لا تقتلوه في خمسينية رحيله

هل نسيتم بدر شاكر السّياب ؟!

ناظم السعود

 

قرأت مؤخرا. وفي غير جريدة عراقية وعربية خبرا ثقافيا حارقا سيثير حتما ما بداخلي من سلب وأمل مطفأين: الخبر يقول ان الذكرى الخمسين لوفاة رائد الشعر العربي الحديث وهو العراقي بدر شاكر السياب على الأبواب الآن بل ان هذه الذكرى " التي لا يجود بها الزمان الا مرة كل نصف قرن " أصبحت فرصة للاحتفال وغوث ذلك الشاعر النحيل الذي مضى مثيرا الأسى والمجهول والغمط لا سيما في وطنه!.

 ويثير الخبر " الذي أعادت نشره جريدة المدى العراقية قبل ايام " مزيدا من العواصف والخروقات والاتهامات (بيننا طبعا !) حين حلول الموعد كل عام بلا جدوى او استذكار مناسب أن المؤتمر العام الخامس والعشرون للاتحاد العام للأدباء والكُتَّاب العرب، الذي أقيم في المنامة في كانون الأول 2012، قد أقرّ تقليداً سنوياً طبقاً للقرار الآتي: “وافق المؤتمر العام على توصية اتحاد كُتَّاب وأدباء الإمارات على اعتبار عام 2014 عام السيَّاب، بمناسبة مرور نصف قرن على رحيل الشاعر بدر شاكر السياب، على أن تقام فعاليّات ثقافيّة وأدبيّة بهذه المناسبة في كلّ الاتحادات الأعضاء، بالتعاون مع الأمانة العامة.!

 لكم ان تتخيلوا العجب -او حتى الفضيحة الكبرى- معي ذلك ان اتحاد الإمارات هو الذي قدم مقترحا لنظرائه العرب للاحتفال بخمسينية شاعرنا السياب وليس الاتحاد العراقي الصامت الذي يعيش غيبوبة كاملة فلم نسمع له تعليقا او توصية او مبادرة لإخراج هذا المبدع العراقي من حالة المجهولية التي تلفه منذ رحيله المبكر قبل نحو نصف قرن، والذي يحزن اكثر في هذه الواقعة التي ستضاف حتما ل " يوميات العراق ألغرائبي " ان أحدا من هذه المسميات العجيبة للنقابات والاتحادات التي باتت تتكاثر عندنا كالانيبيا لم تتطرق او تنتبه لذكرى هذا المبدع او سواه من الرواد المنسيين في بلدهم ولكنها – يا ويلتي – ستنتبه حتما وستقوم بالعجائب ما ان تأتيها دعوة او استذكارا حتى ولو من الامارات !!.

 هل انهم هنا يكرهون او يقتلون بدر شاكر السياب في كل عام لأنه عملاق أولا او انه يعيدهم لمستواهم الحقيقي غير المزيف ثانيا؟!.. طالما سألت نفسي هذا السؤال العسير وأنا ارى صاغرا كل هذه الخطوب والاجحافات والتجاهلات خلال السنين اللاحقة على رحيله الفاجع منذ خمسين عاما ولكن الاجابة المدمرة تأتي من البراهين التالية:

هل أنهم أقاموا – هنا في بغداد او هناك في البصرة – متحفا يضم مؤثراته ومقتنياته وابداعاته العديدة؟ أين بيت السياب الموعود؟ اين يذهب السياح اذا قصدوا البصرة وأرادوا رؤية منزل رائد الشعر العربي الحديث؟!.

 وتكبر بي الغصة وربما يتكدر مريض مثلي ازاء اسئلة يجهر بها كل عام دون ان يجد اجابة شافية بل تراه يطلق أسئلة ممضة ونحن في بدايات سنة 2014 وكان الأولى به ان يطلقها في اربعينات القرن الفائت لمن يعون فقط؟!.. كما أن الإجابة المسبقة تنبجس من ايحاءات الخبر المذكور الذي يمد لسانه لنا فيقول بقصدية واضحة "... وانطلاقا من ذلك نظم اتحاد كتاب وأدباء دولة الإمارات العربية في أبو ظبي أمسية شعريّة أدائية؛ هي باكورة البدء بالاحتفاء بمرور 50 عاماً على وفاة الشاعر الرائد بدر شاكر السياب (25 كانون الأول 1926 ـ 24 كانون الأول 1964)، أحد أهم مؤسّسي الشعر الحرّ في الأدب العربيّ. وقد كان سباقا بهذا الاحتفال قبل كل الدول العربية حتى موطنه..."!.

لن اقدم هنا مزيدا من النبش والعرض والمقارنة، ولكنني كتبت قبل ست سنوات او يزيد في مناسبة كهذه ما نصه ".. عقود متكالبة لم تنجح في دفع المسئولين المحليين أن كان في بغداد العاصمة أم في بصرة الولادة بإنشاء ولو متحف صغير يجمع عظام السياب وأنفاسه وأصداء كلماته للأجيال المحاصرة أو الخارجة من كهوف الحكومات ولم تنفع النداءات والاستغاثات بدفع حكام البصرة وبغداد في إعادة الروح لأطلال بيت السياب المتهاوية ولا إغاثة نهر (بويب) بجرعة ماء الله فبقي منسيا وآفلا.....أما (بيت جدي) و (شناشيل ابنة الجلبي) فبقيا طيفا في عيون المحبين وقراء تراث السياب ولم تمتد يد خيرة أو متبطرة أو باحثة عن الوجاهة في جر الذكرى من السديم وجعلها حية تسعى في جغرافيا أبي الخصيب..".. وقد لا يجد هذا النداء صدى عند اصحاب الكهف !.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 3/شباط/2014 - 2/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م