العبودية... ظاهرة تتفاقم في العصر الراهن

 

شبكة النبأ: عندما تسلب حرية الانسان ويتحول الى عبد في زمن يفترض فيه ان جميع الدول والأمم والقوانين الدولية قد اقرت مبدئ الحرية والمساواة بين البشر، فأن الامر يدعوا حقاً للاستغراب، كما يشير بذاك دعاة نبذ العبودية، اذ ان الوقت الحاضر، يختلف عن الازمان الماضية، من جميع النواحي، فالتطور التقني والاقتصاد والتعليم والصحة وغيرها، لا يمكن ان تقارن مع قرن من الزمن، فضلاً عن قرون خلت.

ومع هذا تشير التقارير التي تنشرها المنظمات الأممية المختصة بحقوق الانسان والحريات العامة، الى وجود العبودية والاستعباد في العديد من المجتمعات التي تعاني من الفقر ونقص في التعليم والثقافة العامة.

ويجري تداول الانسان، وبالأخص النساء الأطفال، كسلعة تباع وتشترى ويمكن ان تؤجر لفترة زمنية ايضاً، كما تشير التقارير ان بعض هذه الممارسات قد تجرى تحت سمع ودراية الحكومة، من دون ان تتحرك لمحاسبة مزاوليها او ايقافهم.

وقد تصدى العديد من المثقفين والشخصيات البارزة ورجال الدين لهذه الظاهرة، من خلال حملات التوعية وحث الحكومات والمنظمات للقيام بدورها الطبيعي لمنع الجرائم والاعتداءات التي تجري بحق الإنسانية من خلال الاستعباد 

في سياق متصل تطالب بعض دول الكاريبي بالحصول على تعويضات من أوروبا عن نشاط الإتجار في العبيد في منطقة دول المحيط الأطلسي في السابق، لكن العبودية مازالت قائمة حتى يومنا هذا، وقال المخرج السينمائي ستيف ماكوين خلال حفل توزيع جوائز الأوسكار هذا العام إن ثمة 21 مليونا من العبيد في شتى أرجاء العالم، فهل هذا الرقم صحيح؟، واستقى ماكوين الرقم الذي ذكره خلال كلمته بمناسبة حصول فيلمه (12 عاما من العبودية) على عدد من جوائز الأوسكار، من بيانات منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة، المنوطة بتقديم أرقام عالمية بهذا الشأن منذ نحو 10 سنوات.

وتقدم قصة فيلم ماكوين نوعا من العبودية انقضى عهده منذ فترة طويلة، لكن إرث تلك الفترة المتعلقة بتجارة العبيد مازال حيا، وتوجد مطالب تقدمت بها 15 مستعمرة سابقة ضد ثماني دول أوروبية من أجل الحصول على تعويضات من تلك الدول، ويعتقد خبراء أنه لا يوجد في أي مكان في العالم أناس رهن القيد ويتعرضون للضرب والبيع بشكل قانوني وكأنهم عقار، غير أن تقريرا لمنظمة العمل الدولية تحت عنوان "تقديرات 2012 العالمية للأعمال القسرية" يقدر عدد من يصفهم بضحايا الأعمال القسرية بـ 20.9 مليون شخص.

ويعرف التقرير العمل القسري بأنه "كل عمل أو خدمة يُجبر أي شخص على تأديته تحت تهديد العقوبة أو أي عمل لا يؤديه الشخص طواعية"، وتشير المنظمة في تقريرها إلى تقديرات تشمل مناطق مختلفة في العالم، ويعتبر التقرير أن منطقة آسيا بها أكبر عدد من العبيد في العالم، مقدرة العدد بـ 11.7 مليون شخص، ويشير المؤشر العالمي للرق، أحد المؤشرات القياسية التي تقدم بيانات عن العبيد في أنحاء العالم، إلى زيادة العدد إلى 29.8 مليون شخص، نصف هذا العدد في الهند.

وقال كيفين بيلس، أستاذ دراسات الرق المعاصر في جامعة هل البريطانية، "هناك نوع من الإتجار بالنساء الشابات والصبية لأغراض الاستغلال الجنسي تجاريا، كما أن هناك عبودية في أعمال نسج السجاد والمناجم وتفكيك السفن بهدف إعادة تدوير مكوناتها"، وأكثر أشكال العبودية شيوعا هو ما يطلق عليه الرق للعجز عن سداد الدين، إذ يضم هذا النوع أشخاصا اقترضوا مالا وتعهدوا بسداده بأنفسهم وأسرهم وإلا فرضت عليهم أعمال لدى صاحب القرض أو المستعبد، وهو أمر قد يمتد لأجيال حتى سداد الدين.

ويضع المؤشر، الذي يضم 162 دولة، الهند في صدارة القائمة تليها الصين وباكستان ونيجيريا كأكثر أربع دول تضم أكبر عدد من العبيد في العالم، أما أكثر الدول التي يوجد بها أكبر عدد من العبيد قياسا بعدد السكان فهي موريتانيا في منطقة غرب أفريقيا يليها هاييتي، حتى الولايات المتحدة مازال يقدر عدد العبيد بها بنحو 60 ألف شخص، من بينهم حاملو تأشيرات مؤقتة وخدم، ويقول بالتش، "يدفعنا المؤشر العالمي للعبودية إلى ضرورة إعادة النظر في الإتجار والأعمال القسرية.

وفي بريطانيا، التي يناقش برلمانها حاليا مشروع قانون مناهض للعبودية، يقدر عدد العبيد بها بنحو 4426 شخصا، ويقول أليكس بالتش، من مركز دراسات الرق الدولي بجامعة ليفربول، "يدفعنا المؤشر العالمي للعبودية إلى فكرة ضرورة إعادة النظر في الإتجار والأعمال القسرية وأن نصف هذه الممارسات بالرق المعاصر، ويهدف توصيف هؤلاء الأشخاص بالعبيد وتوصيف ذلك بالعبودية إلى الدفع باتجاه اتخاذ موقف سياسي منها".

ويبدو أن هذا النهج حقق بعض النتائج، فالرئيس الأمريكي باراك أوباما حرص في خطاب ألقاها عام 2012 على شرح وجهة نظره بشأن الموضوع وقال، "أتحدث عن الظلم، والغضب، والإتجار بالبشر، والذي لابد أن نصفها بمسماها الحقيقي، الرق المعاصر".

لكن كيف توصل بيلس وزملاؤه إلى هذه الأرقام؟، يستعين المؤشر العالمي للرق ومنظمة العمل الدولية بما يطلق عليه مصادر ثانوية، وهذه المصادر يمكن أن تكون أرقاما حكومية وبحوث منظمات غير حكومية وتقارير إعلامية، غير أن بيلس يقول إن هناك أداة رئيسية أخرى تتمثل في إجراء مسح باستخدام عينات عشوائية تشمل لقاءات يجريها باحثون مع أناس حقيقيين بغرض جمع بيانات عن العبودية.

وقال بيلس، "أعتقد أن ذلك معقول، لقد اتصلنا بعدد كبير من الإحصائيين درسوا منهجنا البحثي على نحو مستقل قبل نشرنا (الأرقام) علنا واتفقوا أيضا على أن ذلك مقبول"، بيد أنه يعترف بأن إجراء لقاءات مع الناس لجمع الإحصاءات طريقة لا تخلو من مخاطر ازدواجية عملية الفرز لاسيما بالنسبة لأناس يواجهون العبودية في دول غير تلك التي جاءوا منها، لذا هل يمكن أن نثق بهذه الأرقام؟ أم أن هناك قدرا كبيرا من التخمين عندما نأخذ مأخذ الجد؟، يقول بيلس "لا يمكنني أن أنكر أنه ربما نكون غير واقعيين تماما"، غير أنه أضاف "عندما تواجه أزمة وتخرج بأفضل أرقام تستطيع الحصول عليها، فإنه من الصائب بالطبع أن تطرح هذه الأرقام".

دول وعبيد

فيما كانت مانجيتا شاوداري في سن التاسعة ولم تكن قد امضت اي ليلة بعيدا عن والديها قبل ان يبيعها والدها الشرطي النيبالي بسعر 2500 روبية (25 دولارا)، وعندها غادرت شاوداري عائلتها المقيمة في غرب نيبال للانضمام الى منزل مخدومها الواقع على بعد 200 كيلومتر بالقرب من الحدود الهندية.

حياتها الجديدة تبدأ عند الساعة الرابعة صباحا بتنظيف المنزل ومن ثم غسل الاواني وترتيب المطبخ قبل الانتقال الى اقارب مخدومها للقيام بالشيء نفسه، وهي تخلد الى النوم منهارة قبيل منتصف الليل، وتروي شاوداري البالغة اليوم 22 "لم اكن اقوى على كل ذلك فكانت زوجة مخدومي تضربني بالأواني والاقدار وكانت تهدد ببيعي الى رجل اخر"، وتضيف "كنت خائفة الى درجة اني لم اكن ابكي امامهم كنت ابكي بهدوء في الحمام".

بعد سنة على ذلك التقت بوالدها ورجته ان يعيدها الى المنزل العائلي لكنه قال لها انه غير قادر على تربيتها مع شقيقتها التي باعها أيضا، وتتعرض الفتيات النيباليات اللواتي يبعن كعبيد ويسمين "كاملاري" بانتظام للضرب وللعنف الجنسي وهن سجينات لدى اصحاب عملهن، ففي شهر كانون الثاني/يناير من كل سنة عندما تحتفل اقلية ثارو بمهرجان ماغي في نهاية فصل الشتاء توقع العائلات الفقيرة عقودا "لايجار" بناتهن بسعر 25 دولارا في السنة احيانا.

وقبل قرن من الزمن كانت اقلية ثارو تملك مزارعها الخاصة وتعيش في اكتفاء ذاتي نسبي في منطقة تيراي التي كان ينتشر فيها مرض الملاريا كثيرا وهم محصنون ضده بشكل طبيعي، لكن عندما تم القضاء على الملاريا في المنطقة في الستينات استولى مزارعون من طبقات اعلى على هذه الاراضي الخصبة وأصبح افراد اتنية ثارو تحت امرتهم ويرزحون تحت عبء الديون في اراض كانت ملكهم.

وقد اضطر الكثير منهم الى بيع بناتهن كخادمات عبدات في ظاهرة تدعى "كاملاري" المحظورة منذ العام 2006 الا انها مستمرة في البلاد، وعملت شاوداري لمدة ثلاث سنوات ك"كاملاري" تعرضت خلالها للعنف والتحرش الجنسي قبل ان تتحدث منظمة "نيبال يوث فاونديشن" غير الحكومية الاميركية مع والدها وتقترح عليه دعمه في تربيته ابنتيه شرط ان يلغي العقدين، وفي سن الثانية عشرة تعلمت شاوداري الكتابة والقراءة، وباتت الان تدرس ادارة الاعمال وتتقن ثلاث لغات.

الا ان اثار ما عانته في طفولتها لا تزال حية وقررت ان تلتزم قضية الكاملاري، وتقول "لقد سلبت طفولتي مني، كانت فترة رهيبة وسأبذل قصارى جهدي لوضع حد لهذه الممارسة وتحرير الفتيات"، وبحسب المنظمات غير الحكومية التي تكافح هذه العبودية، فهذه الممارسة التي ولدت في جنوب غرب نيبال تتواصل خصوصا في العاصمة حيث تلجأ اليها العائلات الميسورة، ولا تزال ما لا يقل عن الف كاملاري يعملن تحت امرة ارباب عمل نصفهن على الاقل في كاتماندو على ما يقول كمال غوراغاين المحامي في المنظمة غير الحكومية النيبالية "تشيلدرن-ويمن إن سوشال سيرفيس اند هيومن رايتس".

ولم يحكم على اي من اصحاب العمل هؤلاء على توظيف الكاملاري او سوء معاملتهن رغم الشكاوى الكثيرة للمنظمات غير الحكومية، ويقول المحامي "الكاملاري لا يزلن موجودات لان اصحاب العمل لا يلاحقون او يسجنون"، وفي اذار/مارس 2013 توفيت واحدة منهن وهي في الثانية عشرة من العمر جراء حروق لدى صاحب العمل مما اثار موجة من الاحتجاجات، ووعدت الحكومة بوضع حد لهذه الممارسة لكن بعد سنة على ذلك لم يتغير شيء تقريبا.

ويقول رام براشاد باتاراي الناطق باسم وزارة المرأة والطفولة والشؤون الاجتماعية ان المحتجين "بدر عنهم تصرف استفزازي كبير"، ويضيف "نجهد لجعل الكاملاري مستقلات من خلال التعليم ومن خلال اقتراح تدريبات لكي يصبحن خياطات او خبيرات تجميل، لكن لا ننوي مداهمة كل منزل في كاتماندو". بحسب فرانس برس.

وخلال مداهمة قام بها ناشطون تم انقاذ الشابة جاياراني ثارو التي كانت تعمل منذ فترة طويلة ككاملاري بحيث لم تعد تذكر متى غادرت عائلتها، وكان صاحب العمل الذي يملك مطعما ويدير شركة للأثاث يدفع لوالدها ستة الاف روبية في السنة، وفيما كانت كاملاري سابقات يساعدن الشابة على توضيب اغراضها اجهشت زوجة مخدومها بالبكاء قائلة "اعاملها مثل طفل من اطفالي، واظن اني لم اقم باي سوء".

وتقر الشابة ان اصحاب العمل لم يسيئوا معاملتها ابدا، الا انها كانت تشعر باسى كبير لان مدرسين خاصين كانوا يأتون الى المنزل لتعليم نجلي صاحب العمل بينما كانت هي تهتم بالأعمال المنزلية، وتوضح "كنت اكره عدم تمكني من الذهاب الى المدرسة الا اني اعتدت على ذلك فهم كانوا يدفعون لي لكي اعمل وليس لأدرس، واتسأل ان كنت سأتمكن من تحقيق شيء في حياتي فقد خسرت الكثير من السنين".

من جانبها اعلنت المقررة الخاصة في الامم المتحدة حول اشكال الرق المعاصرة غلنارا شاهينيان في ختام زيارة الى موريتانيا ان هذا البلد سيتبنى في اذار/مارس "خارطة طريق" للقضاء على الرق، وفي مؤتمر صحافي قالت شاهينيان التي وصلت الى موريتانيا في 24 شباط/فبراير لتقييم التطورات في هذا المجال منذ اول مهمة لها في 2009، ان الحكومة الموريتانية "ستتبنى خارطة طريق تتعلق باستئصال كل اشكال الرق"، الممارسة التي لا تزال سارية في موريتانيا بحسب منظمات غير حكومية.

واضافت ان هذه الخطة "تم تطويرها بالتعاون مع مكتب المفوضية العليا لحقوق الانسان" في اعقاب زيارة 2009، وتابعت ان تبني وتطبيق خارطة الطريق هذه "سيسمحان بتطوير عدد من المشاريع الاقتصادية التي ستشكل دعما كبيرا للسكان المعنيين"، وخلال زيارتها، التقت غلنارا شاهينيان الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز ورئيس وزرائه مولاي ولد محمد لقظف اضافة الى منظمات للدفاع عن حقوق الانسان ونقابات.

وأكدت انها حصلت من الحكومة على الالتزام بتعيين محامين للدفاع عن قضية العبيد امام المحاكم، وفي موريتانيا، تنشط المنظمات غير الحكومية الناشطة في مجال مكافحة الرق بقوة ويمنحها القانون حق التنديد بالمسؤولين عن الاستعباد ومرافقة الضحايا الى المحكمة، لكن لا يحق لها ان تمثل دور الجهة المدنية في المحاكمات، بحسب مقررة الامم المتحدة، وقالت ان "المنظمات غير الحكومية لا يمكنها الاضطلاع بهذا الدور".

الا انها اعتبرت ان الحكومة "حققت خطوات مهمة على طريق استئصال الرق"، واشادت "بالإرادة السياسية التي اعلنتها السلطات وخصوصا عبر القوانين التي تم تبنيها"، والرق محظور رسميا منذ 1981 في موريتانيا، ومنذ اصلاح الدستور في 2012، وتعتبر ممارسته بمثابة جريمة، ومنذ 2007، يواجه الاشخاص الذين اعتبروا مسؤولين عن الاستعباد عقوبات يمكن ان تصل الى حد السجن عشرة أعوام، لكن الظاهرة لا تزال قائمة في البلد على الرغم من ذلك.

وفي نهاية كانون الاول/ديسمبر، اعلنت موريتانيا انشاء محكمة خاصة مكلفة النظر في الجرائم المتعلقة بالرق والتي كان امر البت فيها يعود للمحاكم العادية حتى ذلك الوقت، وقبل تسعة اشهر، انشئت وكالة وطنية مكلفة تمويل مشاريع صغيرة لمصلحة عبيد سابقين، وحثت غلنارا شاهينين الموريتانيين على المبادرة الى تحرك مع "متابعة وتطبيق يومي للقوانين" التي تجرم العبودية، وبحسب الامم المتحدة فان نتائج زيارة شاهينين وتوصياتها ستكون على جدول اعمال مجلس حقوق الانسان في ايلول/سبتمبر 2014.

اتفاق الاديان

الى ذلك اتحد الأزهر والكنيسة الكاثوليكية وكنيسة انجلترا في المطالبة بإنهاء الرق الحديث خلال 20 عاما فيما يعد اتفاقا نادرا بين الأديان، وأصدر الأزهر والكنيستان بيانا مشتركا عن إقامة "شبكة الحرية العالمية" التي أعلن في البيان المشترك الخاص بها أن "الاستغلال البدني والاقتصادي والجنسي للرجال والنساء والأطفال" جعل 30 مليون إنسان في العالم حبيسي العبودية.

وبجانب الاتفاق على يوم صلاة عالمي من أجل ضحايا العبودية تم الاتفاق على "تطهير كل أنشطة الإمداد والاستثمار الخاصة بالمؤسسات الثلاث من العبودية واتخاذ إجراء علاجي إذا لزم الأمر" والضغط على الحكومات والشركات لفعل الشيء نفسه، والعلاقات بين الكنيسة الكاثوليكية وكنيسة انجلترا ودية على الرغم من اختلافهما حول تنصيب النساء أساقفة وقضايا المثليين بينما علاقات الكنيسة الكاثوليكية والأزهر تتحسن بعد ثلاث سنوات من التباعد الشديد.

وقال الأسقف مارسيلو سانشيز سوروندو الذي وقع البيان عن الفاتيكان إن البابا فرنسيس وصف الاتجار بالبشر والعبودية المعاصرة ابتداء من العمل الجنسي الإجباري وانتهاء بالعمل بالسخرة في الزراعة بأنه "جريمة ضد الإنسانية"، وقال إن هذا المثال النادر من التعاون بين الكنيستين الكاثوليكية والأنجليكانية والأزهر يمكن أن يسهم في إقامة علاقات أوثق بين الأديان.

وتحدث إلى الصحفيين خلال حفل التوقيع قائلا "أعتقد أن هذه هي المرة ألأولى التي نعمل فيها معا على هذا النحو." وأضاف أن العلاقة بين الأديان تحتاج إلى الحذر في الدراسة والتعامل، وأضاف "لكن فيما يتصل بالمسائل الأخرى أي المسائل الإنسانية فإن القيم الإنسانية المشتركة تتمثل في أننا يمكن ان نعمل معا ويمكن أن يكون هذا مهما للنشاط النظري."

وقال مطران كانتربري جوستين ويلبي الذي يرأس كنيسة انجلترا والراعي الروحي للرعايا الأنجليكان في العالم في بيان إن هناك حوارا وثيقا بين الأنجليكان والكاثوليك منذ عام 1966، وأضاف "التحدي الذي يواجهنا هذه الأيام هو أن نجد طرقا أساسية لوضع قيادتنا الدينية ومهمتنا الروحية حيث الدين وأن نكون مدعوين إلى وحدة أعمق في الجانب الذي يقف فيه الفقراء وفي قضية الحق وعدالة الله".

واضاف "نحن نكافح ضد الشر في أماكن محاطة بالسرية وفي شبكات محصنة بشدة من الخبث والقسوة"، وجمد الأزهر العلاقات مع الكنيسة الكاثوليكية عام 2011 بعد أن أدان البابا بنيديكت في ذلك الوقت الهجمات على مسيحيين في مصر والعراق ونيجيريا وقال إن الأقليات الدينية هناك تحتاج لحماية أفضل.

وقال محمود عزب الذي وقع الوثيقة نيابة عن شيخ الأزهر أحمد الطيب إن خبرة السنوات الثلاث الماضية من العلاقات المتصدعة مع الفاتيكان تبين أن اللقاء لمجرد الحديث "غير كاف"، وأضاف أنه بعد انتخاب البابا فرنسيس قبل عام "بمجرد أن رأينا علامات إيجابية استأنفنا (الاتصالات) في وقت مناسب، كنا فقط نبحث عن جدول أعمال"، وتوافقت المبادرة مع إقامة مؤسسة ووك فري فاونديشن التي أقامها قطب التعدين عن خام الحديد الاسترالي أندرو فوريست لمكافحة العبودية الحديثة.

وقال فوريست إن الحملة ليست متصلة بجهود تحسين ظروف العمال محدودي الدخل في العالم وقال إنها موضوع منفصل عن العبودية، لكن العزب قال إن العمل بأجر محدود يمكن أن "يمهد الأرض" للعبودية، وأضاف "أعتبر أن يكون أجر المرء ضعيفا جدا، أجر صغير جدا جدا جزءا من العبودية"، وتابع "التربح من احتياجات البشر وأخذ كل جهدهم وطاقتهم دون أداء أجر لهم أو بأداء أجر قليل جدا جزء من العبودية".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 22/آذار/2014 - 19/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م