هل من عودة إيها المسلمون

هادي جلو مرعي

 

في الكتاب المجيد إشارات عظيمة الى الحوار والتناصح والتفاهم ووأد الفتنة. ولعل من بين تلك الإشارات التي أثارت مكامن الإنبهار في العقول والنفوس حوار الرب مع إبليس المتمرد على سلطة الإله وقراره بخلق إنسان يكون له خليفة في الأرض، ولم يجد القرار إعتراضا من بقية الملائكة سوى إبليس الذي خاطب ربه بصفاقة وقلة أدب وذوق، متسائلا بعنجهية عن نوعية الخلق؟ فهو يفاضل بين النار والطين، ولم يكن يفهم إن الحقيقة لاتكمن في المادة التي يصنع منها الخلق، بل في المعنى الذي يريد له الله أن يسمو ويحرك المشاعر والوجدان الإنساني، وينور العقل، ويبحث عن الأسباب. لكنه رفض ذلك، ولم يرض بقرار الرب.

برغم ذلك كله كان الرب يحاور إبليس، ويمنحه المزيد من الفرص ليعود عن غيّه وتمرده على السلطة العليا، ومن بين كل الملائك كان الوحيد الرافض لوجود آدم الإنسان الضعيف المكابد، ويرى إنه غير جدير بالخلافة، وهذا يذكرني بحوار أحد المسلمين مع الرسول المصطفى حين رفض قراره بالحوار مع الأعداء وتوقيع الإتفاقيات معهم، فهو يجد إن الرسول لايجدر به أن يحاور الأعداء! بينما الرسول يتلقى الوحى ويعلم مايجدر به فعله، وحصل هذا حين صلى النبي على جنازة أحد المتهمين بالنفاق، وفي حين كان يريد أن يعلم الناس التراحم والتواصل، كان الرجل يريد خلاف ذلك، ولاهم له سوى إعمال السيف، وأخذ الناس بالقوة والتسلط معتمدا أعرافا جاهلية، وتقاليد قبلية بالية وغير فاعلة.

حين يكون الحوار فاعلا، يمكن صناعة الحل.وبخلاف ذلك يكون النزاع والتزاحم والتقاتل الذي يؤدي في النهاية الى الإنقسام، وليس من حل سوى في الحوار، وفي اللحظة التي تنتفي فيها شروط الحوار يكون الفعل الآخر هو التناجز والتقابل والتحارب فهو الحل الأخير. في نهاية الحوار مع إبليس وإصراره على العناد مع ربه العظيم، ترك الرب له أن يذهب ويصارع آدم وأبنائه، ثم يكون عدوا لا صلح معه حتى النهاية التي ستفرض على إبليس وقومه أن يكونوا حطبا لجهنم. وحين صبر الله على المنافقين والمشركين المناجزين لأنبيائه، ولم يجد منهم تراجعا عن غيهم أمر ملائكة العذاب بتدميرهم وإهلاكهم وإحباط فعلهم ومكرهم، وحصل هذا مع أمم وشعوب وقرى وأقوام عبر تاريخ الحياة الممتد.

بعض المسلمين إعتمد الفكر القبلي الجاهلي في علاقتهم مع مخالفيهم في المذهب، والذين يخالفونهم في الدين، فصاروا يقتلون ويحرقون ويهجرون ويغتصبون ويهتكون الحرمات حتى إنتهى بهم الأمر الى قتل إخوانهم في الدين والوطن وسببوا الخراب والقتل وتدمير البنى التحتية، وهو ماكلف الناس أن يخافوا ولايأمنوا على أبنائهم ومساكنهم وأموالهم، وصاروا يفرون من بلاد الإسلام الى بلاد مخالفة يجدون فيها الأمن الذي إفتقدوه في ديارهم! فهل نحن قادرون بالفعل على إعادة اللحمة للمسلمين وإعمال الحوار بينهم ومع مخالفيهم، وهل إن الأوان لم يفت ؟

لست أدري.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 5/شباط/2014 - 4/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م