فيروس الطيور القاتل يعود بسلالة جديدة..!

 

شبكة النبأ: مع تزايد أعداد المصابين بإنفلونزا الطيور حول العالم عادت المخاوف من جديد بشأن انتشار وتفشي هذا الفيروس القاتل بين البشر، والذي من الممكن ان يتحول الى وباء ينتقل من شخص الى آخر الامر الذي يصعب السيطرة عليه او علاجه، خصوصا مع ظهور سلالة جديدة من فيروس أنفلونزا الطيور في الصين.

يشار الى ان فيروس انفلونزا الطيور ظهرت للمرة الأولى كفيروس جديد تسبب في وباء الإنفلونزا عام 2009 وأعلنت منظمة الصحة العالمية انتهاء الوباء في آب/ عام 2010 ومنذ ذلك الحين ينتقل هذا الفيروس بين البشر شأن كل فيروسات الإنفلونزا الموسمية.

وإنفلونزا الطيور مرض حيواني معد تتسبّب فيه فيروسات تصيب الطيور بالدرجة الأولى، وكذلك الخنازير في بعض الأحيان، واستناداً إلى أحداث وقعت في الآونة الأخيرة، أنّ بعض الطيور المهاجرة تسهم مباشرة في نقل الفيروس.

ومن المتوقّع أن ينتشر الفيروس إلى مناطق جديدة أخرى. والإنسان المصاب تظهر عليه الأعراض العادية المعروفة للأنفلونزا، حيث يشعر المريض بالصداع والكحة وآلام الجسد المصاحبة للحمى، ثم تبدأ المضاعفات الخطيرة إذا لم يتوافر لجهازه المناعي القوة المطلوبة للسيطرة على الفيروس، كما حدث مع أول حالة اكتشفت حيث حُدد سبب وفاة هذه الحالة وقتها بأنه الإصابة بمضاعفات الأنفلونزا وتحديدا الالتهاب الرئوي الشديد، إضافة لمتلازمة الـ "ريا" SyndromeReye المسببة لتليف الدماغ والكبد، وهو أحد أهم مضاعفات هذا المرض.

وفيما يخص اخر مستجدات هذا المرض الخطير فقد قال علماء إن وفاة إمراه في الصين بسلالة جديدة لإنفلونزا الطيور لم تكن معروفة من قبل بين البشر تذكر بالخطر الوبائي المحتمل للفيروسات الحيوانية المتحورة. وكانت المرأة وعمرها 73 عاما احدى إمراتين اصيبتا بالسلالة الجديدة المسماة (اتش.10.ان.8) وتعالج الأخرى في المستشفى وحالتها حرجة. غير ان العلماء قالوا إن حقيقة انتقال الفيروس من الطيور إلى البشر تعطي انذارا مهما.

وقال جيرمي فارار خبير الإنفلونزا "يتعين ان نقلق دوما عندما تجتاز الفيروسات حاجز الأنواع لتنتقل من الحيوانات أو الطيور إلى البشر لأنه من غير المرحج جدا ان تكون لدينا مناعة مسبقة تحمينا منها." واضاف "يجب ان نقلق خصوصا عندما تظهر هذه الفيروسات خصائص توضح ان لديها القدرة ان تتحور بسهولة او تكون مقاومة للعقاقير."

وأكدت السلطات الصينية حالة اصابة ثانية بالسلالة الجديدة لإنفلونزا الطيور والتي اعلن ظهورها لأول مرة في ديسمبر كانون الأول. وظهرت السلالة الجديدة بعدما اصابت سلالة اخرى مميتة لإنفلونزا الطيور 286 شخصا على الأقل في الصين وتايوان وهونج كونج وادى إلى وفاة قرابة 60 شخصا.

وقال علماء صينيون اجروا تحليلا جينيا على عينات اخذت من المرأة التي توفيت بسلالة (اتش.10.ان.8) إنها اندماج جيني جديد لسلالات أخرى من فيروسات انفلونزا الطيور ومنها فيروس (اتش.9.ان.2) المعروف بانتشاره بين الدواجن في الصين. ونشرت دورية لانست الطبية The Lancet ما قاله العلماء الصينيون.

وقالت يولونغ شو من المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها في بكين إن فيروس مثل (اتش.7.ان.9) اكتسب ايضا بعض الخصائص التي قد تمكنه من التحور بكفاءة بين البشر. وقال جون مكولي مدير المركز المتعاون مع منظمة الصحة العالمية بشأن الإنفلونزا بالمعهد القومي البريطاني للبحوث الطبية إن ظهور فيروسي (اتش.10.ان.8) و(اتش.7.ان.9) "يذكرنا بالحذر من الإصابات البشرية بفيروسات الإنفلونزا الحيوانية."

ومع سفر الكثير من الأشخاص داخل البلاد اثناء الاحتفالات بالعام الصيني الجديد قالت منظمة الصحة العالمية انه ينبغي على الناس توخي الحذر من أن خطر انتشار فيروسات الانفلونزا سيكون على نطاق أوسع. وذكرت المنظمة أن من بين حالات الاصابة الجديدة التي تم الابلاغ عنها من أقاليم مختلفة في الصين رجل عمره 38 عاما توفي في التاسع من يناير كانون الثاني وطفلة عمرها خمس سنوات من إقليم قوانغدونغ ظهرت عليها اعراض المرض في 14 يناير وحالتها الآن مستقرة في المستشفى.

وكثير من المرضى الجدد إما في حالة خطيرة أو حرجة في المستشفيات. وأبلغ عدد منهم عن تعرضهم في الآونة الاخيرة للدواجن أو أسواق الدواجن لكن منظمة الصحة العالمية قالت إن مصدر العدوى مازال قيد التحقيق. وقال مكتب منظمة الصحة العالمية بالصين في بيان على موقعه الإلكتروني "نظرا لحركة السكان قبيل العام الصيني الجديد وسلوك فيروسات الأنفلونزا الذي لا يمكن التنبوء به هناك حاجة إلى اليقظة والرصد الدقيق باستمرار."

ونصحت المنظمة الناس "بمواصلة العناية بالنظافة الجيدة والتعامل مع الطعام بشكل ملائم" لكنها لم تنصح بأي قيود على السفر أو التجارة. واشارت تقارير في الصين الى ان مجموعات من الاشخاص المصابين بالفيروس اختلطوا مباشرة بشخص مصاب لكن منظمة الصحة العالمية ذكرت مجددا انه "حتى الآن لا توجد أدلة على انتقال متواتر (للفيروس) من إنسان لآخر." بحسب رويترز.

ويقول خبراء إن موسم الاصابة الشتوي بالانفلونزا في النصف الشمالي من العالم ربما كان السبب الى حد كبير في الزيادة السريعة في عدد حالات الاصابة بسلالة (إتش7إن9) في الاسابيع الاخيرة بعد تراجعها الى الصفر تقريبا في يوليو تموز واغسطس اب 2013. لكنهم نبهوا إلى أن سلطات الصحة العامة والاطباء يجب ان يكونوا على اهبة الاستعداد تحسبا لأي علامات على ان الفيروس السريع الانتشار ربما يتكيف او يتحور ليصبح أسهل انتقالا بين البشر.

المرض يعود مجددا

الى جانب ذلك قال مسؤولو صحة في مصر إن امرأة توفيت بانفلونزا الطيور وإن امرأتين احتجزتا للاشتباه بإصابتهما بالمرض. وقال عمرو قنديل مسؤول الطب الوقائي والأمراض المتوطنة في وزارة الصحة ومجدي حجازي وكيل وزارة الصحة في محافظة الدقهلية إن المتوفاة عمرها 28 عاما وإنها من قرية قريبة من مدينة المنصورة عاصمة المحافظة.

وقال حجازي إن فاطمة مسعد محمد عبد الفتاح توفيت في مستشفى الصدر بالمنصورة حيث تحتجز الحالتان الأخريان. وتابع أن المريضة التي توفيت "دخلت المستشفى في غيبوبة تامة وتم وضعها على جهاز التنفس الصناعى." وضرب المرض مصر عام 2006 وتسبب في خسائر جسيمة لأصحاب مزارع الدواجن ومربيها من القرويين وتسبب في فاة عشرات البشر من مخالطي الطيور.

من جانب اخر أكد الدكتور هاني همام، مدير إدارة المستشفيات ببني سويف، أن مديرية الطب البطري بالمحافظة تمكنت من اكتشاف 4 بؤر لإنفلونزا الطيور بالمحافظة، أحدهم بقرية الشنطور ودشطوط، مشددًا على أنه لا توجد أي إصابة بإنفلونزا الطيور حتى الآن. وقال في تصريحات له إن مديرية الصحة بالمحافظة أعلنت حالة الطوارئ استعدادًا لظهور إصابات بالإنفلونزا الموسمية .

وأوضح أنه تم تزويد مستشفيات الحميات والصدر ببني سويف بأكثر من 27 ألف علبة من عقار التاميفلو (أقراص، شراب)، إضافة إلى أدوات التعقيم والجوانتيات والكمامات، موضحًا اجتماع مديري المستشفيات بشكل يومي لرصد ومتابعة تطور الفيروس. وأضاف همام أن انتشار الفيروس يزيد في شهري يناير وفبراير من كل عام نظرًا لانخفاض درجة حرارة الطقس التي تساعد على نمو وتكاثر الفيروسات، لافتًا إلى ضرورة اتباع المواطنين للتعليمات الوقائية لتجنب الإصابة ومن بينها غسل اليدين بالماء والصابون باستمرار، وتهوية المنازل وتجنب الاختلاط بالمصابين بالإنفلونزا العادية وعدم استخدام أدواتهم الشخصية.

انتاج فيروسات

على صعيد متصل يسعى علماء هولنديون يتجمعون في معمل سري وسط اجراءات أمنية مشددة لتطوير طفرات من سلالات فيروس الانفلونزا.. وهو عمل خطير يهدف لتحضير العالم لجائحة فتاكة قبل ان تظهر في الطبيعة. وأثارت فكرة انتاج فيروسات مسببة للأمراض من خلال تقنيات الهندسة الوراثية جدلا كبيرا وذلك خشية تسرب مثل هذه السلالات الفيروسية او وقوعها في أيد غير امينة.

ويقول عالما الفيروسات رون فوتشييه واب اوسترهاوس ان مزايا ابحاث طفرات الجينات تفوق المخاطر بكثير. وتهدف التجارب لاستطلاع قدرات الفيروس بغية تطوير عقار يقاومه واماطة اللثام عن التحورات الجينية التي قد تحسن قدرته على الانتشار ويقولان ان عملهما قد يتيح الخبرات المعرفية لمنع تفشي الانفلونزا الفتاكة. وقد يحدث ذلك من خلال التوصل للقاحات جديدة في الوقت المناسب او انواع علاج اخرى متوافقة مع جينات السلالة الجديدة.

ويقول اوسترهاوس وهو مدير معمل في هولندا يحظى بدرجة عالية من الامان الحيوي ويقود جانبا من انشطة طفرات اتش7ان9 "نستعد لما سيحدث فيما بعد. إذا اصبح انتقال فيروس اتش7ان9 بين البشر سهلا فان نسبة الوفيات قد تنخفض قليلا عما هي عليه الآن ولكن ما زلنا نتحدث عن وفاة نحو مليون شخص."

وأضاف "هذا السؤال مهم.. ما الذي يساعد على انتقال الفيروس بسهولة. ان فهم ما يحدث مهم للغاية." وإلى الان توفي 45 من بين 136 شخصا اصيبوا بالفيروس اتش7ان9 في الصين وتايوان اي ان نسبة الوفيات نحو 30 في المئة. ويقول فوتشييه الذي سبق ان اجرى تجارب على سلالة اخرى هي اتش5ان1 ان خطر تسبب فيروس اتش7ان9 في جائحة يتعاظم في حالة اكتسابه من الطبيعة ما يهدف لتحقيقه في المعمل اي القدرة على سهولة الانتشار بين البشر. وحتى الآن نادرا ما يقدم الشكر لعالمى الفيروسات على جهودهما لجمع أكبر قدر من المعلومات عن السمات الجينية لمخاطر انفلونزا الطيور. ويتهم ستيفن سالزبرج استاذ الطب والاحصاءات الحيوية بكلية جون هوبكنز للطب "بالتعامل بعجرفة شديدة" وقال ان فكرة فوتشييه عن الجدوى المحتملة لعمله "مشوشة للغاية". وأضاف ان فكرة اجراء ابحاث على مسببات المرض شديدة الخطورة.

وفي موقع سري في حرم مركز ايراسموس الطبي في ميناء روتردام يختار حفنة من الباحثين خضعوا لتدقيق امني صارم جينات ويضيفون البعض منها ويمحون البعض الاخر لسلالات فيروس اتش 7ان9 لمعرفة قدراته في اسوأ الحالات. وتهدف الدراسات لادخال تعديلات جينية على الفيروس لمعرفة ما يتطلبه تحوله لجائحة فتاكة. وقد يعني ذلك ان يصبح انتقاله بين البشر اسرع. وبالطبع لا يجري مثل هذا العمل في اي مكان.

ويعمل فريق ايراسموس في واحد من اكثر المعامل امنا في اوروبا ويتميز بارفع مستويات الامان الحيوي للابحاث الاكاديمية. ويقول فوتشييه وهو واحد من ستة اشخاص فحسب حصلوا على تصريج أمني لدخول المعمل انه يشعر في المعمل بامان أكبر مما يشعر به عند السير في الشارع رغم وجود طفرات فيروسية هناك.

وشرح "تحتاج مفتاحا خاصا للدخول ويجري تغيير الملابس أكثر من مرة عند الانتقال بين جميع انواع الغرف المغلقة." ويضيف "يوجد ارقام سرية شخصية واجراءات امنية إضافية للدخول لمجموعة تالية من الابواب والكاميرات في كل مكان تعمل على مدار الساعة." وما من حاجة لذكر أن وسائل الاعلام ممنوعة تماما من دخول المعمل.

وسافر فوتشييه الى الولايات المتحدة مرارا مطالبا باجراء ابحاث مماثلة لما حدث مع اتش5ان1 ونشرها ما اثار هلع المجلس الاستشاري للعلوم الوطنية للأمان الحيوى وحدا به لمحاولة غير مسبوقة لحظر نشر الابحاث. وقال المجلس انه يخشى أن تقع معلومات سريلة من هذه الانشطة في ايد غير امينة لتستخدم في الارهاب الحيوي. واعقب ذلك حظر مثل هذه الابحاث لمدة عام في حين سعت منظمة الصحة العالمية ومستشارون امنيون ومتخصصون في ابحاث الانفلونزا للوصول لسبل ضمان التحلي باعلى درجات الأمان. بحسب رويترز.

وبعد تحقيق ذلك واقتناع منظمة الصحة العالمية وموافقة ممولي الابحاث في امريكا أعلن فوتشييه و22 عالما اخر في اغسطس آب عزمهم انهاء الحظر على التجارب ويقول الفريق الهولندي ان الوقت حان للمضي قدما. وقال اوسترهاوس "من السهل ان نتراجع ونقول'حسنا لن نتطرق للامر بعد الآن.' ولكنه ليس تصرفا سليما. كعالم اتحمل مسؤولية تجاه الناس. وإذا تمكنا من منع حدوث جائحة فسننقذ الملايين."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 10/شباط/2014 - 9/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م