حرب على المياه... تحولها الى مستنقع للأزمات

 

شبكة النبأ: يواجه العالم في ظل الخلافات والمتغيرات الدولية المتسارعة العديد من التحديات والأزمات المستقبلية، المتعلقة بالكثير من القضايا المهمة والأساسية على المستوى الإستراتجية وفي المجالات كافة، ومنها قضية "المياه" هذا المورد الثمين، الذي قد يكون سببا مهما في تأجيج الصراعات والأزمات والحروب بين الكثير من الدول لأجل السيطرة على "الماء" الذي يعتبر عنصراً حيوياً لجميع المجتمعات، خصوصا مع تراجع إمدادات المياه التي تأثرت كثيرا في السنوات الأخيرة، ولأسباب متعددة منها المتغيرات المناخية والنمو الكبير للحاجات المتولدة عن تزايد السكان الكبير والتوسع العمراني الذي أدى الى إحداث تغييرات خطيرة في مدى توافر المياه على المستوى العالمي كما يقول بعض الخبراء.

وفي ظل أزمة المياه يبقى العالم بحاجة إلى تعاملات جديدة مع المياه، إذ تتحمل البلدان الصناعية جزءا من المسؤولية في هذه الازمة العالمية وذلك بسبب عادات الاستهلاك السلبية المتبعة فيها. لذلك ينصح الخبراء بهذا الشأن بسن الكثير من القوانين والتشريعات الحازمة للمحاولة في الحد من تلوث المياه، الى جانب بناء الحكومات محطات لتنقية المياه ومعالجتها من المخلفات والنفايات، كذلك وضع حد أعلى لتركيز الملوثات في المياه ليضمن حد أدنى لسلامتها. كل هذا الى جانب التوعية في وسائل الإعلام المختلفة وشبكة المعلومات الدولية ودور العبادة من أجل الحفاظ على المياه العذبة كي تلبي الحاجة الانسانية.

وبحسب بعض التوقعات فأن الكثير من الدول وفي ظل غياب الخطط الكفيلة بمعالجة هذه المشكلة، ربما ستشهد في السنوات القلية القادمة أزمة مياه حقيقية، حيث تشير توقعات الخبراء الى ان الطلب العالمي على المياه سيرتفع من 4500 مليار متر مكعب في الوقت الحاضر الى 6900 مليار متر مكعب في العام 2030.  وتوقعوا أيضا ان "يعيش ثلث السكان الذين يتجمعون في البلدان النامية في أحواض يتجاوز العجز فيها 50%".

وفي هذا الشأن فقد قالت الامم المتحدة في تقرير إن تزايد الطلب على الطاقة ابتداء من الوقود الحيوى إلى الغاز الصخري يمثل تهديدا لإمدادات المياه النقية التي تواجه ضغوطا بالفعل بسبب التغير المناخي. وحثت الأمم المتحدة شركات الطاقة على بذل المزيد للحد من استخدام المياه في كل شيء ابتداء من تبريد محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم إلى ري المحاصيل التي تزرع لانتاج الوقود الحيوي.

وقالت وكالات الأمم المتحدة في تقرير تنمية مياه العالم إن "الطلب على الطاقة والمياه النقية سيزيد بشكل كبير خلال العقود المقبلة. "هذه الزيادة ستمثل تحديات كبيرة وتضغط على الموارد في كل المناطق تقريبا." وقال التقرير إنه بحلول عام 2030 سيحتاج العالم إلى زيادة في المياه بنسبة 40 في المئة وفي الطاقة بنسبة 50 في المئة بالمقارنة مع الوضع الحالي. وتواجه المياه ضغوطا من عوامل مثل زيادة عدد السكان والتلوث والجفاف والفيضانات وموجات الحر المرتبطة بإرتفاع درجة حرارة الارض.

وأضاف التقرير إن نحو 770 مليون نسمة من سكان العالم البالغ عددهم سبعة تريليونات نسمة لا يستطيعون الآن الحصول على مياه شرب آمنة. وقال إن قطاع الطاقة يسهم بنحو 15 في المئة من سحب المياه من مصادر مثل الأنهار والبحيرات والمياه الجوفية. وقالت إيرينا بوكوفا المدير العام لمنظمة التربية والعلم والثقافة (اليونسكو) إن "هذا الترابط يدعو الى تحسين التعاون بشكل واسع" بين الماء والطاقة. بحسب رويترز.

وقال التقرير إن كل إنتاج الطاقة يستخدم الماء وغالبا كمبرد. وتستخدم أقل كمية من المياه في توليد الكهرباء من الرياح أو الشمس في حين أكثر العمليات استهلاكا للماء التكسير الهيدروليكي لإنتاج الغاز الصخري أو إستخراج النفط من الرمال الزيتية . وأضاف إن سدود توليد الطاقة الكهربائية من المياه تشيد أحيانا دون تفكير يذكر في مستخدمي الماء الآخرين. وحث التقرير على توخي الحذر بشأن الوقود الحيوي وذلك إلى حد ما بسبب الماء المستخدم في الري. وإنتقد التقرير انعدام نفوذ قطاع المياه بالمقارنة مع ماوصفه "بالنفوذ السياسي الكبير" للطاقة.

السد الإثيوبي

في السياق ذاته تمضي إثيوبيا قدمًا في بناء سد النهضة على نهر النيل على رغم من معارضة مصر التي تتخوف من تآكل نصيبها التاريخي في مياه النهر. ورصدت بعض التقارير الإعلامية حالة التوتر المتصاعدة حيال الأزمة وآخر التطورات في شأن السد الجديد. وفي إثيوبيا إمانويل إغونزا إن جزءًا كبيرًا من شمال البلاد تحول إلى موقع بناء ضخم، إذ يمتد المشروع على مساحة تبلغ 1800 كيلو متر مربع. ومن المزمع أن ينتهي بناء السد بعد ثلاث سنوات، وسيبغ ارتفاعه 170 مترًا ليصبح بذلك أكبر سد للطاقة الكهرومائية في قارة أفريقيا.

واكتمل حتى الآن نحو 30 في المئة من المشروع الذي سيتكلف نحو 4.7 مليار دولار تمول أغلبه الحكومة الإثيوبية ودافعي الضرائب. ويقع السد في منطقة بينيشانغول، وهي أرض شاسعة جافة على الحدود السودانية تبعد 900 كيلو متر شمال غربي العاصمة أديس أبابا. ويعمل حوالي 8500 شخص على مدار الساعة في موقع بناء السد الذي يمتد على مساحة ضخمة شمالي إثيوبيا

وكانت معظم النباتات قد أزيلت من المنطقة لإفساح المجال لأعمال البناء، ولم يتبق الآن سوى أراض ترابية في المنطقة التي قد تصل درجة الحرارة فيها إلى 48 درجة مئوية. وكان بناة السد قد نجحوا في تحقيق مرحلة مهمة من المشروع عندما حولوا مجرى النيل الأزرق، ويقومون الآن بفرش قاع النهر حيث كان الماء يجري ذات يوم بطبقات من الأسمنت ستشكل الجزء الأساس من السد. ومن جهتها تشعر مصر، وهي دولة مصب تعتمد بصورة شبه كلية على مياه النيل، بأن السد يهدد بنقصان حصتها من المياه. ولا تبدو خطوة مصر القادمة حيال أزمة السد واضحة على الرغم من مضي إثيوبيا قدمًا في تنفيذ المشروع.

وتحصل مصر والسودان على نصيب الأسد في مياه النيل وفقًا لمعاهدات قديمة تعود لعهد الاستعمار البريطاني. وبينما تدعم السودان مشروع إثيوبيا تتمسك مصر بموقفها المعارض. وفشلت المحادثات التي أجريت في محاولة لتسوية الخلاف بين مصر وإثيوبيا. ولكن على الرغم من ذلك قال المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية السفير دينا موفتي إن مشروع سد النهضة "مكسب للطرفين". وعلق قائلًا "لقد رأت السودان فوائده ووقفت إلى جانبنا، ونتمنى أن تدرك مصر ذلك أيضًا".

وكان الخلاف، الذي بدأ في 2011، قد جاء في وقت تعاني فيه بالفعل بعض المناطق المصرية نقص المياه. وينتظر المزارعون في دلتا النيل، التي تعد قلب الزراعة المصرية، الصيف المقبل ليروا إن كانوا سيستطيعون زراعة أراضيهم. يتخوف مزارعو مصر من مواسم الزراعة المقبلة وتقول حفيظة، إحدى المزارعات، "عندما نفقد ماءًا أكثر من ذلك سنموت، لن نستطيع العيش." وعلى الرغم من أن إثيوبيا تقول إن السد لن يضر بها أو بالسودان إلا أن مصر تشكك في الأمر. بحسب بي بي سي.

ويعلق المتحدث باسم الخارجية المصرية السفير بدر عبد العاطي قائلًا "إنها مسألة حياة أو موت، إنه أمر يتعلق بالأمن القومي، ولا يمكن المساومة عليه." ولكن لا تبدو خطوة مصر القادمة حيال الأزمة واضحة على الرغم من إدراكها أن إثيوبيا انتهت من بناء 30 في المئة من السد المثير للجدل.

المياه في الصين

على صعيد متصل قال مسؤولون عن الغابات في الصين إن مساحة الأراضي الرطبة في البلاد تراجعت نحو تسعة بالمئة منذ عام 2003 مما يزيد من شح المياه في بلد تعاني فيها صناعة الغذاء وانتاج الطاقة والأنشطة الصناعية بالفعل من نقص المياه. ويعيش أكثر من خمس سكان العالم في الصين إلا انها لا تملك سوى ستة بالمئة من موارد المياه العذبة. وتعاني مساحات واسعة من البلاد خاصة في الشمال من نقص حاد في المياه.

وقال مسؤولون من ادارة موارد الغابات الحكومية للصحفيين إنه منذ عام 2003 اختفت أراض رطبة مساحتها 340 الف كيلومتر مربع وهي مساحة أكثر من مساحة دولة هولندا. وقال زانج يونجلي نائب مدير ادارة موارد الغابات في مؤتمر صحفي "اظهر التحقيق ان الصين تواجه مشكلات عدة بشأن حماية الأراضي الرطبة." وأضاف ان ثغرات في قوانين الحماية تسببت في انكماش مساحة الأراضي الرطبة. وقالت الإدارة إن الأراضي الرطبة المفقودة تحولت الى اراض زراعية ثم ابتلعتها مشروعات البنية التحتية العملاقة أو تدهورت حالتها بسبب التغير المناخي.

وأضاف زانج إن نسبة الأراضي الرطبة التي اهدرت لصالح مشروعات البنية التحتية زادت عشرة أضعاف منذ أخر مسح أجرته الحكومة في عام 2003. وأصبحت المياه مشكلة كبيرة في الصين. ويهدد نقص المياه النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي وهو ما دفع الصين الى تخصيص 660 مليار دولار لمشروعات دعم الموارد المائية في هذا العقد. بحسب رويترز.

وقالت ديبرا تان مديرة مبادرة (مخاطر المياه بالصين) -غير الهادفة للربح والتي تتخذ من هونج كونج مقرا- لرويترز إن الأراضي الرطبة تختزن كميات كبيرة من موارد المياه العذبة في الصين وسيؤدي انحسار الأراضي الرطبة الى نقص المياه المتاحة على المدى الطويل. واضافت "سيزيد هذا الضغط ويزيد المنافسة على المياه في المستقبل.

ستبحث الصين عن زرع مزيد من الأغذية ومزيد من الأغذية في الاراضي الرطبة مع اتساع أنشطة العمران والتحضر." وتعتمد الصين في توليد نحو 70 بالمئة من احتياجاتها من الكهرباء على طاقة الفحم. وقال محلل في شركة يو.او.بي كاي هيان إنه رغم البحث عن بدائل إلا انه من المتوقع ان ينمو استهلاك الصين للفحم بين اثنين وثلاثة بالمئة سنويا على مدى السنوات الخمس القادمة.

ازمة سياسية

من جانب اخر قالت حكومة استراليا إنها ستعيد بيع مخصصات المياه للمزارعين في المناطق المتضررة من الجفاف على نهر موراي دارلينج للمرة الأولى وهو ما أثار اتهامات بأنها تتخلى عن جهود الحفاظ البيئي على هذا النهر المهم. ومنطقة حوض موراي دارلينج منطقة زراعية هامة وبها أكبر نظام نهري في استراليا وواحد من الاكبر والاكثر تنوعا على وجه الارض. وتنتشر مزارع ضخمة على مساحة تتجاوز المليون كيلومتر مربع في جنوب شرق البلاد مما يمنح البيئة المئات من أنواع الكائنات المتفردة.

واشترت الحكومة الاتحادية نحو 1700 جيجالتر من مياه الحوض بموجب خطة لحماية النظام من الجفاف والتدهور البيئي اعتمدت عام 2007. ومع عودة الجفاف بعد عدة سنوات من ظروف أقل جفافا من المتوسط المعتاد قالت الهيئة المعنية بالحفاظ على مياه النهر (كومنولث انفايرومنتال ووتر هولدر) إنها تستطيع أن تعرض للبيع ما يصل الى 10 جيجالتر من المياه - ما يكفي لنحو اربعة آلاف حوض سباحة اولمبي - في وادي جويدير في نيو ساوث ويلز. وتعرضت حكومة رئيس الوزراء توني ابوت المحافظة للانتقاد لموقفها من البيئة بما في ذلك قرار اتخذته العام الماضي بإغلاق هيئة لمراقبة التغير المناخي تمولها الحكومة. بحسب رويترز.

وألحق الجفاف وسوء الإدارة على مدى سنوات قبل إنشاء هيئة حوض نهر موراي دارلينج الدمار بالنظام البيئي ويدافع المناصرون لحماية البيئة بشراسة عن المكاسب التي حققوها منذ ذلك الحين. واتهمت السناتور لي ريانون المتحدثة باسم حزب الخضر المعارض الحكومة بتقديم خفض النفقات على المدى القصير على سلامة البيئة في المنطقة. وقالت في بيان "هذه ضربة كبيرة لريف استراليا لأن حفنة ممن يحتاجون للري سيستفيدون على حساب مجتمعات النهر وأغلبية المزارعين والبيئة." وتعاني استراليا من موجة شديدة الحرارة وقد رحب المزارعون بهذه الخطوة اذ يقولون إن المياه يمكن توظيفها بطريقة أفضل في دعم الإنتاج الزراعي الذي يواجه صعوبات بالفعل بسبب ارتفاع درجات الحرارة.

200 مليار دولار

الى جانب ذلك قال برنامج الامم المتحدة الانمائي إن الدول العربية قد تحتاج الى استثمار ما لا يقل عن 200 مليار دولار في مجال الموارد المائية خلال الاعوام العشرة المقبلة. وفي تقرير بعنوان "ادارة الموارد المائية في المنطقة العربية .. بين تأمين العجز وضمان المستقبل" قال البرنامج ان حصة الفرد من المياه في 12 دولة عربية تقل عن مستوى الندرة الحادة الذي حددته منظمة الصحة العالمية.

واضاف التقرير أن "من المتوقع ان يرتفع عدد سكان البلدان العربية المقدر حاليا بنحو 360 مليون نسمة ليصل الى 634 مليون نسمة بحلول عام 2050 وأن يرتفع نصيب المدن من السكان من 57 في المئة حاليا الى نحو 75 في المئة ما يمثل مزيدا من الضغط على البني التحتية للمياه." وقال إن الفجوة ما بين العرض والطلب في مجال الموارد المائية بالمنطقة قدرت بأكثر من 43 كيلومترا مكعبا سنويا ومن المتوقع ان تبلغ 127 كيلومترا مكعبا في العام مع اقتراب العقد 2020-2030 .

وفي كلمة في مقدمة التقرير قالت سيما بحوث الامين العام المساعد للامم المتحدة والمدير الاقليمي لمكتب الدول العربية ببرنامج الامم المتحدة الانمائي إن من المتوقع ان يصل معدل امدادات المياه في المنطقة العربية بحلول عام 2025 الى 15 في المئة فقط مما كان عليه في عام 1960 . واشار التقرير الى أن اكثر من ثلثي المياه السطحية في المنطقة العربية يأتي من خارجها كما يمتد جزء كبير من مياهها الجوفية خارج حدودها. واضاف "يكاد كل بلد عربي تقريبا أن يعتمد في تغطية احتياجاته المائية على انهار أو طبقات مائية جوفية يتقاسمها مع بلدان مجاورة انما لا توجد اتفاقيات دولية شاملة في هذا الشأن."

وقال التقرير إن تعزيز كفاءة الادارة يمكن ان يتحقق من خلال اعادة توجيه السياسة العامة واصلاح المؤسسات والنهوض بالتربية والتعليم والوعي الجماهيري وزيادة مشاركة اصحاب المصلحة وابرام اتفاقيات دولية وربط السياسة العامة بالبحث والتنمية. واشار الى ان الدول العربية "تحتل صدارة العالم في مجال تحلية مياه البحر اذ تربو على نصف الانتاجية العامة. ومن المتوقع ان يرتفع مستوى استعمال هذه التقنية من نسبة 1.8 في المئة من العرض في المنطقة الى نحو 8.5 في المئة مع حلول عام 2025 ."

واشار التقرير ايضا الى جهود الدول العربية في اعادة استعمال مياه الصرف الصحي والزراعي لمواجهة الطلب المتزايد على المياه. وقال إن الدول العربية قد تحتاج الى استثمار 200 مليار دولار على الاقل في مجال الموارد المائية خلال السنوات العشر المقبلة. وقال "اذا كانت بلدان الخليج المنتجة للوقود قادرة على الاستثمار في هذا المجال فإن بلدانا عربية اخرى لا تستطيع ذلك." واشار التقرير الى ان ادارة الموارد المائية في المنطقة تواجه عدة تحديات منها الموازنة بين أوجه الاستعمال والعدالة في التوزيع والنزاعات المتصلة بالمياه وتدهور النظام البيئي. بحسب رويترز.

وقال إن فكرة ادخال الخصخصة في ادارة الموارد المائية لها مؤيدون يعتبرون انها ستحمل المستخدمين على الاستهلاك العقلاني وتفادي التبذير في حين يرى المعارضون انها ستفتح المجال "لاقصاء بعض الناس من الحصول على مادة ضرورية لحياتهم وان مجموعة صغيرة من اصحاب رؤوس الاموال ستستغل مادة عمومية من دون الاكتراث بتأثيرات ذلك في البيئة." وأكد التقرير على الحاجة الى التنسيق بين كل من المجتمع المدني والقطاعين الخاص والعام لتحقيق ادارة رشيدة لموارد المياه.

زيادة الإنفاق

على صعيد متصل خلصت دراسة مدعومة من الأمم المتحدة الى ان زيادة حادة في الانفاق على امدادات المياه مقرونة بمكافحة الفساد ستؤدي الى فوائد اقتصادية وصحية وبيئية تزيد قيمتها عن تريليون دولار سنويا. وقال ظافر عادل مدير معهد المياه والبيئة والصحة التابع لجامعة الأمم المتحدة الذي شارك في إعداد الدراسة ان الفساد هو المشكلة الكؤود فيما يتعلق بتحسين امدادات المياه.

وقالت الدراسة ان هناك حاجة الي إستثمار 840 مليار إلي 1.8 تريليون دولار سنويا أو اكثر من 2.2 بالمئة من اجمالي الناتج المحلي العالمي على مدى عشرين عاما لتوفير مياه الشرب الامنة والصرف الصحي في مختلف انحاء العالم وتحسين خدمات أخرى مثل الري والطاقة الكهرومائية.

واضافت الدراسة ان هذا سيمثل ارتفاعا كبيرا من الحجم الحالي للاستثمارات البالغ 500 مليار دولار سنويا لكنه سيحقق فوائد بقيمة ثلاثة تريليونات دولار على الاقل سنويا أو اكثر من تريليون دولار عن أعلى مستوى مستهدف للإنفاق. ووفقا للدراسة التي تقول انها أول تقدير طويل الأجل لتكلفة المياه فان الفوائد تشمل "عوائد اقتصادية مباشرة وخلق سبل للعيش وخفض تكاليف نظم الرعاية الصحية والحفاظ على خدمات النظام البيئي للطبيعية." بحسب رويترز.

وقال عادل ان تقديرات الفوائد والتكاليف تهدف الى المساعدة في النقاش بشأن المياه وهو قطاع يواجه ضغوطات من الزيادة في عدد سكان العالم وتلوث البيئة والتغير المناخي. وتظهر بيانات الأمم المتحدة أن 2.5 مليار شخص تقريبا من سكان العالم البالغ عددهم سبعة مليارات يفتقرون الى الصرف الصحي كما يفتقر نحو 77 مليونا الى مياه شرب آمنة. واستشهد التقرير بدراسة في 2008 لمنظمة الشفافية الدولية قالت إن حوالي 30 بالمئة من الانفاق على البنية التحتية المرتبطة بالمياه في الدول النامية حاليا تهدر بسبب الفساد.

خزان ماء هائل

من جهة أخرى ورغم أن عمرها تجاوز 4.5 مليارات سنة، إلا أن الأرض لا تنفك عن مفاجآتنا بخباياها بين الفينة والأخرى، أحدثها العثور على خزان ضخم للمياه العذبة تحت جليد غرينلاند، في كشف قد يساعد العلماء في فهم التغييرات المناخية. وتبلغ مساحة البحيرة، التي اكتشفها علماء مصادفة أثناء عملية تنقيب بين طبقات الثلوج جنوب شرقي غرينلاند عام 2011، نحو 70 ألف كيلومتر مربع، أي أكبر من ولاية "ويست فيرجينيا"، بحسب وكالة ناسا.

وكان فريق البعثة العلمية من جامعة أوتاه قد اندهش لدى ملاحظة ماء سائل يتساقط من قطع جليد جرى تنقيبها بالمنطقة، ويبلغ سمكها نحو 1.6 كيلومترا، رغم أن درجة الحرارة دون الصفر فهرنهايت (-18 درجة سنتغريت) طيلة العام. واكتشف العلماء أن درجة حرارة المياه في خزان الماء المكتشف 32 درجة فهرنهايت (0 درجة سنتغريت)، وهو ما لم يجد الباحثون تفسيرا لها سوى أن طبقة الجليد ربما عملت كعازل حراري، أي كغطاء جليدي، لحماية المياه من التجمد. بحسب CNN.

وتقدر كميات المياه المكتشفة بالخزان بنحو 154 مليار طن من المياه، وهي كمية في حد ذاتها كافية لرفع معدلات المحيطات بنحو 0.04 سنتمترا، لتزيد بذلك من ارتفاع منسوبها الناجم عن ذوبان طبقات الجليد والتمدد لحراري لمياه البحر الدافئة. ويرى علماء أن المياه المكتشفة ستساعد في فهم كيفية تحرك المياه الناجمة عن ذوبان الثلوج عبر طبقات الجليد في غرينلاند، خاصة وأن عملية الذوبان في تسارع إذ ارتفعت من 121 مليار طن سنويا خلال الفترة 1993-2005، إلى 229 مليار طن خلال الفترة ما بين 2005 و2010.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 25/آذار/2014 - 22/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م