جرائم إبادة جماعية تحت غطاء الشرعية الدولية

 

شبكة النبأ: تعرف حرب "الإبادة الجماعية" بأنها سياسة القتل الجماعي المنظم التي تقوم بها بعض الحكومات والجماعات على أساس القومي أو العرقي أو الديني أو السياسي، وأقرت الأمم المتحدة في عام في 1948 اتفاقية خاصة تقضي بمنع جرائم الإبادة الجماعية ومعاقبة مرتكبيها. واعتبرت هذه الاتفاقية "الإبادة الجماعية" بمثابة جريمة دولية تتعهد الدول الموقعة عليها "بمنعها والمعاقبة عليها".

وقد شهد التاريخ الانساني ارتكاب الكثير من الجرائم الإبادة التي لاتزال متواصلة حتى وقتنا الحاضر في العديد من دول العالم بسبب استمرار الحروب والنزاعات المسلحة الداخلية او الخارجية، التي تشهد الكثير من ممارسات وانتهاكات خطيرة ضد الكثير من المدنيين الأبرياء كما يقول بعض الخبراء، الذين أكدوا على ان المحكمة الجنائية الدولية وباقي المؤسسات القضائية الأخرى لاتزال تواصل عملها من خلال تعقب بعض القادة السياسيين والعسكريين والسياسيين المتهمين بمثل هكذا جرائم.

وعلى من جهود الدولية من قبل المنظمات الحقوقية الحكومية وغير الحكومية لمكافحة هذه الجرائم، الا انها لم تفلح في وضع حد لهذه الجريمة الرهيبة، التي تتخذ أشكالا متعددة كجرائم والقتل الجماعي والاغتصاب الجماعي والابتزاز وتجنيد الأطفال والتهجير وغيرها من الجرائم التي تؤدي إلى إثارة الفزع والخوف في نفوس المواطنين الأبرياء.

محاكم مزدوجة

فقد شكك البعض بأهداف وقرارات وحيادية هذه المحاكم، التي تستخدم معايير مزدوجة لا تطبق على الجميع الدول، وخصوصا الدول الكبرى المشمولة بجرائم الحرب والإبادة وعلى نطاق واسع لكنها بعيدة عن قرارات هذه المحكمة. وفي ما في هذا الشأن فقد رفض زعيم قوات صرب البوسنة الجنرال راتكو ملاديتش الادلاء بشهادته في محاكمة رفيقه الزعيم السياسي السابق لصرب البوسنة رادوفان كرادجيتش، امام محكمة الجزاء الدولية الخاصة للنظر في جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة، معتبرا انها محكمة "شيطانية". وقال ملاديتش خلال جلسة عامة في لاهاي حيث مقر محكمة الجزاء الدولية ليوغوسلافيا سابقا، "لا اريد الشهادة وارفض ان اشهد لأسباب صحية ولان ذلك سيضر بي في قضيتي".

وقد اعرب رادوفان كرادجيتش المتهم بارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب، والذي يدافع عن نفسه بنفسه، عن رغبته في ان يدلي راتكو ملاديتش المتهم ايضا بالتهم نفسها، في محاكمة منفصلة، بشهادته لصالحه. وكان يفترض ان تفيد الشهادة بتوضيح العلاقة بين الرجلين حين وقوع مذبحة سريبرينيتسا التي سقط فيها ثمانية الاف رجل وصبي مسلم في تموز/يوليو 1995 في بعضة ايام وفي خلال حصار ساراييفو الذي دام 44 شهرا واسفر عن سقوط عشرة الاف مدني. ورفض راتكو ملاديتش المعتقل في السجن نفسه الذي يسجن فيه رادوفان كرادجيتش في ضواحي لاهاي، المثول امام المحكمة واستنفذ كل الطعون القانونية قبل ان يؤدي اليمين.

وانطلق حينها في هجوم كلامي وصف خلاله محكمة الجزاء بانها محكمة "شيطانية" و"محكمة الحقد" لكنه حصل على تعليق الجلسة لمدة عشرين دقيقة بعد ان قال "هل يمكن ان يأتي لي عناصر الامن بأسناني من زنزانتي كي اتمكن من التكلم بشكل افضل" مثيرا ضحك الحاضرين. واستؤنفت الجلسة بعد ذلك بإلقاء اول سؤال القاه رادوفان كرادجيتش على زميله السابق فقال "هل اخبرتني يوما خطيا او شفاهيا بان معتقلي سريبرينيتسا سيعدمون؟".

فرد عليه راتكو ملاديتش كما رد على كل الاسئلة التالية حول سريبرينيتسا وحصار ساراييفو بالقول "ارفض الادلاء بشهادة لان ذلك قد يضر بصحتي وقضيتي". وحاول برانكو لوكيتش محامي ملاديتش لاخر مرة اقناع القضاة بعدم السماح بدعوة موكله الى الادلاء بشهادته متعذرا بمبررات صحية. وقال لوكيتش "نعتقد ان ملاديتش ليس في حالة تمكنه من الادلاء بشهادة" مؤكدا ان موكله يعاني من اضطرابات في الذاكرة ولا يمكنه التمييز بين "الحقيقة والخيال" وانه "يخترع امورا ويعتقد انها الحقيقة".

واتهم كرادجيتش (68 سنة) وملاديتش (72 سنة) بانهما دبرا عملية تطهير عرقي في البوسنة خلال حرب اسفرت عن سقوط مئة الف قتيل ونزوح 2,2 مليون شخص بين 1992 و1995. وامام رفض ملاديتش قرر القضاة عدم ارغام الجنرال السابق الذي بدا شاحبا في بدلته الرمادية. وعندما اقتاده الحرس خارج الجلسة قال راتكو ملاديتش لرادوفان كرادجيتش باللغة الصربية الكرواتية "آسف يا رادوفان لان هؤلاء الاغبياء لم يتركوني اتكلم، انهم يدافعون عن الحلف الاطلسي"، وفعلا رفض القاضي قبل ذلك السماح لراتكو ملاديش بتلاوة بيان اعده مسبقا في سبع صفحات.

واعتبر مستشاره القانوني بيتر روبنسون ان كرادجيتش "يحاول بكل جهده الحصول على كل المعلومات الممكنة من كل المصادر حول ما جرى خلال حرب البوسنة". وصرح للصحافيين امام المحكمة "أنه مخيب لان المحكمة لم تسمح للجنرال ملاديتش" بان يقرأ بيانه. وكلفت محكمة الجزاء الدولية ليوغوسلافيا سابقا التي انشأها مجلس الامن الدولي في 1993، بمحاكمة المسؤولين على عمليات الابادة جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب ارتكبت خلال حرب البوسنة والهرسك في يوغوسلافيا السابقة اعتبارا من 1191. . بحسب فرانس برس.

وكان يمكن ان يحاكم الزعيمان كرادجيتش الزعيم السياسي وملاديتش الزعيم العسكري سويا لو تم اعتقالهما في ظرف قريب لانهما متهمان بالجرائم نفسها. واعتقل الاول في تموز/يوليو 2008 في بلغراد بينما اعتقل الثاني بعد ثلاث سنوات في ايار/مايو 2011 في قرية شمال صربيا.

في فرنسا

من جانب اخر بعد مرور عشرين عاما على الابادة التي خلفت نحو ثمانمائة الف قتيل في رواندا، تحاكم فرنسا التي غالبا ما انتقدت لدورها في تلك المأساة، للمرة الاولى ضابطا روانديا سابقا متهما بالتواطؤ. ويحاكم باسكال سيمبيكانغوا (54 عاما) الضابط المقعد الذي سيمثل على كرسي متحرك بتهمة التواطؤ في الابادة وارتكاب جرائم ضد الانسانية، وتوجه اليه تهمة التحريض والتنظيم والمساعدة خصوصا من خلال اقامة حواجز وتسليح عناصر الميليشيات الذين كانوا يتولونها والمجازر التي اسفرت عن حوالى 800 الف قتيل خلال 100 يوم بين نيسان/ابريل وتموز/يوليو 1994.

واعتقل سيمبيكانغوا في تشرين الاول/اكتوبر 2008 في جزيرة مايوت الفرنسية حيث كان يعيش بهوية اخرى، وذلك في قضية اوراق مزورة. وفيما كان ملاحقا من الانتربول، رفض القضاء الفرنسي كما يفعل على الدوام تسليمه الى كيغالي، وهو بالتالي يحاكمه اليوم بموجب اتفاقات مع المحكمة الجنائية الدولية لرواندا. ولدى فرنسا في الواقع منذ 1986 قانون يعطي قضاءها "صلاحية عالمية" تتيح له ملاحقة اشخاص مطلوبين لارتكابهم جرائم ضد الانسانية في الخارج.

وينفي باسكال سيمبيكانغوا الكابتن السابق الذي التحق بالاستخبارات بعد الحادث الذي تركه مقعدا في 1986، جملة وتفصيلا هذه التهم التي قد تؤدي الى الحكم عليه بالسجن مدى الحياة.

وستستمر المحاكمة التي سيتم تصويرها استثنائيا للتاريخ من ستة الى ثمانية اسابيع. وبعد اختيار هئية التحكيم، سيخصص اليوم الاول لايجاز التهم وبدء استجواب المتهم حول حياته.

وسيخصص الاسبوعان الاولان من المحاكمة لاستعادة الظروف التي ادت قبل عقدين الى وقوع مجزرة راح ضحيتها مئات الاف من التوتسي وكذلك الهوتو المعتدلين بايدي الميليشيات التي دربها وسلحها نظام الرئيس الهوتو جوفينال هابياريمانا الذي شكل اغتياله في السادس من نيسان/ابريل انطلاقة للابادة. ويعترف سيمبيكانغوا بقربه من الدائرة الاولى لسلطة الهوتو "اكازو" (البيت الصغير) الذي ادين عدد من مسؤوليه بسبب دورهم في الابادة. لكنه ينفي اي تورط في المجازر وينتقد محامياه الكسندرا بورجو وفابريس ايبستين ملفا تستند فيه "الاتهامات فقط إلى شهادات".

وتخلى القضاء عن ملاحقته بتهمة الابادة ولم يحتفظ الا بتهمة التواطؤ. واعتبر سايمون فورمان محامي مجموعة اطراف الادعاء بالحق المدني ان التواطؤ "لا يشكل على الاطلاق انتقاصا من المسؤولية" معتبرا ان سيمبيكانغوا كان "مفصلا يشغل الآلة التي كان اخرون ينفذونها".

وستستمع المحكمة الى ثلاثين شاهدا روانديا حول الوقائع، على ان تستمع عبر دائرة الفيديو المغلقة الى بعض المدانين من المحكمة الدولية الخاصة برواندا او القضاء الرواندي، وسيستدعي القضاء آخرين من رواندا للحديث عن الوقائع التي حصلت في مديرية جيسيني مسقط رأس سيمبيكانغوا (وعائلة هابياريمانا) حيث كان يمتلك مزرعة وفي حي كيغالي الراقي حيث كان يسكن. . بحسب فرانس برس.

ويعتبر الدفاع ان هذه المحاكمة سياسية-دبلوماسية بامتياز، في وقت جرى تقارب بين كيغالي وباريس التي اتهمتها السلطات الرواندية المنبثقة عن التمرد السابق التوتسي بدعم منفذي الابادة، وذلك بعد ثلاث سنوات من انقطاع العلاقات الدبلوماسية بينهما بين 2006 و2009. وقال ابستين "يتهيأ لنا انها الذكرى العشرين لابادة التوتسي ويتعين بالتالي ادانة باسكال سيبمبيكانغوا لانه اول من يمثل امام محكمة جنايات (فرنسية) وينبغي جعله مثالا".

ابادة الأرمن

في السياق ذاته قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان في قضية تتعلق بقانون سويسري ان إنكار أن تعرض الأرمن لحوادث قتل جماعي في تركيا العثمانية عام 1915 يعد ابادة جماعية ليس جريمة. وقالت المحكمة المختصة بنظر مخالفات الاتفاقية الاوروبية لحقوق الانسان الموقعة من قبل 47 دولة ان قانونا سويسريا يعاقب على انكار الإبادة الجماعية ينتهك مبدأ حرية التعبير.

وسيكون لهذا الحكم أثر على دول أوروبية أخرى مثل فرنسا التي حاولت تجريم رفض اقرار مصطلح "الإبادة الجماعية" بالنسبة لحوادث القتل الجماعي التي تعرض لها الأرمن أثناء انهيار الامبراطورية العثمانية. وغرمت محكمة سويسرية زعيم حزب العمال اليساري التركي دوجو برينجيك لوصفه الحديث عن الابادة الجماعية للأرمن بأنه "كذبة عالمية" أثناء جولة لإلقاء محاضرات في سويسرا عام 2007.

وتقر تركيا بمقتل كثير من الأرمن خلال المقاومة المسلحة لقواتها بدءا من عام 1915 لكنها تنفي ان عددهم يصل الى مليون ونصف المليون وانه يمثل عملا من أعمال الابادة الجماعية وهو تعبير استخدمه كثير من المؤرخين الغربيين والبرلمانات الأجنبية. وقالت المحكمة "الابادة الجماعية مفهوم قانوني محدد بدقة يصعب إثباته. "السيد برينجيك كان يلقي كلمة ذات طبيعة تاريخية وقانونية وسياسية في مناقشة تعارض آراء أخرى."

وميزت المحكمة بين قضية الارمن وطعون سبق ان رفضتها في أحكام ادانة بتهمة إنكار المحرقة النازية لليهود في الحرب العالمية الثانية. وقالت المحكمة "في تلك القضايا أنكر المدعى عليهم في بعض الأحيان حقائق تاريخية راسخة مثل وجود غرف الغاز. أنكروا جرائم ارتكبها النظام النازي لها أسس قانونية واضحة. وفضلا عن ذلك الحقائق التي أنكروها أقرتها محكمة دولية بوضوح." بحسب رويترز.

وأشار القضاة الى الحكم الذي أصدره المجلس الدستوري في فرنسا عام 2012 برفض قانون سنته آنذاك حكومة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي باعتباره "انتهاكا غير دستوري للحق في حرية التعبير والاتصال". وأمام سويسرا ثلاثة شهور لاستئناف الحكم.

محاكم متأخرة

على صعيد متصل اكد القاضي الاسباني المكلف التحقيق في شكوى بتهمة "الابادة" في التيبت خلال الثمانينيات والتسعينيات، صدور مذكرة توقيف دولية بحق الرئيس الصيني السابق جيانغ زيمين في خضم جدل حول اصلاح القضاء العالمي في اسبانيا. واستذكر القاضي اسماعيل مورينو قرارا سابقا من المحكمة الوطنية في 18 تشرين الثاني/نوفمبر صدرت بمقتضاه مذكرة توقيف دولية بحق جيانغ زيمين ورئيس الوزراء الصيني لي بينغ واعتبرت المحكمة حينها ان هناك "قرائن تدل على مشاركة" الرجلين في الوقائع التي اتهما بها. وذلك بسبب "المسؤولية السياسية والعسكرية التي كان يتولاها كلاهما خلال الفترة الطويلة التي يشملها التحقيق".

وفضلا عن ذلك استذكرت المحكمة قرار الامم المتحدة الذي ينص على ان "السلطات الصينية قررت القيام بسلسلة من العمليات الرامية الى القضاء على خصوصية ووجود بلاد التيبت بفرض القانون العرفي فيها عبر ترحيل سكانها قسرا وحملات تعقيم جماهيرية وتعذيب منشقين". ويحقق القاضي مورينو في اطار اجراء فتح في 2006 يقوم على صلاحيات منحها القضاء الاسباني لنفسه تقوم على القضاء العالمي منذ 2005 لملاحقة الجرائم الجماعية كالإبادة شرط ان لا تكون خاضعة لتحقيق في الدولة المعنية.

ويعتبر القضاء الاسباني نفسه مخولا للتحقيق في هذه الحالة لان احد رافعي الشكوى، التيبتي المنفي ثوبتن وانغشن، يحمل الجنسية الاسبانية ولان القضاء الصيني لم يفتح حتى الان تحقيقا في هذه الادعاءات. ورفعت الشكوى لجنة دعم التيبت ومؤسسة "دار التيبت" ضد خمسة اشخاص بمن فيهم جيانغ زيمين ولي بينغ بتهمة "الابادة وجرائم ضد الانسانية وتعذيب وارهاب ضد الشعب التيببتي" خلال الثمانينيات والتسعينيات.

وتم توسيع نطاق التحقيق في 11 تشرين الاول/اكتوبر ليشمل الرئيس السابق هو جينتاو الذي لم يعد يستفيد من حصانته الرئاسية منذ ان انتهت مهامه في تشرين الثاني/نوفمبر 2012. واحتجت الصين بشدة وطلبت توضيحات من الحكومة الاسبانية التي اعتمدت قانونا يهدف الى فرض قيود على مبدأ القضاء العالمي الذي انتقدته منظمة العفو الدولي. ويشمل المشروع اجراء مرحليا يأمر بتعليق الملفات الجارية التحقيق حتى "يتم التحقق فيما اذا كانت تحترم الشروط المتضمنة" في القانون الجديد.

في السياق ذاته قال ممثلون للادعاء ان المحكمة الجنائية الدولية ليس لديها فرصة حقيقية لمحاكمة الرئيس الكيني أوهورو كينياتا بنجاح بسبب "العرقلة المحضة" التي تمارسها حكومة نيروبي. وقال ممثلو الادعاء للمحكمة أنهم يحتاجون الى الوصول الى السجلات المالية لكينياتا والتي قالوا انها قد تبين انه دفع مبالغ مالية ضخمة بطريقة غير مباشرة لمرتكبي موجة من العنف اجتاحت كينيا بعد الانتخابات التي أجريت منذ ست سنوات.

ويتهم كينياتا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال أعمال عنف اجتاحت كينيا في اوائل عام 2008 قتل فيها 1200 شخص واضطر آلاف لترك منازلهم لكنه ينفي الاتهامات. وقال ممثل الادعاء بن جومبرت "مر عامان منذ ان طلبنا هذه المادة." وأضاف جومبرت وهو يفسر أهمية الوصول الى السجلات المالية لكينياتا "استنفدنا بحث كل الجوانب المحتملة من كل المعلومات المتاحة أمامنا. لكن علينا واجبا لمتابعة تحقيقاتنا ... الجوانب التي مازال يتعين فحصها فرصها ضئيلة في ان تبين شيئا." وقال "اننا نصف موقف حكومة كينيا بأنه عرقلة محضة."

ويطالب ممثلو الادعاء القضاة بأن يصدروا حكما يقضي بأن كينيا لا تفي بالتزاماتها تجاه المحكمة الجنائية الدولية وبتأجيل المحاكمة الى ان تسلم مواد أخرى في قضية وضعت اسفينا بين دول افريقية والمؤيدين الغربيين للمحكمة الجنائية الدولية. وقال محامو كينياتا الذين يريدون من القضاة شطب القضية ان الادعاء يحاول التخلي عن قضيته مع القاء اللوم في الفشل على الحكومة الكينية.

ومحاكمة كينياتا حاسمة للمحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت إدانة واحدة فقط وواجهت سلسلة قضايا لم تكتمل أركانها منذ تأسيسها قبل 11 عاما. وتقول كينيا إن المحكمة تخاطر بزعزعة استقرار شرق أفريقيا إذا مضت قدما في قضية كينياتا. وبينما تحرص الدول الغربية على دعم المحكمة الجنائية الدولية فانها مهتمة ايضا بالمحافظة على العلاقات مع كينيا التي ينظر اليها على انها حليف رئيسي في المعركة ضد التشدد الاسلامي في دولة الصومال المجاورة. بحسب رويترز.

وقال رئيس القضاة كونيكو أوزاكي ان المحكمة لن تصدر قرارا في طلبات الادعاء أو الدفاع. ويقول ممثلو الادعاء ان السلطات الكينية عرقلت محاولات لاستجواب ضباط شرطة وسمحت للمحققين باطلاع محدود على تسجيلات مكالمات هاتفية لاستكمال أركان قضيتهم.

الميليشيات والقوات الحكومية

من جانب اخر قال ممثلو ادعاء للمحكمة الجنائية الدولية إن أحد زعماء الميليشيات في جمهورية الكونجو الديمقراطية أمر قوات تضم مجندين من الأطفال بارتكاب جرائم قتل واغتصاب لبث الرعب والاستيلاء على اراض. ووجهت الاتهامات إلى بوسكو نتاجاندا خلال الجلسات الاولى التي ينظر اليها على انها تمثل اختبارا للكيان القانوني الدولي بعد سلسلة من القضايا الشائكة. ولم يعلن نتاجاندا حتى الان ان كان مذنبا أم بريئا.

وقالت فاتو بنسودا كبيرة ممثلي الادعاء في بداية مرافعتها "لعب (نتاجاندا) دورا مهما في التخطيط لهجمات على السكان المدنيين من أجل الاستيلاء على أراض." وعرضت بنسودا مزاعمها أمام قضاة سيقررون ما إذا كان هناك ما يكفي من الادلة لمحاكمته. وأضافت أن نتاجاندا الذي كان قائدا عسكريا كبيرا يجب أن يعاقب لأنه "لم يمنع أو يطبق عقوبات على جرائم ارتكبتها قوات تحت قيادته الفعالة أو تخضع لسيطرته."

ويواجه نتاجاندا اتهامات بارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب من بينها القتل والاغتصاب ويزعم ان كلها ارتكبت خلال صراع وقع عام 2002-2003 في شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية الغني بالمعادن. وكان نتاجاندا قد سلم نفسه للسفارة الامريكية في كيجالي عاصمة رواندا في مارس اذار الماضي بعد مشوار استمر 15 عاما كقائد في سلسلة من عمليات التمرد في اقليم ايتوري الكونجولي. ولم تصدر المحكمة التي أسست قبل 11 عاما حكما بالادانة سوى ضد شخص واحد وهو امير الحرب الكونجولي توماس لوبانجا وقضت بسجنه 14 عاما في 2012 لاستغلاله الاطفال كجنود.

الى جانب ذلك قال تقرير جديد صدر في استراليا إن القوات الحكومية مسؤولة عن معظم جرائم الحرب المزعومة التي ارتكبت في الأشهر الأخيرة من الحرب الأهلية في سريلانكا التي استمرت 26 عاما وربما تكون دمرت أدلة على قتل جماعي بصورة ممنهجة. وأورد التقرير الذي أعدته جماعة (بابلك انترست ادفوكاسي سنتر) روايات شهود عن جرائم حرب محتملة مثل هجمات متعمدة بالمدفعية على المستشفيات واغتصاب وتعذيب وعنف جنسي وقتل مقاتلين من نمور التاميل بعد استسلامهم.

وأضاف التقرير "على الرغم من الانتهاكات التي ارتكبها الجانبان فإن الأدلة تشير الى أن اعضاء قوات الامن السريلانكية ارتكبوا الاغلبية العظمى من جرائم مزعومة خلال فترة التحقيق." ويأتي التقرير الجديد فيما تعتزم الولايات المتحدة تقديم مشروع قرار للامم المتحدة يتصل بحقوق الانسان ضد سريلانكا مما سيزيد الضغط على كولومبو لمعالجة المزاعم المتصلة بجرائم الحرب. وقال روان وانيجاسوريا المتحدث باسم الجيش السريلانكي من كولومبو إن التقرير لا أساس له. كما شكك في دقة روايات شهود العيان الواردة به والمزاعم بأن الجيش تخلص من أدلة على القتل الجماعي مثل المقابر الجماعية. بحسب رويترز.

وكانت سريلانكا قد قالت ان كثر من 100 الف شخص قتلوا في الحرب بين نمور تحرير تاميل ايلام والقوات الحكومية في الصراع الذي بدأ في عام 1983 وانتهى في 2009. وقالت لجنة للامم المتحدة إن نحو 40 الفا اغلبهم من المدنيين التاميل قتلوا في الاشهر الاخيرة من الصراع التي اتسمت بالعنف الشديد لكن سريلانكا شككت في هذا العدد. وأضافت اللجنة أن الجانبين ارتكبا اعمالا وحشية لكن معظم الضحايا سقطوا في قصف للجيش.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 11/آذار/2014 - 8/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م