ما الذي ينبغي ان يسمعه العبد من سيده؟

سيد البيت الأبيض يتفقد عبيده (آل سعود)

نزار حيدر

 

 الرئيس باراك اوباما، رئيس الولايات المتحدة الأميركية..... تحية طيبة

 انت الان تقف عند منبع الارهاب في العالم، المملكة العربية السعودية، وخاصة في بلدي العراق، الذي قدمت بلادك، لتحريره من الاستبداد والديكتاتورية، الكثير من الدم والمال والجهد السياسي والعسكري والديبلوماسي.

 ان حقيقة ان الرياض هي منبع الارهاب، والتي اعترف بها متأخراً كبير (آل سعود) تعرفها انت اكثر من اي واحد آخر في العالم، كونك المسؤول المباشر عن واحد من اعظم اجهزة الاستخبارات في الدنيا، سي آي أي، ولذلك عليك ان تتذكر بان معيار نجاح او فشل زيارتك الى المملكة العربية السعودية يتوقف على قدرتك على او عجزك عن لجم الارهاب التكفيري الوهابي الذي يبيض ويفقّس ويفرّخ وينمو ويترعرع في ظل نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية، واحتضانهم ورعايتهم له.

 العالم يعرف جيدا بان (آل سعود) يأتمرون بأمرك، فهم عبيدك وانت سيدهم، ولذلك فان العالم يحسب كل ما يفعله العبيد على بلادك، فليس أمامك مجال للهرب من المسؤولية او التبرير ابدا، فإذا استمر الارهاب فانت سببه وإذا توقف عن حصد المزيد من الأرواح والأنفس والدماء فانت السبب كذلك، لان (آل سعود) لا يرفعون رجلا او يضعون اخرى قبل ان يستأذنوك، فلا تتهرب ولا تجامل ولا تبرر.

 انت الان تقف عند منبع الارهاب، وهذه فرصتك التاريخية لتجفيف المنبع والى الأبد، طبعا، ان كنت صادقا فيما تقول وتدعي وتتحدث عن حربك على الارهاب، فان مثل هذه الحرب لن تنجح ولن تحقق فيها نصرا اذا ظلت رحاها تدور في الأطراف بعيدا عن المنبع الأصلي والحقيقي.

 جفف المنبع لتضمن النصر في هذه الحرب القذرة، وتأكد بان العالم، وخاصة العربي والإسلامي، سيؤازرك فيها.

 لا تترك الرياض قبل ان تجفف منابع الارهاب فيها، واذا عدت الى واشنطن من زيارتك الى الرياض قبل ان تطمئن على تجفيف منبع الارهاب، فانت فاشل وكذاب ومنافق، لأنك تركت وراءك أمرا كان في متناول يدك، فكان بإمكانك فعله وتحقيقه الا انك لم تفعل، فلا تحدثنا بعد الان، اذا فشلت في تحقيقه، عن خططك لدحر الارهاب والقضاء عليه، ولا تحدثنا كذلك، عن حرصك على العراق وخوفك على تجربته الديمقراطية الوليدة، ولا تحدثنا على خططك لإنجاح الحوار مع طهران، ففشلك في تجفيف منبع الارهاب، دليل خداعك لذاتك قبل خداعك للرأي العام {وما يخدعون الا انفسهم} فستكون الرئيس الاميركي الذي استعجل نهايته السياسية قبل أوانها، وستكون الرئيس الاميركي الذي أعطى للرأي العام المبرر الواضح على ان القوة العظمى الاولى في العالم ما هي الا نمر من ورق.

 لا تحمل معك الى الرياض ملفات كثيرة وعديدة، انه ملف واحد فقط، تجفيف منبع الارهاب، انه المحك الوحيد الذي ستعود بنتائجه الى واشنطن ناجحا او فاشلا؟ صادقا ام كاذبا؟ مؤمنا ام منافقا؟.

 اذا عدت من الرياض خائبا فلا تحدثنا بعد الان عن حقوق الانسان وقيم بلادك في الحرية والديمقراطية، لا تحدثنا عن السلام العالمي والأمن الدولي، والشرق الاوسط الجديد.

 ذكِّرهم بانك رئيس دولة تحترم القانون وان القضاء فيها مستقلا وان للاعلام سلطة عليا تهلك ملوكا وتستخلف اخرين، وان للإنسان كرامة وحقوقا وهو مصان الدم والمال والعرض، ولذلك فانت تخشى، اذا ما فشلت في تجفيف منابع الارهاب (السعودي) فستدفع الثمن غاليا في إطار مؤسسات وقوانين بلادك.

 ذكرهم بان المنطقة مقبلة على تغيير كبير، بدا بالتوافقات الاستراتيجية المهمة التي توصلت اليها بلادك وحلفائها في الاتحاد الأوربي، مع الجمهورية الاسلامية في ايران، والتي دافعت انت عنها بكل قواك الخطابية والديبلوماسية والأدبية والدستورية في خطابك السنوي عن حالة الاتحاد امام الكونغرس هذا الأسبوع، فليس من المعقول ابدا، بل ليس مقبولا ابدا ان لا يطال هذا التغيير نظام القبيلة الفاسد.

 ذكرهم، بان البترول، وهو أساس التحالف الاستراتيجي بين واشنطن والرياض، لم يعد له تلك الأهمية في رسم الاستراتيجيات الدولية، ونحن ندخل عصر الطاقة الخضراء ووجود البدائل عنه، وكذلك مع وجود البترول العراقي والإيراني واسواقهما العظيمة الواعدة.

 ذكرهم بان المجتمع الدولي اختار الحضارة على البداوة عندما قرر التوصل الى توافقات مع طهران تنهي فترة القطيعة التي دامت (٣٥) عاما.

 ذكرهم بان المجتمع الدولي تجاوز الحرب الباردة بين الشرق والغرب فلم يعد بإمكانهم استغلال الفرص التي يخلقها صراع الإرادات بين واشنطن وموسكو، للإفلات من الرقابة والمحاسبة الصارمة، فليس بإمكان واشنطن ان تتحمل زعل موسكو لأجل عيون (آل سعود).

 ذكرهم بانهم حلفاء متعبين وثقيلي الدم جدا، وان مصروفهم، كعبيد، اكثر من خدماتهم التي يقدمونها لسيدهم.

 ذكرهم، بان الارهاب يجب ان يتوقف فورا، لانه دليل جدية او عدم جدية الأطراف، وصدق او عدم صدق نوايا كل الأطراف بشان التغيير المرتقب الذي يعمل على تحقيقه الجميع في المنطقة والعالم.

 ذكرهم، بانه ليس باستطاعتك بعد الان ابدا ان تغض الطرف عن دورهم في تغذية الارهاب في العالم، وفي العراق تحديدا، كما انه ليس بمقدورك، من الان فصاعدا، ان تبرر لهم او تدافع عنهم، فلقد بلغ السيل الزبى، وان العالم كله، حتى الحلفاء في العالم والمنطقة، بدأوا يشيرون اليهم باصبع المتيقن، كمنبع أساس للإرهاب، وأنهم المسؤولون عن كل قطرة دم تراق بسبب الارهاب الأعمى الذي يخرج من تحت عباءاتهم كل يوم، بل كل لحظة.

مُرْهُمْ ان يفكّوا ارتباطهم بالحزب الوهابي، لنفتح الباب امام بناء دولة مدنية وعصرية في الجزيرة العربية، التي لها هيبة ومكانة تاريخية لدى المسلمين، لما تمثل من بعثة نبوية شريفة وعبادة دينية هي من ابرز فروع الدين (حج بيت الله الحرام في مكة المكرمة) وكذلك لما تمثل من دولة مدنية أسسها رسول الاسلام في المدينة المنورة، والتي عاش في ظل قيمها وتعاليمها وقواعدها كل الناس بلا تمييز وبوئام وأمان واستقرار.

 ان المسلمين يتأثرون كثيرا بالنموذج القائم في الجزيرة العربية، كما ان حكامها يستغلون عواطف ومشاعر المسلمين للتأثير في قناعاتهم، فعندما يكون هذا النموذج قائم على أساس تحالف مقوماته (القتل والهدم) وهو الأساس الذي إبتُنيَ عليه تحالف (ال سعود) والحزب الوهابي عند قيام دولة (آل سعود) الاولى ولحد الان، فكيف يمكنك ان تحارب الارهاب في العالم ونموذج (المسلمين) والصورة (الشرعية) المثلى في مخيلتهم هو مقومات غير إنسانية مثل القتل والهدم؟.

 يجب عليك ان تضغط عليهم ليفكّوا ارتباطهم بالحزب الوهابي، لنفتح الطريق امام تغيير جذري في النموذج من القواعد، فلا تتصور ان بالإمكان تغيير قواعد الدولة في الجزيرة العربية قبل إلغاء هذا الحلف غير المقدس.

 وإذا احتجّوا عليك بان إلغاء هذا الحلف يعني سقوط دولة (ال سعود) فليكن ذلك، فليس سقوط دولتهم بدعا من بقية الدول التي مرت في التاريخ، فكم من دولة قامت في تاريخ البشرية ثم انهارت غير مأسوف عليها، لان حكامها لم يستوعبوا المتغيرات، وقديما قيل (الحكم يدوم مع الكفر ولا يدوم مع الظلم).

 هذا على الرغم من ان ما يقوله (آل سعود) بهذا الصدد كذب محض وافتراء، اذ ان بمقدورهم الان الاستغناء عن الحزب الوهابي من دون ان تنهار دولتهم، شريطة ان يأخذوا بأسباب الدولة العصرية المدنية التي تحترم حقوق الانسان وتعتمد مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات ومبدأ التداول السلمي للسلطة.

 ان جل تشريعات دولة (آل سعود) تصدر لإرضاء الحزب الوهابي، فإذا تم تفكيك هذا الحلف وهذه العلاقة بين الطرفين فسيتحرر (آل سعود) من الكثير من الالتزامات التي يضطرون لها، والتي يعرفون قبل غيرهم انها ليست لصالحهم لا من قريب ولا من بعيد.

 ان جيلا جديدا من (آل سعود) يسعى للتغيير والإصلاح، الا ان تمسك الحرس القديم بتحالف الاسرة مع الحزب الوهابي هو الذي يحول دون تحقيق مثل هذا التغيير والإصلاح.

 انهم بدؤوا يشعرون بثقل وطأتهم على صدورهم، ساعين للتحرر من التزاماتهم السلفية المرفوضة بكل المقاييس، فهم، كغيرهم من شعوب العالم، يريدون ان يعيشوا التقدم والمدنية والعصرنة والحضارة، الا ان الحرس القديم بعقليته المتخلفة المستعصية على هضم التجديد، يحول بينهم وبين التغيير والتحديد والإصلاح.

 ان الجيل الجديد بدا يوازن بين خطرين، الاول يتمثل بزوال دولتهم اذا ما أصروا على الاحتفاظ بالحلف المبرم مع الحزب الوهابي، او ان يفكوا ارتباطهم بالأخير ويحرروا انفسهم من هذا الحلف، العبء، فيخسروا بعض السلطة لصالح الشعب، وفي المقابل يكونوا شركاء في الوطن والسلطة حالهم حال اي مواطن آخر، وبالتأكيد فان العاقل يختار أهون الشرين وأقل الخطرين، شريطة قبل فوات الأوان، وليس كما فعل الطاغية الذليل صدام حسين الذي تمثل بإيمان فرعون {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 10/شباط/2014 - 9/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م