فورومولا الدم لتغييب مطالبات شعب البحرين

 

شبكة النبأ: مرة أخرى يحاول النظام الحاكم في المنامة الاستفادة من مناسبة رياضية عالمية لحجب اصوات الاحتجاج العالية من شوارع البحرين والمطالبة بالحقوق الأساسية المضيعة، بالمقابل تكثف الجماهير الغاضبة حضورها في الشارع لتؤكد للرأي العام العالمي أن ما يسمى "الربيع العربي" الذي وقفت خلفه العواصم الغربية وأطاح بعدة رؤوس ديكتاتورية، ما يزال متوقفاً عند رؤوس العائلة الحاكمة في البحرين.

عنف يبحث عن ردود عنيفة

تظاهرات سلمية ينظمها جمعٌ من الاهالي في من وسط العاصمة المنامة و"البلاد القديم" و"الدير" و"الديه" وغيرها من البلدات، يتقدمها آباء الشهداء، والشعارات هي تطالب بالافراج عن قادتهم المعتقلين والنشطاء ومعتقلي الرأي، كما تطالب بإلغاء البرنامج الرياضي السنوي التي ترعاه الحكومة لسباق السيارات تحت عنوان "فورومولا1". فما كان ردّ فعل النظام..؟.

انتشار مكثف لقوات "الامن" في المدن والمناطق المنتفضة، واستخدام الغاز السام واطلاق وتكرار استخدام البنادق المحرمة المعروفة باسم "الشوزن"، وهي عبارة عن خرطوش، يطلق شظايا واسعة الانتشار تصيب عدداً غير محدود من البشر في الشارع.

وفيما تسخّر الحكومة كل الامكانات الخدمية والاعلامية وحتى السياسية، وإنفاق ملايين الدولارات، لإظهار البحرين، بقعة هادئة في الخليج وجديرة بإقامة بطولة رياضية عالمية، نجد "المحكمة الكبرى" لا تجد غضاضة من الحكم بالسجن لمدة (10) سنوات على المصور العالمي، أحمد حميدان بعد عام كامل من الاعتقال، لمجرد حضوره بالقرب من مركز شرطة بمدينة سترة، العام الماضي خلال تعرضه للاقتحام والحرق، وربما أغاض السلطات الحاكمة حضوره والتقاطه صوراً توثق الحادث.

المراقبون والمتابعون للوضع في البحرين، يؤكدون على أن ثمة ذكاءً من قبل المعنيين بالحراك الجماهيري، بعدم الانجرار وراء استفزازات السلطة، ومواصلة الفعاليات السياسية – الاعلامية التي تفضح للرأي العام العالمي حقيقة النظام، وابرز هذه الفعاليات توثيق العلاقة بين المعتقلين السياسيين وبين الشارع العام، لاسيما اذا عرفنا ان عدداً من قادة الانتفاضة ما يزالون خلف القضبان، يتقدمهم سماحة الشيخ محمد علي المحفوظ الامين العام لجمعية العمل الاسلامي.

وفي الآونة الاخيرة صدر بيان من معتقلو الرأي في سجن "الحوض الجاف"، يعلنون فيه عن البرنامج التضامني، "صرخة السجون" لنشر مظلومية سجناء الرأي "وإبقاء قضية ضحايا التعذيب حية". وحسب المصادر، فان هذا يأتي تزامناً مع إقتراب الذكرى التي وصفها بـ بـ"المأساوي والذي يحمل ذكريات سوداء"، في شهر نيسان الجاري، بسقوط اربعة من شهداء الرأي وهم؛ حسن جاسم الفردان، وعلي صقر، وزكريا العشيري، وعبدالكريم فخراوي، وذلك جراء التعذيب على أيدي ضباط التحقيق في سجون البحرين.

وجاء في البيان: "تحل على ذاكرة الشعب البحريني صورة من الصور المأساوية، حينما تعود الذاكرة للوراء قليلاً لفترة ما عرف بقانون الطوارئ الذي شهدته البلاد، حيث الجنون الذي بلغته السلطة وراحت تعبث فساداً لم يسبق له مثيل"، مشيراً إلى أن واحدة من صور المأساة تلك المشاهد المؤلمة لجثث معتقلي الرأي والضمير التي راحت ضحية التعذيب والقهر والتنكيل في سجون السلطة".

المعارضة والخيارات المطروحة

بعض قوى المعارضة السياسية التي تتمتع بفسحة من الحرية في البحرين وتمارس نشاطها السياسي، تحاول من جهة، التعبير عن مشاعر وإرادة الاكثرية المطالبة بحقوقها المشروعة، والظهور على أنها الممثل عن تلك الشريحة الواسعة في المجتمع البحريني، أمام السلطة الحاكمة وأمام العواصم الدولية المعنية، ومن جهة اخرى تحاول تقويم الحراك الجماهيري وضبطه في مسار سياسي – سلمي يواكب التطورات الاقليمية والدولية، ويجعل المطالب في مستوى قابل للتحقيق، في مقدمتها "الملكية الدستورية"، في حين كانت الجماهير البحرينية تطالب بتغيير شامل وجذري للنظام السياسي القائم، والإطاحة بالنظام الديكتاتوري وعلى رأسه "الملك حمد".

وفي تجمع سياسي خاص لعدد من قوى المعارضة عقد في المنامة مؤخراً، أعادت التأكيد على مبادئها برفض "الحلول الأمنية للأزمة التي تمر بها البحرين منذ العام 2011، ومشددة في الوقت نفسه على تمسكها بالسلمية في الحراك الشعبي ونبذ العنف والتطرف من جميع الأطراف". وجاء في مداخلات بعض السياسيين ضرورة "التمسك بالسلمية والابتعاد عن ردات الفعل العنيف على عنف السلطة، حتى لا تختلط الأوراق، ولا يلتبس المشهد على المراقب الإقليمي والدولي، وحتى لا نستنزف طاقتنا الشبابية ولا نكلفها ومن خلفها الشعب بكلفة لا تعود بالفائدة على الحراك".

هذا النمط من الخطاب السياسي يأتي مع علم القوى السياسية المجتمعة، بان النظام العائلي الحاكم، لم يرفع خطوة واحدة منذ اندلاع الانتفاضة الجماهيرية في اذار عام 2011، وحتى الآن، نحو التغيير الحقيقي وتلبية مطالب الاكثرية المضطهدة. فقد اثبتت الدلائل على القمع الوحشي في الشارع وفي أقبية السجون جاء رداً على التظاهرات السلمية في الشوارع، ولم تفلح السلطات من إلصاق تهمة موثقة بوجود أي اثر لـ "الارهاب" في الحراك الجماهيري بالبحرين.

أما عن الحلول السياسية التي يفترض ان تكون بدلاً عن الحلول الامنية، فان الحكومة رفعت الخطوة الاولى باتجاه الحوار مع نفسها، وليس مع المعارضة التي تمثل الشارع، فهي اعلنت انها تحاور جماعات واشخاص لا علاقة لهم بالتغيير والاصلاح، بينما يقبع قادة الانتفاضة والحراك في السجون، فكان الاجدر بها أن تطلق سراح جميع المعتقلين السياسيين دون استثناء، لتكون نقطة البداية لحوار سياسية حقيقي، ربما يفضي الى حل للازمة في البلاد.

هذا الموقف الحكومي جعل المعارضة السياسية خارج السجن، في موقف محرج، إذ لا تتمكن من مجارات ردود الفعل الغاضبة والطبيعية للشباب الثائر على اساليب القمع الدموية سواءً في الشارع أو خلال فترة الاعتقال، حتى جعل هذا الخطاب السياسي المعارض يدور فيما يشبه الحلقة المفرغة، كما جاء على لسان احد رموز المعارضة بأنه "إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه ولم نصل إلى توافق واضح على صيغة دستورية تحقق الإصلاح الحقيقي والجاد الذي يستجيب لتطلعات شعبنا ومطالبه العادلة، فإن الخيار الوحيد أمام المعارضة هو الاستمرار في المطالبة بالتحول الديمقراطي الحقيقي والجاد، عبر ما بدأناه من حراك شعبي في 14 فبراير/ شباط 2011".!.

من هنا؛ يرى بعض المراقبين أن السلطات الحاكمة، تسعى للإبقاء على الوضع القائم، متمثلاً بتحييد المعارضة السياسية خارج السجن، وتقييد المعارضة الأخرى داخل السجن، استعداداً لموعد الانتخابات البرلمانية في التاسع والعشرين من شهر نيسان الجاري، وتجريد المعارضة والشعب من أي فرصة او مبادرة للتغيير في البلاد، يساعدها في ذلك الدعم السعودي اقليمياً والصمت الغربي – الامريكي دولياً.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 31/آذار/2014 - 28/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م