فتيان القاعدة.. اختراق جديد في المشهد الامني

 

شبكة النبأ: في ظاهرة خطيرة، برزت على السطح فيما يتعلق بالملف الامني، وهي قضية تجنيد الفتيان من قبل تنظيم القاعدة الارهابي، وقد باتت تشكل خرقا غير مسبوق في جانب المساس بحياة المراهقين والشباب عموما، إذ راح يتعرض المراهقون والفتيان الى محاولات دنيئة تغرر بهم، وتجرهم الى جانب الرذيلة، حيث يتم استغلالهم ويتم غسل عقولهم، ومن ثم استخدامهم في عمليات انتحارية تخطط لها تنظيمات القاعدة، حيث تكرر هذا الامر في اكثر من مكان واكثر من حادثة.

فقد أشارت مصادر اعلامية الى توسع تنظيم "فتيان الجنة" المرتبط بتنظيم القاعدة في العراق، وتتراوح اعمار عناصره مابين 11-16 من عملياته لتشمل العاصمة بغداد. وأعرب مسؤول كبير في الشرطة، عن خشيته من اتساع نشاط هذا التنظيم الذي يتألف من أطفال وصبية، ويستهدف أساسا رجال مجالس الصحوة الى مناطق شمال بغداد، بعد ان كان منتشرا في منطقة العامرية غرب بغداد، وأوضح المسؤول نفسه، ان "كل عنصر من فتيان الجنة يقود مجموعة لا تزيد عن 5 أطفال تقدر أعمارهم بين 11 و13 عاماً" مؤكداً انه "تمت السيطرة على غالبية الخلايا المرتبطة بهذا التنظيم".

وباتت مسألة تجنيد الأطفال تشكل باعث قلق كبير بالنسبة إلى المجتمع الدولي، والامم المتحدة التي تحذر من مخاطر استغلالهم، من قبل الجماعات الإرهابية في النزاعات المسلحة، اذ عدت ذلك خرقا فاضحا للإنسانية، لاسيما أن جانب الاستغلال من حيث العمر والعوز المادي، والفراغ المعرفي وما شابه، كلها باتت تشكل عوامل مساعدة لانتشار هذا النوع الخطير من عمليات التجاوز على الطفولة.

ولعل السؤال الكبير الذي يطرح نفسه هنا، يتعلق بالكيفية التي تمت فيها تجنيد هؤلاء الفتيان، وانخراطهم في اعمال ارهابية، على الرغم من صغر سنهم، ثم ما هي الاسباب التي ادت الى مثل هذه الاختراقات الخطيرة للفتيان والمراهقين والشباب عموما، فلا شك أن هناك أخطاء كارثية وجوهرية يرتكبها المسؤولون والمعنيون بحماية المجتمع والمحافظة على الصغار من الانحراف الى مثل هذه الاعمال والتنظيمات الشاذة التي لا تنسجم مع البناء المجتمعي، في دولة مسلمة ومجتمع مسلم، يسعى لبناء نفسه من جديد واللحاق بالركب المتقدم، بعد عقود مريرة من الجهل والفقر والحروب التي أحرقت كل شيء، لتخلف دمارا ماديا ونفسيا هائلا، أنهك الشعب العراقي برمته على مدى عقود متواصلة.

وعندما نبحث عن المسؤول عن هذا الخلل الكبير في الاسباب التي ادت الى ظهور مثل هذه التنظيمات الارهابية، فإننا لابد أن نتقصى جذور هذه المشكلة ودوافعها، وكيف يتمكن هذا التنظيم الارهابي، من جر هؤلاء الاطفال الى افكاره، وتعبئة اذهانهم وعقولهم الغضة بأفكار بالضغينة والحقد، ومن ثم استعداد الفتيان للقيام بعمليات انتحارية اجرامية لا يعرف الفتى حتى اهدافها، لاسيما أنه لا يزال في مقتبل العمر، أي لا يزال في عمر الزهور، والانسان في مثل هذه المرحلة يقبل على الحياة بقوة ليبني نفسه حاضره ومستقبله، فما هي الدوافع التي تجعله مستسلما لمثل هذه الافكار الكارثية!.

إن أكثر الدوافع والاسباب التي تمكّن القاعدة من تجنيد الفتيان، تقع على المسؤولين والآباء والامهات، فعندما يتم إهمال المراهق، ولا تلبى احتياجاته المادية والنفسية، ولا تتم متابعته ومراقبته عن بعد، مع الاهتمام به من حيث المشاركة العاطفية وزرع الثقة وتوفير المعرفة وماشابه، فإن المراهق او الفتى حتما سوف يعاني من الفراغ المعرفي والذهني نتيجة لمثل هذا الاهمال الذي يشترك فيه الدوائر الرسمية المسؤولة والعائلة والنخب كافة.

كذلك نحن نفتقر الى الدراسات والبحوث الجادة نظريا وعمليا، بخصوص متابعة الفتيان ودراسة وقراءة واقعهم ومشكلاتهم ونواقصهم المادية والنفسية، ومحاولة توفير الحد الادنى منها، من اجل ان نحميهم من الاستغلال الذي يمكن ان يقودهم نحو الانحراف، فعندما يكون ذهن الفتى فارغا، وغير عارف بما يجري حوله، اضافة للنواقص التي يعاني منها بسبب الاهمال الذي يتعرض له، فإنه في هذه الحالة سوف يكون عرضة للانحراف، ويصبح اكثر استعدادا للقبول بالافكار المتطرفة، وهكذا يمكن للتنظيمات الاجرامية ان تستغل الفتيان وتستثمر حاجتهم وظروفهم لصالح اهدافها.

إن هذه الظاهرة لا تحتاج الى توضيح اكثر، والمعالجات واضحة ايضا، يجب الاهتمام اكثر فأكثر بالمراهقين والفتيان، وان يتعاون الجميع، دوائر رسمية والمحيط العائلي والمدرسي، لحماية الفتيان من خطر الفراغ المعرفي والمادي، لكي ندرأ الخطر الذي لا يزال يتربص بنا من قبل تنظيمات القاعدة الاجرامية او سواها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 9/شباط/2014 - 8/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م