التلفاز... صديق ودود ام جاسوس خطير

 

شبكة النبأ: احتل التلفزيون حيز كبير من اهتمام المشاهد منذ انطلاقته الأولى في بدايات القرن الماضي وأصبح النجم العالمي الأول والأكثر شهرة في تقديم خدماته العامة لمختلف الشرائح والفئات العمرية ومن دون استثناء، وقد تطور الخدمات المقدمة من خلاله بتطور البث الأرضي الى الفضائي وزادت ساعات البث الى 24 ساعة متواصلة، إضافة الى النقل الحي للأحداث العالمية والمحلية مما زاد من أهميته ومدى تأثيره.

وفي تطور لاحق، ضهر العديد من المنافسين لهذه الشاشة، بعد ان كانت منفردة، وبإمكانيات مستقبلية واعدة، منهم الانترنت والحواسيب والأجهزة الذكية من هواتف واجهزة لوحية وأجهزة الألعاب الالكترونية وغيرها، مما أدى الى تقليص عدد ساعات المتابعة للتلفزيون وتفضيل العديد من المشاهدين متابعة المنافسين له، مما استدعى الى تطوير الأجهزة التلفزيونية للتماشي مع التطور وتتحول الى أجهزة ذكية تتجاوب مع الاخرين.

لكن المفاجأة التي شكلتها فرضية ان تكون هذه الأجهزة التلفزيونية الذكية تمارس عملية التجسس عليك اصابت الكثيرين بالصدمة والدهشة من تحول التلفاز الى جاسوس يعتدي على معلوماتك وبياناتك الخاصة.

من جانب اخر يبدو أن أجهزة التلفزيون الذكية لا تزال غير آمنة للدخول إلى الأسواق، ورغم أن أجهزة التلفزيون المتطورة زودت بميزات الكمبيوتر الذكي، بما في ذلك شبكة الإنترنت، والتطبيقات، والميكروفونات، والكاميرات، إلا أن تغرة أمنية اكتشفت مؤخرا في بعض أجهزة التلفزيون الذكية من نوع "سامسونغ".

وتناولت إحدى الدراسات العلمية نماذج عدة من أجهزة تلفزيون "سامسونغ" الذكية لعام 2012، وقد أعلنت نتائجها في مؤتمر "بلاك هات" لأمن الإنترنت، في لاس فيغاس، وتسمح الثغرات في أجهزة التلفزيون الذكية بدخول قراصنة الإنترنت إلى هذه الأجهزة، عن بعد، دون أن يترك هؤلاء خلفهم أي دليل على شاشة التلفزيون، وبينما يشاهد أحدهم فيلما ما على شاشة التلفزيون في المنزل، قد يتمكن قراصنة الإنترنت في أي مكان في العالم من مراقبته.

وسارعت "سامسونغ" إلى معالجة المشكلة بعدما أبلغ الباحثون الأمنيون في مؤسسة iSEC الشركة حول وجود هذه الأخطاء، وأرسلت "سامسونغ" برنامجا مستحدثا لاستخدامه على جميع أجهزة التلفزيون الذكية المتضررة، وقال الخبير الأمني في iSEC جوش يافور إن "الباحثين وجدوا أن في حالة جهاز تلفزيون سامسونغ الذكي، أن بوسع القراصنة الدخول إلى شبكة الإنترنت الموصولة بالجهاز بسهولة، ما يعطيهم فرصة الوصول إلى جميع الوظائف التي يتحكم بها الإنترنت في جهاز التلفزيون، بما في ذلك الكاميرا". بحسب سي ان ان.

من جهته، أوضح الخبير الأمني في iSEC آرون غراتافيوري "إذا كان هناك خلل في أي تطبيق، فهناك ضعف في جهاز التلفزيون بأكمله"، وأشارت متحدثة باسم "سامسونغ" أن "الشركة "تتعاطى مع توفير عنصر الأمان للمستخدمين بطريقة جدية، إذ يمكن تشغيل الكاميرا في التلفزيون وتغطية العدسة، أو تعطيلها"، وأضافت أن "صاحب الجهاز يمكن أن يفصل التلفزيون عن شبكة الإنترنت في المنزل عندما لا تكون ميزات التلفزيون الذكي قيد الاستخدام".

من جهتها أعلنت شركة ال جي الكورية الجنوبية للإلكترونيات فتح تحقيق في اتهامات بأن بعضا من أجهزة تلفزيوناتها الذكية "تتجسس" على القنوات التي يشاهدها العملاء وترسل المعلومات إلى الشركة، ويأتي تحرك الشركة بعد أن كشف خبير في الالكترونيات عن قيام جهاز التلفزيون الذكي الذي يقتنيه بإرسال معلومات عن القنوات التي يشاهدها، وأضاف الخبير أن التلفزيون الذكي يقوم بتجميع وتخزين معلومات عن محتوى أي جهاز يتم إيصاله بالتلفزيون، ويعنى ذلك وفقا للخبراء أن شركة ال جي قد خرقت القانون.

وتعقيبا على تلك الاتهامات، صرح المتحدث باسم المفوضية المعنية بخصوصية تبادل المعلومات في بريطانيا بأن المفوضية فتحت تحقيقا حول الموضوع، وأضاف المتحدث أن " نحن على علم باحتمال حدوث خرق لخصوصية المعلومات تورطت فيه تلفزيونات ال جي الذكية، وأوضح أن المفوضية ستحقق في إمكانية حدوث خرق لميثاق خصوصية البيانات قبل اتخاذ أي قرار.

ويقول خبير الالكترونيات جاسون هانتلي، موجه الاتهام لشركة ال جي، إنه اتصل بمسؤولي الشركة الذين أبلغوه أن استخدامه جهاز التلفزيون يعني أنه وافق على عقد شروط الشركة وإذا كان لديه أي استفسارات أخرى يمكنه التوجه لمركز التوزيع الذي باعه التلفزيون، وقال المتحدث باسم الشركة إن "خصوصية العميل على قمة أولويات شركة ال جي الكترونيكس لذا نحن نتعامل مع القضية بجدية".

وأَضاف المتحدث باسم الشركة "ال جي تنتج طرازات مختلفة من الأجهزة الذكية، كل جهاز يتمتع بامتيازات تختلف عن الآخر، نرجو منكم أن تصبروا حتى نحقق في الشكوى"، ويقول خبير الالكترونيات هانتلي إن توصل لاكتشافه عندما تبادر إلى ذهنه كيفية وصول بعض الصور العائلية لذاكرة التلفزيون.

وعندما بدأ البحث في الخيارات الموجودة في القائمة عثر على علامة "متاح" أما خاصية بعنوان "تجميع معلومات القنوات التي شوهدت"، وبعد أن أبطل هانتلي تلك الخاصية فوجئ بكم هائل من التفاصيل عن البرامج المعروضة على القنوات وتوقيت التنقل بين القنوات المختلفة مرسلة إلى الخادم الرئيسي لشركة ال جي.

ثم قام هانتلي بإيصال قرص صلب خارجي بجهاز التلفزيون معتقدا أن الجهاز سيرصد وجود جهاز خارجي ولكنه فوجئ مجددا بأن تفاصيل وأسماء كافة الملفات الموجودة على القرص الصلب ومن بينها مقاطع الفيديو والصور تم إرسالها إلى شركة ال جي.

الحفاظ على الجمهور

الى ذلك وبعد تضييقه الخناق على الصحافة المكتوبة، باتت شبكة الانترنت تغير المعادلة بالنسبة إلى قطاع التلفزيون الذي عليه، في ظل ازدهار الأجهزة اللوحية وأشرطة الفيديو المتوافرة على الانترنت، التكيف مع الوضع للحفاظ على الجمهور والاعلانات

ولفت جيم نايل المحلل لدي مجموعة الأبحاث "فوريستر" إلى أن "الفارق بين ما يريده المستهلك وطريقة تقديمه في هذا القطاع بات كبيرا جدا بحيث بات ينبغي على القطاع اعتماد استراتيجيات جديدة"، فمن "فياكوم" إلى "سي بي إس"، مرورا ب "تايم وارنر" و"ديزني" و"21 سنشتري فوكس"، بينت نتائج الربع الثاني من العام أن المجموعات الإعلامية الأميركية الكبيرة تنتفع من الفضائيات إلى أقصى حد.

لكن، للمرة الأولى هذا العام، من المتوقع أن يمضي الأميركيون البالغون وقتا أطول امام الانترنت منه امام التلفزيون، مع معدل وسطي يومي يبلغ خمس ساعات للأنترنت وأربع ساعات ونصف الساعة للتلفزيون، على ما جاء في دراسة نشرتها هذا الشهر مجموعة "إيماركتر".

ولفتت الدراسة إلى أن الوسيلتين (أي التلفزيون والانترنت) تستخدمان في الوقت عينه في بعض الأحيان، وأن اشرطة الفيديو هي جزء واحد لا غير من المضامين التي يتم الاطلاع عليها على الانترنت.

غير أن ذلك لا يؤثر على ازدهار موقع "نيتفلكس" الذي يعرض أفلاما ومسلسلات حسب الطلب بتقنية البث التدفقي ومن دون الحاجة إلى تحميلها، وهو بات مثلا يحتذي به آخرون، وهذا الموقع يلقى رواجا خصوصا في أوساط الأطفال الذين يحبون مشاهدة الرسوم المتحركة على أجهزتهم اللوحية والبالغين أيضا من محبي المسلسلات.

وقد أطلق عملاق الانترنت "غوغل" منذ فترة وجيزة جهاز "كرومكاست" الذي يسمح بنقل محتويات فيديو تبث بتقنية البث التدفقي الى شاشة تلفزيون، وتسري شائعات مفادها أن مجموعتي "آبل" و"إنتل" تطوران خدمة تلفزيونية إلكترونية، وشرح جيم نايل أن "صاحب محطة تلفزيونية هو في الوضع عينه الذي يمر به صاحب صحيفة ما، فقد أصبحت وسائل أخرى متاحة للاطلاع على المحتويات، وهما سيواجهان صعوبات". بحسب فرانس برس.

وتابع قائلا "أما إذا كنتم من أصحاب المضامين، فلا خوف عليكم، جل ما عليكم القيام به هو تغيير الشركاء"، لكن المجموعات الإعلامية الكبيرة تقلل من حدة هذا الخطر، وقد تطرق جيف بيوكز المدير التنفيذي لمجموعة "تايم وارنز" (الشركة الأم لكل من "إتش بي أو" و"سي إن إن") إلى احتمال إطلاق خدمة بث "مكملة" على الانترنت "تدعم قيمة البرامج".

وأكد تيم دولي المدير التشغيلي ل "فياكوم" أن المجموعة تقوم باستثمارات للتكيف مع عادات الجمهور، ولا بد من أن يشكل "البث التدفقي محركا لنمو شديد في قطاعنا"، على حد قول ليسلي مونفز المدير العام لمجموعة "سي بي إس" التي أبرمت اتفاقا حصريا مع موقع "أمازون" لضمان مردودية مسلسل "أندر ذي دوم" المقتبس من رواية لستيفن كينغ.

وقد يعود تعدد خدمات الفيديو على الانترنت بالنفع على أصحاب المحتويات، فهو قد يرفع أسعار حقوق النشر، لكن جيم نايل أكد أنه لا يزال على المحطات التلفزيونية أن "تبذل جهودا كبيرة لتلبية طلب المستهلك واعتماد نموذج أعمال" يسمح لها بجني الأرباح بفضل الإنترنت.

تقنيات متطورة

من جانبها أطلقت عملاق الصناعات التكنولوجية بكوريا الجنوبية، شركة سامسونغ، تلفازا جديدا هائل الضخامة، بحجم يبلغ 110 إنشات، أي أن حجمه يقارب حجم سرير النوم المزدوج، زودت الشركة تلفازها الجديد بتقنيات عالية جدا حيث تبلغ دقته 3840X2160، وهي الدقة التي تفوق الدقة التي تزود بها أجهزة التلفاز عالية الدقة أو ما يعرف بـ"HD"، واشارت الشركة إلى أن سعر تلفازها العملاق الجديد يبلغ 150 ألف دولار، وتتوفر منه نسخة أصغر قليلا بحجم 85 إنشا بسعر 40 ألف دولار.

وبينت الشركة أن التلفاز الجديد متوفر حاليا فقط في كوريا الجنوبية إلا أنها ستطلقه في عدد محدود من الأسواق العالمية كالصين والشرق الأوسط وأوروبا، إلا أنها لم تذكر الولايات المتحدة الأمريكية.

من جهة أخرى أعلنت سامسونغ ايضاً عن طرح جهاز تلفزيون جديد قابل للطي بحجم 85 بوصة، وهو ما يسمح بتعديل وضع الشاشة وثنيها في أي اتجاه باستخدام الريموت كونترول، وتعمل الشاشة الجديدة بتقنية "LED" أو (الصمام الثنائي الباعث للضوء) وهو مصدر ضوئي مصنوع من أشباه الموصلات التي تبعث الضوء حينما يمر خلالها تيار كهربائي، وستظهر للعرض على الجمهور لأول مرة في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية في مدينة لاس فيغاس الأمريكية.

ودخلت شركة إل جي الكورية أيضا إلى حلبة المنافسة وأعلنت عن طرح تليفزيون مرن لكنه أصغر حجما، ويبلغ حجمه 77 بوصة، ويعتمد على تقنية "أو إل إي دي"، وتعمل شركات التكنولوجيا على تطوير منتجاتها من الشاشات القابلة للانثناء وترى أنها ستلعب دورا كبيرا في تحسين الرؤية والاستمتاع بمشاهدة التلفزيون.

كما أنها تسمح للمستخدمين بضبط وضع الشاشة وتعديلها حسبما يرغبون، ووفقا لعدد الأشخاص وأماكن جلوسهم، والمسافة الموجودة بينهم وبين الجهاز، كما تتمتع الشاشة الجديدة بإمكانيات أخرى أبرزها أنها لا تحتاج إلى مساحة كبيرة، بالإضافة أنه يمكن وضعها بجوار الحائط مباشرة في حالة عدم الاستخدام.

ورغم تطور هذه المنتجات المبتكرة، لا يعتقد كثير من المختصين في هذه الصناعة أنه يوجد سوق كبير لاستيعاب هذه الابتكارات، ويقول مارتن جارنر مستشار تكنولوجيا التلفزيون في مؤسسة سي سي إس:"التحدي الذي يواجه الشركات الأن هو معرفة ما إذا كان العالم في حاجة حقيقية إلى هذه المنتجات، لكن على كل حال، هناك محاولة جيدة للتميز".

ويضيف ويل فندلاتر محرر الإنترنت في مجلة "ستاف ماجازين" إنه لا يمكن الحكم بعد على قدرة الشاشات المرنة والقابلة للطي على إحداث فارق كبير فيما يتعلق بجودة الصورة، وما يمكن أن يتحقق أثناء مشاهدة التليفزيون، وفي هذه المرحلة يوجد شعور أنها مجرد وسيلة للتحايل"، وحتى الأن لم تكشف الشركتان الكوريتان عن أسعار التليفزيونات الجديدة أو موعد طرحها للمستهلكين تجاريا، لكنهما أعلنتا عن وجود المنتج على أرض الواقع.

وكانت سامسونغ قد طرحت تلفزيون جديد هو الأضخم في العالم يبلغ حجمه 105 بوصة (267 سم)، وقالت الشركة إن التصميم الجديد يمنح المستخدمين تجربة أكثر واقعية لمشاهدة التلفزيون، لكن ذلك المنتج لم يكن مقنعا للجمهور بشكل كبير، وكانت هناك معارضة أثناء المؤتمر الصحفي الذي عقدته سامسونغ للإعلان عنه، وتمثل ذلك في موقف المليونير "مايكل باي" مدير شركة "ترانسفورمرز للأفلام"، والذي قرر مغادرة المنصة بشكل مفاجئ للجمهور بعد رفضه الإجابة عن سؤال حول رأيه في المنتج، وحاول جيو ستنزيانو نائب رئيس شركة سامسونغ إلكترونيكس إنقاذ الموقف، وهتف في الجمهور: "مرحبا بكم في فيجاس، إنه (التلفزيون الجديد) الذي يظهر الناس بصورة حية".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 29/كانون الثاني/2014 - 27/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م