن لا يحتاج إلى تقييد حرية التعبير لمنع الإرهاب"، وأقر مجلس النواب الأردني في 22 نيسان/أبريل الماضي مشروع القانون المعدل لقانون منع الإرهاب لعام 2014، في جلسة تباينت آراء ومواقف النواب حولها بين مؤيد ومعارض.

وتعتبر الفقرة (ج) في المادة الثالثة من مشروع القانون "الالتحاق أو محاولة الالتحاق بأي جماعة مسلحة أو تنظيمات إرهابية أو تجنيد أو محاولة تجنيد أشخاص للالتحاق بها وتدريبهم لهذه الغاية سواء داخل المملكة أو خارجها" أعمالا إرهابية محظورة.

كما اعتبرت الفقرة (ب) من المادة الثالثة "القيام بأعمال من شأنها تعريض المملكة لخطر أعمال عدائية أو تعكر صلاتها بدولة أجنبية أو تعرض الأردنيين لخطر أعمال ثأرية تقع عليهم أو على أموالهم" أعمالا إرهابية، ورأى محللون أردنيون أن الأردن يسعى من خلال هذه التعديلات المثيرة للجدل إلى لجم تأثير جهاديين محليين متشددين ممن يحاربون نظام بشار الأسد في سوريا الجارة الشمالية.

وخلال السنوات الثلاث الماضية انضم المئات من "الجهاديين" الأردنيين إلى مجموعات متشددة تقاتل نظام الأسد في سوريا، الأمر الذي يثير مخاوف المملكة من انتقال العنف الدائر في سوريا إلى أراضيها، وكان الأردن أقر قانون منع الإرهاب عام 2006 بعد عام على تفجيرات عمان التي استهدفت ثلاثة فنادق وراح ضحيتها 60 شخصا.

اليمن

الى ذلك اعلنت السلطات اليمنية مقتل "إرهابي سعودي" هو تركي عبد الرحمن الملقب بـ"أبي وهيب"، وخبير متفجرات داغستاني (روسي) من تنظيم "القاعدة"، كما أكدت القبض على عنصرين فرنسيين من أصل تونسي كانا يحاولان الفرار من خلال أحد المطارات.

وأكدت وكالة الأنباء اليمنية نقلا عن مصدر عسكري مسؤول مقتل شخص في محافظة شبوة الجنوبية وصفته بأنه خبير متفجرات ويدعى تيمور الداغستاني نسبة إلى انتمائه لجمهورية داغستان التابعة للاتحاد الروسي، كما أكد موقع وزارة الدفاع مصرع "الإرهابي السعودي" في المحافظة نفسها. بحسب فرانس برس.

وقد أكدت وكالة الأنباء الرسمية اعتقال فرنسيين اثنين من أصل تونسي، كلاهما يبلغان من العمر 32 سنة وكانا في صفوف تنظيم "القاعدة" في محافظة حضرموت بشرق البلاد، وذلك أثناء محاولتهما المغادرة من أحد المنافذ الجوية.

ويأتي ذلك فيما تتابع القوات اليمنية حملتها البرية ضد "القاعدة" في محافظتي شبوة وأبين الجنوبيتين، إضافة الى محافظة البيضاء جنوب صنعاء، وكانت السلطات أعلنت مقتل عدد من القياديين في "القاعدة" منذ إطلاق الحملة ضد التنظيم المتطرف في 29 نيسان/أبريل، بينهم عدد من الأجانب، لا سيما جزائري وباكستاني وشيشاني وأوزبكي وكويتي وستة سعوديين.

وأعلن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في وقت سابق أن 70% من عناصر التنظيم الإرهابي في اليمن هم من الأجانب، مشيرا إلى أن السلطات تحتفظ بجثث "عشرات" العناصر الأجانب والعرب، بينهم هولنديون وفرنسيون وألمان وبرازيليون.

المغرب العربي

من جانب اخر دعت جمعية إنقاذ التونسيين العالقين بالخارج الحكومة إلى وضع حد لهجرة "الجهاد" إلى سوريا، وإلى اتخاذ إجراءات للإفراج عن 43 تونسيا سجنوا في هذا البلد، وفي تجمع احتجاجي نظمته أمام مقر وزارة الخارجية في تونس، دعت "جمعية إنقاذ التونسيين العالقين بالخارج" الحكومة إلى وضع حد لهجرة "الجهاد" إلى سوريا، معربة عن مساندتها لأهالي 43 تونسيا سجنوا في سوريا. بحسب فرانس برس.

وباتت مسألة الجهاديين التونسيين المقاتلين في سوريا موضع قلق بالنسبة إلى السطلات التونسية، إذ أن الجمعية كشفت أن المئات من الشباب انخرطوا في الجماعات المقاتلة في سوريا أبرزها "الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام"، وقد صرح محمد إقبال بن رجب رئيس هذه الجمعية لصحيفة "الشروق" التونسية "أنه توجد شبكات إرهابية هامة متوزعة على مناطق عديدة من تراب الجمهورية لها علاقات وارتباطات بتنظيمات إرهابية اقليمية" وتسعى إلى إقحام تونسيين "فيما بات يعرف بملف الجهاد في سوريا".

كما أصدرت مجموعة من المقاتلين المغربيين السابقين في سوريا والمعتقلين حاليا في سجون المملكة، بيانا أعلنوا فيه رسميا "التوبة" عن كل أنشطتهم السابقة واعترافا بـ "الخطأ" الذي ارتكبوه، والتمسوا من السلطات العفو عنهم وإطلاق سراحهم، مؤكدين أنهم مستعدون للاندماج مجددا في الحياة المدنية.

وفي الوقت الذي تواصل فيه السلطات المغربية اعتقال المقاتلين المغاربة العائدين من سوريا على أبواب المطارات، وإيداعهم السجن لفترة تتجاوز الثلاث سنوات، أصدر حوالي 19 معتقلا إسلاميا عائدا من سوريا "بيان حقيقة وتوبة" من داخل السجون، طالبوا فيه بالإفراج عنهم وأبدوا استعدادهم للاندماج في المجتمع"

"إدراكنا للخطأ الذي ارتكبه العديد منا تجاه نفسه وأسرته التي تركها دون معيل"، بلغة الاعتراف تحدث بيان المعتقلين، والذي دعا إلى اعتماد مقاربة اجتماعية إنسانية في التعامل مع ملفهم، عوض المقاربة الأمنية، "ينبغي أن تكتسي طابعا اجتماعيا إنسانيا يأخذ بأيدي هؤلاء العائدين ويحثهم على تصحيح أخطائهم المفترضة، فهُم أولا وقبل كل شيء أبناء هذا الوطن يحبونه ويحترمون قوانينه وتوابثه و ينزلون عند توجهاته وإرادته".

وعن الأسباب التي دعت هؤلاء إلى الهجرة وحمل السلاح إلى جانب فصائل جهادية في "تجربة خطيرة" كما وصفوها، قال البيان "إن مناظر التقتيل والتنكيل واغتصاب الشعب السوري الشقيق حركت ضمائرنا ونخوتنا" و"كذا فتاوى العلماء المتقاطرة، كانت من أول ما شجعنا على عبور الحدود نحو المشرق خصوصا مؤتمر مصر الذي خرج بقرارات تدعو إلى النفير".

واسترسل البيان بالقول إن استضافة المغرب لمؤتمر أصدقاء سوريا الذي عقد بمراكش العام الماضي، كان من أبرز "محفزات" الهجرة إلى أرض الشام، "ثم لا ننسى تسهيلات العبور بالمطار"، مضيفا "هذا ما فسره العديد من شباب المغرب الذي لا يحمل في الأصل أي فكر متطرف سماحا ضمنيا بتلبية النداء الإنساني تجاه الشعب السوري".

الرغبة في "الشهادة" انقلبت إلى "جحيم"، كما وصفه بيان المعتقلين، حيث تحدثوا عن عدم اقتناعهم ورفضهم المشاركة في الاقتتال الدائر بين فصائل المعارضة "بالرغم من علمنا بإمكانية اعتقالنا فور عودتنا إلا أننا أثرنا العودة إلى بلادنا، يضاف إلى جملة هذه الأسباب ظروف عائلاتنا الاجتماعية والاقتصادية الصعبة".

واعترافات العائدين من سوريا تضمنها إبداء "حسن نية" بإعلانهم رفض "أيّ فكرة بالمَسّ بنظامنا الحبيب كما نستغل هذه المناسبة للتّعبير على إرادتنا السابقة في الاندماج في المجتمع والانخراط في المشروع المجتمعي"، إلى جانب قولهم "نؤكد اليوم على عدم جنوحنا إلى أي شكل من أشكال العنف" وأن "استمرار الاستقرار في هذا الوطن رهين بنمط الحكم القائم به".

والمختص في الجماعات الإسلامية، منتصر حمادة، اعتبر أنه ثمة نقاطا إيجابية في الرسالة "تشفع للموقعين على مضامينها بأن يتفاعل معهم المسؤولون بشكل إيجابي، أكثر من التفاعل المتذبذب والسائد في باقي ملفات المعتقلين الإسلاميين"، مركزا على نقطة الحديث عن "أخطاء" ارتكبها هؤلاء المعتقلون عندما قرروا السفر إلى سوريا.

وتابع حمادة، "بالقول إن رغبتهم في المساهمة العملية في بناء الوطن الذي يحترمون قوانينه وثوابته هي نبرة الخطاب ذاتها "الذي يطلع عليها المتتبع في الرسالة الشهيرة التي وجهها عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة الحالي إلى إدريس البصري، طالبا الحصول على الترخيص بالعمل السياسي الشرعي، البعيد عن العنف والتشدد، بصرف النظر عن السياقات الزمنية بين الحدثين".

وأشار المتحدث إلى كون الحديث عن فتاوى مؤتمر القاهرة واحتضان المغرب لمؤتمر أصدقاء سوريا هو إحالة على مسؤولية "بعض علماء الساحة وبعض الدول العربية والإسلامية في الدفع بهؤلاء الشباب نحو الهجرة للديار السورية، قبل أن تتطور الأمور اليوم وينقلب جميع هؤلاء"، موضحا أن هذا "الانقلاب" جاء بعد سفر هؤلاء المعتقلين إلى المستنقع السوري، "من باب الاعتذار عن هذه الورطة، مطلوب التدخل لتسوية ملف هؤلاء المعتقلين".

ويرى منتصر حمادة أن أهم نقطة تبقى "الاعتراف بالخطأ فضيلة"، مبينا أن الخطأ في هذه الحالة "مُرَكّب"، أي "خطأ الشباب وخطأ العلماء والدول العربية والإسلامية التي ورطت هؤلاء الشباب"، مشددا على أهمية التفاعل الإيجابي للمسؤولين مع مضامين الرسالة "تؤكد بشكل صريح على عدم جنوح هؤلاء الشباب إلى شكل من أشكال العنف، ورفضهم تبني هذا الخيار، وإقرارهم الصريح أيضا بالرغبة في الاندماج الإيجابي في المجتمع".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 27/آيار/2014 - 26/رجب/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م