قيم التخلف: (شيْفيد) ما الفائدة؟؟.

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: لابد أن نشير الى أن ثلاثية قيم التخلف المترابطة: (شعْليّه/ شَسَوّي/ شيْفيد)، تبدو متماسكة مع بعضها مثل السلسلة الحديدية، حلقة تقود الى أخرى، ترتبط بها وتسندها أيضا، فنجد أن الظواهر أو الحالات الثلاث تتحد مع بعضها، لتصنع قيمة متخلفة، تسود المجتمع العراقي، مفادها وهدفها، صنع حالة من اليأس، والركون الى العجز والفشل التام، وعدم بذل المزيد من الجهد والمحاولات العملية المخطط لها، لتطوير الذات، والمهارات الفردية والجمعية، من اجل الوصول الى تأسيس، وبناء وتطوير منظومة فكر وسلوك متطورة، يتبناها المجتمع عن وعي وإيمان وثقة وقناعة تامة.

لكن الامر كما هو واضح، يحتاج الى جهد كبير مدروس و منظَّم، لا يكتفي بجهد فردي، أو حتى بجهود مجموعة أفرد، بل ينبغي أن يكون عملا جماعيا، ذا سمات قوية متماسكة، يسندها جهد حكومي منظماتي كبير ومتواصل، فالقضاء على القيم المتخلفة، وترسيخ القيم البديلة لها، يعد من أصعب الاهداف التي تسعى إليها الدول والمجتمعات، وقد بذلت الدول التي تتربع الان على قمة التقدم، والتطور والاستقرار، الجهود الاستثنائية والكبيرة المتواصلة، حتى تصل الى ما وصلت إليه الآن، من نتائج باهرة في مجال صناعة القيم وترسيخها، وتحقيق الانتاج الامثل على المستويين المادي والفكري، و المعنوي أيضا.

أما نحن العراقيين، فعندما نريد أن نقضي على هذه القيمة المتخلفة المترابطة مع بعضها، كالسلسلة الحديدية ((شعْليّه/ شَسَوّي/ شيْفيد)، فلابد أن نقدم الفكر والجهد العملي، بما يكفي للحل، لكي نتفوق على النتائج السلبية الخطيرة التي تفرزها هذه الثلاثية الكأداء، فهي في الحقيقة بمثابة مشكلة كبيرة وخطيرة، تنتشر في سلوك العراقيين وأفكارهم، إذ تشيع حالة التهرّب من المسؤولية في القيمة المتخلفة الاولى (شعليه)، ثم تنتشر قيمة اليأس حينما يردد الجميع بيأس واضح (شَسَوي؟) أي ماذا أفعل ليس في يدي حيلة!، ثم يطلق الانسان العراقي قولتهُ التبريرية الواهية، عندما يردد ويقول لنفسه وللآخرين: (شيفيد؟)، محاولا بذلك أن يبرر يأسه، وتهربه من مسؤولية التصدي للبناء والتطور، كما تفعل شعوب الارض المحترمة، فيعلن تمسكه بالقيمة المتخلفة التي تبرر له يأسه، وتخليه عن شرف المحاولة!.

وحينما نبحث في سلوكيات وافكار المجتمعات المتطورة، فإننا لا نجد لمثل هذه القيم المتخلفة، وجودا، أو تأثيرا فيها، لأنها تعي خطورة، ظاهرة التهرّب من المسؤولية في معالجة الاخطاء وهي صغيرة او في بدايتها، حتى يسهل القضاء عليها، كذلك تعي تلك الشعوب خطورة اشاعة روح اليأس، وفقدان الارادة على الانجاز، والتفاعل لدى الانسان، إنها مشكلة حقيقية تقضي على كل ما يتمتع به الانسان من مواهب، وطاقات وقدرات، فتحارب المجتمعات المتطورة حالة اليأس، وهي في مهدها، لذلك لا نجد بينهم انسانا يقول (شّسّوي؟ أي ماذا أفعل؟)، يرددها بعجز تام، وكأنه مسلوب الارادة تماما، كذلك لا يوجد في تلك الشعوب المتطورة، حضورا لمنطق التبرير، أو الاسلوب الذرائعي التبريري، الذي يلجأ إليه الافراد والجماعات التي تعتمد قيم التخلف، فتستميت من أجل أن تبرر افعالها، وافكارها وآرائها المتخلفة، القائمة على النكوص والتردد.

أما سبل المعالجة، فيما لو أرادت وقررت الجهات المعنية، إطلاق مبادرة للقضاء على قيم التخلف، فهي تكمن أولا بتوافر الارادة الشاملة، لتحقيق هذا الهدف من خلال اتفاق المعنيين، على اطلاق مشروع ثقافي تربوي مجتمعي، يهدف الى اطلاق مشروع النهوض بقيم التقدم، ومقارعة قيم التخلف، فيتم تكوين اللجان المتخصصة بذلك، كي تضع الخطوات الفكرية والتربوية والعملية لمشاريع دائمة الحضور، تمتد لتشمل مكونات وفئات المجتمع كافة، من خلال عمل منظّم ومبرمج، مدعوم بخطوات إجرائية، وتخطيط وتمويل حكومي متواصل له، عند ذاك سوف نقطف ثمار ما نخطط له، وسوف يستمر القطاف مثمرا، متواصلا مع تواصل الجهود الجماعية الرسمية والاهلية، لمكافحة قيم التخلف بلا هوادة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 26/آذار/2014 - 23/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م