الانتخابات البرلمانية في العراق

بين حسابات السياسيين وخيارات الناخب

رؤى استشرافية

د. خالد المحمداوي

 

المقدمة

 ان الحاجة الى تحليل الواقع الانتخابي في العراق من الضرورة بمكان بحيث اصبح يشعر بأهميته حتى بسطاء الناس، فمراكز استطلاعات الرأي يجب ان ترافق اي تجربة ديمقراطية ناشئه لكي تجس نبض الشارع لجميع المهتمين بالشأن الديمقراطي/السياسي، ومن مفارقات العملية الديمقراطية في العراق ان المسؤول والنائب والكتلة السياسية لا تشعر بمثل هكذا حاجة لإجراء استطلاعات للرأي لتقود حملتها الانتخابية على ضوئها، ومن حقنا ان نتساءل كيف تقوم كتلنا السياسية بحملاتها الانتخابية؟ وأنى لها ان تعرف مقدار شعبيتها؟ كيف تعرف من يؤيدها ومن لا يؤيدها؟ هل يتساءل المسؤول والبرلماني عن رأي الشارع به وكيف يقيمه؟ هل فكر احد بان يستمع لرأي الناس بقراراته وتشريعاته؟ كيف يقودون حملاتهم الانتخابية؟

هذه الاسئلة هي ما تنطلق منه هذه الورقة، فوسط الفوضى في الدعاية التي يشهدها الشارع العراقي بشكل عام والشارع البغدادي بشكل خاص، فالشوارع والساحات وواجهات البنايات والجزرات الوسطية والجسور ولم يبق شبر الا وتم احتلاله بصور الدعاية الانتخابية للمرشحين بلا اي رقيب وبلا اي تنظيم وبدون ان تتكلم امانة بغداد وبقية المحافظات، لماذا لا يتم تأجير هذه الاماكن من قبل الامانة لتكون دخلا اضافيا لها، ولماذا لا تقوم شركات دعاية متخصصة بهذه الحملات الانتخابية، وهل يدرك المرشح وقائمته ان دعايتهم الانتخابية في الشارع لن تجلب لهم الا آحاد الاصوات في احسن احوالها؟ وهل فكروا بوسائل اخرى أكثر فعالية من نشر صورهم في الشوارع بهذا الشكل الفوضوي؟ اوليس المناظرات تعد اليوم واحدة من افضل طرق الدعاية الانتخابية في العالم؟ كيف يقودون حملاتهم الانتخابية وسط هذا الكم الهائل من الضجيج والتسقيط والتشهير؟

 ان المراقب للساحة السياسية منذ انتخابات مجالس المحافظات التي تم اجراءها في العام المنصرم، يرى ان المشهد السياسي بدء بالغليان حيث تحددت هوية اللاعبين الكبار في الانتخابات البرلمانية القادمة، وعملية التحديد هذه ليست جديدة، بل هي نتاج ما حصل في انتخابات الجمعية الوطنية الاولى بعد ان تم تزكية قائمة واحدة وفازت بمقاعد الجمعية، وبالتالي اصبحت الهيمنة على العملية السياسية من نصيب كتل سياسية قليلة واتاحت لها الظروف المضطربة في العراق ان تستمر بالهيمنة، ويلوح في الافق بوادر لاستمرار هذه الهيمنة للدورتين او الثلاث دورات القادمة، ويرافق ذلك عدم امكانية تغيير في مواقف هذه الكتل السياسية باتجاه التغيير الايجابي والتنمية الحقيقية للمجتمع، فالصراع على السطلة والمصالح الشخصية وزج البلد في اتون احتقان طائفي/قومي وملفات الفساد والارهاب وغيرها كثيرة، هي العلامة الفارقة للعملية السياسية بلاعبيها الكبار حتى اضحى الناخب في حيرة من امره وسط هذا الضجيج الممنهج.

لا يمر يوما الا وكان اسوء من الذي قبله، فأصوات الانفجارات تعلو على كل الاصوات وصراخ السياسيين يعلو على شكوى المواطن الفقير والامه، الكل يركض باتجاه مصالحه الشخصية والفئوية والجهوية الضيقة، لا احد ينظر لمصلحة الوطن والمواطن، وهؤلاء لا يستخدمون الا من اجل اشعال المزيد من الصراعات، ولا زلنا في بداية النفق المظلم.

هل وضع احد احزاب السلطة وكتلها خطة لعراق ما بعد 10 -- 20 سنة قادمة ووضع برامجه كحزب سياسي على ضوئها؟ المطلع على الشأن السياسي سيجيب بالنفي، فالرؤية المستقبلية غائبة وضيق الافق هو المسيطر على ساحة الفعل السياسي وقرارات الارتجال هي المسيطرة وردود الافعال هي التي تحكم هذا الفعل السياسي ناهيك عن غياب التخطيط وخبراءه، عملية سياسية تحكمها العلاقات الشخصية والقرابية، وتتحكم بها الاسر، وفي ظل مثل هكذا اوضاع نرجو التغيير والتعقل لمن هم في السلطة، ويرجو الجميع ان تفرز العملية الانتخابية الحالية الشخصيات المناسبة التي يمكنها ان تقود البلد الى بر الامان، سواء من الشخوص الحاليين او من دعاة التغيير، لذا جاءت ورقتنا الحالية لتقرأ المشهد الانتخابي ولتسلط الضوء على حجم الفوضى فيه ولتحاول ان تستشرف افرازات ما بعد الانتخابات مع مؤشرات التغيير الايجابي في محاولة جادة لقراءة المشهد من وجهة نظر اكاديمية تبنى على الرقم ولتؤسس لمزيد من التحليل والدراسة للعملية السياسية بصورة عامة والانتخابية بصورة خاصة، والتي تصب في اتجاه محاولة القاء الضوء على مناطق الخلل ومحاولة لدعم وتنمية الجيد فيها، حيث سنقسم ورقتنا هذه الى اربعة محاور نحاول من خلالها قراءة مجموعة قضايا ستوفر لنا رؤية استشرافية بسيطة باتجاه مستقبل العملية الانتخابية وسننهيها بمؤشرات تحسس التغيير/النضج السياسي في عراق المستقبل..

اولا:-الفئة المترددة ودورها في حسم المعركة الانتخابية

تعد الفئة المترددة في اي انتخابات هي الفئة الحاسمة في فوز او خسارة الكثير من المرشحين والقوائم، فهذه الفئة اذا ما ذهبت وصوتت بامكانها ان تغير، كما ان امتناعها عن التصويت سيجعل احزاب وائتلافات السلطة مرشحة للفوز، لان اي متتبع للشأن الانتخابي يلاحظ ان هناك فئتين تقابلان هذه الفئة وهما فئة المتحزبين او من حسموا امر تصويتهم وهم يشكلون اكثر من 10بالمئة مقابل 20بالمائة حسمت امرها بخصوص المقاطعة ويمكننا ان نسميهما (المتحزبون 30 بالمائة وهؤلاء في احسن احوالهم سيصلون الى النصف (50بالمئة)، لذا يتم التعويل دائما على الفئة المترددة التي لم تحسم امرها بعد، فكل الدعاية الانتخابية والحشد الاعلامي والسياسي وعمليات التنافس والتسقيط السياسي وكشف ملفات الفساد والافساد وغيرها مما نشهده حاليا هو من اجل تحريك هذه الفئة المترددة باتجاه التصويت لصالح هذه الجهة او تلك، لذا تعد هذه الفئة هي الحاسمة في عملية الفوز والخسارة للائتلافات السياسية المتصارعة على المقاعد البرلمانية في العراق، ومن خلال مجموعة من الاستطلاعات التي اجراها الباحث في الانتخابات السابقة (2010 للبرلمانية ومجالس المحافظات) وكذلك استطلاع رأي لانتخابات مجالس المحافظات 2013 وكذلك بالاستناد الى الاستطلاع الذي اجرته وحدة استطلاع الراي في كلية الاعلام بغداد الذي اطلقت نتائجه الاسبوع الماضي، يمكنني ان اطرح بعض النتائج التي تدعم هذه القضية:-

أ- ان الكثير من الناخبين لم يقرروا بعد مشاركتهم من عدمها فالتردد هي الصفة الغالبة في كل الاستطلاعات السابقة والحالية مما يهيئ الاجواء للحملات الانتخابية و الكثير من الديناميات الموجهة لجمهور الناخبين لأجل الحشد في يوم الانتخاب (ويمكننا ان نعرف التردد بشكل اجرائي بان عدم وجود الرغبة الحقيقة اما بالتصويت او ان شخص ما لم يقر بعد ولشكل قاطع للذهاب يوم الانتخابات للتصويت وكذلك يدخل في التردد عدم تحديد خيارات التصويت اي ان شخص ما قرر ان يصوت لكنه لم يحسم امره بخصوص القائمة والشخص الذي سيصوت له مما يجعل الخيارات مفتوحه امامه للرشحين والقوائم علما ان عملية التردد هذه قد تكشف عن عدم انتشار التحزب لقائمة او ائتلاف ما مما يجعل الاجواء مهيئة ايضا للعمل المستقبلي للاحزاب والائتلاف لكسب انصار دائمين في مناطق معينة فتصبح محافظة ما محسوبة لصالح الكتلة الفلانية والمحافظة الاخرى محسومة لصالح كتلة اخرى وهو مؤشر على نمو وتطور كلا من العملية الديمقراطية والسياسية في اي بلد).

ب-ان مستوى التردد يزداد اذا ما انتقلنا من مستوى المشاركة في التصويت الى مستوى القائمة التي سنصوت لها، اي ان بعض الناخبين قد حسموا امرهم بالمشاركة لكنهم لم يحسموا امر القائمة التي سيصوتون لها فما زالت الخيارات لديهم مفتوحة في ظل وجود اكثر من (107) قوائم انتخابية تتنافس على الساحة السياسية في عموم البلاد، والبعض منه حدد (قلص) خياراته ربما بـ(2-3) قائمة لكنه بالتأكيد مازال مترددا وهؤلاء هم الذين سيرفعون سقف التردد كما سنلاحظ في الجدول الاتي:

د-التردد سيزداد اكثر من السابق مع شخص المرشح وهنا يزداد التردد ليصل الى اعلى مستوياته، فصقور القوائم قد يسيطرون على المساحة الاكبر في الاختيار الافضل للتصويت، لكن التصويت لهؤلاء مرهون بنظرة الشارع لاداءهم في الدورة الحالية للبرلمان والحكومة، كما ان عملية التسقيط السياسي الذي يمارسه البعض في ساحة التنافس السياسي خلال هذا الشهر تصب باتجاه سلب الصقور الكثير من اصواتهم، مما يربك المشهد الانتخابي بالنسبة للناخب العراقي المتردد، فمن خلال متابعتنا لموقع المرصد النيابي تبين ان البرلمان في دورته الحالية استطاع ان يعقد وخلال الفترة من (13/6/2010 الى 1/4/2014) ما مقداره (255) جلسة مكتملة النصاب كانت اقصر جلسة بواقع(25) دقيقة واطولها بواقع(7) ساعات وجموع هذه الجلسات بلغ (988) ساعة عمل خلال هذه السنين الاربع وهي تعادل(41.8) يوما اما اذا تم حسابها وفق ساعات عمل اي موظف في الدولة العراقية يقضي (7) ساعات عمل يومي فسيبلغ مجموع ما قضاه هؤلاء النواب (141) يوم عمل مقابل اي موظف عراقي. وهنا نسأل هل يستحقون كل هذه الامتيازات اثناء وبعد الدورة من اجل(141) يوم عمل يمكن ان يقوم به اي موظف بسيط في الدولة العراقية؟ ان الاجابة عن السؤال بالتأكيد ستعكس اتجاها سلبيا في تقييم عمل البرلمان مما سيؤثر سلبا على عملية التصويت لصالح الاعضاء الحاليين للبرلمان خاصة وان معظمهم مرشحين للدورة القادمة، كما انها ستنعكس سلبا على عملية التصويت بشكل عام لان الكثيرين يعتقدون ان القادمين لن يكونوا بأحسن حالا من الحاليين.

 وهنا يأتي السؤال الكبير ما هو دور الدعاية الانتخابية التي انطلقت منذ بداية هذا الشهر وهل سيكون لها دور في حسم التصويت لصالح هذه الجهة او تلك؟ ان المتابع للدعاية الانتخابية سيصيبه الارباك الذي اصاب المواطن، فهذا العدد الهائل من الصور وحجم التنافس الشديد على احتلال الاماكن العامة والذي خلق لدينا تلوثا بصريا تعكسه الصور الكثيرة التي لا نكاد نميز بين شخوصها (الاسماء والشخوص الذين يراد انتخابهم)، ناهيك عن فوضوية وضعها وتوزيعها، هو ما يربك الفئة المستهدفة، (وهي هنا الفئة المترددة) اكثر مما يحفزها بالاتجاه الايجابي، ويمكننا تلخيص ذلك بالجدول الافتراضي التالي بالاعتماد على بيانات متوفرة لدى الباحث.

مستويات التردد الافتراضية مع مستويات تدخل المرجعيات الدينية

 

مستوى تدخل المرجعيات الدينية

النسبة الافتراضية

مستوى التردد

التوجيه والنصح والارشاد لاختيار الاصلح

امكانية اصدار فتوى بالذهاب للتصويت كفرض عين

50-60%

التردد في الذهاب يوم التصويت

لا تتدخل نتيجة تجارب سابقة مؤلمة

70-80%

التردد في القائمة التي سيختارها

لا تتدخل مطلقا

80-90%

التردد في المرشح

 

حاولنا ان ندخل في الجدول السابق عمود مستوى تدخل المرجعيات الدينية بخصوص العملية الانتخابية اذ ان دورها مهم جدا ولكن كان التساؤل الكبير والذي لازال يطرح كيف واين ومتى تتدخل؟، حيث تصدر مكاتب المرجعيات الدينية في النجف الاشرف وفي غيرها من الحواضر الدينية التي لها دور في المشهد (السياسي-الديني) فتاوى/نصائح/ارشادات/توجيهات، وغيرها حسب مستوى التدخل الذي ترغب به المرجعية والذي ينطلق من رؤيتها لحدود مرجعيتها على المستويين السياسي والاجتماعي (حدود ولايتها)، وقد كان لهذا التدخل الدور الفاعل في بداية العملية الديمقراطية للعراق منذ 2003 وحتى الان مع توجه واضح للابتعاد عن التدخل المباشر بعد ان تم كما يقال (وضع العربة على السكة ليترك للناس تحديد من يقودهم) فالمرجعيات الدينية في حالة من الانسحاب من التدخل المباشر في المستويين الثاني والثالث ولكنها تظل فاعلة في المستوى الاول، لذا تأتينا الفتاوى والنصائح باتجاه اختيار(الاصلح) وبرأي الباحث انه من الصعوبة بمكان مسألة اختيار الاصلح في ظل هذه الفوضى التي تشهدها العملية الانتخابية والتي سنستكشف مؤشراتها في هذه الورقة فعدد المرشحين الذي اعلنته المفوضية المستقلة للانتخابات في العراق على موقعها الالكتروني بلغ (9045) والمطلوب من كل ناخب اختيار واحدا منهم يمكن ان يعول عليه في مسألة الاصلاح النسبي لا المطلق، وهي هنا عملية ليست بالسهلة، وحتى الارشادات والنصائح المتعددة التي لازالت المرجعية تصدرها من على منابر الجمعة قد تحقق شيئا من التقدم الايجابي في عملية التغيير والذي يعتمد اصلا على كيفية قراءة هذه النصائح (تلقي الخطاب) (فمسألة عدم اعادة انتخاب الفاسد والمفسد) مرهونة بملفات الفساد التي تتكشف لأغراض التسقيط الانتخابي خلال هذه الفترة والتي تخلق ارباكا كبيرا للناخب المتردد اكثر من خلقها جوا ايجابيا باتجاه حسم امره لصالح التغيير الايجابي خاصة في ظل ظروف الحشد الطائفي/العرقي/العسكري الذي تشهده الساحة السياسية ومنها الانتخابية، فالتوتر والصراع لا يهيئ الناخب باتجاه الخيارات الصحيحة بل سيجعله سائرا باتجاه اعادة انتاج منظومة (المحاصصة-الفساد-الارهاب-الصراع الطائفي/العرقي) في حين ان رؤية المرجعيات الدينية والعقلاء في العملية السياسية باتجاه ترميم واصلاح واعدة بناء بعض جوانب هذه العملية السياسية بما يقدم اصلاحات اجتماعية واقتصادية وسياسية في العراق وهو ما لا نتوقع حصوله في هذه الانتخابات لأسباب كثيرة سنحاول استعراض بعضها في هذه الورقة.

ثانيا:- حجم الازدحام على المقعد النيابي

من المؤشرات المهمة التي تستند اليها هذه الورقة في تحليل المشهد السياسي في العراق هو قضية حجم الازدحام على المقعد النيابي الواحد من قبل المرشحين وحجم ازدحام الائتلافات على مقاعد كل محافظة اذ نلاحظ في الجدول الاتي ان هذا الازدحام يبلغ اعلى مدياته في بغداد وبعض المحافظات الاخرى. وهو يكشف بصورة واضحة للعيان حجم الصراع على كل من المصلحتين الشخصية (في مستوى التنافس على المقعد الواحد) والسياسية (في مستوى عدد الائتلافات للمحافظة الواحدة) وكما هو واضح في الجدول الاتي:-

 

حجم ازدحام الائتلافات والكتل

صراع سياسي))

حجم الازدحام للمرشحين

(صراع المصالح الشخصية)

عدد المقاعد

عدد المرشحين

المحافظة

18

8.3

17

141

اربيل

12

18.3

15

274

الانبار

24

32.3

24

776

البصرة

7

8.6

18

155

السليمانية

21

35.8

11

394

القادسية

12

22.3

7

156

المثنى

17

25.3

12

303

النجف

21

35.8

16

573

بابل

55

45.4

73

3312

بغداد

16

8

11

88

دهوك

17

22.8

13

296

ديالى

23

36.1

18

650

ذيقار

13

17.5

13

228

صلاح الدين

19

27.8

11

306

كربلاء

26

24.2

13

314

كركوك

13

20.5

10

205

ميسان

26

13

35

456

نينوى

22

37.7

11

415

واسط

10

27.6

328

9045

العراق

تم بناء الجدول على ضوء قوائم المرشحين الموجودة في موقع المفوضية للانتخابات

 

من الجدول السابق يمكننا استنتاج ما يلي:-

 1- حجم الازدحام على المقعد النيابي:- من خلال اجراء عملية القسمة بين عدد المرشحين في كل محافظة على عدد مقاعد تلك المحافظة نستخرج حجم الازدحام للمرشحين على المقعد النيابي الواحد، فالازدحام الكبير على المقعد الواحد في محافظات محددة وخاصة بغداد ومحافظات الجنوب والفرات الاوسط ذات الغالبية الشيعية، في مقابل هدوء واضح في اقليم كوردستان وتردد في الترشح في المناطق التي توصف بانها ساخنة او ساحة للصراع والتوتر، وهي محافظات الغرب والشمال الغربي ذات الاغلبية السنية (هذا الازدحام يمكن ان نسميه صراع المصالح الشخصية) والذي يفترض ان يخلق ارباكا لدى الناخب في هذه المحافظات وفي عموم العراق (في الشارع الشيعي بشكل خاص والشارع العراقي بشكل عام) وهو ما جعلنا نقف امام مسألة اختيار الاصلح، فوسط هذه الفوضى في الترشيح التي خلقت ارباكا واضحا للناخب العراقي بشكل عام والشيعي بشكل خاص، ففي بغداد حيث سيكون الارباك في اعلى مستوياته والتي من المؤمل ان يختار ناخبها واحدا من بين (3312) مرشح يتوقعه ان يكون الاصلح/الافضل!

 فهل سيكون قادرا على ذلك؟ وهل ان ظروف الشد الطائفي والصراع السياسي ستهيء الناخب نحو خيارات افضل؟

 ان الباحث ومن خلال معطيات هذه الورقة لا يتوقع ذلك لنسبة كبيرة من الناس وخاصة المترددين من الناخبين، اذ ان عملية الشد الطائفي والصراع السياسي ستوجه الانظار نحو العواطف والمشاعر الطائفية، لا نحو منطقية الاختيار في حين تحاول المرجعية الدينية توجيهه نحو منطقية الاختيار.

هل سينجح الناخب العراقي عموما والمترددين منهم على وجه الخصوص في الاتجاه الى الاختيار الايجابي الذي يخدم اهدافه في البناء والاصلاح؟ ام انه سيتجه الى المقاطعة والانسحاب والانزواء؟ ام انه سيرتبك وبالتالي يعيد انتاج منظومات الفساد والطائفية والمحاصصة مجددا؟ هذه الاسئلة الجوهرية بحاجة الى البحث والتأصيل والاجابة بشكل تفصيلي وهو ما يصب باتجاه عملية التنمية السياسية في العراق، والذي يمكن ان تتكفل به مراكز الابحاث والدراسات الاستراتيجية ومراكز صنع القرار وغيرها ولا يمكن لهذه الورقة الاجابة عنها.

 2- ازدحام وتنافس شديد بين الكتل في محافظات معينة (خاصة بؤر الصراع السياسي مثل بغداد - كركوك - نينوى) مقابل هدوء في محافظات اخرى (هذا الازدحام يمكننا تسميته بصراع المصالح السياسية للكتل والمكونات السياسية والاجتماعية) حيث تتميز هذه المحافظات الثلاث في كونها مراكز لتنوع المكونات الاجتماعية والدينية في العراق، كما انها تعد مراكز لتجمع الاقليات الدينية والعرقية، لذا فانها تشهد اكبر التنافس من اجل كسب اصوات كل طائفة ومكوّن، كما انها تؤشر على تباعد بين هذه المكونات، فمن النادر ان نجد توافقا على قائمة واحدة بين ثلاث او اربع مكونات والذي يعكس بالضرورة حالة من التباعد بين هذه المكونات، وكذلك حالة من التخوف من التهميش والاقصاء، فنجد بعض المكونات الصغيرة والتي لا تمتلك الا احاد المقاعد، يقابلها تمثيلا العشرات من المرشحين والعديد من الائتلافات.

 ان القارئ للمشهد الانتخابي يؤشر بشكل لا يقبل الشك حالة الافتراق والابتعاد بين مكونات المجتمع، والذي هو نتاج اوضاع غير مستقرة في التاريخ العراقي القديم منه والمعاصر، افرزته بشكل كبير عملية التغيير التي جرت عام 2003 بالرغم من امتداداته التاريخية والتي مثلت حقبة الدكتاتورية السابقة وايضا حقبة الصراع السياسي الطائفي – واستشراء الفساد ومنظوماته، وظهور والارهاب وتداعياته كفاعل رئيسي في خلق البيئة غير المستقرة سياسيا واجتماعيا، وهي عوامل ساهمت بمجموعها وما انتجته من ازدياد الشروخ في البنية الاجتماعية وسهلت عمليات الفصل والهشاشات الاجتماعية على اسس طائفية وجغرافية، الامر الذي تؤكده طبيعة القوائم الانتخابية وانحدارات المرشحين ومرجعياتهم المذهبية، وهي ظاهرة لايمكن للباحث تجاهلها كمتغير ذا دلالات هامة في قراءة وتحليل احدى موضوعات البحث (المترددون في المشاركة الانتخابية).

3-ان ما زاد في حجم الازدحام/الارباك/الفوضى والازدحام قضيتان مهمتان هما:-

 أ- اختراع نظام القائمة/الائتلاف المنافس الصديق: اذ رعت كثير من ائتلافات وكتل السلطة ائتلافات جديدة قامت باختراعها لغرض تجميع اكبر قدر من الاصوات لنفسها، مستخدمة الاغراء والمال المجهول المصدر في تمويل هذه القوائم السياسية الجديدة، لذا فليس من المستغرب ان تجد البعض من مكونات الائتلافات قد اوجدت/رعت ما لايقل عن قائمتين او ثلاث قوائم جديدة تتنافس معها في حصد اكبر عدد من الاصوات.

ب-ترشيح اعداد كبيرة في القائمة الواحدة، اذ نلاحظ في كل محافظة ان عدد المرشحين في القوائم الكبيرة (قوائم السلطة المهيمنة) هو ضعف عدد المقاعد في تلك المحافظة مما يجعلنا نتساءل افتراضيا، فلو افترضنا ان تلك القائمة حصدت كل اصوات المحافظة لقائمتها فان نصف عدد مرشحيها سيكونون خاسرين، والسؤال هنا لماذا ترشحوا اصلا؟ او لنقل لماذا تم تجميعهم في قائمة واحدة؟ ان هذا التساؤل يكشف لنا عن ملاحظة مهمة في طائفة من الاشخاص اضيفوا الى صقور القوائم الكبرى اطلقنا عليهم تسمية (جامعي الاصوات للقائمة) علما انه لا حظوظ بالفوز للكثير منهم، فهم يخوضون مغامرة كهواة وسط مجموعة من المحترفين، ولكن عزاءهم يكمن بأمنيات بالفوز او عدم نسيانهم من قبل قوائمهم عندما يحين وقت تقاسم الكعكة (كعكة المناصب الادارية والسياسية) كما انهم لايخسرون ماديا (فقوائمهم الراعية تتكفل بدعايتهم الانتخابية على اكمل وجه) فالمغامرة الصغيرة هذه لن تكلفهم ماديا، لكنها وللاسف كلفت شبكة علاقاتهم فرصة اختيار الاصلح فهم في النهاية سيجمعون لقوائم السلطة اصوات اقاربهم واصدقائهم ليفوز صقورها، هذه هي احدى عوامل الارباك في العملية الانتخابية في العراق، فعندما يحين الوقت لمغادرة الطارئين/الضيوف عنها فانها ستكون في حالة من التعافي، اما اذا استمر تواجد هؤلاء المغامرين الصغار/الهواة في اجواء العملية الانتخابية فانها ستظل في حالة من الارباك والفوضى ولا مجال فيها لاختيار الاصلح/الانسب بل سيكون الاتجاه نحو اعادة انتاج احزاب وكيانات السلطة والبرلمان مع تغير بسيط ببعض الوجوه لكن المنظومة باقية.

د- سبب ونتيجة ومحاولة الحل من وجهة نظر الورقة:-

لعله من اسباب هذه الفوضى والازدحام ما حصل بعد الانتخابات السابقة في 2010 وما نتج عنها من تنافس بين كتلتين لم يكن الفارق بين مقاعدهم الا بمقعدين (89 و 91) وهو ما اربك المشهد السياسي حينها وعطل تشكيل الحكومة لستة اشهر، وكادت ان تستمر لولا المبادرة المدنية التي اطلقتها منظمات المجتمع المدني ورفعها لدعوى في المحكمة الاتحادية، هذه القضية لازالت تلقي بظلالها على الفكر الانتخابي للنخبة السياسية في العراق وخاصة القوائم الكبيرة، لذا فان المراقب للشأن الانتخابي ولكي يفكر بجدية في حل هذه الازمة يرى ان الفقرة المطاطية في الدستور التي تتكلم عن الكتلة الاكبر واين تتشكل (قبل ام بعد) البرلمان لو تم تعديلها لتصبح حاسمة بخصوص الكتلة الاكبر الفائزة بالانتخابات وليس داخل قبة البرلمان، فلو عدلت بهذا الشكل ستلملم الكثير من الشتات والفوضى الحالية كما انها ستطرد الطارئين على العملية الانتخابية وتخلصنا من الكثير من النكرات السياسية التي سياتي الحديث عنها بهذه الورقة، فهذه العملية ستعيد الائتلافات القديمة وتصالح الفرقاء الذين يسقّط بعضهم بعضا في هذه الايام في حملة شعواء لا هم لها الا تسقيط المنافس والعبور على جثث الخصوص للوصول للكرسي النيابي.

ثالثا:- فوضى القوائم والمرشحين والدعاية الانتخابية

من خلال المتابعة لأسماء المرشحين والقوائم والكتل السياسية المترشحة واسلوب دعايتها يمكننا ان نضع ملاحظات/استنتاجات عامة تصلح كمؤشرات يمكن القياس عليها ومنها:

 1-سيطرة الحرس القديم في السلطة الحالية على القوائم الانتخابية مع تجميلها ببعض الوجوه الجديدة، فالملاحظ ان شخوص (صقور القوائم) لم يتغيروا منذ 2005 وحتى الذين لم يفوزوا يعاد انتاجهم بطرق عديدة منها المقاعد التعويضية وبدلاء من يحتلون مناصب وزارية وسيادية وغيرها من الطرق التي تبقي الهيمنة للصقور على القوائم الانتخابية، ومشكلة هؤلاء ان توجههم نحو التغيير ضعيف جدا، فرياح التغيير السياسي (عن طريق صناديق الاقتراع) غير محببة لديهم، لذا فهم في حالة من الاختراع والابتكار لكل الوسائل التي تبقيهم وقوائمهم في الواجهة، كما ان الصراعات السياسية والشد الطائفي احد اهم وسائل ابقائهم كصقور، ولا اظن ان الدورة الحالية ستحولهم الى حمائم او تأتي بحمائم بدلا عنهم، وحتى لو حصل ذلك فان هذه الحمائم اذا ما دخلت قوائم السلطة فانها سريعا ما ستتحول الى صقور بعد زرقها بالجينات المناسبة لهذا التحول.

2- تكتل قوائم السلطة وتخندقها في مربع الطائفة (لمرشحيها)، حيث يكاد التنوع ينعدم في البعض منها وهو ما يعكس صراع الكتل الحالية في البرلمان، وهو مؤشر ينذر بالخطر على مستقبل التنوع في العملية السياسية والمجتمع، كما انه سيؤثر على شكل الحكومة المقبلة، اذ ان الدعوة لحكومة اغلبية سياسية سيكون من المستحيل تحقيقها في ظل انخفاض مستوى التنوع الطائفي/القومي في قوائم السلطة السياسية في العراق، وقد يدعي البعض من قوائم السلطة ان قائمته فيها هذا التنوع لكن السؤال المهم كم يمثلون من حجم القائمة والقوائم المتنافسة، فهولاء يشكلون النسبة الاقل مما يجعلنا نتجه مرة اخرى نحو المحاصصة الطائفية/القومية ومن ثم بقاء بؤر التوتر والصراع المنطلق من اعلى سلم السلطة السياسية باتجاه اسفل السلم الاجتماعي، فما يحصل هناك من تنافس وصراع غير منظم سينتقل حتما للمجتمع ولا احد سينأى بنفسه عنه، فأحداث الانبار هي نتيجة واضحة لمثل هكذا صراع تم استغلاله من قبل الجماعات المسلحة والقاعدة ليتحول من التصفيات والفساد السياسي الى ساحة للنزاع المسلح، والذي لا يمكننا باي حال ادعاء الربح فيه لأي طرف، فالخاسر في هذه المعادلة هو المجتمع العراقي الذي زادت احداث الانبار التباعد بين مكوناته شئنا ام ابينا، ولا اريد هنا ان انسلخ عن الواقع وادعي عكس ذلك، فتداعيات قطع مياه الفرات مثلا التي هي احدى صور هذا الاقتتال زادت من هذه الهوة بين مكونين مهمين من مكونات المجتمع العراقي، وستظل هذه الحادثة عالقة في ذهن الطرفين الى اجيال، لذا فان القارئ الواقعي للمشهد العراقي سيتفق مع هذا الطرح اما الحالمون فسيكيلون لنا الاتهامات..

3- الدعاية الانتخابية الايحائية لقوائم السلطة وكيف تتعامل/تتناغم/تدغدغ مشاعر الناخب لا منطقه وعقله(تجهيل الناخب) فهذه الملاحظة هي نتيجة حتمية لسابقتها، فالدعاية الانتخابية الاستفزازية لبعض الاشخاص والقوائم ناهيك عن التشهير والتسقيط الذي اوجع رؤوسنا، كلها تعد مؤشرات لدعاية انتخابية لا تخلق سوى الفوضى والارباك للناخب العراقي فهي تدفعه باتجاه عملية الحشد الطائفي/القومي، ولكي نكون منصفين ان هذه الدعاية يمارسها البعض من احزاب وقوائم السلطة التي ترغب ببقائها في واجهة الاحداث اما ضيوف العملية السياسية الذين تكلمنا عنهم سابقا فانهم لا قدرة لهم على منافسة صقور قوائمهم ناهيك عن صقور القوائم الاخرى بهذا الاتجاه، لذا فهم مستثنون من هذه العملية ولا ننسى انهم رشحوا لاغراض اخرى كما قلنا سابقا.

 4-انخفاض في ترشح رجال دين جدد للعملية الانتخابية وهو يعد مؤشرا ذا بعدين ايجابي وسلبي في الوقت نفسه، فمن الملاحظات المهمة ان عدد المعممين الذين مازالوا يلبسون زيا كرجال الدين في انخفاض مستمر وخاصة في بغداد، يستثنى من ذلك صقور القوائم، فلو تقصينا عدد صور رجال الدين من المرشحين الجدد في الشارع الانتخابي سنجدها قليلة جدا، لكن لا ننسى ان الدعاية الانتخابية ذات البعد الديني-الطائفي مازالت هي الحاسمة في ظل المعادلة التي سنطرحها لاحقا (معادلة التقييم الخدماتي للبرلمان والسلطة التنفيذية في مقابل الانتخاب الطائفي لها) وهي من كبريات مؤشرات عدم التعافي في العملية الانتخابية والسياسية في العراق، كما يمكننا ادراج ملاحظة اخرى بهذا الاتجاه عن دور المؤسسة الدينية بمرجعياتها الكبرى في الشأن الانتخابي وما يلحقه من تكوين السلطة السياسية الجديدة للبلد، اذ ان عملية الانسحاب والتباعد واضحة (اي ان المسافة بين المرجعيات الدينية والسلطة السياسية) هي في حالة من التوسع،واذا ما جادل احدهم في كون المرجعيات الدينية مازالت توجه وترشد بخصوص عملية الانتخاب ولا تمر جمعة بدون ان نسمع صوتها، فان ذلك لا يعني اقترابها من السلطة كما قد نظن، بل هو عملية ممارستها لدورها الابوي للمجتمع لا اقتراب من السلطة، فالتوجيه والاقتراب هنا هو باتجاه المواطن لا السلطة.

 5-القيمية لا المعيارية في اختيار اسماء الكتل والائتلافات السياسية

تتشعب اسماء الكتل والائتلافات والكيانات السياسية المشاركة في العملية الانتخابية بشكل واسع ويمكن ان نلاحظ تسميات مثل (بناة، اوفياء، صادقون، فضيلة، عدالة، متحدون، امناء، كفاءات، نخب، اصلاح، احرار، انقاذ، خلاص، تضامن، كرامة،... الخ) وهي اسماء قيمية اطلقها اصحاب هذه الكيانات على قوائمهم، حيث لا يمكن قياس هذه المفاهيم القيمية لنستكشف صدقها من كذبها، وهل القيمية هي المطلوبة في النائب وكتلته ام المعيارية والاحترافية والمهنية والخبرة والمؤهلات العلمية والتخصصية ليكون ممثلا فاعلا عن الشعب؟

 ان هذه القيمية تنتقل بسرعة للدعاية الانتخابية مما يخلق ارباكا لدى الناخب، ويمكن التدليل على ذلك من خلال ما يتداوله الناس في الشارع وفي مجالسهم الخاصة وفي غيرها وعدم تصديقهم لهذه التسميات والاطلاقات القيمية، ان القراءة المتأنية تجعل من اليسير اكتشاف حجم الفوضى التي ترافق عملية بناء النخبة القادمة التي ستحتل المقاعد البرلمانية، فالدعاية الساذجة غير المنظمة هي الصفة الغالبة على هواة العملية السياسية وضيوفها الطارئون.

6-كمّ مقابل النوع في الدعاية الانتخابية:- فالمراقب للدعاية الانتخابية سيصاب بحالة من التلوث البيئي/البصري اذا ما استمر بمشاهدة الدعاية الانتخابية ويمكننا هنا تأشير مجموعة ملاحظات:-

أ-كم هائل من الملصقات الانتخابية مع فوضى في التوزيع، فكل مرشح لديه مجموعة من العمال الذين يقومون بتوزيع ملصقاته على الشوارع بدون ان يكون لدى اغلبهم حس تنظيمي للدعاية الانتخابية، فالشوارع امتلأت بالملصقات ولا احد من المرشحين يمكنه ان يدعي بانها ذات جدوى تتجاوز الـ(10بالمئة) في احسن الاحوال وخاصة لضيوف العملية السياسية (جامعي الاصوات) فهؤلاء كما قلنا سابقا شبكة علاقاتهم ستكون هي الحاسمة لا دعايتهم الانتخابية والمشكلة ان هؤلاء هم الاغلبية العظمى في قوائم المرشحين.

ب-اموال طائلة تصرف مع عدم وجود دراسة جدوى لعملية الصرف، هل قام احد المرشحين او الكتل السياسية التي تصرف ملايين الدولارات على دعايتها الانتخابية باجراء دراسة استطلاعية متخصصة عن (دور الملصقات الانتخابية في توجيه خيارات الناخب العراقي) او عن (دور مجمل الدعاية الانتخابية في تحديد خيارات الناخب) لان مثل هكذا دراسات تجرى في كل العالم، واذا ما استنتجنا فشل مثل هكذا ادوات للدعاية، لنقم بصرف اموال الدعاية بوسائل اخرى، فهناك المناظرات التلفزيونية مثلا كوسيلة فاعلة في كشف الاصلح والاقدر، وهذه القضية مازالت واعدة يمكننا تنميتها فهي اكثر مناسبة لمخاطبة منطق وعقل الناخب لا دغدغة مشاعره.

ج- الكل ينظر اليك ولا احد يبتسم، يتحرك، يعبر:- ملاحظة عامة لـ(95%) من صور المرشحين فالضحك حرام عرفا كما يظن البعض لكن الابتسامة مطلوبة فالمؤمن هش بش، اما وجوه المرشحين فالجدية والوجوم وحتى على وجوه المرشحات فهي تشعرك بالملل، والكل ينظر اليك لكنه لا يداعبك، يشاكسك، وحتى انه لا يرغب باستفزازك، ما الحل؟، المطلوب شركات متخصصة بالدعاية الانتخابية لا مجموعة من المصورين والحدادين ومكائن طباعة البوسترات وعمال مسطر يقومون بتثبيتها في الشوارع فهذه العملية ليست من اختصاص هؤلاء وهم سيخلقون لكم الفوضى سادتي المرشحين.

7-غياب شبه تام للحس الايديولوجي في اسماء الائتلافات

 تقدم اسماء الائتلافات والكتل والكيانات السياسية المرشحة في انتخابات نيسان 2014 خلطا نادرا في المفاهيم التقليدية التي على ضوئها يتم معرفة او تصنيف اتجاه الكتلة الايديولوجي والفكري والطبقي، فلا يوجد يسار ولا يمين ولا وسط، فهؤلاء لا زالوا غائبين عن الساحة ولا حظوظ لهم (ما عدا قائمة التحاف المدني الديمقراطي التي يمكنها ان تكون ممثلة لمثل هكذا حس ايديولوجي لكن لا ننسى ان فيها البعض من المرشحين الذين يمثلون تيارات بعيدة عن اليسار الذي يعتنقه صقور القائمة) فالقضية الايديولوجية وحتى الليبرالية/العلمانية ليست في حساب الغالبية العظمى من المرشحين فانتخاب العلمانيين حرام مع ملاحظة ان كل العملية السياسية في البلد قائم على اسس من فصل السلطات ومدنية الدولة والانتخاب والتعدد والتنوع السياسي والايدولوجي والفكري وغيرها من المفاهيم (الليبرالية/العلمانية) العديدة التي ادخلت كمتغيرات لاول مرة في النسق السياسي العراقي منذ 2003 والتي شاركت القوى الاسلامية بحماس وجنت مكاسب كبيرة، كلها مفاهيم جاءت بها العلمانية وبالتالي ان عملية التحريم الذي يقصد به تسقيط التنوع الفكري داخل البرلمان يجب ان تعود لأصل الموضوع لا فروعه فكان الاولى تحريم الانتخابات لانها نتاج الليبرالية/العلمانية لا ان يحرم انتخاب العلمانيين كما يتم تداوله ولو اتفقنا مع طرح ادخال التحريم/الفتوى فمن الاولى الافتاء بتحريم انتخاب الفاسدين والطائفيين والتكفيريين ومن شاكلهم..

8- المرشحون/ات النكرات

 يلاحظ المراقب للشأن الانتخابي ان العديد من اسماء الشخصيات المترشحة بلا تاريخ وبلا مؤهلات سياسية ولا خبرة سياسية تم ترشحهم على قوائم السلطة وقوائم اخرى عديدة بغرض جمع الاصوات كما سبق الاشارة الى هذا الامر، مع عدم التعويل على فوزهم فهم (جامعون للأصوات) ليفوز الحرس القديم وصقور القوائم مع وعود ما بعد الفوز لهؤلاء، اما اذا فازوا فيسهل السيطرة عليهم من قبل رؤساء الكتل وصقورها، ان هذه الملاحظة عامة للكثير من القوائم، حيث نلاحظ فوضى في انتخاب مرشحيها، وحتى من يقوم بعملية الانتقاء يصاب بالإرباك والاحباط في احيان كثيرة ولا ننسى انه اختيار انساني مشوب بتجربة (الصواب والخطأ) لكن في احيان كثيرة نجد ان عملية اختيار وترشيح هؤلاء البسطاء مبرمجة لدى البعض فهم يصطادون فرائسهم بدقة متناهية ليكونوا جامعين للأصوات لا فاعلين في القرار البرلماني والسياسي وليبقى صقور القوائم هم المسيطرون، فهؤلاء الذين اسميهم بـ(بسطاء القوائم) لا صقورها لهم دور كبير في احداث الفوضى السياسية في العراق وتتلاعب بهم وسائل الاعلام بطريقة غريبة حتى اصبحوا كوصمة في العملية السياسية في العراق ما بعد 2003 حيث اضحوا مادة للحرج وحتى السخرية بسبب تصريحاتهم التي لاتمت للعمل السياسي ولا حتى لبعض قواعد السلوك والقول الاعتيادية، واذا ما حوصر احدهم تراه يتجه الى مربعات ضيقة الافق، وهؤلاء بحاجة الى دراسة مفصلة لانهم اربكوا المشهد السياسي العراقي ونقلوا ضيق افقهم الى الشارع والمجتمع، وفي لحظات ضعفهم يتخندقون خلف خطوطهم الطائفية والعشائرية والمناطقية مما يزيد من حالة التوتر والاختناق، ان اهم مؤشر لتعافي العملية السياسية هو مغادرة هؤلاء، اما بقائهم واعادة انتاجهم من قبل بعض القوائم فان الارتباك والفوضى وضعف الاداء الحكومي ستبقى هي الصفة الغالبة وبالتالي ان الخاسر الاكبر هو الناخب الذي صوت لهم والكتلة السياسية التي جاءت بهم.

9-ترشيح أسر المسؤولين واقاربهم:

 من الملاحظات الدالة التي تؤشر عليها الدعاية الانتخابية ومعاينة القوائم الانتخابية، هي الزيادة الكبيرة في اعداد مرشحي العوائل النووية والممتدة وحتى الاقارب من درجات متفاوتة في هذه القوائم وهو امر يحاكي زحف الاسر(اسر المسؤولين) نحو المناصب السياسية والهيمنة على مقدرات البلد في ازدياد كبير كما ونوعا، فلا تخلو قائمة من قوائم السلطة من اقارب المسؤولين (رعاة القائمة، صقورها)، وعملية زحفهم باتجاه المناصب والتي بدأت منذ 2004 اذ مرت بثلاث مراحل يمكننا تلخيصها بما يلي:-

أ-الاقارب كحماية المسؤول:- في هذه المرحلة ومع ارتفاع وتيرة العنف وفي ظل انعدام الثقة لجأ كل مسؤول وبرلماني الى جلب اقاربه ليكونوا في فوج حمايته ليشعر بالاطمئنان بين ايديهم وقد يكون ذلك مبررا في مرحلة ما لكنه يبدو تحول الى قاعدة تحكم الترشح الى الانتخابات.

ب-الاقارب كحواشي للمسؤول ويديرون مصالحهم في الخفاء:- وهي ظاهرة ترافقت مع سيطرة الاقارب على مكتب المسؤول وخاصة عند تسنمه لوزارة ما او ادارة محافظة او مسؤولية اكبر من ذلك، يبدأ الاقارب بالتسلل الى تلك الوزارة ومن ثم يبدؤون بنموهم السرطاني/الطفيلي داخلها. وكم شاهدنا من ابناء واخوة واقارب الكثير من المسؤولين الصالحين والذين شوهت صورهم بواسطة اقاربهم، وخلق ما يعرف بدوائر الهيمنة على المفاصل الرئيسية والحساسة مثل العقود والصفقات والتي تتم من خلالهم، وهنا المسؤول قد يعلم ويسكت فيكون شريكا او قد لا يعلم نتيجة ثقته العمياء بأقاربه، وهي ظاهرة ليست مقتصرة على العراق بل تمتد الى الكثير من دول العالم الثالث وانظمته السياسية والادارية وغيرها حيث تسيطر الاسرة على مقدرات الدولة.

ج- ترشح الاقارب للبرلمان:- وهي ظاهرة ترافقت مع نمو تسلل ووجود الاقارب والاتباع للمسؤولين السياسيين والاداريين والتي افزتها العمليات الانتخابية السابقة في الدورات البرلمانية وانتخابات مجالس المحافظات، حيث تم ترشح العديد منهم وهو ما تبينه الدعاية الانتخابية وقوائم الائتلافات والكيانات السياسية وحتى لو لم يفوزوا فان من حقهم بعد فوز القائمة ان يتسنموا المناصب لانهم (جمعوا الاصوات للقائمة) وبالتالي فعند تقاسم الكعكة لابد من مقاسمتها معهم فهم جزء من عملية الحصول عليها، وبالتالي سنجد ان هؤلاء سيجلبون افراد اخرين من الاسرة ويتم الاستحواذ على العملية السياسية للبلد والحياة السياسية للحزب/القائمة التي انتجتهم ولو استمر الحال هكذا لـ(5) دورات لاحقة فسنجد ما لايقل عن (10) اسر تتحكم بالعملية السياسية برمتها.

10-غياب لقانون الاحزاب وغياب للشفافية في مصادر التمويل مع مؤشرات واضحة ومحسوسة للفساد في هذا الاتجاه، ومن حقنا ان نتساءل لماذا لم يصدر قانون الاحزاب حتى الان؟ لماذا لا تفصح القوائم والائتلافات الانتخابية عن مصادر تمويلها،فحجم الدعاية الانتخابية ينذر بالخطر والمال السياسي واضح للمراقب والانسان البسيط،على حد سواء، من اين لكم هذا سادتي الافاضل؟

رابعا – خيارات الناخب المضطربة بين التقييم الخدماتي للبرلمان والحكومة والانتخاب الطائفي

اشرت هذه الورقة على ان هناك تذمرا وشكوى من قبل الناخب ويمكننا اثارة مجموعة تساؤلات بشان البديهية السابقة التي توصلنا لها من خبرتنا في هذا المجال، حيث ان اغلبية من الناخبين يشتكي ويبكي ويذم ويقدح بالحكومة والبرلمان لفترة 4 سنين واذا ما تم حسابها بلغة الارقام فهو يقيمهم سلبا طوال (1460) يوما وهو ما يعادل (35040) ساعة يعيشها بمرارتها وحلاوتها في الدورة الانتخابية ثم يعيد انتخابهم/انتاجهم في اليوم /الساعة الاخيرة للتصويت علما ان (300) منهم مرشحين للدورة القادمة اي بنسبة (92%) من اعضاء البرلمان الذي لم يستطع تمرير ميزانية المواطن العراقي يترشحون لينالوا تزكيته من جديد ليستمر البؤس في العراق.............. وهنا تبرز للباحث مجموعة تساؤلات منها:

 - لماذا نحن هكذا؟

- كيف يمكن تغيير المعادلة لتصبح الخدمات هي المعيار للانتخاب وللتقييم؟

- هل يمكننا أن نغير المعادلة فتصبح (نقيم خدماتيا وننتخب خدماتيا)؟

- من المسؤول عن وضع الناخب في هذه الزاوية الطائفية/العرقية؟ هل للقانون الانتخابي الذي اختارته ائتلافات السلطة دور بذلك؟

- كيف يمكننا ان نغير كل ذلك؟

 ان هذه الاسئلة وغيرها الكثير هي بالتأكيد لايمكن الاجابة عليها من خلال هذه الورقة – البحث – الاستشرافية لواقع الدعاية الانتخابية وما يتصل بها من مظاهر مختلفة تتعلق بالعملية السياسية في العراق بعد عام 2003. وربما احتوت على الكثير من النتائج التي قد يكون بها تجاوز لخطوط حمراء وصفراء وسوداء من مختلف الاتجاهات، ولكن انتمائي للحقيقة وفي مجال اختصاصي – البحث السوسيولوجي – هو ما دفعني باتجاه انجازها وعلي ان احتمل نتائج هذه الخطوط ايا كانت.

خامسا:-رؤى استشرافية

نستنتج من خلاصات النقاط التحليلية السابقة استشرافات كثيرة لما ستفضي اليه العملية الانتخابية في 30 نيسان (اخر يوم لكذبة نيسان التي ارجوا ان تكون هذه الرؤى الاستشرافية احداها) مايلي:-

1-ائتلافات السلطة الحالية ستبقى في البرلمان لعدم وجود الظروف الموضوعية للتغيير باتجاه الافضل حتى لو خسرت جزءا من مقاعدها البرلمانية، لكنها ستبقى نافذة وقوية وعليه فسيكون في الدورة القادمة استشرافات رؤى التغيير في الدورة المقبلة قليلة واتمنى ان اكون مخطئا.

2-التخندق الطائفي/القومي سيكون حاسما لصالح صقور السلطة في عملية التصويت.

3- لا مجال لحصول اغلبية برلمانية في ظل هذا التخندق الطائفي /القومي، لذا فاننا باتجاه حكومة الشراكة الوطنية (تقاسم الكعكة) مما ينبىء بعسر في ولادتها وقد تستمر لفترة ليست بالقصيرة كما حصل سابقا. وقد تشهد عمليات واتفاقات جديدة ولكن ليس بالضرورة على غرار ما جرى سابقا اتفاق اربيل فهذا الاتفاق لن يتكرر مرة اخرى بصيغته التي تم اقرارها في 2010.

4- صعوبة اعادة تجميع اركان التحالفات السابقة وكما يلي:-

ا-التحالف الوطني الشيعي بمحاوره الثلاثة الكبار:-

بسبب تداعيات الخلافات الحادة الكثيرة بين مكونات هذا الائتلاف، فلن يعاد تجميع الائتلاف مرة اخرى بصيغته القديمة، وقد نشهد ولادة ائتلاف اخر بديل طبقا لنتائج كل قائمة وكيان. والأقرب لهذه الصيغة طبقا لبعض المؤشرات الاولية من خلال قراءة وتحليل التصريحات المتداولة هما قائمة المواطن (المجلس الاسلامي الاعلى) والاحرار (والقوائم الاخرى المتفرعة من التيار الصدري) مع امكانية انضمام كتل اصغر من بقية الكيانات الاقرب الى خطاب وتكوين كلا القائمتين. تقابله كتلة اخرى هي دولة القانون مع امكانية انضمام اطراف صغيرة فائزة وهي من رحم هذا الائتلاف كما مر ذكره سابقا مع ملاحظة ان عدد مقاعد هذا التحالف (التحالف الوطني) وفي ضوء زيادة مقاعد البرلمان لن تتأثر كثيرا.

وتظل عملية النتائج هي الحاسمة في كل هذا النقاش في مدى وكبر او صغر حجم هذا التقابل الثنائي وما يمكن ان يلعبه في الاصطفافات البرلمانية القادمة وطريقة وشكل تشكيل الحكومة والمناصب الرئاسية والبرلمانية بعد الانتخابات.

 ب-ائتلاف العراقية:- الذي انقسم بدوره الى ثلاث قوائم كبيرة لكل واحدة منها قوتها في محافظة من المحافظات التي تمثلها جغرافيا على الاقل، فعملية تجميعه مرة اخرى ستكون صعبة ايضا، علما ان اقتراب احد هذه الاركان الثلاثة من احد ائتلافات التحالف الوطني ستكون اسهل من التقائهم من جديد، اما فرص اتفاقهم فستكون مرهونة بقضيتين اولاها ان تكون رئاسة الوزراء من نصيبهم وثانيها (اذا لم تتحقق الاولى) فهو باتجاه تشكيل اقليم لمكونهم، فهذان الخياران سيوحدانهم من جديد اما ائتلافهم مع الاخرين فلن يكون بصالح ائتلافهم من جديد بل سيباعدهم اكثر.

ج- التحالف الكوردستاني:- لاتعد الانتخابات البرلمانية للعراق هي الورقة الاساس في توحده في الفترة اللاحقة، بل سيكون لتشكيل حكومة الاقليم الدور الفاعل بهذا الاتجاه، كما ان بروز قوة التغيير في مقابل التحالف الكوردستاني ينبئ بعدم حصول اجماع كردي لما بعد الانتخابات، خاصة في ظل عدم تشكل حكومة الاقليم التي ستلقي تبعاتها على هذا التحالف، ان البراغماتية الكبيرة وطبيعة مصالح الاقليم ستكون لها الغلبة بالنسبة لهم في ائتلافهم مع الاخرين وخياراتهم مفتوحة ولايوجد لديهم تحفظات كثيرة على من يأتلفون معه، لكنهم قد يعترضون على شخص رئيس الوزراء الحالي، لكن في النهاية سيتحدد الامر طبقا لمصالح الاقليم التي يسير بموجبها هذا التحالف، مع الاخذ بعين الاعتبار نتائج الانتخابات وما يمكن ان تسفر عنه وطبيعة حصة كل طرف (التحالف الكردستاني من جهة مقابل كتلة التغيير والاسلاميين الكورد من جهة اخرى) اما ما سينغص كل حساباتهم فهو في حالة حصول كتلة التغيير على نصف او اكثر من نصف مقاعد الاقليم في برلمان العراق وهو ليس بمستبعد في ظل نمو قوة التغيير في كل دورة جديدة سواء في البرلمان(العراقي او الاقليم). مع بوادر لظهور أقليم جديد في العراق وتهديدات كردية لاغراض الدعاية الانتخابية بالانفصال، قد تصبح واقعا اذا ما اعلن اكراد سوريا انفصالهم عن الدولة السوريا وانتقالهم من الادارة المستقلة/الذاتية الحالية الى الائتلاف/الاتحاد مع اقليم كوردستان العراق.

5- دور الكتل الاخرى ووجودها:

في ضوء القراءة في المشهد الانتخابي وانعكاساته الاجتماعية يمكن ان تحصل اختراقات ومفاجئات، لكنها لن تكون حاسمة وهنا يمكن التأشير الى ان التحالف المدني الديمقراطي وبعض الكتل الصغيرة وايضا ربما انسلاخات من هنا وهناك بعد ظهور وفرز النتائج قد تلعب ادوارا ما في تكوين التحالفات القادمة لكنها لن تكون ادوارا كبيرة والامر في النهاية مرهون بطبيعة ونتائج الانتخابات.

6-حكومة مقبلة اضعف من الحالية مع بوادر لظهور أقليم جديد في العراق.

سادسا:- مؤشرات التغيير الايجابي في العملية السياسية في العراق

من حقنا ان نغمض اعيننا ونحلم ولأحلامي كباحث أضع مجموعة مؤشرات يمكنني ان استدل بها على تعافي العملية السياسية وليكن الجانب المتفائل والمشرق من هذه الورقة وهي ما يلي:-

 1-ان تفوز المرأة بلا كوتا نسوية وبلا محاصصة وتتجاوز حاجز الـ(25%) الذي اقره القانون الانتخابي لها.

2-ان ينتخب الرجل المرأة، بل ان تنتخب المرأة المرأة، فالنساء في سن الانتخاب يساوين عدد الرجال ان لم يزدن عليه، ومشكلتهن في بنات جنسهن، فالمرأة لا تثق بالمرأة، لذا يذهب صوتها للرجل، واذا ما حصل العكس وشعرت المراة ان اختها هي الاصلح، فبالتأكيد سيكون هذا احد المؤشرات المهمة باتجاه التقدم والنمو في العملية السياسية والاجتماعية.

3-التوجه نحو الفكر الايديولوجي الحقيقي في مقابل وجود منافس/معارض قوي ديني مع تنوع من نوع اخر، ان الكتل ذات النزعات المدنية/المجتمعية ستكون ذات فعالية كبيرة في مثل هكذا تنوع فكري ايديولوجي، ولا ننسى ان مثل هكذا تركيبة ستذيب الحمق الطائفي الذي يسود الساحة السياسية في العراق اليوم.

4-عندما تتجه الاقلية لانتخاب الاكثرية او بالعكس فعملية التفاوض السياسي للأقلية ستكون اقوى اذا ما باعت اصواتها للأكثرية مقابل أثمان تحددها مسبقا، ولا اقصد هنا الاثمان المادية بل احتياجاتها في المناطق التي تسكن فيها فاذا ما كانت هناك اقلية يشكل عدد افرادها البالغين (5000) شخص في محافظة ما فإنها اذا ما دعمت قائمة كبيرة وقوية بأصواتها مع مفاوضات باتجاه تحقيق مكاسب تشريعية /ثقافية ستكون اجدى من فوز اثنين من مرشحيها لا صوت لهم في البرلمان،كما ان عملية دخول ابناء الاقليات في القوائم الكبيرة بدون ذوبانهم هو احد مؤشرات التغيير الايجابي.

5-ان يكون احد الثلاثة الكبار (رئيس البرلمان او رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء) من ابناء الاقليات، فمثل هكذا شخص ستتحكم المعادلة الخدماتية وتقييمه يتم من خلالها بعكس من يكون من المكونات الكبيرة اذ يكون مؤشر تقييمه هو الولاء والانتماء والدفاع عن الطائفة والمذهب والعرق......

6-الانتخاب على اساس الاداء الخدماتي لأركان السلطة (التشريعية والتنفيذية) لا الاساس الطائفي/العرقي.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 26/نيسان/2014 - 24/جمادي الآخر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م