الحملات الانتخابية أفصحت عن الواقع السياسي العراقي

رفعت نافع الكناني

 

حددت المفوضية العليا للانتخابات الاول من نيسان بدء الحملة الانتخابية للمرشحين المتنافسين للحصول على عضوية مجلس النواب العراقي بدورته الجديدة، لكن الواقع العملي لبدء الحملة الانتخابية لبعض الكيانات والافراد قد سبق هذا الموعد المحدد بأشهر عديدة وبطريقة علنية وبدعم مسؤولين ودوائر ومؤسسات حكومية في سابقة تعبر عن مدى الانفلات الذي يعانيه الوضع الانتخابي والسياسي في العراق. من هذا الواقع يمكن تأشير عدد من الملاحظات والتصورات التي رافقت واقع هذه الحملة الانتخابية.

1- يفترض بل من الواجب ان تكون الفرص متساوية للكيانات والمرشحين لغرض الاعلان عن برامجهم الانتخابية ورؤاهم السياسية والاقتصادية، والواقع اظهر ان الفرص لم تكن متساوية بل معدومة بسبب الفارق الكبير بين كيان واخر من ناحية التمويل المالي والمعنوي والدعم الاعلامي، حيث أشر الواقع على ان كيانات وافراد انفقت وتنفق الملايين من الدنانير والعملات الصعبة بدون حساب ولم يعرف مصادر تمويلها في ظل غياب تشريع ينظم عمل الاحزاب في العراق.

2- لم نرى او نشاهد على ارض الواقع اية مناظرة او لقاء حواري بين اقطاب ورؤساء الكتل المرشحة للانتخابات لعرض برنامجها الانتخابي والحجج والبراهين التي يمكن ان تطرحه امام الجماهير لإقناعه لغرض ادلاء المواطن بصوته يوم الانتخاب. بل ان المتتبع للمشهد لاحظ ان الدعاية الانتخابية لأغلب الكتل المتنافسة هي صور بمختلف الاشكال والالوان ورفع شعارات وهمية ومصلحية وغير مقنعة لم تطبقها الكتل التي فازت بانتخابات الدورة السابقة بل هي أصلا ليست من اختصاصها.

3- الهدر الكبير بالمال العام والخاص من خلال نوع وطريقة الدعاية الانتخابية البائسة فنرى ان الشوارع والساحات والابنية تحولت الى عرض مشوه للصور والشعارات وهدر للمال والوقت وبطريقة فجة وبدائية تعكس جهل وبساطة تفكير الكثير من المرشحين اضافة لما انفقه البعض من اعانات وهدايا ومكارم مثل قمة التخلف والغباء واضحى موضع تند وسخرية للكثير من الاخرين.

4- تضمنت بعض الحملات الانتخابية لكيانات وافراد افكارا يراد بها بث روح الفرقة والفتنة والصراع بين مكونات الشعب الواحد من خلال وسائل الاعلام المشبوهة لبث سموم الحقد الطائفي والمذهبي والعرقي ومن كيانات مشاركة بالسلطة والعملية السياسية ليتسنى لها تنفيذ برامجها المرسومة لها لإدخال البلاد في فوضى عارمة لاتعرف نتائجها، وارض الواقع أشر لتلك الجهات وما خططت له في بعض المناطق الساخنة وما لحق بأهلها من كوارث وتشريد وضياع.

5- استغلت بعض الكيانات والاشخاص المرشحين للانتخابات جهد دوائر الدولة وامكانياتها العديدة اضافة لدعم الحكومات المحلية ومجالس المحافظات والاقضية والنواحي للقيام بدعم حملاتهم الانتخابية للتأثير على الناخبين خلافا للاطار القانوني للانتخابات ومقررات المفوضية في هذا الشأن. وهذا يمثل احد المؤشرات الخطيرة لسلامة العملية الانتخابية وشرعيتها ونزاهتها.

6- ازدهرت عمليات التسقيط والتشكيك والشتائم بين اغلب المرشحين ومن مختلف الكيانات في ظاهرة تعبر عن واقع تلك الكيانات وما تنفرد به من جهل وافلاس وغوغائية تفصح عن نوعية تلك الشخصيات والواقع البائس الذي تعيشه والدور المشبوه الذي تلعبه في سبيل اسقاط التجربة الديمقراطية الوليدة في العراق ورسم صورة بائسة لمستقبل البلد السياسي.

7- اغلب اعضاء البرلمان للدورة الحالية والسابقة رشحوا انفسهم للانتخابات التي ستجري في الثلاثين من نيسان الحالي في سابقة لم تشهدها بلدان العالم الديمقراطي، هذه الظاهرة تؤكد للشعب ان هذه النماذج اساءت للمواطن والوطن مرتين، مرة لانها لم توفي بعهدها ووعودها عندما كانت في موقع المسؤولية واتخاذ القرار عندما ادارت ظهرها للعراقيين وتفننت في نهب وسلب موارد البلد لصالحها في ابشع الصور، ومرة ثانية لعدم خجلها لانها لاتملك ذرة من الشرف والغيرة لإعادة طرح نفسها بعد هذا الدمار والتخلف الذي شهدة العراق في ظل سلطتها وسلطانها في محاولة للاستخفاف بعقول العراقيين.

8- الخطاب السياسي لبعض الكتل السياسية افصح بصورة علنية ومباشرة لا لبس فيه بانها تدعم الارهاب وتسانده وتقدم الدعم المادي والمعنوي بمختلف أنواعه لكسر هيبة الدولة وتشتيت جهدها في محاربة الارهاب، كما ان هناك حملة منظمة ومخطط لها لتسقيط مكانة جيش العراق في نظر العراقيين واتخذت مواقف سابقة وعديدة لإضعافه وعدم تسليحه وتحديثه في بادرة لتفكيك البلد وإسقاطه.

9- الكرة الآن في ملعب الشعب العراقي ليقول كلمته الفصل في اختيار الاشخاص والكيانات التي قدمت نفسها بعيدا عن العاطفة القومية والدينية والمذهبية، لان تلك العواطف امتحنت لأكثر من عقد من الزمان ولم نحصد غير الخيبة والخذلان واستبيحت دمائنا وثرواتنا. اذن المواطن امام اختيار صعب للادلاء بصوته وتصويبه نحو الهدف الصحيح لينعم بدولة مدنية حديثة تضمن له كرامته وعزته وثروته وتخطط لمستقبل أفضل لأبنائه، في ظل دولة القانون والمؤسسات والعدالة الاجتماعية.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 29/نيسان/2014 - 27/جمادي الآخر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م