بترول الربيع العربي ومنافذ تهريبه

كاظم فنجان الحمامي

 

بات من المسلم به وجود علاقة مريبة تحكم بلدان الربيع العربي ومواردها الطبيعية المهدورة، خصوصا بعدما شهدت تلك البلدان استحداث الكثير من المنافذ العشوائية لتهريب النفط الخام، وبعدما صار التهافت على إبرام عقود النفط من الأهداف (الثورية) المصيرية.

لقد حملت لنا عواصف (الربيع العربي) العديد من الانتهاكات النفطية منذ اندلاعها وحتى يومنا هذا، فتزايدت أنشطة النفط المهرب شيئاً فشيئاً حتى صارت هي القواسم المشتركة لبلدان (الربيع)، والبلدان الموازية لها على طاولة تساقط الحكام في متوالية قطع الدومينو، فتوسعت منافذ التهريب المنظم عبر الطرق الجبلية الوعرة في شمال العراق، وذلك بالتنسيق مع تركيا وإيران، ومن دون الرجوع إلى الحكومة المركزية.

وشرع المتمردون الليبيون بتهريب النفط من إقليم (برقة) بكميات هائلة تحملها الناقلات العملاقة في عرض البحر، بأسعار مخفضة، وخصومات مالية سخية تمنحها المكاتب الثورية بدعم مطلق من ميليشيات القبائل المسلحة، وصار ميناء (السدر) النفطي، في الشرق الليبي المضطرب، من المنافذ الفوضوية الفاعلة في تدفق التهريب المستمر على مدار الساعة، بمعزل تام عن حكومة طرابلس، بينما توسعت شبكات تهريب النفط في ضواحي (بنغازي) براً وبحراً، وشوهدت مجاميع كبيرة لناقلات كورية وشرق آسيوية، تجوب البحر وهي محملة بالنفط الليبي المنهوب، في ظاهرة غير مسبوقة بالتاريخ الملاحي لحوض الأبيض المتوسط.

ولم تكن اليمن، التي هبت عليها رياح الربيع، بمنأى عن تهريب النفط الخام، فالمليشيات تتكاثر هناك بالانشطار، والأمن مفقود، والحدود متاحة مباحة لمن هب ودب، والقبائل الموتورة تبحث ليل نهار عن المنابع المحلية الرخيصة للتمويل والتسليح، وربما وجدوا ضالتهم في ميناء المعلا في عدن، في ثغرة لا تبعد كثيرا عن قراصنة القرن الأفريقي.

ذكرت الأنباء أنهم نهبوا حتى الآن 50% من الموارد النفطية. شهد بهذا (عبد الله المقطري)، عضو مجلس النواب اليمني، وعضو جمعية حماية الثروة الطبيعية، وأشار الدكتور (علي سيف كليب) إلى سيطرة فئات محدودة من المتنفذين، وتحكمهم بعائدات النفط والغاز.

أما القواسم الأخرى المشتركة لبلدان (الربيع) فقد تمثلت بتعرض أنابيبها النفطية لسلسلة متواصلة من عمليات النسف والتفجير.

كانت هذه صورة مقتضبة عن تدهور الأوضاع النفطية في الوطن العربي، فهل صار التهريب عنواناً من عناوين الحركات الثورية المتمردة؟، أم أنه أصبح من ثمار الربيع العربي الذي انتقل بمواردنا النفطية من السيئ إلى الأسوأ، ومن الأسوأ إلى الأكثر تدهوراً، أم أنها تمثل حقيقة النتائج العملية الملموسة، التي خططت لها القوى المغذية لمحركات الربيع في خضم هذه الفوضى العارمة التي جلبت لنا الويلات والنكبات.

والله يستر من الجايات

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 16/آذار/2014 - 13/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م