مصاب الزهراء عليها السلام والمنبر الحسيني

خضير العواد

 

لم ولن تشهد البشرية قاطبةً منذ أن خلق الله آدم عليه السلام الى قيام الساعة ثورة كالثورة الفاطمية التي غرست مشاعل الهداية في أرض المدينة وعلى سطور كتب التاريخ والسيرة، هذه الثورة التي أظهرت وأثبتت عدم مشروعية كل من تقمص الخلافة بأدلة لا يمكن لأي إنسان دحضها أو تغافلها.

 هذه الثورة التي قادتها سيدة نساء العالمين وحيدة فريدة أمام عتاة العرب لتصحح الإنحراف الكبير والخطير الذي إبتدأوه في سقيفة بني ساعدة عن الإسلام الحق قال الله سبحانه وتعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)، فأخرستهم وأذهلتهم وجعلتهم في حيرة من أمرهم لما تملك من مقام قدسي عظيم الشأن كل ما يظهره هذا المقام من مواقف يرتبط مباشرة بالساحة القدسية الإلهية قال رسول الله (صلى الله عليه وأله وسلم) (أن ألله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضا فاطمة) بالإضافة الى الأدلة القرأنية الواضحة الجليلة التي أثبتت بها عدم مشروعية حكمهم.

 فبالرغم مما تملكه الصديقة الكبرى(ع) من مقامات عظيمة وآدلة نورانية واضحة ولكن الأمة وفي مقدمتها من تسلط على الحكم تغافل عن كل هذا بل تناساه، فقامت الزهراء عليها السلام بتقديم كل ما تملك من أجل تصحيح الإنحراف وإرجاع الأمة الى طريق الله القويم وهو ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، فضحت بالمحسن عليه السلام الذي سقط خلال مواجهة القوم الذين يريدون الإعتداء على ساحة الولاية المقدسة بل أعطت ضلوعها رخيصة من أجل قيام الولاية.

 وعندما شاهدت الأمة في سبات عميق حاولت إيقاظها بصوت بكاءها الحزين وحتى هذا البكاء أرتعدت السلطات منه خوفاً وفزعاً لما يمثل من تهديد ونذير لهم، فنفوها الى خارج المدينة وبعيداً عن الناس ولكنها سلام الله عليها لم تترك وسيلة إلا واستعملتها من أجل إظهار ولاية أمير المؤمنين عليه السلم حتى تشييعها أرادته أن يكون سراً لا علناً وقبرها مخفيا ويصبح مكانه سراً من أسرار الكون؟؟؟

 لتجعل من هذه التساؤلات علامات إستفهام في جبين الأمة تسحبها الى الساحة المقدسة للولاية وهو طريق الله القويم الذي أختاره الله لعباده، فتخليد هذه الذكرى الأليمة للثورة الفاطمية والمصاب الجلل لسيدة نساء العالمين عليها السلام من أهم العوامل التي دعمت إستمرار بقاء الرسالة المحمدية السمحاء في قلوب المؤمنين، فقيام الموالين بتعظيم الفاطميات في كل عام شيء عظيم لإظهار المظلومية الكبرى في الإسلام وتناول المنبر الحسيني لهذه المظلومية خلال أيام الفاطمية شيء مهم لتذكير الأمة بهذا الإعتداء الآثم على بيت الوحي وقتل الصديقة الكبرى عليها السلام الذي قال في حقها سيد الكائنات (فاطمة أم أبيها) وبهذا المصاب الجلل الذي أحزن قلب الرسول (ص) وأغضب العلي القدير.

 والأكثر أهمية عندما يتم ربط هذه المصيبة العظيمة بالولاية الكبرى، لأن ذكر المصاب بدون ربطه بالولاية الكبرى يعني تفريغ الثورة الفاطمية من أهدافها وغاياتها التي قامت من أجلها سيدة النساء عليها السلام وهي ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، لأن كل حركة وكلمة وموقف قامت به الصديقة الكبرى كانت من أجل الولاية وهي دين الله القويم الذي لا عوجاج فيه، فاستغلال أيام الفاطميات في توضيح هذا الأمر المهم (الولاية) من أهم الأهداف التي واجهت السيدة فاطمة عليها السلام من أجلها السلطة، حتى نحيي الفاطميات بالطريقة الفاطمية الحقة التي أرادت أن تبطل مشروعية كل من تقمص الخلافة و توقظ الأمة من الإنحراف الكبير عن طريق الله القويم من خلال إبعاد ولي الله الأكبر الإمام علي عليه السلام عن ولايته وخلافته التي نصبه الله بها.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 5/نيسان/2014 - 3/جمادي الآخر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م