التنوع البيئي.. الصيد الجائر وخطر الانقراض

 

شبكة النبأ: تواجه الكثير من الحيوانات والنباتات على كوكب الارض خطر الانقراض ولأسباب مختلفة، وبحسب بعض التقديرات فان أكثر من 7200 نوع حيواني حول الكوكب مهددة بالانقراض وتوجد غالبية هذه الأنواع في المناطق الاستوائية والبلدان النامية. وهناك آلاف أخرى تنقرض كل سنة قبل أن يكتشفها علماء الحياة.

وهو ما يثير قلق الكثير والمنظمات المعنية بحماية الحياة البرية التي تطالب وبشكل مستمر بإيجاد قوانين الخاصة تساعد بالحد من عمليات الصيد الجائر وغيرها من الامور الاخرى التي اسهمت بارتفاع معدلات الانقراض العالمي لعديد من الحيوانات والنباتات، وفي هذا الشأن فقد كشفت دراسة علمية حديثة أن 75 في المئة من حيونات آكلات اللحوم الضخمة، بما في ذلك الأسود والذئاب والدببة، تشهد نقصا ملحوظا في أعدادها.

وأشارت الدراسة، التي نشرتها مجلة "ساينس" الأمريكية المهتمة بتقدم العلوم، إلى أن غالبية تلك الأنواع تراجعت بأكثر من 50 في المئة عن معدلاتها السابقة. وساهم فقدان موائل هذه الحيوانات والفرائس التي تتغذى عليها واضطهاد الإنسان لها في تراجعها بأماكن مختلفة في أنحاء العالم.

وقال الباحثون في الدراسة إن انقراض الحيونات آكلة اللحوم قد يكون له أضرار ضخمة على النظام البيئي حول العالم. وأوضحوا أن معظم تلك الحيوانات في الدول المتقدمة قد استسلمت للانقراض، وأن 31 نوعًا منها يتعرض لضغوط متزايدة في غابات الأمازون وغابات شرق جنوب وشرق آسيا وجنوب شرق أفريقيا.

وقال كبير الباحثين المشرف على الدراسة، الدكتور وليام ريبل، من جامعة ولاية أوريغون الأمريكية: "يفقد العالم الآن الحيوانات الضخمة من آكلة اللحوم". وأضاف بأن "معدلات هذه الأنواع تتراجع بشدة، وكثيرا منها يواجه خطر الانقراض على المستويين المحلي والعالمي". ولفتوا إلى أن دراستهم تسلط الضوء على الدور البيئي الذي تلعبه هذه الحيوانات.

وأوضحوا أن قلة عدد الذئاب والأسود الأمريكية المفترسة، الموجودة في محمية ويلستون الأمريكية، ساعدت على زيادة أعداد الحيوانات العشبية. وعلى الرغم من أن هذا يعد أمرا جيدًا، فإن الباحثين وجدوا في زيادة الحيوانات العشبية خطرا على الحياة النباتية، وإزعاجا لحياة الطيور والحيوانات الثديية الصغيرة، وهو ما يحمل "سيلا من الآثار الضارة"، بحسب تعبيرهم. وكانت هناك آثار شبيهة في أمكان كثيرة بأنحاء العالم.

وارتبط ظهور "قردة البابون" بقوة في أفريقيا بتراجع عدد الأسود والفهود، وأصبحت تلك القردة تشكل خطرا داهما على المحاصيل الزراعية ورعي الماشية أكثر من الأفيال ذاتها. وقال العلماء إن لب المشكلة يكمن في مفهوم "عتيق" بأن الحيوانات المفترسة تشكل ضررا وتهديدا كبيرا للحياة البرية. وشددوا على أن هناك حاجة للاعتراف سريعا بدور الحيوانات المفترسة المهم وقيمتها من الناحية الاقتصادية.

فعندما يحاول الناس القيام بدور مماثل لهذه الحيوانات، فلن تكون تلك الأدوار بنفس الكفاءة والفعالية. وقال وليام ريبل إن سياسة التسامح الإنساني تعد قضية غاية في الأهمية للحفاظ على هذه الأنواع من الانقراض. وشدد على أن الحيوانات المفترسة لها كامل الحق في الحياة، وأنها توفر الخدمات الاقتصادية والبيئية التي يقدّرها الناس.

وتوفر هذه الحيوانات مجموعة خدمات قيمة، أثبتتها دراسات سابقة، منها امتصاص الكربون، وإسهامها في التنوع البيئي، ومكافحة الأمراض. وتابع ريبل أنه عندما أعيد عدد من الحيوانات المفترسة، مثل الذئاب، إلى محمية ويلستون الأمريكية، استجاب النظام البيئي هناك بسرعة كبيرة. ويضيف: "كنت مندهشا بمدى مرونة النظام البيئي في المحمية ومدى استجابته، فلم يحدث مثل هذا الأمر في أي مكان آخر". بحسب بي بي سي.

وأكد الباحثون الحاجة إلى طرح مبادرة دولية من أجل الحفاظ على هذه الأنواع من الحيوانات المفترسة، وإيجاد طريقة لتعايشها سلميًّا مع البشر. ويدعو الباحثون "مبادرة آكلات اللحوم في أوروبا"، التابعة للاتحاد الدولي للحفاظ على البيئة ومواردها، إلى لعب دور في الحفاظ على الحيونات المفترسة في المستقبل.

تصريح بالصيد

في السياق ذاته بيع تصريح لصيد وقتل وحيد قرن أسود مهدد بالانقراض في ناميبيا في مزاد علني بالولايات المتحدة الأمريكية مقابل 350 ألف دولار. وقال نادي سفاري دالاس بولاية تكساس الأمريكية إن عملية الصيد ستساعد في حماية هذا الحيوانات الأخرى عن طريق قتل وحيد القرن العدواني العجوز وتخصيص العائد لحماية الحيوانات المهددة بالإنقراض. وأذكى المزاد انتقادات عنيفة من جانب جماعات حقوق الحيوان والحفاظ على البيئة. ويوجد 5,000 وحيد قرن أسود في العالم، وتضم نامبيبا وحدها نحو ثلث هذا العدد تقريبا.

وتصدر نامبيا ثلاثة تصريحات صيد كل عام، لكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها بيع تصريح في مزاد علني خارج حدود الدولة التي تقع في جنوب القارة السمراء. وأقيم المزاد وسط إجراءات أمنية مشددة في مركز دالاس للمؤتمرات، في الوقت الذي تجمع فيه عشرات المتظاهرين احتجاجا على ذلك. وسيقوم صاحب العطاء الفائز، والذي لم يفصح عن اسمه، بصيد وحيد القرن العجوز.

وقال منظمو المزاد إن هذه الحيوانات المسنة تمثل خطرا على وحيد القرن الأصغر سنا، ولذا يتم قتلها في بعض الأحيان. وقال مسؤولون في نادي السفاري إن جميع العائدات ستذهب للحكومة الناميبية، التي ستخصصها لحماية الحيوانات المهددة بالانقراض. ووصفت جماعات حقوق الحيوان عملية الصيد بأنها "مزحة حزينة".

وقال جيفري فلوكين، من الصندوق العالمي لرعاية الحيوان، "يقول هذا المزاد للعالم إن أمريكيا سوف يدفع أي شيء لقتل هذا النوع، والاستمتاع بمشهد قتل حيوان مهدد بالانقراض". ووقع أكثر من 80 ألف شخص التماسا عبر الإنترنت لوقف عملية البيع في المزاد. ويقول مكتب التحقيقات الفيدرالي إنه يحقق في سلسلة من التهديدات بالقتل على خلفية المزاد.

وتشير التقديرات إلى أن هناك نحو 20 ألف حيوان من وحيد القرن الأبيض حاليا في العالم، فيما يقول خبراء إن الطلب المتزايد على قرون وحيد القرن في آسيا يعزز حالات الصيد الجائر. وما يزيد من حالات الصيد الجائر هو الاعتقاد السائد في بلدان مثل الصين وفيتنام بأن مسحوق قرون وحيد القرن يمكن استخدامه في علاج أمراض مثل السرطان، وهو ما يرفع سعر الكيلو غرام الواحد من هذا المسحوق ليصل إلى نحو 65 ألف دولار.

قتل الدلافين

الى جانب ذلك ساق صيادون يابانيون أعدادا كبيرة من الدلافين الى مياه ضحلة وقتلوا منها 30 دلفينا على الاقل وحرصوا على اخفاء هوياتهم بحجب عملية الصيد وراء أقمشة بلاستيكية مع دخول موسم صيد الدلافين الذي أثار احتجاجات غربية مراحله الاخيرة. وفي خطوة غير مألوفة عبرت السفيرة الأمريكية في اليابان كارولين كنيدي عن قلقها العميق بشأن صيد الدلافين في غرب اليابان حيث يطوق الصيادون الدلافين في خليج منعزل قبل أن يقتلوا الكثير منها للانتفاع بلحومها.

كما انضم السفير البريطاني في اليابان الى نظيرته الامريكية وانتقد بشدة "قتل" الدلافين بهذا الاسلوب و"المعاناة المروعة" التي يتعرضون لها. وكل عام يسوق الصيادون في تايجي -وهي بلدة صغيرة يعمل أهلها بالصيد في مقاطعة واكاياما الغربية- مئات الدلافين الى خليج صغير فيختارون بعضها لبيعه للمتنزهات البحرية ويعيدون البعض الى البحر ويقتلون البقية للحصول على لحمها.

ودفع الصيادون 30 دلفينا على الاقل من بين أكثر من 200 دلفين محاصرة في الخليج الصغير نحو الشباك ومنطقة الصيد في تايجي مستخدمين الزوارق في توجيهها. وكان في انتظار الدلافين في المياه الضحلة القريبة من الشاطيء صيادون يرتدون أقنعة الغطس أمسكوا بها وربطوا ذيولها بالحبال حتى لا تتمكن من الهرب.

وقبل بدء عملية القتل نشر الصيادون أقمشة بلاستيكية لمنع الناشطين والصحفيين من تسجيل العملية. وتسربت من أسفل الاقمشة بحيرة من الدماء اختلطت بمياه الخليج. وقالت ميليسا سيجال من جماعة (سي شيبرد) المدافعة عن البيئة "طعنوها بقضيب معدني في العمود الفقري وتركوها تنزف وتختنق وتموت. بعد ان تركوها محاصرة في حالة رعب داخل خليج القتل طوال أربعة ايام تعرضت لعمليات انتقاء عنيفة وفصلت عن أسرتها وفي نهاية المطاف قتلت اليوم." بحسب رويترز.

وتبث الجماعة لقطات حية لخليج تايجي ويظهر فيها صيادون في عدة زوارق يطوقون الدلافين داخل الخليج. وتحاصر الدلافين بشباك صيد كبيرة. وتؤكد اليابان دائما أن قتل الدلافين ليس محظورا بموجب اي معاهدات دولية وأنها ليست من الحيوانات المعرضة لخطر الانقراض. وطالما كان موسم صيد الدلافين السنوي الذي يجري حاليا في تايجي بغرب اليابان مصدرا للجدل وكان موضوعا لفيلم (ذا كوف) الحاصل على جائزة أوسكار أحسن فيلم وثائقي.

القرش الأبيض

من جهة اخرى تبين ان القرش الأبيض الكبير يعيش سنوات أطول بكثير مما كان يعتقد في الماضي. وتمكن علماء، باستخدام تقنية جديدة لمعرفة السن الحقيقي لأنسجة هذه المخلوقات المثيرة للإعجاب، من التأكد من أن القرش الأبيض الكبير قد يعمر 70 عاما. ويقول الباحثون إن هذا الاكتشاف مهم للغاية لحماية الحيوانات، نظرا لأن معرفة طول عمر الحيوان وسرعة نموه وتوقيت وصوله لمرحلة النضج الجنسي هي معلومات حيوية للغاية في تصميم برامج حماية الحيوانات.

وتقول لي لينغ هامادي، التي تشارك في برنامج يديره كل من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومعهد وودز هول لعلوم المحيطات في الولايات المتحدة: "هذه الكائنات مذهلة، وإنه لشيء رائع أن نقوم بدراستها". وأضافت، "يعتقد الجميع أنهم يعرفون هذه الحيوانات جيدا، وثمة تصور عام بأن هذه الحيوانات إما محبوبة أو مكروهة، ولكن من الناحية العلمية بدأنا الآن فقط نعرف الطعام الذي تتناوله هذه الحيوانات وأين تذهب وكم من السنوات تعيش".

وحاول العلماء معرفة عمر هذه الحيوانات المفترسة من خلال عد حلقات النمو السنوية في أنسجتها، مثل تلك الموجودة في فقراتها. لكن غضروف الهيكل العظمي لتلك القروش جعل الجزم بالفوارق بين هذه الحلقات أمرا صعبا للغاية، حتى تحت المجهر. وقالت هامادي وزملاؤها في البرنامج لمجلة "بلوس وان" العلمية إنهم سهلوا عملية تحديد هذه الحلقات من خلال البحث عن علامة مشعة معروفة، وهي عبارة عن نوع معين، أو نظائر من ذرة الكربون التي تم إنتاجها من الآثار الناجمة عن اختبارات القنبلة النووية في الغلاف الجوي في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.

وقد تكون هذه النظائر قد انتقلت إلى المحيط واندمجت في أنسجة الحيوانات البحرية التي كانت تعيش خلال تلك الفترة. واستخدم العلماء مادة الكربون المشعة، التي يسهل اكتشافها، لمساعدتهم على عد وفحص الطبقات بصورة أفضل، وبالتالي تحديد عمر عينات الاختبار. وقالت هامادي: "دائما ما كنت أرى أن الفقرات صغيرة بشكل ملحوظ بالنسبة لمثل هذا الحيوان الكبير". ولا يعتقد الباحثون أن هناك أي فوارق عمرية بين أسماك القرش التي تعيش في المحيطات الثلاثة الكبرى.

وكانت الدراسات السابقة على الحيوانات التي تعيش في المحيط الهندي والمحيط الهادئ قد أشارت إلى أن القرش الأبيض الكبير بدون استخدام العلامة المشعة قادر على العيش حتى 20 عاما.

ولكن باستخدام العلامة المشعة، ارتفعت التقديرات العمرية للحيوانات التي أجريت عليها دراسة من قبل معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومعهد وودز هول لعلوم المحيطات، إلى 73 عاما لأكبر ذكر شملته الدراسة و40 عاما لأكبر أنثى. وعلى افتراض وصول العمر العادي إلى سبعين عاما، فيمكن الآن اعتبار أسماك القرش الأبيض الأطول عمرا بين جميع الأسماك الغضروفية. وتعرضت القروش البحرية لضغوط شديدة على مر السنين، أحيانا بصورة غير منصفة، وعلى غرار العديد من أسماك القرش في العالم تعاني هذه القروش من زيادة معدلات الصيد. بحسب بي بي سي.

ووفقا لقائمة الأنواع المهددة التي يصدرها الاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة ومواردها، فإن القرش الأبيض الكبير "معرض" للانقراض. وإذا كان القرش الأبيض، على ما يبدو في الوقت الحالي، ينمو بصورة أبطأ ويصل لمرحلة النضج في وقت متأخر عما كان معروفا في السابق، فهذا يعني أنه سيواجه مصاعب أكبر بسبب معدلات الصيد والعوامل البيئية والضغوط الأخرى.

أطنان من عاج

على صعيد متصل طحنت الصين 6.2 طن من العاج الذي تمت مصادرته في أول عملية علنية لسحق جزء من مخزونها بعدما دفعت جهودها في هذا الصدد الخبراء للتشكيك في التزامها بالقضاء على تهريبه. وتقول جماعات الرفق بالحيوان إن إقبال الصين المتزايد على العاج المهرب أجج زيادة في الصيد الجائر للأفيال في افريقيا. وحضر عملية الطحن ممثلون عن اتفاقية التجارة الدولية في الانواع المهددة بالانقراض وجماعات غير حكومية ووسائل اعلام.

وقال جون سكانلون الامين العام للاتفاقية "تبعث الصين برسالة قوية للغاية داخليا للشعب الصيني ودوليا وهي أنها غير مستعدة لتقبل الاتجار غير القانوني في عاج الافيال." ونفذت العملية على مشارف مدينة صناعية جنوبية ووضعت خلالها أنياب الافيال على شكل وردة فوق مسرح في الهواء الطلق وحولها تماثيل لبوذا من العاج.

وقال مسؤولون في مجال مكافحة التهريب إن الصين أكبر سوق في العالم للعاج الناتج عن عمليات الصيد الجائر وفقا للصندوق العالمي للحياة البرية لا يزال أمامها شوط طويل في هذا الصدد. وكان مسؤول في مكتب ادارة تصدير واستيراد الانواع المهددة بالانقراض قد قال لوكالة انباء الصين الجديدة (شينخوا) في وقت سابق إن الصين تصنع منتجات من عاج الافيال منذ قرابة خمسة آلاف عام. بحسب رويترز.

ورغم توقيع الصين على اتفاقية التجارة الدولية في الانواع المهددة بالانقراض عام 1981 الا إنها حصلت على إستثناء في 2008 يجيز لها شراء 62 طنا من العاج من عدة دول افريقية، وتوزع الصين جزءا من هذا المخزون سنويا على مصانع لتشكيل العاج مرخصة من الحكومة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 9/شباط/2014 - 8/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م