الذهب الأخضر

زاهر الزبيدي

 

ليست ببعيدة قيمته الحقيقية عن الذهب الأسود او الذهب الأصفر حتى.. إنها الزراعة في العراق، ففي الوقت الذي تخصص به سنوياً ما يقارب الـ 5 ترليون دينار لتلبية متطلبات الحصة التموينية ومع تعاقب وجود تهديدات الأمن الغذائي العالم نرى أننا اليوم أمام مهمة وطنية كبيرة تتمحور في تطوير قابلياتنا في إنتاج الذهب.. الأخضر.

ومع إنطلاقة الأسبوع الزراعي على أرض معرض بغداد الدولي نرى أن فرصاً بالتفاؤل كثيرة تلوح في الأفق لتطوير واقعنا الزراعي ومع وجود المبادرة الزراعية التي أطلقت في سنوات سابقة ونتابع إنجازاتها مع موقع وزارة الزراعة العراقية؛ علينا أن نحث الخطى نحو إكتفاء كامل من المنتوجات الزراعية تحتمه علينا الضرورات الوطنية المصيرية التي تواجه حياة أبناء شعبنا فلا شيء أروع أن تزرع ما تأكله وأن توفر الحكومة مبالغ هائلة تنفق يومياً لإستيراد آلاف الأطنان من المنتجات الزراعية التي أضحى العراق معها من أهم أسواق دول الجوار ومثلت بذلك مبالغ كبيرة في حجم التبادل التجاري مع دول الجوار..

يقول الله تعالى: " وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ".. وأرض العراق، أرض السواد، لم تكن في يوم من الأيام أرضاً نكدا بل كان على الدوام أرض طيبة معطاءة إذا ما أحسن إستخدامها وإستصلاحها وتوفير متطلبات الزراعة فيها كذلك فإن إستخدام أفضل طرق السقي يعتبر أمراً مهماً في توفير المياه لمواسم الزراعة المختلفة.

نحن بحاجة اليوم لمؤتمر وطني موسع تقيمه الحكومة برئاسة دولة رئيس الوزراء وبحضور خبراء من وزارة الزراعة وفلاحين وخبراء من أكثر الدول العالمية تقدماً في مجال الزراعة والموارد المائية ليتم متناقشة الواقع الزراعي الحالي ووضع الخطط المستقبلية للوصول الى الإكتفاء الذاتي ومنها للتصدير للحصول على موارد إدامة الزراعة، على أقل تقدير، ليستمر هذا المؤتمر بالعمل حتى إنجاز الخطط ومتابعة تنفيذها ومراقبة أبواب الإنفاق عليها ومدى تناسب ذلك مع نسب الإنخفاض في التخصيصات اللازمة لتوفير البطاقة التموينية.

ولكون الموازنة الإتحادية لعام 2014 لم يتم إقرارها حتى اللحظة ونحن نقارب على الإنتهاء من الفصل الأول من العام ذاته؛ فلا تتوفر لدينا عن نسبة التخفيض في تلك المخصصات فيها عن عام 2013 وإذا لم نتحصل على التخفيض فما فائدة المبادرة الزراعية وماذا فعلت وزارة الزراعة خلال العام في توفير الغلة الزراعية المناسبة للخطة التموينية وماذا فعلت وزارة الصناعة في ذلك أيضاً.

المبادرة الزراعية قامت حتى اللحظة بمنح قروض بقيمة 1.75 ترليون دينار كقروض للفلاحين والمزارعين دون فوائد عبر صناديقها ومنذ عام 2008 كما قامت بتوزيع 2000 منظمة ري حديثة تم إستيرادها من مناشيء عالمية وبأسعار مدعومة تصل الى 50% من كلفة إستيرادها ومن المفترض أن يتحقق الإكتفاء الزراعي للعراق في عام 2018، نهاية السقف الزمني لبلوغ مرحلة الإكتفاء الذاتي، فما الذي تحقق حتى اليوم وما نسبة الإنجاز من حلم الإكتفاء؟ ونحن نرى أن أغلب المشاريع المبادرة قد نفذت بنسبة إنجاز 100% بإستثناء بعضها والتي أنجزت أيضاً وبنسب متقدمة.

يقاتل العالم من اجل إستصلاح أراضيه المحدودة جداً للزراعة ويبدع في إيجاد المنتوجات وتحسين نوعيتها ويقيم الأبحاث والدراسات المستمرة للإرتقاء بالنوعية والكمية وكما يحدث في الصناعة من تطوير في المنتجات.. فما الذي يحدث في العراق اليوم ونحن نغرق أسواقنا بالعديد من المنتجات التي من الممكن، مع كل هذا العطاء من المبادرة، أن يتم إنتاجها في العراق إذاما توفرت مراكز البحوث الزراعية التطويرية الحديثة والإستعانة بالخبرات والكفاءات الأجنبية في المجال والتي يجب أن تقدم لها كل الإمكانات من قبل المسؤولين عن تلك المبادرة لكون البحوث العلمية هي المرتكز الأساس في تطوير المبادرة وديمومتها وسرعة الوصول الى الهدف الذي أنشئت من أجله.

علينا بالذهب الأخضر لأن الذهب الأسود مصيره الى النفاذ وليس لنا إلا تلك الأرض سنعود اليها يوما نبحث عن قوت يومنا.. عسى أن نجده قبل يزحف التصحر عليها وتقتلها الرمال.. حفظ الله العراق.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 27/آذار/2014 - 24/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م