المرأة أجملُ مخلوق

عبدالعزيز حسن آل زايد

 

رزقني الله في هذا العام الجميل فتاة جميلة أسميتها (إسراء)، لم أتمالك وأنا ألحظ مراحل تكونها إلا أن أقول حين لحظة ملاقاتها: (فتَبارَك اللهُ أحسَنُ الخالقِين)، أعادت لي هذه التحفة الملائكية شريط أفكاري، فقلت: هل يعقل لبشر مهما بلغ من توحش أن يُعطى مثل هذه الريحانة؛ فلا يقر له قرار إلا بإزهاق روحها في التراب؟! الأفكار المتوحشة هي التي تصنع ذلك وأكثر، فاليوم لا نخشى الفهود والأسود والنمور كما نخشى من أخينا الإنسان!!

هذا الوحش الذي يسكن بداخل أناس - بالخطأ وصفناهم بشراً - يدمر كل حضارة، لن أتحدث عن هذا المخلوق الذي يستحق أن أطيل الحديث عنه، ولكني مشغول بهذه التحفة التي جعلتني أسافر عبر أفكاري، هناك من يحصر (نون النسوة) في أنوثتها، ولا يفكر إلا في ذاته ونهم جوعه، فنراه يغرقنا بأطنان الكتب وما كتب إلا عن (قرقرة) لا تزال تبحث عما تأكل وتلتذ.

المرأة مخلوق جميل صدق الشعراء ولو كذبوا، فكذبهم عذب لكنهم يجهلون صدق ما كذبوه، يقول أحدهم:

حجبوكِ عن مقل العباد مخافة ** أن تخدش خدك الأبصار

فتوهموكِ ولم يروك فأصبحت ** من وهمهم في خدكِ الآثار

الوهم الذي نعتقده حقيقة يجرفنا، فليس المهم أن تكشف للآخرين الحقيقة حتى يتحركوا، يكفي أن تقنع شخص بفكرة ما حتى تراه يضع حزاماً ناسفاً ويفجر نفسه في ثوان، وهذه الضحية التي نريد أن نتحدث عنها، هي من ذات الطراز، كانت موؤودة في عصر الجاهلية وأكثر وأداً في عصر الإسلام، فهي كيان غير مستقل كآدم، بل هي لعبته ومسلاته، أليس القرآن يخاطبنا ذكوراً وإناثاً إنّ خلقنا: (مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ)، فلماذا هذا التمايز؟!

هل حقيقة المرأة (كلها شر)؟، هل هن ناقصات العقول؟، إذا كن كذلك فسيكون الرجال أكثر نقصاً فهم يهبطون لإرادتها متى شاءت؟!، القرآن يحدثنا عن طاهرة الذيل (مريم) وصاحبة الشجاعة (آسية)، ويخصص للنساء سورة طويلة باسمها، ويروي لنا رجاحة رأي (بنت شعيب)، وملكة سبأ (بلقيس) التي أصابت وأخطأ الرجال، كل هذا التكريم ثم نتشبث بعصبية الجاهلية !!

صحيح أن الرجال لا يصمدون أمام مكر النساء، و(إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) وجمالكنّ فائق كما تصرح سورة يوسف؛ حتى كادت العصمة أن تفلت: (وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ)، إلا أن جمال المرأة لا ينحصر في الجسد، فالمرأة أجمل مخلوق لا في جسدها وحسب، إنما أبعادها أكبر فإذا أطلقن العناد للتفكير فإن الوهم سيخوننا في التقدير.

وإذا أردنا أن نكشف عن جوهر جمال فيها دعونا نقف أمام أقدام الأمهات قليلاً، أليس الإنصاف عاجز عن تقدير كيان كلمة (أم)؟!، لنتحول إلى وفاء (زوجة) هل نتمكن أن نصف هذا الجمال من وفائها؟!، لنقلب النظر إلى إخلاص (أخت)، وتفاني (بنت)، ووو، كلها تجتمع لتكون كيان (المرأة)، حينها سندرك شناعة التقصير بنعتها: (أجمل مخلوق) فقط !!

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 28/نيسان/2014 - 26/جمادي الآخر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م